مخاوف من استخدام «القاعدة» للمُسيرات في غرب أفريقيا

تقرير حذر من التداعيات المُحتملة على جهود مكافحة «الإرهاب»

عسكري عراقي يستعرض طائرة من دون طيار استخدمها «داعش» (وزارة الدفاع العراقية)
عسكري عراقي يستعرض طائرة من دون طيار استخدمها «داعش» (وزارة الدفاع العراقية)
TT

مخاوف من استخدام «القاعدة» للمُسيرات في غرب أفريقيا

عسكري عراقي يستعرض طائرة من دون طيار استخدمها «داعش» (وزارة الدفاع العراقية)
عسكري عراقي يستعرض طائرة من دون طيار استخدمها «داعش» (وزارة الدفاع العراقية)

تتواتر التقارير التي تنوه إلى احتمالية استخدام الجماعات «الإرهابية» للطائرات المسيرة (الدرونز) كسلاح في مواجهة الجيوش، وفي خططها وهجماتها، الأمر الذي يعقد المواجهة ويفرض تحديات إضافية على جهود مكافحة «الإرهاب».
وكشف معهد الدراسات الأمنية (ISS)، هذا الأسبوع، أن تنظيم «ولاية غرب أفريقيا» (ISWAP) يستعد لاستخدام طائرات من دون طيار لشن هجمات في حوض بحيرة تشاد.
وقال المعهد، ومقره بريتوريا في جنوب أفريقيا، في تقرير بحثي إنه «ضمن محاولة التنظيم لشن ضربات غير مكتشفة، يخطط (الإرهابيون) لاستخدام الطائرات من دون طيار لتوجيه العبوات الناسفة والقذائف إلى مواقع مستهدفة في نيجيريا والدول المجاورة». وأشار إلى أن «الجيش النيجيري قد تسبب في خسائر كبيرة للتنظيمات (الإرهابية)، ما أجبر تنظيم (القاعدة) على إعادة التخطيط الاستراتيجي».
وأظهر التقرير، الذي يشتمل على تحليل مواد دعائية ومقابلات مع مقاتلين سابقين ومتعاونين مع «التنظيم»، «استخداماً متقناً ومتقدماً لتكنولوجيا الاتصالات من جانب (التنظيم)، بما يشمل علاوة على الطائرات المسيرة، الهواتف التي تعمل بالأقمار الصناعية، والطابعات ثلاثية الأبعاد، وأجهزة الكومبيوتر المحمولة، والكاميرات المتقدمة، وأجهزة الاتصال اللاسلكي، وبرامج ضغط البيانات والأرشفة».
وخلال التقرير، شرح المقاتلون السابقون الذين تطوعوا بالمعلومات للباحثين، كيف تم تجنيد أعضاء من داخل التنظيم وتدريبهم على كيفية التمركز، والتقاط الصور ومقاطع الفيديو أثناء استخدام الطائرات المسيرة.
وفيما يتعلق بسبل المواجهة، دعا الباحثون إلى التعاون بين قوات الأمن في دول حوض بحيرة تشاد الأربع المتضررة، وتكثيف المراقبة، وتحديث أدواتها على طرق الإمداد بالأدوات المحتمل استخدامها في صناعة المُسيرات. وقال الباحثون إنه «لمواجهة تعاون بعض العسكريين من الجيوش مع (الإرهابيين)، يجب إخضاع أفراد الجيوش لأعلى معايير المراقبة والعمل على مواجهة الفساد ومخاطبة المظالم التي يعاني منها عناصر القوات الأمنية». وأوصى البحث كذلك بزيادة الاستثمار الحكومي في التكنولوجيا وتعزيز الشراكة مع شركات التكنولوجيا.
وكان تقرير سابق نشره مركز «أفريقيا للدراسات الاستراتيجية»، كشف عن أنه يمكن شراء بعض نماذج «الطائرات المسيرة» وتسليحها مقابل أقل من 650 دولارا. ورصد التقرير أن «تنظيم (بوكو حرام) النيجيري حصل على طائرات من دون طيار واستخدمها لأغراض استخباراتية». ونوه التقرير إلى أن «حركة (الشباب الإرهابية) في الصومال نشرت طائرات من دون طيار لأغراض المراقبة وتنفيذ عمليات إرهابية، وتصوير مشاهد تنفيذ عملياتها بغرض الدعاية».
وسابقاً، العام الماضي، كان وزير داخلية موزمبيق أمادي مويكيد، صرح بأن «الجماعات المتطرفة، وتنظيم (داعش)، استخدمت طائرات من دون طيار في مواجهتها للجيش في مقاطعة كابو ديلغادو، التي تشهد حربا بين حكومة موزمبيق والجماعات المتطرفة المتمردة، وأيضا تنظيم (داعش)»، وفقا لمركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية.
وكانت دراسة نشرتها «رابطة جمعية جيش الولايات المتحدة الأميركية»، منذ عامين، حذرت من «دور المسيرات في الهجمات (الإرهابية) المستقبلية». وخلصت الدراسة إلى أن «المُسيرات تتيح (للإرهابيين) القيام بهجمات متعددة ومتزامنة». وقالت إنه «علاوة على سهولة الحصول على تكنولوجياتها من خلال القنوات التجارية العادية، لن يستعصي تحويل أي مُسيرة بسيطة إلى نسخةٍ قتالية، مثلما فعل (داعش) في سوريا مع المُسيَّرات الصينية من طراز (DJI)». ورصدت الدراسة أن «التنظيم نجح في تعديل مُسيَّرات الهواة التجارية، لتحمل قنابل صغيرة، والقنابل الهجينة المصنعة يدويا، أو قذائف الهاون، في هجماتٍ منسقة، وبالغة الخطورة، على المواقع العسكرية، والمواقع المدنية المكتظة بالسكان، ما يهدد بتعطيل المطارات ومحطات الطاقة، وشبكات الاتصالات».
ورأى الخبير الأمني الجزائري أحمد ميزاب، أن الأنباء عن استخدام التنظيمات «الإرهابية» المُسيرات مثلما فعلت عند استهداف القوات الأمنية في مالي، أو كما استخدمها تنظيم «بوكو حرام»، تشير إلى أن «مواجهة تلك التنظيمات تزداد تعقيداً». وقال، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «استخدام المُسيرات يمثل مظهراً بين مظاهر عديدة تشير إلى أن تنظيم (القاعدة) وغيره يفكرون ويفعِّلون نهجاً جديداً في القارة الأفريقية باستخدام استراتيجيات وأدوات وتكنولوجيا متطورة».
ونوه ميزاب إلى أنه على الحكومات الأفريقية أن «تكثف من جهودها في تجفيف منابع تمويل التنظيمات (الإرهابية)، وتنشيط التفاعل مع المجتمع لمواجهة تلك التنظيمات». وأضاف ميزاب أن «على المجتمع الدولي والقوى الكبرى أن تساند أفريقيا في مكافحة (الإرهاب) بكل الوسائل الممكنة في ظل الحديث المتكرر عن الاهتمام بالقارة، بما يشمل بشكل أساسي التعاون الاستخباراتي والتقني والتدريب للقوات الأفريقية».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.