الحزب القومي الأسكوتلندي... مسيرة لافتة من الاعتراض إلى الحُكمhttps://aawsat.com/home/article/4274161/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%83%D9%88%D8%AA%D9%84%D9%86%D8%AF%D9%8A-%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%AA%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%B6-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8F%D9%83%D9%85
الحزب القومي الأسكوتلندي... مسيرة لافتة من الاعتراض إلى الحُكم
مبنى البرلماني الأسكوتلندي في العاصمة إدنبره (شاترستوك)
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
الحزب القومي الأسكوتلندي... مسيرة لافتة من الاعتراض إلى الحُكم
مبنى البرلماني الأسكوتلندي في العاصمة إدنبره (شاترستوك)
أسس الحزب القومي الاسكوتلندي، الحزب الحاكم في إقليم اسكوتلندا البريطاني، عام 1934 نتيجة اندماج حزبين هما الحزب القومي في اسكوتلندا والحزب الأسكوتلندي، إلا أنه لم يلعب أدواراً بارزة في الحياة السياسية البريطانية إلا في العقود الأخيرة.
بعد التأسيس، أسندت رئاسة الحزب الوليد بالشراكة للزعيمين دوق مونتروز (الحزب الاسكوتلندي) وروبرت كانينغهام غراهام (الحزب القومي)، في حين تولى السير ألكسندر ماكيوان منصب الرئاسة التنفيذية. غير أن اقتراب الحرب العالمية الثانية أثار انقسامات في صفوف الحزب؛ إذ وقف دوغلاس يونغ، الذي تولى دفة القيادة بين 1942 و1945، ضد فرض التجنيد الإلزامي على الاسكوتلنديين، وسط استنكار مناوئيه الذين اعتبروا في موقفه توهيناً للجهود الحربية البريطانية. وبالنتيجة، حُكم على يونغ بالسجن لمعارضته التجنيد الإلزامي، في حين كان بعض الحزبين والمناصرين في واقع الأمر متعاطفين مع النازيين و«دول المحور» (ألمانيا وإيطاليا واليابان)؛ إذ قال أحد مرشحي الحزب خلال الانتخابات العامة عام 1945، إن «النازية تظل أقل خطراً علينا من حكومتنا». كذلك نقل يومذاك عن آرثر دونالدسون الذي ترقى حتى تولى زعامة الحزب بين 1961 و1969، أن الغزو النازي سيفيد اسكوتلندا.
نيكولا ستيرجن (د.ب.أ)
أيضاً تسببت النظر على طبيعة العلاقة بين اسكوتلندا ولندن في خلافات وانقسامات، وجاء أول انشقاق فعلي مع استقالة جون ماكورميك، أحد القياديين البارزين، عام 1942 بعد عجز المؤتمر السنوي للحزب في غلاسغو عن الخروج بقرار يتبنى الاستقلال الكامل بدلاً من الاكتفاء بـ«الحكم الذاتي». ولكن ظروف الحرب ساعدت الحزب، رغم مشاكله الداخلية، في كسب أول معقد له في البرلمان البريطاني (في ويستمنستر) خلال انتخاب فرعي بدائرة مذرويل القريبة من غلاسغو فاز له روبرت ماكينتاير. لكن ماكينتاير عاد فخسر المقعد خلال 3 أشهر فقط خلال الانتخابات العامة.
عقد الستينات من القرن الماضي، الذي شهد استقلال العديد من المستعمرات البريطانية، ولا سيما في أفريقيا، وفترة تغييرات اجتماعية واقتصادية وثقافية بالغة الأثر، حمل أيضاً معه تحسناً في مكانة القوميين الاسكوتلنديين انعكس في ارتفع نصيبهم من الأصوات في غير دائرة انتخابية. ثم انتزعت مرشحة الحزب ويني يوينغ مقعد دائرة هاميلتون خلال انتخاب فرعي من حزب العمال.
أليكس سالموند (شاترستوك)
واستمر الخط البياني لشعبية الحزب صعوداً عقد السبعينات، وعلى الرغم من خسارة يوينغ مقعدها، فإن الحزب كسب بمقعد آخر في الجزر الشمالية الغربية. ثم أضاف الحزب مقعداً آخر له في دائرة غوفان العمالية لمهمة في مدينة غلاسغو تغلب مرشحته «الكاريزمية» مارغو ماكدونالد على منافسها العمالي. ومن ثم تزايدت الانتصارات واتسعت رقعة التمثيل بعد انتخابات عام 1974 إذ فاز الحزب بـ6 مقاعد في فبراير وأضاف إليها في أكتوبر (تشرين الأول) رافعاً رصيده إلى 11 مقعداً، وحاصداً ثلث أصوات المقترهين. وامتدت الانتصارات إلى تقدم لافت في الانتخابات المحلية والبلدية.
وتدريجياً، تحول القوميون الاسكوتلنديون من قوة هامشية – وفي نظر كثيرين اعتراضية – إلى قوة حقيقية في قلب المسار السياسي للإقليم، على مختلف المستويات. غير أن وقوف الحزب ضد منافسه المحلي الأقوى داخل اسكوتلندا، حزب العمال، و«توسيعه» حلبة معركته ضد العمال إلى مستوى بريطانيا ككل في انتخابات عام 1979، أديا إلى نتيجتين كانت سيئتين مؤقتاً بالنسبة له:
الأولى، تراجع شعبية القوميين الاسكوتلنديين، وفقدانهم ثقة قطاعات يسارية، كانت متعاطفة معهم.
والأخرى، السماح لليمين المحافظ بقيادة مارغريت ثاتشر ليس فقط بالفوز في تلك الانتخابات، بل بالهيمنة على السياسة البريطانية على امتداد 18 سنة.
في انتخابات مايو (أيار) 1997، تمكن حزب العمال بزعامة توني بلير من استعادة السلطة، محققاً فوزاً ساحقاً على المحافظين، وخلال سنتين أقرّ الحكم الذاتي لكل من اسكوتلندا وويلز. وفي تلك الانتخابات صار الحزب القومي الأسكوتلندي ثاني أكبر الأحزاب تمثيلاً في اسكوتلندا وحزب المعارضة الرئيس بعد حزب العمال الحاكم. غير أن هذه الحال تغيّرت عام 2007 بعد الانتخابات البرلمانية الإقليمية عندما فاز بالسلطة تحت زعامة أليكس سالموند تحت مظلة «حكومة أقلية»، وهذا قبل أن يفوز بغالبية مطلقة عام 2011 ويحكم بحكومة غالبية في تاريخ البرلمان الإقليمي بـ«قصر هوليروود».
عام 2014، راهن سالموند وحزب على استقلال الإقليم في استفتاء نُظّم لهذا الغرض، لكن رهانه فشل بفارق بسيط نسبياً، واضطر على الأثر إلى الاستقالة، فخلفته حليفته نيكولا ستيرجن، التي احتفظت بزعامة الحزب والحكم في الإقليم حتى الشهر الفائت عندما سلمت اللواء إلى خليفتها حمزة يوسف.
الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014https://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9/5089075-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D9%80%D9%80-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%B5%D9%8A%D9%81-2014
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.
أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.
كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».
السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.
وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».
الحدود المشتركة مؤمّنة
للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.
اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».
أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».
غموض في الموقف
إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.
وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».
غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».
نتنياهو غير مضمون
ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.
ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».
وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».
وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».
شبح هجوم إسرائيلي
وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».
وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».
كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.
التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي
العامري يلوم واشنطن
أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».
وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».
وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».
الرد الأميركي قاطع
في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».
والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».
حقائق
قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل
خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».