الحوثيون يخضعون عاملات صحيات في ذمار لتلقي دورات طائفية

خُصصت للاستماع إلى محاضرات وخطب زعيم الميليشيات

نساء ينتظرن في مركز طبي خيري لمساعدة الفقراء في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون (أ.ف.ب)
نساء ينتظرن في مركز طبي خيري لمساعدة الفقراء في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يخضعون عاملات صحيات في ذمار لتلقي دورات طائفية

نساء ينتظرن في مركز طبي خيري لمساعدة الفقراء في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون (أ.ف.ب)
نساء ينتظرن في مركز طبي خيري لمساعدة الفقراء في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون (أ.ف.ب)

أخضعت الميليشيات الحوثية عاملات صحيات في محافظة ذمار اليمنية (100 كلم جنوب صنعاء) لتلقي دروس وبرامج تعبوية وطائفية، في سياق ما تسميه الجماعة تعزيز «الهوية الإيمانية». وأفادت مصادر طبية في ذمار لـ«الشرق الأوسط»، بأن ما يسمى فرع الهيئة النسائية للميليشيات بذمار بقيادة الحوثية أشواق المهدي أخضعت على مدى سبعة أيام ماضية، نحو 30 موظفة يعملن في مراكز ووحدات صحية ومشافٍ حكومية لتلقي برامج تعبوية، هدفها إقناعهن باعتناق الأفكار الطائفية المشبعة بالعنف والقتل والكراهية.
وبحسب المصادر، فإن تعليمات أصدرها القيادي الحوثي طه المتوكل المعين وزيراً للصحة في حكومة الانقلاب، إلى قيادة مكتب الصحة وفرع الهيئة النسائية للجماعة بذمار تتضمن إخضاع منتسبات الكادر الصحي لبرامج طائفية، مبينة أن ذلك الاستهداف تم تحت إشراف وحضور القيادي الحوثي محمد البخيتي المنتحل صفة محافظ ذمار. ويندرج التوجه الانقلابي - بحسب المصادر - في إطار توسيع الميليشيات من نشاطاتها ذات الصبغة الطائفية في رمضان، وضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع، مستغلة بذلك استمرار إحكام كامل سيطرتها على القطاع الطبي بمناطق سيطرتها.
واشتكت عاملات صحيات في ذمار، شاركن في البرنامج الحوثي، لـ«الشرق الأوسط» من إلزام الميليشيات لهن بحضور دورات ليس لها علاقة بالمشاكل والهموم المتعلقة بالقطاع الصحي، وأكدن أن الجماعة تركز اهتمامها على الجانب الطائفي أكثر من الجانب الصحي في الوقت الذي تفتك فيه عديد من الأمراض والأوبئة بالسكان في المحافظة، في ظل خدمات صحية متدهورة وعبث ممنهج بحق ذلك القطاع الحيوي.
وذكرت هدى، وهو اسم مستعار لعاملة صحية حضرت الدورة الحوثية، أنها توقعت لحظة استدعائها للمشاركة فيما أطلق عليه «برنامج تدريبي وتوعوي» أن تتلقى التدريب على أمور من شأنها خدمة الناس بمجال التطبيب والصحة، لكنها تفاجأت مع غيرها بأن البرنامج خُصص للاستماع إلى محاضرات وخطب زعيم الميليشيات المحرضة على العنف والاقتتال والطائفية. من جهته، أوضح مصدر صحي في ذمار لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة الحوثية تهدف إلى استكمال التحركات الانقلابية لتغيير ثقافة المجتمع اليمني برمته، بمن فيهم الكوادر الصحية والطبية، وصبغها بأفكار طائفية، وكذا استقطاب مزيد من الطاقم الوظيفي الحكومي لصفوفها. ويعد ذلك السلوك الانقلابي امتداداً لدورات سابقة أجبرت فيها الجماعة منتسبي القطاع الصحي الحكومي في صنعاء وبقية مدن سيطرتها على المشاركة في دورات تطييف قسرية.
إلى ذلك، تواصل الميليشيات الحوثية منذ أيام تنظيم دورات خاصة تستهدف منتسبي نقابة الصيادلة وملاك أكثر من 2000 صيدلية في صنعاء العاصمة، عبر تلقينهم أفكاراً ودروساً تعبوية، حيث حددت مدتها بعشرين يوماً، وعدت ذلك إلزامياً مقابل تجديد تراخيص مزاولة ملاك الصيدليات تلك المهنة، وفق ما أكدته تقارير محلية. وسبق للجماعة الانقلابية أن أخضعت في رمضان الماضي مديري مكاتب الصحة ومديري الهيئات والمستشفيات وأطباء وممرضين وإداريين وفنيين، في العاصمة صنعاء ومحافظات ومديريات أخرى، لدورات طائفية تحت مسمى أمسيات رمضانية بإشراف القيادي الحوثي طه المتوكل، المعين من قبل الميليشيات وزيراً للصحة في حكومتها.
وذكر مصدر صحي في صنعاء حينها لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك الاجتماعات الطائفية التي نظمتها الميليشيات استهدفت نحو 14 مدير مكتب صحة و90 مدير مستشفى و9 رؤساء هيئات، و30 طبيباً، و55 ممرضاً، و80 إدارياً وفنياً، و220 مديراً في المديريات، ونحو 300 من مديري الإدارات في مكاتب الصحة، بالإضافة إلى عدد كبير من الموظفين الصحيين العاديين. ويأتي توجه الانقلابيين لتطييف قطاعات الدولة، في وقت يعاني فيه اليمن من أسوأ أزمة إنسانية وصحية على مستوى العالم نتيجة الانقلاب، وفق تقارير دولية.
وتشير الأمم المتحدة في سلسلة تقاريرها إلى انهيار كامل للقطاع الصحي في اليمن، وكذا إغلاق عدد كبير من المرافق الصحية، الأمر الذي تسبب في تفشي الأمراض والأوبئة في البلاد؛ خصوصاً في مناطق سيطرة الانقلابيين. وبحسب التقارير، يعمل في الوقت الحالي جزء يسير جداً من المنشآت الصحية في البلاد بكامل طاقتها. فيما تشير تقارير أخرى إلى أن نحو 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، يحتاجون لمساعدات إنسانية عاجلة، وكثير منهم على شفا المجاعة، ويواجهون عدداً من الأمراض والأوبئة.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.