البنك الدولي يضع حجر الأساس لإصلاحه

إجراءات تضيف 50 مليار دولار... وتحركات لإعادة هيكلة الديون

رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس (وسط) لدى وصوله إلى أحد الاجتماعات خلال فعاليات اجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)
رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس (وسط) لدى وصوله إلى أحد الاجتماعات خلال فعاليات اجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

البنك الدولي يضع حجر الأساس لإصلاحه

رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس (وسط) لدى وصوله إلى أحد الاجتماعات خلال فعاليات اجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)
رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس (وسط) لدى وصوله إلى أحد الاجتماعات خلال فعاليات اجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)

وضع البنك الدولي أسس إصلاح يفترض أن تعزز قدرته على إقراض الدول الفقيرة والنامية ومساعدتها بشكل أفضل في مواجهة تغير المناخ أو الأوبئة، بينما ستغير المؤسسة رئيسها في الأسابيع المقبلة.
وأعلن رئيس المؤسسة المالية الدولية، ديفيد مالباس، في بيان، نشر مساء الأربعاء، أن «الدول الأعضاء وافقت على إجراءات يمكن أن تضيف ما يصل إلى 50 مليار دولار إلى قدرة البنك الدولي للإنشاء والتعمير (التابع للبنك الدولي) على الإقراض في السنوات العشر المقبلة».
وأقرت هذه التغييرات لجنة التنمية، التابعة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي تضم وزراء مال 25 بلداً، بعد لقاء بين 13 منهم الأربعاء، على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ويفترض أن يسمح ذلك للبنك الدولي بالحصول على موارد مالية إضافية لمساعدة البلدان الفقيرة والنامية، ولا سيما حشد أكبر لأموال القطاع الخاص. وقال ديفيد مالباس: «تم الاعتراف بشكل كامل بأهمية الموارد الميسرة (القروض الممنوحة من البنك الدولي) واستثمارات القطاع الخاص». وأضاف: «لا يزال هذا أقل من الموارد الضرورية للتنمية والمناخ، وستتطلب تلبية هذه الاحتياجات جهداً عالمياً».
وأطلق إصلاح هذه المؤسسة العريقة، التي تأسست في مؤتمر بريتون وودز، في يوليو (تموز) 1944، وعلى نطاق أوسع إصلاح مصارف التنمية، في أكتوبر (تشرين الأول) بدفع من بعض الدول الأعضاء، وخصوصاً الولايات المتحدة.
وفي بيان منفصل، أكد وزير الدولة الإماراتي للشؤون المالية محمد بن هادي الحسيني رئيس لجنة التنمية في البنك الدولي «ضرورة القيام بعمل بنّاء إضافي» من أجل «قطع مراحل مهمة من الآن حتى الاجتماعات المقبلة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي ستعقد في أكتوبر المقبل في مراكش» بالمغرب. وقال إنه سيتعين على مجلس إدارة البنك الدولي وإدارته الانتهاء من «خطة عمل مع إجراءات تفصيلية يتعين اتخاذها».
وحتى ذلك الحين، يفترض أن تتخذ إجراءات إضافية في المؤتمر الدولي الخاص بالمساعدات المالية لدول الجنوب، الذي سيعقد في 22 و23 يونيو (حزيران) في باريس.
ويأتي هذا الإصلاح، بينما يفترض أن يعين رئيس جديد للبنك الدولي قبل الصيف، بعد استقالة مالباس. وقد واجه انتقادات لتقصيره في العمل على جبهة المناخ خصوصاً. والمرشح الوحيد لتولي المنصب خلفاً له هو أجاي بانغا، المرشح الأميركي الهندي الأصل، الذي قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إنه «القائد المناسب... لتسريع عملنا من أجل تطوير هذه المؤسسة».
وأشادت يلين صباح الأربعاء «بإنجازات مهمة جداً»، مشيرة إلى أن «مهمة البنك الدولي باتت تؤكد أهمية إشراك الجميع والاستمرارية والقدرة على الصمود في مواجهة الصدمات العالمية لتحقيق أهدافه». كذلك، دعت إلى الحفاظ على الزخم خلال العام الحالي مع «إصلاحات إضافية».
وأكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير بعد الاجتماع أن «ثمة فرصة تاريخية مع هذا الإصلاح لمصارف التنمية متعددة الأطراف، لتأمين الوسائل المالية اللازمة للبلدان النامية التي تأتي في طليعة الذين يعانون من الأزمة الاقتصادية والتضخم».
من جهة أخرى، وبشأن إعادة هيكلة ديون البلدان المنخفضة الدخل والدول الناشئة التي طال انتظارها، أعلن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عن جهود تهدف إلى تسريع العملية وجعلها أكثر فاعلية.
لكن البيان لم يذكر بالتحديد الصين، أحد الدائنين الرئيسيين لهذه الدول والمتهمة بنقص الشفافية والإرادة، للتوصل إلى إعادة هيكلة هذه الديون. لكن جانيت يلين عبرت عن تفاؤلها. وقالت في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: «رأينا بعض التحرك من جانب الصين فيما يتعلق بالمشاركة في إعادة هيكلة ديون سريلانكا، وهذا مؤشر أمل».


مقالات ذات صلة

البنك الدولي يوافق على حزمة تمويل بقيمة 1.57 مليار دولار لنيجيريا

الاقتصاد أحد شوارع أبوجا (رويترز)

البنك الدولي يوافق على حزمة تمويل بقيمة 1.57 مليار دولار لنيجيريا

أعلن البنك الدولي، يوم الاثنين، أنه وافق على حزمة تمويل بقيمة 1.57 مليار دولار لنيجيريا، في إطار برنامج جديد لدعم القطاعات الصحية والتعليمية.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
الاقتصاد عمال ملابس يخرجون من أحد المصانع خلال استراحة الغداء في دكا (رويترز)

البنك الدولي يلتزم بتقديم أكثر من ملياري دولار لبنغلاديش

قالت بنغلاديش الثلاثاء إن البنك الدولي تعهد بتقديم أكثر من ملياري دولار من التمويل الجديد في هذا العام المالي لدعم جهود الإصلاح المستمرة بالبلاد

«الشرق الأوسط» (دكا)
الاقتصاد جانب من أعمال المؤتمر الدولي الأول لسوق العمل بالرياض (الشرق الأوسط)

برعاية خادم الحرمين... الرياض تستضيف النسخة الثانية من المؤتمر الدولي لسوق العمل

برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تنظم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية النسخة الثانية من المؤتمر الدولي لسوق العمل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

البنك الدولي يرفع توقعات النمو في الهند إلى 7 %

رفع البنك الدولي يوم الثلاثاء توقعاته للنمو الاقتصادي في الهند إلى 7 في المائة للسنة المالية الحالية، من تقدير سابق بلغ 6.6 في المائة.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد أشخاص يمرون أمام شاشة تعرض خطاب الموازنة لوزيرة المالية نيرمالا سيتارامان في مومباي (رويترز)

«البنك الدولي»: «فخ الدخل المتوسط» يعوق التقدم في 108 دول

أعلن البنك الدولي أن أكثر من 100 بلد - من بينها الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا - تواجه عقبات خطيرة يمكن أن تعوق جهودها لتصبح من البلدان مرتفعة الدخل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)
أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)
TT

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)
أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)

رغم تباطئه في سبتمبر، ما زال التضخم في تركيا مرتفعاً بشكل كبير، في ظل إحجام الحكومة عن اتخاذ قرارات صعبة قادرة على لجم ارتفاع الأسعار، بحسب محللين.

وعانت تركيا على مدى العامين الماضيين تضخماً متسارعاً، بلغ ذروته عند معدل سنوي 85.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، و75.45 في المائة في مايو (أيار) الماضي.

وأفادت بيانات رسمية، يوم الخميس، بانخفاض معدل التضخم إلى 49.38 في المائة في سبتمبر. إلا أن إحصاءات مجموعة «إي إن إيه جي» المؤلفة من اقتصاديين مستقلين، أشارت إلى أن معدل التضخم السنوي في الشهر ذاته يبلغ 88.6 في المائة.

وسبق لوزير المال التركي محمد شيمشك أن أكد في تصريحات سابقة أن حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان تأمل في خفض التضخم إلى 17.6 في المائة نهاية عام 2025، وما دون 10 في المائة عام 2026.

وأشاد إردوغان حديثاً بالمسار التراجعي للتضخم، مشدداً على أن «الأوقات الصعبة باتت خلفنا». إلا أن خبراء اقتصاديين يرون أن ارتفاع أسعار الاستهلاك في تركيا بات «مزمناً»، وتزيده سوءاً بعض السياسات الحكومية. وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة مرمرة محمد شيمشان إن «الانخفاض الراهن يعود حصراً إلى تأثير القاعدة (التي يحتسب على أساسها التضخم). ارتفاع الأسعار شهرياً ما زال كبيراً، ويبلغ 2.97 في المائة في تركيا و3.9 في المائة في إسطنبول». وأضاف: «لا يمكن اعتبار ذلك قصة نجاح».

قيمة الليرة

وعلى عكس السياسة التقليدية برفع معدلات الفوائد لمكافحة التضخم، لطالما دافع إردوغان عن سياسة خفض الفوائد، مما تسبب بانخفاض متزايد في قيمة الليرة التركية، وساهم بدوره في ارتفاع التضخم.

لكن بعد إعادة انتخابه رئيساً في مايو 2023، أطلق إردوغان يد المصرف المركزي لرفع معدلات الفائدة الأساسية من 8.5 إلى 50 في المائة، بين يونيو (حزيران) 2023 ومارس (آذار) 2024. وأبقى المصرف معدلاته دون تغيير في سبتمبر للشهر السادس توالياً.

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة قادر هاس إرينتش يلدان، إن «مكافحة التضخم تتمحور حول أولويات القطاع المالي. نتيجة لذلك، تجري الأمور بطريقة غير مباشرة وتولّد حالة من عدم اليقين».

وشدد أستاذ الاقتصاد في جامعة كارادينيز التقنية، يعقوب كوتشوكال، على أن رفع معدلات الفوائد لا يكفي لكبح التضخم ما لم يقترن بمعالجة العجز الضخم في الميزانية، مشيراً إلى أنه يبلغ مستوى قياسياً عند 129.6 مليار ليرة (3.79 مليار دولار).

وأوضح أن وزير المال شيمشك «يقول إن هذا يعود إلى الإنفاق المرتبط بإعادة إعمار المناطق التي تضررت جراء زلزال فبراير (شباط) 2023»، في إشارة إلى الكارثة التي راح ضحيتها أكثر من 53 ألف شخص. وتابع: «لكن الثقب الأسود الفعلي يعود إلى عقود الشراكة المكلفة بين القطاعين العام والخاص»، في إشارة إلى عقود لتطوير البنى التحتية يقول منتقدوها إنها غالباً ما تؤول إلى شركات على صلة وثيقة بحكومة إردوغان.

وتشمل هذه العقود كلفة بناء وإدارة مختلف البنى التحتية من الطرق السريعة والجسور إلى المستشفيات والمطارات، وغالباً ما تكون مصحوبة بضمانات سخية مثل تعويضات حكومية إذا كان معدل استخدامها دون المتوقع. وشدد كوتشوكال على أنه «يجب أن نشكك بهذه العقود التي تشكّل عبئاً على الميزانية؛ لأن هذه التعويضات مرتبطة بالدولار أو باليورو».

وغالباً ما تنعكس إجراءات مكافحة التضخم سلباً على الأسر ذات الدخل المنخفض، علماً بأن الحد الأدنى للأجور لم يتم رفعه منذ يناير (كانون الثاني)، وفق كوتشوكال الذي أكد أن «القوة الشرائية لهؤلاء متدنية أساساً».

وتابع: «بغرض خفض الطلب، على هذه الإجراءات أن تستهدف المجموعات ذات الدخل الأعلى، لكن بالكاد يوجد ما يؤثر عليها».

إجراءات التقشف

من جهته، رأى يلدان أن «إجراءات التقشف» التي شملت على سبيل المثال إلغاء خدمات التنظيف في المدارس الرسمية، تضر بالفئات الأكثر حرماناً، وتعزز عدم المساواة، مشيراً إلى أنه من المحبذ فرض «ضريبة على الثروة، والتعاملات المالية وإيرادات العقار». لكنه لفت إلى صعوبة تحقيق ذلك نظراً إلى أن الحزب الحاكم يعوّل على دعم «شركات موالية للحكومة» فازت بعقود البنى التحتية.

ووفق دراسة أعدتها جامعة كوش، تتوقع الأسر أن يبلغ التضخم السنوي نسبة 94 في المائة بحلول نهاية العام الحالي، أي أعلى بكثير من توقعات المصرف المركزي.

ورأى شيمشان أن «ارتفاع الأسعار الذي تعانيه الطبقات المتوسطة والدنيا محزن للغاية؛ لأنه يشمل منتجات أساسية وخدمات مثل الغذاء والسكن والتعليم، حيث يبقى التضخم بالغ الارتفاع».

وأشار مراقبون إلى أن عدم اليقين بشأن المستقبل يساهم أيضاً في ارتفاع الأسعار؛ لأن التجار يحاولون أن يأخذوا في الاعتبار التكاليف المستقبلية. وقال يلدان: «التضخم بات هيكلياً ومستمراً في تركيا. في غياب إصلاحات هيكلية، سنكون عالقين في حلقة مفرغة كما كنا عليه في التسعينات».