الفصائل تقصف مواقع للنظام في حلب.. ومقتل عنصر من حزب الله في الزبداني

تفجير نفق أسفل نقاط تجمع قوات النظام في بلدة الفوعة المحاصرة

الفصائل تقصف مواقع للنظام في حلب.. ومقتل عنصر من حزب الله في الزبداني
TT

الفصائل تقصف مواقع للنظام في حلب.. ومقتل عنصر من حزب الله في الزبداني

الفصائل تقصف مواقع للنظام في حلب.. ومقتل عنصر من حزب الله في الزبداني

تسجّل قوى المعارضة السورية مزيدًا من التقدم على الجبهة الشمالية، تعزز بهجوم عنيف شنّته صباح أمس الفصائل المنضوية تحت «جيش الفتح» على نقاط متقدمة في محيط بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب الشمالي. في الوقت الذي أدت فيه الاشتباكات العنيفة التي خاضتها الفرقة الرابعة و«حزب الله» وقوات الدفاع الوطني، مع الفصائل المعارضة ومسلحين محليين في مدينة الزبداني، إلى مقتل عنصر من حزب الله.
وأعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض أن «فصائل المعارضة المسلّحة مهدت لهذا الهجوم بتفجير عربة مفخّخة استهدفت حاجزًا للقوات النظامية في منطقة دير الزغب غربي في بلدة الفوعة التي يقطنها مواطنون من الطائفة الشيعية، ما أدى إلى تدمير الحاجز بالكامل، ومقتل وإصابة عدد من عناصره. أعقب ذلك تفجير نفق بطول 350 مترًا بالقرب من منطقة الصواغية غرب الفوعة، بهدف السيطرة على نقاط في محيط البلدة». وأكد المكتب أن «التفجيرين تزامنا مع معارك عنيفة دارت بين الطرفين في محيط منطقتي الصواغية ودير الزغب، استخدمت خلالها الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وسط تحليق مستمر للطيران الحربي التابع للجيش السوري النظامي، الذي نفذ عدة غارات على مواقع الاشتباكات، في وقت نفّذ الطيران الحربي النظامي عشرات الغارات الجوية على مناطق متفرقة من مناطق سيطرة المعارضة في ريف إدلب، أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين». وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «أكثر من ألف قذيفة صاروخية وقذيفة هاون و(مدفع جهنم) سقطت منذ منتصف ليل الأحد على بلدتي كفريا والفوعة، وسط استمرار الاشتباكات بين قوات الدفاع الوطني واللجان الشعبية بإشراف قادة مجموعات من (حزب الله) اللبناني من جهة، والفصائل المعارضة من جهة أخرى، مترافقة مع قصف جوي مكثف على مناطق الاشتباك».
هذا الهجوم المفاجئ من حيث قوته وأسلوبه على بلدتي كفريا والفوعة، ربطه المحلل العسكري السوري عبد الناصر العايد بـ«فشل المفاوضات التي كانت قائمة بين ممثلين عن إيران و(حزب الله) اللبناني من جهة والفصائل المعارضة من جهة ثانية في إسطنبول، بشأن وقف الهجوم على مدينة الزبداني وفكّ الحصار عنها». وأكد العياد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المفاوضات انتهت إلى رفض مطلق من الإيرانيين بوقف الهجوم على الزبداني، فجاء ردّ المعارضة ببدء الهجوم على البلدتين الشيعيتين». وقال: «لم تكن كفريا والفوعة هدفًا للثوار الذين لم يحاولوا يومًا اقتحامهما لكونهما بلدتين شيعيتين ضمن محيط سنّي، وحتى لا تلصق بالمعارضة اتهامات طائفية ومذهبية، لكن بعد الإصرار الإيراني وإمعان (حزب الله) في تدمير الزبداني وإبادة سكانها، قررت الفصائل أن يكون الردّ الموجع في كفريا والفوعة»، مشيرا إلى معلومات تفيد بأن «(حزب الله) سيرضخ قريبًا لشرط المعارضة وسيوقف الهجوم على الزبداني».
وكانت مفاوضات عسيرة جمعت وفدًا من «حركة أحرار الشام» الإسلامية ومسؤولين إيرانيين في مدينة إسطنبول بتركيا، قد باءت بالفشل. وأعلنت الحركة في بيان صدر عنها استئناف العمليات العسكرية في الزبداني والفوعة في إدلب والتي تحاصرها الحركة مع فصائل «جيش الفتح» من كل الاتجاهات، علما بأن عشرات العناصر من الميليشيات الإيرانية وعناصر «حزب الله» تتمركز داخلها وتقصف بشكل يومي البلدات المحيطة بها.
وفي قراءته للتقدّم العسكري الذي تحرزه المعارضة في سهل الغاب، يبدي العايد اعتقاده بوجود «ضوء أخضر إقليمي أعطي للمعارضة لأن التسوية السلمية جرى عرقلتها، فهناك طلبات قدمت للنظام السوري ولم ينفذها، ولذلك لجأت الفصائل إلى الحلّ العسكري الذي سيبقى خيارًا أخيرًا إلى أن يعلن النظام استسلامه، ويرضخ بشار الأسد للحل السلمي، وما دام الحل السياسي لم ينجز فإن الحل العسكري هو الخيار». ويرى المحلل العسكري أن «وصول المعارضة إلى أعتاب جورين التي تشكل بوابة المنطقة العلوية ليس أمرًا عاديًا، فإذا وصل الثوار إلى المنطقة العلوية ستكون هناك معركة استنزاف كبيرة للنظام، لأنها ستكون حرب مجموعات صغيرة، لن يكون بمقدوره استخدام الصواريخ والمدفعية الثقيلة فيها، وهذا سيرهق النظام ويجعله قريبًا من الانهيار، لأنه سيكون مضطرًا إلى سحب قواته من مواقع كثيرة من أجل حماية المناطق العلوية، وحينئذٍ سيتقوقع ويتحوّل إلى فصيل طائفي مثل كل الفصائل المتمردة».
وفي مدينة حلب أطلقت كتائب المعارضة عددًا من قذائف هاون على حيي الميدان وسليمان الحلبي الخاضعين لسيطرة قوات النظام في المدينة حلب. في وقت ارتفع إلى 18 على الأقل عدد قتلى النظام السوري بينهم 12 ضابطًا، اثنان منهم برتية عميد، في الهجوم الذي شنّه تنظيم داعش على مطار كويرس العسكري، بريف حلب الشرقي، الذي ترافق مع تفجير ثلاث عربات مفخخة من قبل التنظيم استهدفت المطار، كما أسفرت بالتزامن مع قصف مكثف واستهداف من قبل التنظيم للمطار، في محاولة لاقتحامه والسيطرة عليه، كما أسفرت الاشتباكات ذاتها عن مقتل 26 عنصرًا من التنظيم خلال الهجوم.
أما في دمشق فدارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وحزب الله من جهة، والفصائل المعارضة من جهة أخرى، في أطراف حي جوبر، أسفرت عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين، في حين تعرضت بعد منتصف ليل الأحد - الاثنين مناطق في مدينة داريا بالغوطة الغربية، لقصف من قبل قوات النظام، ترافق مع استمرار الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في محيط المدينة. في وقت حافظ الوضع العسكري في الزبداني في الريف الغربي للعاصمة السورية على سخونته، وأدت الاشتباكات العنيفة التي خاضتها الفرقة الرابعة في الحرس الجمهوري و«حزب الله» وقوات الدفاع الوطني، مع الفصائل المعارضة ومسلحين محليين في المدينة إلى مقتل عنصر من «حزب الله».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.