أحمد قعبور يعود إلى الشاشة بـ«أبو عزيز» المفقود في «النار بالنار»

الفنان اللبناني لـ «الشرق الأوسط» : العمل يخلع القفازات كمدخل لمسلسلات أكثر واقعية

الفنان اللبناني أحمد قعبور (الشرق الأوسط)
الفنان اللبناني أحمد قعبور (الشرق الأوسط)
TT

أحمد قعبور يعود إلى الشاشة بـ«أبو عزيز» المفقود في «النار بالنار»

الفنان اللبناني أحمد قعبور (الشرق الأوسط)
الفنان اللبناني أحمد قعبور (الشرق الأوسط)

في مسلسل «النار بالنار»، الذي يُعرض في رمضان، هو الشاب صاحب الصور بالأسود والأبيض المعلّقة على الجدران، وهو الأب الذي يظهر مثل شبح على ابنه (عزيز). قد تكون مشاهده مقتضبة وكلامه قليلاً، لكن ما ليس اعتيادياً هو إطلالة الفنان أحمد قعبور على الشاشة الصغيرة ضمن مسلسل درامي.
يقرّ في حديثه مع «الشرق الأوسط» بأنّ الناس متفاجئون بإطلالة مَن عرفوه من خلال موسيقاه وأغنياتٍ وأناشيد مثل «أناديكم» و«علّوا البيارق»، ممثلاً بجوار أبناء المهنة. ربما لا يعرف هؤلاء أنّ قعبور خرّيج مسرح وسينما، أي أنه ابن المهنة أيضاً، وشخصية (مروان) في «النار بالنار» ليست دوره الأول، بل هي «حنين للممثل الذي فيّ، ورغبة في استرجاعه»، وفق تعبيره.
لم يتردّد قعبور في خوض المغامرة عندما عرضها عليه مخرج العمل محمد عبد العزيز. فهو فور قراءته الدور، التقط ملامح الشبه بينه وبين الشخصية. «مروان موسيقي فُقد خلال الحرب اللبنانية، يشبه فيّ الموسيقي المُغيّب وليس الغائب»، يقول. يطلّ مثل طيف على ابنه عزيز (الفنان جورج خباز) الباحث عنه منذ عقود. يتوجّه إليه بكلام أراده الممثل والمخرج مختصراً ومخففاً من الثرثرة، «لعدم تجريد الشخصية من حضورها السحري، هي الآتية من الموت إلى الحياة لتمنح إشارة ما»، على ما يقول قعبور.

«السجال حول المسلسل صحّي»
إلى جانب الشبه الذي بينه وبين الشخصية، تَشجّع الفنان اللبناني على الانضمام إلى المسلسل لأنه رأى فيه «قيمة مضافة وطرحاً جاداً لقضية آنيّة، بعيداً عن النمط الاستهلاكي». لا يخفي إعجابه بالكاتب رامي كوسا وبالمخرج وبفريق العمل الذين «لم يخجلوا من طرح قضية آنية تردّد كثر في طرحها. قالوا الأمور كما هي ومن دون قفازات»، وفق وصف قعبور.
غير أنّ هذه الواقعية المجرّدة التي اختارها فريق «النار بالنار» أشعلت انتقادات المشاهدين، ووصف بعضهم العمل بالعنصريّ. في رأي قعبور، «السجال حول المسلسل دليل صحة». يضيف: «ربما الأحداث التي وُصفت بالعنصرية صادمة، لكن ما يصدمني هي العنصرية اللبنانية - اللبنانية والسورية - السورية قبل العنصرية اللبنانية - السورية». يبدو قعبور متفائلاً بأنّ المسلسل سيكون «مدخلاً لأعمال أكثر واقعية على المستويات السياسية والاجتماعية والإنسانية، وفاتحةً لمسلسلات تحاول كشف الأسباب الحقيقية الكامنة وراء العنصرية وحساسية العلاقة بين السوريين واللبنانيين».
بعيداً عن السجالات، كان التصوير فرصةً لقعبور كي يجدّد اللقاء بزملاء المهنة. عن جورج خباز يقول إنه «ممثل محترف وذكي يعرف كيف يتبدّل بين الأدوار، من دون أن يخسر روحه الإنسانية». أما كاريس بشار فيصف حضورها بالطاغي، مضيفاً أنها «غير استعراضية وتعرف كيف تختزل التعبير في نظرة واحدة».
يأسف قعبور لأنه لم يلتقِ بعابد فهد، لأن لا مشاهد تجمعهما، أما طارق تميم فـ«صديق قديم، واللقاء بيننا كان مهرجاناً يومياً». ولحضور زينة مكي، يكنّ إعجاباً كبيراً، كما أنه يراها في دورٍ ضمن دراما تلفزيونية هو في طور كتابتها حالياً. العمل الذي لم تتّضح معالمه الإنتاجية بعد، يريده قعبور وفيّاً للحظة التاريخية التي تعيشها بيروت والمنطقة.


قعبور في مشهد من مسلسل "النار بالنار" (إنستغرام)
لا غرابة في أن تكون بيروت بطلة مسلسل قعبور المرتقب وملهمة أغانيه. يعشق «البيروتي» الأصلي مدينته، متلألئة كانت أم مكسورة. هو الذي غنّاها «زهرة في غير أوانها»، وزفّها عروساً «مرحى مرحى جيبوا الطرحة لبيروت»، وقال فيها شعراً «إن كبرت بتساع الدني وإن صغرت بوسة على خدّك»، يُحزنه أنه «لم يبقَ من بيروت إلا حلاوة الروح». عندما يقود سيارته في ليل شوارعها، يقشعرّ لرؤية أبنيتها المظلمة بشبابيكها المعتمة كأنها «شواهد قبور».

ألبوم جديد ودور سينمائي قريباً
يعيش الفنان اللبناني اليوم الفَقد، ليس أمام الكاميرا فحسب، حيث يحمل في شخصية «أبو عزيز» قضيّة المفقودين اللبنانيين الـ17 ألفاً إبّان الحرب الأهلية، بل في يومياته البيروتية كذلك. لكنه يأبى الاستسلام لطيور الموت المحلّقة في سماء المدينة: «أرفض سقوط بيروت وموت معناها، بل أُقبل على الحب والحياة والغناء والتلحين والتمثيل، لأقول إن ثمة في هذه المدينة مَن يغنّي ويمثّل ويكتب ويرغب في قول شيء جديد».
انطلاقاً من تلك الرغبة، يصدر قعبور قريباً ألبوماً جديداً يضمّ 11 أغنية. يحكي فيه قصص الناس، ويتطرّق إلى «القضايا الصغيرة بالشكل والكبيرة بدلالاتها». يغنّي لـ«سميرة» التي سرقها العمر وهي تخدم والديها وإخوتها المرضى، فلم تجد قريباً ولا رفيقاً لآخرتها ومضت وحيدة. يفصّل حكاية «أختي سميرة»، قائلاً إنها عمّن يسمّيها المجتمع العربي «العانس»، حارماً إياها حتى من تاء التأنيث.
لبيروت كذلك حصة من الألبوم المقبل ضمن أغنيات مثل «ومنسأل يا بيروت» و«ما عندي مينا»، حيث المدينة مساحة للحب والشعر رغم تَواري الأيام السعيدة. كتب قعبور معظم كلام الأغاني، واستعان بنصّين لكل من الشاعر أمل دنقل بعنوان «طيرٌ على سفر»، وبومدين الساحلي بعنوان «ما في حدا بيدقّ ع بابي».


قعبور في إحدى حفلاته (فيسبوك)
شهية أحمد قعبور مفتوحة على النشاط الفني والإنتاج، أولاً لأنّ العمل دواءٌ نافع لليأس الضارب بالبلد وأهله، وثانياً لأنه في ظل الأوضاع المعيشية الراهنة، لا يجوز التكبّر عليه. عن هذا الأمر، يقول: «من دون بطولات وعنتريّات، في هذه الظروف الخانقة لازم نشتغل، شرط ألا يتعارض ذلك مع أخلاقي وألا يمسّ جوهري الإنساني».
بعد الإطلالة الدرامية في «النار بالنار»، يطلّ أحمد قعبور قريباً في فيلم «وادي الوهم» لكارلوس شاهين. يلعب دور «الشيخ داود»، وهو إقطاعي من قرية بشرّي في شمال لبنان. كما في أغانيه، لا يحب النمطية في أدواره، بل يسعى إلى تنويعها. وقد حمل من تجربته في فيلم «كارلوس» العالمي لأوليفييه أساياس، حيث قدّم دور القائد الفلسطيني وديع حداد، ذكرى تحدٍّ كبير: «في البداية اعتذرت عن عدم تقديم الدور، لكني، وبعد تعديلاتي على النص، قدّمت الشخصية بوفاء لنضال وديع حداد التاريخي، رغم الالتباس المحيط بشخصيته، إذ يعتبره البعض مقاوماً فيما يراه آخرون إرهابياً».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بعد الإطاحة بالأسد... الجولاني يضع بصمته على الدولة السورية

رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)
رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)
TT

بعد الإطاحة بالأسد... الجولاني يضع بصمته على الدولة السورية

رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)
رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)

تفرض إدارة العمليات العسكرية في سوريا بقيادة أحمد الشرع المكنى «أبو أحمد الجولاني» سلطتها على الدولة السورية بنفس السرعة الخاطفة التي سيطرت بها على البلاد؛ ففي غضون أيام قليلة نشرت شرطةً، وسلَّمت السلطة لحكومة مؤقتة، وعقدت اجتماعات مع مبعوثين أجانب، مما يثير مخاوف بشأن ما إذا حُكَّام دمشق الجدد سيلتزمون بعدم إقصاء أحد.

ومنذ أطاحت «هيئة تحرير الشام»، تحت قيادة الشرع وبدعم تحالف من قوات معارضة، ببشار الأسد من السلطة، يوم الأحد، انتقل موظفوها الذين كانوا حتى الأسبوع الماضي يديرون إدارة إسلامية في شمال غربي سوريا إلى مقر الحكومة في دمشق.

وكان تعيين محمد البشير رئيس حكومة «هيئة تحرير الشام» في إدلب رئيساً انتقالياً جديداً للوزراء في سوريا، يوم الاثنين، بمثابة تأكيد على مكانة الهيئة باعتبارها الأقوى بين الفصائل المسلحة التي حاربت لأكثر من 13 عاماً لإنهاء سنوات الأسد الذي حكم بقبضة من حديد.

ورغم أن الهيئة كانت تابعة لتنظيم «القاعدة» قبل فك الارتباط معها عام 2016، فقد نجحت في طمأنة زعماء العشائر والمسؤولين المحليين والسوريين العاديين خلال زحفها إلى دمشق؛ بأنها ستحمي معتقدات الأقليات، وقد حظيت بدعم واسع النطاق. وساعدت هذه الرسالة في تسهيل تقدُّم مقاتلي الفصائل. ويكرر الشرع الرسالة نفسها منذ الإطاحة بالأسد.

وفي مكتب محافظ دمشق، حيث الجدران المزينة بشكل رائع بالخشب المطعَّم والزجاج الملوَّن، قلَّل مسؤول تم جلبه من إدلب لتولي المسؤولية من شأن المخاوف من أن سوريا تتجه نحو شكل إسلامي من أشكال الحكم.

وقال محمد غزال، وهو مهندس مدني يبلغ من العمر 36 عاماً ويرتدي نظارة طبية ولديه لحية كثيفة ويتحدث الإنجليزية بطلاقة تقريباً: «لا يوجد شيء اسمه الحكم الإسلامي. في النهاية، نحن مسلمون، ومؤسساتنا أو وزاراتنا مدنية».

وأضاف: «ليس لدينا أي مشكلة مع أي عرق أو دين. ومَن صَنع المشكلة هو النظام (السابق بقيادة الأسد)».

ورغم ذلك، فقد أثارت الطريقة التي اتبعتها «هيئة تحرير الشام» في تشكيل الحكومة المؤقتة الجديدة، من خلال استقدام كبار الإداريين من إدلب، قلق البعض. وقالت أربعة مصادر من المعارضة وثلاثة دبلوماسيين لـ«رويترز» إنهم يشعرون بالقلق إزاء شمول العملية حتى الآن.

وقال البشير إنه سيبقى في السلطة حتى مارس (آذار) فقط، إلا أن «هيئة تحرير الشام» (التي لا تزال مُصنَّفة جماعة إرهابية لدى الولايات المتحدة، والقوة الإقليمية تركيا، وحكومات أخرى) لم تفصح بعد عن التفاصيل الرئيسية للعملية الانتقالية، بما في ذلك تفكيرها في دستور جديد.

وقال زكريا ملاحفجي أمين عام «الحركة الوطنية السورية» الذي عمل في الماضي مستشاراً سياسياً للمعارضين في حلب: «(انت عم بتجيب من لون واحد. مفروض يكون في تشارك مع الآخرين)... هذه الطريقة ليست صحيحة. المفترض أن تأتي القوى السياسية والعسكرية إلى الطاولة، وترتّب، وتضع حكومة انتقالية بالتشاور مع الآخرين. هذا يعطي دعماً للحكومة».

وأضاف: «المجتمع السوري متعدد الثقافات، (فبصراحة هيك مقلق)».

«خراب... خراب... خراب»

لإدارة هيئات حكومية، قال غزال إنه قدَّم تطمينات للموظفين وحثهم على العودة للعمل. وقال غزال إنها «دولة منهارة. خراب، خراب، خراب».

وتتركز أولوياته للأشهر الثلاثة المقبلة في تشغيل الخدمات الأساسية وتبسيط البيروقراطية. كما ستتم زيادة الرواتب، التي يُقدَّر متوسطها بنحو 25 دولاراً في الشهر لتتماشى مع أجور حكومة الإنقاذ الذي يبلغ الحد الأدنى لأجورها 100 دولار في الشهر.

ورداً على سؤال حول كيفية تمويل هذا، قال: «سوريا دولة غنية للغاية. لكن النظام اعتاد على سرقة الأموال».

كما يتولى رجال شرطة قدموا من إدلب تنظيم حركة المرور في دمشق، في محاولة لاستعادة جانب من الوضع الطبيعي، بعد أن أمرت «هيئة تحرير الشام» الفصائل المسلحة بالخروج من المدينة. وقال أحد المسؤولين الأمنيين (لم يذكر اسمه) إن العبء أصبح كبيراً للغاية، مشيراً إلى أنهم كانوا في السابق يقومون بمهامهم في إدلب فقط.

ورغم أن «هيئة تحرير الشام» هي الأبرز بين الفصائل التي حاربت الأسد، فإن فصائل أخرى لا تزال مسلحة، خاصة في المناطق الواقعة على الحدود مع الأردن وتركيا.

وخلال سنوات الحرب، كانت تقع في كثير من الأحيان صدامات بين فصائل مسلحة، مما يترك إرثاً من التنافسية والعداء يُنظر إليه على أنه أحد المخاطر العديدة التي تهدد الاستقرار في سوريا ما بعد الأسد.

وقال يزيد صايغ، وهو زميل أول بمركز «كارنيغي» لـ«الشرق الأوسط» إن «(هيئة تحرير الشام) تسعى بوضوح إلى الحفاظ على الزخم على جميع المستويات»، مضيفاً أن أي مجموعة في موقفها تتولى السلطة من نظام منهار في بلد منهك، ستتصرف بشكل عام بالطريقة ذاتها.

وأضاف: «هناك مخاطر متعددة تكمن في تحديد (هيئة تحرير الشام) للأولويات، ووتيرة ما سيأتي بعد ذلك. أحد هذه المخاطر إنشاء شكل جديد من الحكم الاستبدادي، هذه المرة في ثوب إسلامي».

لكنه ذكر أن تقديراته تشير إلى أن تنوُّع المعارضة والمجتمع في سوريا من شأنه أن يجعل من الصعب على مجموعة واحدة احتكار النفوذ.

وقال إن «تركيا، الداعم المؤثر للمعارضة، حريصة أيضاً على أن تكون هناك حكومة قادرة على الفوز بالدعم الدولي».

«سنبقى حتى مارس»

قال مصدر من المعارضة مطَّلع على مشاورات «هيئة تحرير الشام» إن جميع الطوائف السورية سيكون لها تمثيل في حكومة تصريف أعمال. وأوضح المصدر أن من الأمور التي سيتم تحديدها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة ما إذا كان ينبغي أن يكون نظام الحكم في سوريا رئاسياً أم برلمانياً.

واندلعت الثورة السورية ضمن ما يُعرَف بانتفاضات الربيع العربي عام 2011 التي أطاحت بالحكام في مصر وتونس وليبيا واليمن، وأعقبتها فترات انتقالية مضطربة وعنيفة في كثير من الأحيان.

وفي مقابلة مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية نُشِرت أمس (الأربعاء)، قال رئيس الوزراء البشير: «سنبقى حتى مارس (آذار) 2025 فقط».

وأوضح أن الأولويات استعادة الأمن وسلطة الدولة، وإعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وتوفير الخدمات الأساسية.

وعندما سُئِل عما إذا كان الدستور السوري الجديد سيكون إسلامياً، قال إن «هذه التفاصيل» سيتم توضيحها خلال عملية صياغة الدستور.

وقال محمد علاء غانم، وهو ناشط سوري بارز مقيم في واشنطن وعلى اتصال بشخصيات بارزة من المعارضة، إن «هيئة تحرير الشام» مطالَبة بأن «تتحلى بالذكاء، وأن تنفذ الانتقال بشكل صحيح، لا أن يتملكها الغرور، وتهيمن بشكل كامل على الحكومة الجديدة».

وحثت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن «هيئة تحرير الشام» على عدم تولي القيادة بشكل تلقائي في سوريا، وإنما تبني عملية لا تقصي أحداً لتشكيل حكومة انتقالية، وفقاً لمسؤولين أميركيين ومساعد في الكونغرس مطلعين على الاتصالات الأميركية الأولى مع الهيئة.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن الانتقال في سوريا يجب أن يؤدي إلى «حكم موثوق وشامل وغير طائفي»، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم «2254».

ويدعو هذا القرار، الذي تمت الموافقة عليه في عام 2015، إلى عملية بقيادة سوريا تتولى الأمم المتحدة تسهيلها، والتأسيس لحكم غير طائفي في غضون 6 أشهر، وتحديد جدول زمني لعملية صياغة دستور جديد.

كما يدعو إلى انتخابات حرة ونزيهة.