صراع النفط بين أربيل وبغداد يقرب العراق من هاوية التقسيم

سياسيون شيعة لا يرون لإقليم كردستان مستقبلاً في البلاد

عامل في منشأة نفطية بإقليم كردستان العراق (رويترز)
عامل في منشأة نفطية بإقليم كردستان العراق (رويترز)
TT

صراع النفط بين أربيل وبغداد يقرب العراق من هاوية التقسيم

عامل في منشأة نفطية بإقليم كردستان العراق (رويترز)
عامل في منشأة نفطية بإقليم كردستان العراق (رويترز)

بدأ إقليم كردستان العراق ببيع النفط بشكل مستقل عن الحكومة المركزية فيما يعد خطوة تزيد من الانقسامات داخل البلاد التي تقاوم مسلحي «داعش». وتوقف إقليم كردستان الشهر الماضي عن نقل النفط إلى الدولة كما تعهد بموجب اتفاق مهم تم إبرامه عام 2014. ويرى مسؤولون أكراد أن المخصصات، التي يحصلون عليها من بغداد، غير كافية. وبدلا من ذلك، يصدر الإقليم أكثر من 600 ألف برميل يوميا بنفسه، وهي خطوة تعتبرها بغداد غير قانونية، كما أوضح مسؤولون أكراد وعراقيون.
وينذر هذا الخلاف بتعميق الانقسامات في بلاد تنقسم بالفعل إلى ثلاثة أجزاء: كردي في الشمال، ومناطق في الجنوب والوسط تحت سيطرة حكومة يقودها الشيعة، ومنطقة في الشمال والغرب يسيطر عليها تنظيم داعش. وينذر انهيار اتفاق النفط بإفشال واحد من الإنجازات الأساسية لرئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي يعود إليه فضل تحسين العلاقات مع الأكراد بعد سنوات من العداء.
وقال أريز عبد الله، كردي يرأس لجنة النفط في البرلمان العراقي: «إنها أزمة. في الواقع الطرفان غير ملتزمين، ويتبادلان الاتهامات».
ويقول مسؤولون أكراد إنه تم إجبارهم على الاتجاه نحو استقلال اقتصادي عوضا عن الاعتماد على السلطات في بغداد في دفع رواتب موظفي حكومة الإقليم وقواته الأمنية. ولم يتقاض هؤلاء المقاتلون أجورهم وهو ما يؤثر سلبا على روحهم المعنوية في وقت يحمون فيه المئات من الكيلومترات الواقعة على الحدود غير الرسمية مع مسلحي «داعش».
وقال إبراهيم محمد بحر العلوم، وزير النفط السابق وعضو لجنة النفط في البرلمان: «من المهم تسوية هذا الأمر بسبب الوضع الأمني. يجب أن تكون علاقتنا مع الأكراد جيدة».
وتعتزم الحكومة الفيدرالية إنشاء مركز قيادة مشترك مع الأكراد في شمال العراق من أجل التنسيق معهم في العملية التي تستهدف استعادة مدينة الموصل، التي استولى عليها تنظيم داعش خلال الصيف الماضي. وكانت تلك الخطط معلقة ومن أسباب ذلك التركيز على محافظة الأنبار. مع ذلك لن يساعد ازدياد العلاقات بين بغداد والأكراد سوءا في التعامل مع الأوضاع، على حد قول مسؤولين.
وقد حظي العبادي بكثير من الثناء عندما اضطلع بدور الوسيط في اتفاق النفط خلال شهر ديسمبر (كانون الأول). يذكر أن العلاقات بين الأكراد وبغداد قد تفسخت خلال فترة حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وجمدت الحكومة المركزية مخصصات إقليم كردستان في الموازنة.
وينص اتفاق النفط الأخير على أن تنقل حكومة إقليم كردستان 550 ألف برميل من النفط يوميا إلى شركة النفط التابعة للدولة مقابل الحصول على 17 في المائة من الموازنة. ويشمل ذلك 300 ألف برميل يوميا من حقول النفط في كركوك التي تقول حكومة بغداد إنها تابعة للحكومة العراقية المركزية. ولم تتمكن حكومة بغداد من تصدير النفط بسبب الوضع الأمني في المنطقة. وتقول حكومة إقليم كردستان إن حجم ما نقلته من نفط إلى الشركة التابعة للدولة كان أقل من المطلوب طبقا للاتفاق لأسباب فنية، في حين ردت حكومة بغداد على الأمر بدفع ما يتراوح بين 30 و40 في المائة من المدفوعات المتفق عليها. مع ذلك عندما نجح الأكراد في حل تلك المشكلات ونقل أكثر من 500 ألف برميل يوميا خلال شهر أبريل (نيسان)، لم تزد الحكومة المركزية المدفوعات المخصصة للأكراد، بحسب ما أوضح مسؤولون أكراد. وقال عبد الله: «كانت الكمية التي تم نقلها من النفط واعدة، لكن المال الذي تم دفعه لم يكن متناسبا مع ذلك. ومن هنا ظهرت المشكلة».
وانهارت الثقة، ولم تنقل السلطات تنقل سوى أقل من 150 ألف برميل إلى شركة النفط التابعة للدولة يوميا خلال شهر يونيو (حزيران) بحسب تقرير شهري بشأن الصادرات. وامتنعت حكومة كردستان عن نقل النفط تماما الشهر الماضي، على حد قول مسؤولين.
على الجانب الآخر، زاد متوسط صادرات إقليم كردستان المباشرة إلى تركيا عبر خطوط أنابيبه، على 600 ألف برميل يوميا، على حد قول مسؤولين. ويجعل هذا إقليم كردستان يحصل على مليار دولار تقريبا شهريا، تقول حكومة الإقليم إنها بحاجة إليها من أجل تغطية نفقاتها.
مع ذلك، تتضمن الصادرات الكردية نفطا يتم استخراجه من حقول مدينة كركوك الغنية بالنفط والتي تعد مصدر خلاف بين حكومتي بغداد وأربيل منذ مدة طويلة. وسيطرت القوات الكردية على مدينة كركوك خلال الصيف الماضي، حيث شغلت الفراغ السياسي الذي خلفه انهيار الجيش العراقي في مواجهة تنظيم داعش. وقالت حكومة إقليم كردستان، إنها كانت في حاجة إلى زيادة مبيعات النفط بشكل مستقل عن حكومة بغداد خلال شهر يونيو بسبب «الديون الكبيرة» التي تراكمت عليها عندما جمدت حكومة بغداد مخصصاتها في الموازنة العام الماضي.
ويعاني إقليم كردستان بالفعل من تكلفة القتال، ونفقات إيواء ما يقدر بـ1.7 مليون لاجئ أجنبي وعراقي نزحوا من مناطق أخرى في البلاد. وقال سفين دزيي، المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان: «رسالتنا إلى بغداد واضحة. نفضل الالتزام بالاتفاق، لكننا لا نستطيع انتظار الإفلاس».
وفي بغداد، يقول مسؤولون إن الاتفاق قد فشل بسبب انخفاض كميات النفط التي تنقلها حكومة إقليم كردستان. وتعاني الحكومة المركزية من أزمة اقتصادية خاصة بها بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية. وتمثل عائدات النفط أكثر من 90 في المائة من موازنة العراق. وقال بحر العلوم: «سبب امتناع حكومة إقليم كردستان عن إرسال النفط غير واضح».
على الجانب الآخر، تتباين الآراء بشأن إمكانية إعادة إحياء اتفاق النفط. وقد واجه الاتفاق معارضة قوية من قبل بعض الفصائل في بغداد، منها حزب «الدعوة» الذي ينتمي إليه العبادي نفسه، حيث رأى الحزب أنه قدم الكثير من التنازلات للأكراد. وقال موفق الربيعي، سياسي عراقي في الكتلة السياسية للعبادي: «أعلن بكل صراحة التوقيع على شهادة وفاة اتفاق النفط. لقد فشل الاتفاق».
ويأمل آخرون أن يتم إحياء الاتفاق، لكنهم يقولون إنه لم يتم إحراز تقدم كبير في هذا الشأن. وقال دزيي: «نحن مستعدون للمفاوضات. الاتفاق جيد، لكن لا يتم احترامه بالقدر الكافي».
وفي حال استمرت حكومة إقليم كردستان في بيع النفط بشكل مستقل عن الحكومة المركزية، فإن من المحتمل أن تواجه انتقاما سياسيا من بغداد، التي قدمت اعتراضات قانونية ردا على محاولة مماثلة خلال العام الماضي.
ويسلط الصراع الضوء على المشكلات التي يواجهها العبادي في سعيه للحفاظ على وحدة وتماسك حكومة تحظى فيها الأقلية من السنة والأكراد بتمثيل. وقال عبد الله: «تريد حكومة العبادي التوصل إلى حل، لكن هناك كثير من المشكلات التي تحتاج إلى حلول». وأوضح أن إحدى تلك المشكلات نفوذ العبادي المحدود. ورغم أن المالكي قد غادر منصبه كرئيس وزراء، فإنه لا يزال واحدا من أكثر منتقدي اتفاق النفط تشددا، ولا يزال رئيسا لحزب الدعوة الذي ينتمي إليه العبادي.
وفي بغداد، يتزايد تشكك سياسيين شيعة مثل الربيعي في أن يكون لإقليم كردستان مستقبل في العراق. وأوضح الربيعي قائلا: «إنهم ماضون في طريقهم، لكنهم يمتصون أكبر قدر ممكن من موارد بغداد. إنهم يقيدوننا، ويتسببون في شلل البلاد بأكملها». وأضاف أن وضع إقليم كردستان الحالي من حكم ذاتي غير مكتمل لا يمكن أن يستمر. وقال: «لا يمكنك أن تجعل امرأة نصف حامل».

*خدمة: «واشنطن بوست» خاص بـ{الشرق الأوسط}



«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.