«النقد الدولي» يخفض توقعات النمو العالمي إلى 2.8 %

خبراء الصندوق يحذرون من تداعيات خطيرة للتشديدات النقدية الجارية بما يرشح هبوطاً حاداً في الاقتصاد

يير جورنشاس مدير إدارة البحوث في صندوق النقد الدولي يرد على وسائل الإعلام في المؤتمر الصحفي لآفاق الاقتصاد العالمي (إ.ب.أ)
يير جورنشاس مدير إدارة البحوث في صندوق النقد الدولي يرد على وسائل الإعلام في المؤتمر الصحفي لآفاق الاقتصاد العالمي (إ.ب.أ)
TT

«النقد الدولي» يخفض توقعات النمو العالمي إلى 2.8 %

يير جورنشاس مدير إدارة البحوث في صندوق النقد الدولي يرد على وسائل الإعلام في المؤتمر الصحفي لآفاق الاقتصاد العالمي (إ.ب.أ)
يير جورنشاس مدير إدارة البحوث في صندوق النقد الدولي يرد على وسائل الإعلام في المؤتمر الصحفي لآفاق الاقتصاد العالمي (إ.ب.أ)

خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي لعام 2023، مشيرا إلى أن الاقتصاد العالمي يواجه المزيد من المخاطر المالية والاضطرابات المصرفية، إضافة إلى الضغوط الناجمة عن ارتفاع أسعار الفائدة والحرب الروسية الأوكرانية، محذرا في الوقت ذاته من حالة عدم اليقين وزيادة ضغط القطاع المالي الناجمة عن تشديد السياسة النقدية.
وفي تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر الثلاثاء، رجح خبراء صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد العالمي نمواً عالمياً بنسبة 2.8 في المائة في 2023، بانخفاض طفيف عن تقديراته السابقة في يناير (كانون الثاني) (- 0. 1 نقطة مئوية)، كما توقع نمواً بنسبة 3. 0 في المائة في 2024 (- 0، 1 نقطة مئوية أيضاً).

- انخفاض النمو العالمي
وتنخفض توقعات الصندوق لمعدلات النمو لهذا العام إلى 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق البالغ 3.4 في المائة في عام 2022. وحذر الصندوق في تقرير يوم الثلاثاء من أن الاقتصاد العالمي «يدخل مرحلة محفوفة بالمخاطر يظل خلالها النمو الاقتصادي منخفضاً بالمعايير التاريخية مع ارتفاع المخاطر المالية، لكن التضخم لم ينخفض بعد بشكل حاسم».
وقال بيير أوليفيه جورنشاس كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي في إفادة صحافية الثلاثاء، إن الوضع الاقتصادي لا يزال هشا وهناك مخاطر لهبوط حاد إذا استمرت معدلات الفائدة في الارتفاع، ما قد يضعف النمو بقدر ما يمكن أن يؤكد على ركود اقتصادي خاصة في الدول الغنية. وأشار إلى أن التشديد النقدي الحاد من قبل البنوك المركزية خلال العام الماضي «بدأ يكون له آثار جانبية خطيرة على القطاع المالي».
وأضاف كبير الاقتصاديين بالصندوق أنه «بعد فترة طويلة من التضخم الخافت وأسعار الفائدة المنخفضة للغاية، أدى التشديد السريع للسياسة النقدية في العام الماضي إلى خسائر كبيرة في الأصول طويلة الأجل ذات الدخل الثابت. إن استقرار أي نظام مالي يتوقف على قدرته على استيعاب الخسائر دون اللجوء إلى أموال دافعي الضرائب».
ويوجه كثيرون أصابع اللوم إلى البنوك المركزية بعد عقد ونصف من أسعار الفائدة القريبة من الصفر، تلاها تشديد نقدي قوي، ويقولون إن الرفع المتكرر لأسعار الفائدة ساعد في تأجيج الاضطرابات المالية في الولايات المتحدة، ما أدى إلى انهيار ثلاثة بنوك متوسطة الحجم.

- التضخم
وتوقع صندوق النقد الدولي، تضخماً عالمياً بنسبة 7 في المائة هذا العام، انخفاضا من 8.7 في المائة في عام 2022، لكنه مرتفع عن توقعاته في يناير عند 6.6 في المائة لعام 2023. وقال جورنشاس في التقرير إن «التضخم سيكون أكثر ثباتاً مما كان متوقعاً حتى قبل بضعة أشهر». من المتوقع أن ينخفض نمو التجارة العالمية هذا العام إلى 2.4 في المائة، على الرغم من تخفيف اختناقات العرض، قبل أن يرتفع إلى 3.5 في المائة في عام 2024، بعد أن ينمو بنسبة 5.1 في المائة في عام 2022. وسينخفض التضخم العالمي إلى 7 في المائة هذا العام و4.9 في المائة في عام 2024، من 8.7 في المائة في عام 2022. ولا يزال هذا أعلى من الهدف المفضل البالغ 2 في المائة للبنوك المركزية.
من المتوقع أن تجبر معدلات التضخم المرتفعة باستمرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية الأخرى على الاستمرار في رفع أسعار الفائدة والاحتفاظ بها عند أو بالقرب من الذروة لفترة أطول لمكافحة ارتفاع الأسعار. ومن المتوقع أن تؤدي تكاليف الاقتراض المرتفعة هذه إلى إضعاف النمو الاقتصادي وربما زعزعة استقرار البنوك التي أصبحت تعتمد على معدلات منخفضة تاريخياً. وحذر غورينشاس بالفعل من أن المعدلات المرتفعة «بدأت في إحداث آثار جانبية خطيرة على القطاع المالي».
يتوقع الصندوق احتمالاً بنسبة 25 في المائة أن ينخفض النمو العالمي إلى أقل من 2 في المائة لعام 2023. لقد حدث ذلك خمس مرات فقط منذ عام 1970، وآخرها عندما أدى فيروس كورونا COVID - 19 إلى خروج التجارة العالمية عن مسارها في عام 2020. ويتصور صندوق النقد الدولي أيضاً احتمالاً بنسبة 15 في المائة «لسيناريو هبوط حاد، غالباً ما يرتبط بالركود العالمي؛ حيث يتقلص الناتج الاقتصادي العالمي للفرد».

- الاقتصادات النامية
في توقعاته للنمو الاقتصادي في الدول النامية، خفض صندوق النقد الدولي توقعات النمو للهند وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. لكنه توقع أن تنمو الأسواق الناشئة والنامية في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 3.9 في المائة خلال العام الحالي بدلاً من 3.2 في المائة كما كان متوقعاً سابقاً، بعد التوسع بنسبة 5.3 في المائة في عام 2022، قبل أن ترتفع بنسبة 3.5 في المائة في عام 2024.

- الاقتصاد الأميركي
وأصدر صندوق النقد الدولي توقعات متواضعة لاقتصادات الولايات المتحدة وأوروبا، التي أثبتت أنها أكثر مرونة مما كان متوقعاً حتى مع أسعار الفائدة الأعلى بكثير وصدمة الغزو الروسي لأوكرانيا.
يتوقع الصندوق الآن أن تنمو الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، بنسبة 1.6 في المائة هذا العام، انخفاضا من 2.1 في المائة في عام 2022، ولكن ارتفاعاً من 1.4 في المائة الذي توقعه صندوق النقد الدولي في يناير الماضي. وأشار الصندوق إلى دعم سوق العمل القوية في الولايات المتحدة للإنفاق الاستهلاكي الثابت على الرغم من ارتفاع معدلات الاقتراض للمنازل والسيارات والمشتريات الرئيسية الأخرى.
من جانبها، أكدت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في خطاب متفائل يوم الثلاثاء حول حالة الاقتصاد الأميركي والنظام المصرفي، أن الاقتصاد الأميركي لا يزال قويا، وقالت إن «الاقتصاد العالمي كان في وضع أفضل مما توقعه كثيرون في الخريف الماضي. هذه الصورة الأساسية لم تتغير إلى حد كبير. ومع ذلك، ما زلنا يقظين من مخاطر الهبوط».

- البلدان الأوروبية
بالنسبة للبلدان الأوروبية العشرين التي تشترك في عملة اليورو، توقع صندوق النقد الدولي نمواً ضعيفاً بنسبة 0.8 في المائة، في عام 2023 بما يمثل ارتفاعا طفيفا عن توقعات شهر يناير بنسبة 0.1 في المائة. على الرغم من أن أوروبا عانت من قطع الغاز الطبيعي الروسي في زمن الحرب، فإن الطقس الحار بشكل مفاجئ قلل من الطلب على الطاقة. وكانت دول أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، أكثر ذكاء مما كان متوقعا في توصيل الغاز الطبيعي إلى أوروبا محل روسيا.
من المقرر أن ينكمش اقتصاد ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، بنسبة 0.1 في المائة هذا العام؛ حيث يستمر التضخم المرتفع في التأثير على الاستهلاك. وكان الصندوق قد توقع العام الماضي أن يحقق الاقتصاد الألماني نموا بنحو 1.8 في المائة، فيما بقيت فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، دون تغيير، مع توقعات نموها عند 0.7 في المائة في عام 2023، بعد نمو بنسبة 2.6 في المائة في عام 2022.

- سادس أكبر اقتصاد
أما المملكة المتحدة التي تراجعت درجة لتصبح سادس أكبر اقتصاد في العالم بسبب الأزمة الاقتصادية العام الماضي التي دفعت الجنيه إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار الأميركي، من المتوقع أن تنكمش بنسبة 0.3 في المائة في عام 2023، بدلاً من التقدير السابق من انكماش بنسبة 0.6 في المائة.
وتشير التقديرات إلى أن الاقتصاد البريطاني قد نما بنسبة 4 في المائة في عام 2022، لكن قفز التضخم في المملكة المتحدة بشكل غير متوقع في فبراير (شباط) إلى 10.4 في المائة مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة والتأثير على النمو.

- الاقتصاد الصيني
وتوقع الصندوق أن تحقق الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، نموا بنسبة 5.2 في المائة هذا العام، دون تغيير عن توقعات صندوق النقد الدولي لشهر يناير الماضي. وقال الخبراء إن الصين تتعافي من نهاية سياسة صارمة لمكافحة فيروس كورونا المستجد، التي أبقت الناس في منازلهم وأعاقت النشاط الاقتصادي.
من المتوقع أن يكون نمو اقتصاد اليابان، ثالث أكبر اقتصاد في العالم، بنسبة 1.3 في المائة في عام 2023، مقارنة بالتقدير السابق البالغ 1.8 في المائة، بعد النمو بنحو 1.1 في المائة في عام 2022. من المتوقع أن تتفوق الهند، التي تفوقت على المملكة المتحدة لتصبح خامس أكبر اقتصاد في العالم في عام 2022، على اقتصادات العالم بتوسع بنسبة 5.9 في المائة في عام 2023، بعد نموها بنسبة 6.8 في المائة العام الماضي.

- توقع نمو الاقتصاد السعودي 3.1% لعامين
> وفي خضم تقديرات صندوق النقد الدولي، أعلن عن نمو توقعاته للاقتصاد السعودي خلال عام 2023، في إطار تعافي الاقتصاد العالمي التدريجي من أزمة الجائحة، وعودة الاقتصاد الصيني للتعافي بقوة، وهدوء الاضطرابات في سلاسل الإمداد واستقرار الاختلالات في أسواق الطاقة والغذاء الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
وكان الاقتصاد السعودي سجل رقما بارزا في معدلات النمو ليتصدر منظومة دول العشرين ودول العالم بمعدل يتخطى 8 في المائة عن أداء العام المنصرم 2022 سجل معها وفورات مالية عالية.
وتوقع خبراء صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد السعودية، أكبر اقتصاد في العالم العربي، بنسبة 3.1 في المائة هذا العام والعام المقبل، بدلاً من تقديرات بنسبة 2.6 في المائة كما كان متوقعاً سابقاً، بعد توسع بنسبة 8.7 في المائة في عام 2022.
وأشار خبراء الصندوق إلى أن المملكة العربية السعودية التي تعد أكبر مصدر للنفط في العالم، قد استفادت بشكل كبير من ارتفاع أسعار الخام العام الماضي.
وتوقع الخبراء أن تنخفض أسعار النفط بنحو 17.3 في المائة في عام 2023، بمتوسط سعر مفترض للبرميل، بناءً على أسواق العقود الآجلة، عند 73.13 دولار في عام 2023 و68.90 دولار في عام 2024، مقارنة بـ96.36 دولار في عام 2022، حسبما قال صندوق النقد الدولي.


مقالات ذات صلة

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد لافتة إلكترونية وملصق يعرضان الدين القومي الأميركي الحالي للفرد بالدولار في واشنطن (رويترز)

غوتيريش يعيّن مجموعة من الخبراء لوضع حلول لأزمة الديون

عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجموعة من الخبراء البارزين لإيجاد حلول لأزمة الديون المتفاقمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الاجتماع السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

المنتدى الاقتصادي العالمي: قادة الأعمال يخشون من الركود وارتفاع التضخم

أظهر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الخميس أن قادة الأعمال على مستوى العالم يشعرون بالقلق من مخاطر الركود ونقص العمالة وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
TT

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

قال مصدر لوكالة «رويترز» للأنباء إن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مددت مهلة حتى يوم الاثنين المقبل، أمام إيلون ماسك، للرد على عرضها لحسم تحقيق في استحواذ الملياردير على «تويتر»، مقابل 44 مليار دولار في عام 2022.

وغرد ماسك، أمس (الخميس)، بنسخة من رسالة أرسلها محاموه إلى رئيس الهيئة، جاء فيها أن موظفي الهيئة منحوه 48 ساعة للموافقة على دفع غرامة أو مواجهة اتهامات.

وقال المصدر إن الهيئة أرسلت إلى ماسك عرض تسوية، يوم الثلاثاء، سعياً للحصول على رد في 48 ساعة، لكنها مددت العرض إلى يوم الاثنين بعد طلب مزيد من الوقت.

وانخرطت الهيئة وهي أعلى سلطة في تنظيم الأسواق الأميركية وماسك في معركة قضائية، معلنة عن التحقيق الذي أجرته الوكالة في استحواذه على منصة التواصل الاجتماعي التي غيّر ماسك اسمها منذ ذلك الحين إلى «إكس».

ورفض متحدث باسم مكتب الشؤون العامة في هيئة الأوراق المالية والبورصات التعليق، ولم يرد محامي ماسك بعد على طلبات التعليق.

وكانت الهيئة تحقق فيما إذا كان ماسك قد انتهك قوانين الأوراق المالية في عام 2022 حين اشترى أسهماً في «تويتر»، بالإضافة إلى البيانات والملفات التي قدمها فيما يتعلق بالصفقة. وقد سعت إلى إنفاذ أمر استدعاء قضائي لإجبار ماسك على الإدلاء بشهادته بشأن هذه المسألة.

ويتعلق التحقيق بالملف الذي قدمه ماسك في الآونة الأخيرة إلى الهيئة بشأن مشترياته من أسهم «تويتر»، وما إذا كان أراد التربح أم لا.