طارق تميم لـ«الشرق الأوسط»: أهدي «جميل» لأستاذي زياد أبو عبسي

شكّل «النار بالنار» عودته المنتظرة إلى الشاشة

تميم ودحدوح في لقطة من «النار بالنار» (طارق تميم)  -   يقدم تميم في «النار بالنار» أحد أهم أدواره الدرامية (طارق تميم)
تميم ودحدوح في لقطة من «النار بالنار» (طارق تميم) - يقدم تميم في «النار بالنار» أحد أهم أدواره الدرامية (طارق تميم)
TT

طارق تميم لـ«الشرق الأوسط»: أهدي «جميل» لأستاذي زياد أبو عبسي

تميم ودحدوح في لقطة من «النار بالنار» (طارق تميم)  -   يقدم تميم في «النار بالنار» أحد أهم أدواره الدرامية (طارق تميم)
تميم ودحدوح في لقطة من «النار بالنار» (طارق تميم) - يقدم تميم في «النار بالنار» أحد أهم أدواره الدرامية (طارق تميم)

لم تمر شخصية (جميل)، التي يلعبها الممثل طارق تميم مرور الكرام في مسلسل «النار بالنار». فهي شكّلت عودته المنتظرة إلى الشاشة الصغيرة بعد انقطاع عنها دام 7 سنوات. ومن يتابع هذا العمل الذي أثار موضوعه جدلاً على الساحة العربية عامة واللبنانية خاصة، لا بد أن يتوقف أمام هذا الدور. فهو يشبه إلى حدّ كبير تميم بالخلفية الثقافية التي يتمتع بها، أو بمشاعره الرقيقة وبإنسانيته وتمسكه بالوفاء.
ويقدم في العمل نموذجاً عن اليساري المتمرد على واقع لا يشبهه. فتضيع أحلامه ويغرق في لعب الميسر.
البعض أعجب بأداء تميم إلى حد ترشيحه لجائزة الأوسكار ولو فرضياً. والبعض الآخر اعتبرها شخصية الموسم الرمضاني من دون منازع. فهو عرف كيف يقدمها ويقولبها كي تولد على يديه بمثابة «طارق جونيور». لم يبالغ في أدائها ولا في استخدام أدوات تمثيلية كي يبرز خطوطها. فابتعد فيها عن «الأفورة»، كما يقال في لغة التمثيل إلى حد الطبيعية المطلقة. فابن التجارب الغنية في المسرح مع جيل قديم تشرَّب منه الكثير علَّم عند المشاهد وترك بصمته في العمل.
ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تعلمت من الكبار الرائدين في المسرح الكثير. واليوم أتعلم أيضاً من جيل شاب مبدع وقدير».
شدّته شخصية جميل منذ قراءته لها في نص محبوك يخرج عن المألوف بقلم رامي كوسى. صحيح أنه كان قد قطع عهداً على نفسه بعدم العودة إلى الشاشة الصغيرة في أعمال كوميدية تلفزيونية. ولكن «النار بالنار» أوقعه في شباك الدراما من جديد ووافق على دخولها من باب (جميل).
«كنت وأنا أقرأها أشعر بأنها تشبهني إلى حد كبير. فعندنا نقاط كثيرة، أتفق مع جميل عليها. وقد قصدت عدم تغيير شكلي الخارجي والظهور في العمل كما أنا في حياتي العادية. كل ما قمت به هو اللعب إلى حد ما بنبرة صوتي. وعندما لا يخلع الممثل شخصيته الحقيقية لتقمص دور ما تكون المهمة أصعب».
هكذا يروي طارق تميم لـ«الشرق الأوسط» قصته مع هذا الدور. فطارق وجميل بالنسبة له واحد، مع أنه خصصه بمشية معينة وبلغة جسد تكمل خطوط الشخصية. ويتابع: «حتى عندما وضعت يدي خلف ظهري وأنا أمشي، كنت أهدي هذا الدور إلى أستاذي الراحل زياد أبو عبسي».

مع جورج خباز في «النار بالنار» (طارق تميم)

يتهدج صوت تميم وهو يتحدث عن أستاذه الراحل. يصمت قليلاً ويتابع من جديد متأثراً: «ارتديت في أحد المشاهد جاكيت بدلة كنت قد اشتريتها ولم يتسنَ لي تقديمها له لأنه فارقنا بسرعة. قياسها لا يناسبني فصديقي الراحل كان أكثر سمنة مني. ولكني تمسكت في ارتدائها كي تشكل لفتة تكريمية له».
هذه الحالة الإنسانية التي تدل على مدى تمتعه بالوفاء تنبع من صميم قلب طارق. «لقد اشتغلت كثيراً على الدور بالتعاون مع المخرج والكاتب. ومع ساشا دحدوح التي تلعب دور زوجتي في العمل شكلنا ثنائياً ناجحاً».
تفاجأ طارق تميم بردود فعل المشاهدين الإيجابية تجاهه. «وهو ما يحفزني على إكمال مسيرتي الدرامية والعودة من جديد إلى الشاشة. فأنا بقيت أعمل في مجال المسرح لأنه ملعبي الحقيقي. ولكن بُعدي عن الشاشة في أعمال كوميدية كان قراراً قاطعاً لأنه لم يعد يجذبني. فوسائل التواصل الاجتماعي قضت على الكوميديا الناضجة وغير السهلة التي كنا نمارسها في أعمالنا. وصارت الموضوعات تتكرر وتتشابه، فقررت الابتعاد».
اليوم لا يستبعد تميم الإكمال في عالم الدراما ضمن أعمال بمستوى «النار بالنار». «هذا المستوى الذي أتكلم عنه يشمل الشركة المنتجة وفريق العمل والطاقم ككل. فـ«الصبّاح أخوان» تحرص على إراحة الممثل وتقديم كل ما يسهم في إعطائه الأفضل. فهي تختار الشخص المناسب في المكان المناسب».
يقول تميم إنه عندما علم بمكونات العمل وعناصره التمثيلية أبهره الأمر. «لا أذيع سراً إذا قلت إن حضور جورج خباز في المسلسل حمسني للمشاركة فيه. فنحن أصدقاء وأبناء جيل فني واحد. ولكن لم تشأ الظروف أن نتعاون من قبل. أما بالنسبة لعابد فهد، فلطالما جذبني أداؤه منذ مسلسل (مرايا). وزاد إعجابي به بعد متابعتي له في (ولادة من الخاصرة). فهو ممثل خطير وكانت الفرصة كبيرة أن أجتمع معه في عمل واحد».
وعندما يصل الحديث إلى كاريس بشار يتبدل صوت تميم ويقول: «كنت أشعر بالارتباك في كل مشهد نؤدّيه سوياً. فهي ممثلة من الطراز الأول، كانت بنظري نجمة كبيرة ولا تزال حتى الساعة تملك وهج النجوم».
ويطول حديث طارق عن نجوم العمل من أكبرهم إلى أصغرهم: «قد لا يتسنى لي إعطاء كل واحد منهم ما يليق بأدائه. فجوزيف بو نصار بالنسبة لي عملاق أنحني أمامه. وفي دور صغير وقصير كضيف شرف، ترك بصمته في العمل. وكذلك الأمر بالنسبة إلى بول سليمان، وعمر ميقاتي، وأحمد قعبور، فجميعهم يشكلون أركان المسرح اللبناني». وبالنسبة لزينة مكي، يقول إنه كان يتابعها منذ بداياتها: «كنت أرسل لها سلامات من دون معرفة وأثني على أدائها. فهي تتمتع بهدوء الكبار وعندها من الجمال والنعومة والإغداق بالمشاعر ما يميزها عن غيرها. فاستمتعت كثيراً بتعاوني معها في بعض المشاهد وكان التناغم بيننا ملحوظاً».
وعندما يحين الوقت للتحدث عن شريكته في العمل ساشا دحدوح يتأهب ويقول: «إنها قمورتي (نسبة إلى اسمها في المسلسل قمر) وكانت بمثابة المفاجأة التي أبهرتني لأني عرفتها أكثر مذيعة تلفزيونية. لم أتوقع أن تكون مجتهدة وطموحة إلى هذا الحد مع تمتعها بموهبة تمثيلية رائعة. دخلنا معاً باللعبة منذ اللحظة الأولى وعطاؤها المتفاني هذا أثر في بمشاهد عدة جمعتنا معاً. فكنت أبكي لشدة تأثري بأدائها مع أن ذلك لم يكن وارداً في النص».
يقول تميم إن «النار بالنار» شكل حالة اجتماعية وأثار الجدل، وكل من شارك فيه توقّع ذلك. «شركة الإنتاج كانت جريئة بتلقفها هذا الموضوع، وطرحه كاد أن يأخذنا إلى مطارح لا نتمناها. ولكن الكاتب عرف كيف (يدوزن) أحداثه. وما سيتضمنه في المستقبل من مجريات سيحدث تحولاً جذرياً عند المشاهد».
كاميرا مخرج «النار بالنار» محمد عبد العزيز امتلكت لغة خاصة بها. هكذا يصف تميم إدارة المخرج للعمل. «إنه مخرج سينمائي أخذنا في رحلة مبدعة، وعرف كيف يوظف خبراته السينمائية في هذا العمل. فلم يكتفِ بنقل وقائع تصوير في الأستوديو، إذ تنقل بكاميرته ولفّ بها ودار فغاص بتفاصيل فنية قلما باستطاعة كثيرين إبرازها».
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم حول طارق تميم، هو إذا ما قرر الإكمال بمشواره الدرامي. يرد لـ«الشرق الأوسط»: «المتابعة أهم»، وهي عبارة قرأتها على لوحة كان يعلقها مؤسس المسرح اللبناني نزار ميقاتي فوق مكتبه. وعندما سألته عن معناها قال لي: «ليس المهم أن تصل للنجومية، بل أن تعرف كيف تحافظ عليها. فالمتابعة هي الطريق الذي توصلك إلى ذلك. فردود فعل الناس الذين غمروني بمحبتهم دفعتني إلى التفكير بالمثابرة. هي صفحة وقلبتها مع هذا العمل، وعلي أن أذهب بعده إلى مطارح تشبهها. فأنا من الأشخاص الذين يكنّون للدراما الكثير. وأتمنى أن أكمل الطريق».


مقالات ذات صلة

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

يوميات الشرق خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

تعود خيرية نظمي إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)

رحيل «الوجه الأرستقراطي» سمية الألفي

صدم خبرُ وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاماً الوسطَ الفني. ونعى وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو، الراحلة، مؤكداً أنَّها «أسهمت بأعمالها المتنوعة.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)

حزن في الوسط الفني المصري لرحيل الوجه الأرستقراطي سمية الألفي

خيَّمت حالة من الحزن على الوسط الفني بمصر، السبت، لرحيل الفنانة سمية الألفي، التي توفيت بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 72 عاماً.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الطفلان شادي وجولي مع والدتهما سلمى في المسلسل (فيسبوك)

«سلمى»... نهاية صادمة مقابل أداء تمثيلي متقن

استغرب متابعو المسلسل المعرّب «سلمى» نهايته الفاترة وغير المتوقعة، فخاب أمل المشاهد العربي بعمل درامي أغرته قصّته الإنسانية.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الفنانة صابرين تميزت بأدوارها المتنوعة (صفحتها على فيسبوك)

صابرين لـ«الشرق الأوسط»: قرار ابتعادي عن الغناء الأصعب بحياتي

أعربت الفنانة المصرية صابرين عن سعادتها بعرض أحدث أفلامها «بنات الباشا» في الدورة الأحدث لمهرجان «القاهرة السينمائي» الدولي بقسم «آفاق السينما العربية».

مصطفى ياسين (القاهرة )

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
TT

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

في مسيرة بعض الممثلين، تأتي الأدوار المهمّة في وقت متأخر، وهو ما حصل مع الممثلة السعودية خيرية نظمي، بطلة فيلم «هجرة»، التي تحدَّثت بشفافية لـ«الشرق الأوسط»، قائلةً: «حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين»، مُعبّرةً عن سعادتها الغامرة بهذه التجربة التي نقلتها إلى منطقة مختلفة، بوصفها ثمرة رحلة طويلة من التراكم الفنّي والتجربة الإنسانية.

بطولة «هجرة» جاءت في مرحلة شعرت فيها خيرية بأنّ علاقتها بالتمثيل أصبحت أوضح وأكثر هدوءاً. وتتحدَّث عن هذه التجربة بثقة، مؤكدةً أن مرحلة ما بعد الخمسين حوَّلت العمر من مجرّد رقم إلى رصيد من المشاعر والمواقف والقدرة على قراءة الشخصيات بعمق، ممّا غيّر زاوية نظرها للأمور، وجعل اختياراتها أكثر وعياً ومسؤولية.

وللمرة الأولى، سارت خيرية نظمي على السجادة الحمراء في مهرجانات عالمية بصفتها نجمة سينمائية عبر بطولتها فيلم المخرجة شهد أمين «هجرة»، الذي كان عرضه العالمي الأول في مهرجان البندقية، وهناك حصد جائزة «نيتباك» لأفضل فيلم آسيوي، ثم واصل حضوره في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» بجدة، ليفوز بجائزتين هما «جائزة اليسر من لجنة التحكيم» وجائزة «فيلم العلا لأفضل فيلم سعودي».

خيرية، التي التقتها «الشرق الأوسط» في «البحر الأحمر»، تُشير إلى أن الفرق بين الأدوار الرئيسية وتحمُّل بطولة كاملة يكمُن في الإيقاع اليومي للتصوير، وفي الالتزام الجسدي والنفسي المستمرّ، قائلةً: «التصوير في (هجرة) امتد ساعات يومياً، وعلى مدى شهرين ونصف الشهر تقريباً، وهو ما تطلَّب جهداً مضاعفاً، وانغماساً كاملاً في الشخصية». هذا التعب، كما تصفه، أثمر لاحقاً مع خروج الفيلم إلى الجمهور، وظهور ردود الفعل في العروض الأولى، والإشادات التي ركّزت على الأداء والنظرة والتعبير الصامت.

خيرية نظمي على السجادة الحمراء (مهرجان البحر الأحمر)

سنوات من الكوميديا

قبل «هجرة»، رسَّخت خيرية حضورها في الأعمال الكوميدية، وتتوقَّف عند هذه المرحلة بكونها مدرسة أساسية في مسيرتها، تعلَّمت خلالها الإيقاع، والتوقيت، والقدرة على التقاط التفاصيل الصغيرة. وتستذكر تجربتها في مسلسل «سكة سفر» من خلال شخصية «بركة»، التي تقول إنها كانت قريبة من روحها، وتفاعلت معها بعفوية عالية. تبتسم وهي تتحدَّث عن «بركة»، مضيفةً: «هذه الشخصية خرجت مني بشكل تلقائي»، موضحةً أنها تعاملت مع النص بطاقة مفتوحة، وسمحت للارتجال بقيادة كثير من اللحظات. هذا التفاعل العفوي، كما ترى، وصل إلى الجمهور السعودي والعربي، وصنع حالة قبول واسعة، وأكد قدرتها على حمل الدور الكوميدي وصناعة شخصية تعيش خارج إطار الحلقة.

وتشير إلى أنّ «سكة سفر» شكّل إحدى أبرز تجاربها، ضمن مسار متنوّع سبقها، مؤكدةً أنّ انغماسها في الكوميديا أثبت نجاحه، وساعدها على بناء علاقة مباشرة مع الجمهور، وهي مرحلة منحتها ثقة إضافية، ووسَّعت أدواتها، إذ ترى أنّ الكوميديا فنّ يحتاج إلى حسّ داخلي عالٍ وصدق في الأداء.

خيرية نظمي وحفيدتها في الفيلم لمار فادن في مشهد من «هجرة» (الشرق الأوسط)

«هجرة»... اختبار العمق

في تلك المرحلة، كانت خيرية تتطلَّع إلى تنويع أدوارها، وتؤمن بأن التنقّل بين الأنواع يكشف عن جوانب مختلفة من الموهبة، ويمنح الممثل فرصة أوسع للتجريب. هذا التطلُّع قادها إلى أدوار تحمل ثقلاً مختلفاً، وتضعها أمام تحدّيات جديدة، خصوصاً في الدراما، وهو ما وجدته في فيلم «هجرة»، إذ انتقلت إلى منطقة أكثر كثافة، ودور يعتمد على الحضور الداخلي أكثر من الحوار المباشر.

في «هجرة»، قدَّمت شخصية «ستي»، الجدّة التي تعتزم الذهاب إلى الحج برفقة اثنتين من حفيداتها، وفي أثناء الرحلة تضيع إحداهن، فتتحمّل مسؤولية البحث عنها. وهي شخصية مركّبة، حازمة في ظاهرها، قوية في مواقفها، وتحمل في داخلها ضعفاً إنسانياً واضحاً. وتصف خيرية هذا التركيب بأنه «تحدٍّ حقيقي، لأنّ التوازن بين الصلابة والانكسار يحتاج إلى وعي نفسي دقيق، وقدرة على الإمساك بالتفاصيل الصغيرة».

وتضيف: «كثير من المَشاهد اعتمد على النظرة أكثر من الكلمة، وعلى الصمت أكثر من الحوار»، مؤكدةً أنّ ذلك جاء نتيجة مباشرة للتدريب والتحضير المُسبَق. وتولي خيرية أهمية كبيرة لمرحلة التحضير، مشيرةً إلى أنّ وجود المُخرجة شهد أمين، وحرصها على بناء الشخصية من الداخل إلى الخارج، صنعا فارقاً واضحاً في الفيلم الذي اختارته المملكة لتمثيلها في سباق «الأوسكار» لعام 2026.

ترى خيرية أنّ فيلم «هجرة» يشكّل مرحلة تحوّل في مسيرتها الفنّية (مهرجان البحر الأحمر)

رَمش العين... التحدّي الأكبر

تتوقف خيرية عند تفصيل صغير، وتبتسم وهي ترويه، موضحةً أنّ المخرجة طلبت منها تخفيف الرَّمش، لأن الكاميرا الكبيرة تلتقط كل حركة. في البداية، شعرت بالغرابة، ثم عادت إلى البيت وهي تفكر في وجهها، وفي عادات ملامحها، وفي تفاصيل تؤدّيها تلقائياً. وتضحك وهي تقول إنّ عضلات وجهها اعتادت الابتسامة حتى في لحظات السكون، كأنّ الوجه تعلَّم هذا التعبير مع الزمن.

وتؤكد أن شخصية «ستي» احتاجت إلى وجه جامد، ونظرة ثابتة، وحضور صامت يخلو من أي ليونة. التحكُّم في رمشة العين، كما تقول، تحوّل إلى تمرين يومي ومحاولة واعية للسيطرة على فعل طبيعي، مضيفةً: «هذه التجربة جعلتني أدرك أنّ التحكُّم في النظرة يكشف عن جوهر الممثل أكثر من التحكُّم في الكلام أو الحركة، لأنّ العين تفضح الإحساس قبل أن يُقال».

تحدَّثت خيرية نظمي عن أصعب اللحظات التي واجهتها خلال التصوير (إنستغرام)

طبقات الحزن والفرح

عند الحديث عن التوحُّد مع الشخصية، تتحدَّث خيرية عن علاقتها بالألم الشخصي، وتقول: «كلّ إنسان يحمل في داخله تجارب موجعة». وتستدعي هذه التجارب خلال الأداء، بما يمنح المشهد صدقاً داخلياً ويجعل التعبير أقرب إلى الواقع. كما توضح أنّ هذا الإحساس رافقها بعد انتهاء التصوير، مع استمرار جولات الفيلم في المهرجانات، وردود الفعل التي تلقتها من الجمهور.

وعن المرحلة المقبلة، تتحدَّث بنبرة هادئة وحاسمة، مؤكدةً أنّ خياراتها تتّجه نحو أدوار تحمل عمقاً حقيقياً، وتمنحها فرصة لاكتشاف مساحات جديدة في أدائها، قائلة: «كلّما كان الدور أقوى، ازدادت حماستي له، لأني أرى في التحدّي جوهر التجربة الفنية».

وتتوقّف عند تقييمات المخرجين والمنتجين، التي تعدّها مرآة مهمّة لتطورها، مشيرةً إلى أنّ أحدهم قال لها إنّ من أبرز نقاط قوتها قدرتها على خلق طبقات متعدّدة من الحزن والفرح، بما يمنح المخرج مرونة كبيرة في بناء المشهد، سواء احتاج إلى إحساس هادئ، أو دمعة واحدة، أو انفعال كامل.

وفي ختام حديثها، تعود خيرية إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات، وترى أنّ هذا الشعور انعكس على أدائها، ومنحها حضوراً أكثر هدوءاً وثباتاً أمام الكاميرا. هذا السلام، في رأيها، يرتبط بمرحلة نضج إنساني يصل إليها الإنسان بعد رحلة طويلة من التجربة، وفي هذه المرحلة يصبح التعبير أكثر صدقاً، ويصبح الصمت أبلغ، وتصل الأدوار في توقيتها الصحيح.


مهندسة ألمانية تصبح أول مستخدم لكرسي متحرك يقوم برحلة إلى الفضاء

ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
TT

مهندسة ألمانية تصبح أول مستخدم لكرسي متحرك يقوم برحلة إلى الفضاء

ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)

أصبحت مهندسة ألمانية، أول مستخدم لكرسي متحرك يخرج إلى الفضاء، بعد قيامها برحلة قصيرة على متن مركبة تابعة لشركة «بلو أوريجين».

وأطلقت الشركة المملوكة للملياردير الأميركي جيف بيزوس، صاروخها «نيو شيبرد» في مهمة جديدة شبه مدارية في تمام الساعة 8,15 صباحاً (14,15 بتوقيت غرينتش) من قاعدتها في تكساس.

بنتهاوس تتحدث إلى هانز كونيغسمان المدير التنفيذي المتقاعد من شركة «سبيس إكس» الذي ساعد في تنظيم رحلتها ورعايتها (ا.ب)

واجتازت ميشيلا بنتهاوس، مهندسة الطيران والفضاء والميكاترونيكس في وكالة الفضاء الأوروبية، مع خمسة سياح فضائيين آخرين خط كارمان الذي يشكل الحد الفاصل بين الغلاف الجوي والفضاء في الرحلة التي استغرقت نحو 10 دقائق.

المهندسة الألمانية ميشيلا بنتهاوس داخل نموذج أولي لكبسولة فضائية يوم الاثنين 15 ديسمبر (ا.ب)

وتستخدم ميشيلا بنتهاوس الكرسي المتحرك نتيجة تعرضها لإصابة في النخاع الشوكي إثر حادث دراجة هوائية جبلية.

وقالت في مقطع فيديو نشرته شركة «بلو أوريجين»: «بعد الحادث الذي تعرضت له، أدركت بحق كم أن عالمنا لا يزال مغلقاً أمام الأشخاص من ذوي الإعاقة».

وأضافت: «إذا أردنا أن نكون مجتمعاً شاملاً، علينا أن نكون شاملين في كل جانب، وليس فقط في الجوانب التي نرغب أن نكون فيها كذلك».

وأقلع الصاروخ الذي يعمل بشكل آلي بالكامل نحو الفضاء، ثم انفصلت عنه الكبسولة التي تحمل السياح الفضائيين قبل أن تهبط برفق في صحراء تكساس.

وهذه هي الرحلة المأهولة الـ16 لشركة «بلو أوريجين» التي تقدم منذ سنوات برنامج رحلات سياحية فضائية بواسطة صاروخها «نيو شيبرد»، دون الاعلان عن كلفتها.

وبعث رئيس وكالة «ناسا» الجديد، جاريد ايزاكمان، بتهنئة إلى ميشيلا في منشور على منصة إكس، قائلاً: رلقد ألهمت الملايين للنظر إلى السماء وتخيل ما هو ممكن».

وسافر عشرات الأشخاص إلى الفضاء مع «بلو أوريجين»، بمن فيهم المغنية كايتي بيري، والممثل ويليام شاتنر الذي جسد شخصية الكابتن كيرك في مسلسل «ستار تريك».

ميشيلا بنتهاوس بعد هبوط كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» (ا.ب)

وتسعى شركات الفضاء الخاصة التي تقدم رحلات فضائية إلى الترويج لخدماتها عبر الشخصيات المشهورة والبارزة، من أجل الحفاظ على تفوقها مع احتدام المنافسة.

وتقدم «فيرجن غالاكتيك» تجربة طيران فضائي مماثلة.

ولدى «بلو أوريجين» أيضاً طموحات لمنافسة شركة «سبايس إكس» التابعة لإيلون ماسك في سوق الرحلات الفضائية المدارية.

وهذا العام نجحت شركة بيزوس في تنفيذ رحلتين مداريتين بدون طاقم باستخدام صاروخها الضخم نيو غلين الأكثر تطوراً من «نيو شيبرد».


رحيل «الوجه الأرستقراطي» سمية الألفي

سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
TT

رحيل «الوجه الأرستقراطي» سمية الألفي

سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)

صدم خبرُ وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاماً الوسطَ الفني. ونعى وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو، الراحلة، مؤكداً أنَّها «أسهمت بأعمالها المتنوعة في إثراء المشهد الفني المصري وترك بصمة خاصة».

بدأت سمية الألفي مسيرتها الفنية في سبعينات القرن الماضي عبر المسرح، ثم انتقلت إلى التلفزيون، لتنطلق في مسيرة قدَّمت خلالها عشرات الأعمال المتنوعة بين الدراما التلفزيونية في المسلسلات والسهرات، أو المسرحيات، بالإضافة إلى بعض المشاركات السينمائية.

وشكَّلت مشاركتها في مسلسل «ليالي الحلمية» بشخصية «البرنسيسة نورهان» نقطة تحوّل في مسيرتها الفنية. وقالت الناقدة ماجدة خير الله لـ«الشرق الأوسط» إنَّ السينما لم تكن المساحة الأوسع في مسيرتها، لكن تميُّزها الحقيقي كان في تقديم الأدوار الأرستقراطية بشكل غير مفتعل.