سيقوم صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع بتقييم مدى تماسك الاقتصاد الروسي خلال حرب أوكرانيا، ومن المتوقع أن يقدر أنه شهد تباطؤاً طفيفاً العام الماضي، ويواجه انكماشاً طفيفاً هذا العام، وسوف يتمتع بنمو جيد في عام 2024.
ووفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية، يبدو أن هذا الأمر يتناقض مع بعض البيانات الاقتصادية التي صدرت بعد فترة وجيزة من بدء الحرب، وقالت إن روسيا واجهت انكماشاً بنسبة 15 في المائة، وأيضاً مع تنبؤ رجل الأعمال الروسي أوليغ ديريباسكا، الشهر الماضي، بأن العقوبات الدولية سوف تستنزف موارد الكرملين المالية بحلول العام المقبل.
ومع ذلك، انتقد بعض الخبراء تركيز صندوق النقد الدولي على المؤشرات الاقتصادية التقليدية مثل الناتج المحلي الإجمالي (GDP)، واعتبروا أن هذا الأمر غير مناسب، نظراً لوجود حرب - مما يعني تضخم الرقم بسبب الإنفاق العسكري المتزايد.
ووجد تحليل من شبكة الأكاديميين التابعين لمركز أبحاث السياسات (CEPR)، أنه عند تجاهل هذه المؤشرات التقليدية، سنجد أن الركود العام الماضي كان أسوأ بمقدار الضعف مما تشير إليه الأرقام الرسمية.
ماذا تقول الأرقام الرسمية؟
انخفض الناتج المحلي الإجمالي لروسيا في عام 2022، ولكن ليس بالقدر الذي توقعه الكثيرون. وفي فبراير (شباط)، قال صندوق النقد الدولي إنه يتوقع أن تظهر الأرقام النهائية انخفاضاً طفيفاً بنسبة 2 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، يليه ارتفاع بنسبة 0.3 في المائة في عام 2023، قبل أن ينتعش إلى ما يقرب من 2 في المائة عام 2024، مما يبعث برسالة مفادها أن الاقتصاد الروسي ما زال قوياً وقادراً على مواجهة التكاليف الإضافية للحرب.
ومع ذلك، فإن هذا التقييم يشمل الإنفاق العسكري الذي ارتفع منذ بدء الغزو.
ويحذر الخبير الاقتصادي ميخائيل مامونوف، خبير العقوبات وعضو مركز أبحاث السياسات، من استخدام الناتج المحلي الإجمالي كدليل لتقييم اقتصاد أي دولة متورطة بشكل مباشر في الحرب. وقال إن الإنفاق في المتاجر انخفض بنسبة 10 في المائة، مما يدل على أن الاقتصاد الحقيقي عانى من انكماش دراماتيكي.
ماذا عن الجوانب الأخرى من الاقتصاد؟
ذهب تحليل مركز أبحاث السياسات إلى ما هو أبعد من الإنفاق الاستهلاكي، حيث أنشأ «نظام تعقب للطلب المحلي» لقياس نشاط القطاع الخاص. ويعتمد النظام على 15 مصدراً منفصلاً بما في ذلك عمليات البحث على «غوغل» وشراء تذاكر الطيران وبيانات أسعار المنازل.
وخلص التحليل إلى أن الركود الروسي العام الماضي كان أوسع وأعمق مما أظهرته الأرقام الرسمية بمجرد تحول التركيز إلى النشاط غير العسكري.
وأضاف أن الاستهلاك الخاص انخفض بنسبة 4 في المائة، وليس 1.8 في المائة، كما هو مبين في الأرقام الرسمية.
ووفقاً للتحليل، فقد انخفض إجمالي واردات روسيا من السلع في ديسمبر (كانون الأول) 2022 بنحو 20 في المائة على أساس سنوي، في حين تراجعت واردات التكنولوجيا بنسبة 30 في المائة.
بالإضافة إلى ذلك، انخفض إنتاج السيارات العام الماضي بنسبة 67 في المائة، وآلات التنقيب بنسبة 53 في المائة، وأجهزة استقبال التلفزيون بنسبة 36 في المائة.
هل التسوق العام مستمر كالمعتاد؟
يكشف النظر في أرقام مبيعات التجزئة عن تأثير الحرب على نفسية المتسوق العادي. كما لعب الحظر المفروض على العناصر المطلوبة بشدة والمرغوبة للشراء دوراً في انخفاض الإنفاق منذ مارس (آذار) الماضي، الذي من المتوقع أن يستمر هذا العام.
ومما زاد الأمر سوءاً هو قيام العائلات التي تخشى الانهيار الاقتصادي بتحويل دخلها إلى حسابات توفير، مما جعل روسيا تتمتع بواحد من أعلى معدلات ادخار الودائع في العالم المتقدم.