بهجة أطفال الخليج بالـ«قرقيعان» تسجّل حضوراً لافتاً للموروث الشعبي

مصادر ومراجع تاريخيّة كثيرة لم تتفق على أصله ومكان انطلاقه بالتحديد

طفلة سعودية تحتفل بموروث {قرقيعان} في الرياض   -   {قرقيعان} تحيي الموروث ضمن فعاليات موسم رمضان (واس)
طفلة سعودية تحتفل بموروث {قرقيعان} في الرياض - {قرقيعان} تحيي الموروث ضمن فعاليات موسم رمضان (واس)
TT

بهجة أطفال الخليج بالـ«قرقيعان» تسجّل حضوراً لافتاً للموروث الشعبي

طفلة سعودية تحتفل بموروث {قرقيعان} في الرياض   -   {قرقيعان} تحيي الموروث ضمن فعاليات موسم رمضان (واس)
طفلة سعودية تحتفل بموروث {قرقيعان} في الرياض - {قرقيعان} تحيي الموروث ضمن فعاليات موسم رمضان (واس)

احتفلت شريحة كبيرة من أبناء دول منطقة الخليج خلال عطلة نهاية الأسبوع بمناسبة «القرقيعان» التي تعد من المناسبات التراثية السنوية لسكّان الخليج، التي تجد مكاناً في نفوس سكّان سواحل الخليج رغم محدوديّة انتشارها في باقي مناطق شبه الجزيرة العربية.
وحتى فترة قريبة، لم يتفق كثير من المصادر والمراجع التاريخيّة على أصل «القرقيعان» ومكان انطلاقه بالتحديد، إلا أن الأسماء المناسبة تعدّدت من حيث الانتشار في دول الخليج والعراق مثل «القرقيعان، والقرنقشوه، والقرقاعون، والناصفة، وحل وعاد، والكريكشون، وحق الله، وليلة الطلبة، وليلة النافلة».
وتؤكد إحدى السيدات السعوديات من سكان المنطقة الشرقية في البلاد، (55 عاماً)، أن القرقيعان «عادة فتحنا أعيننا عليها ولا ندري حتى كيف ورثتها أمهاتنا»، وتقول هادية البحري، إنها منذ كانت ابنة الـ12 ربيعاً: «اعتدت الخروج برفقة أشقائي وشقيقاتي وباقي أطفال الحي في أوقات العصر أيام 14 و15 و16 من رمضان، وأحياناً بعدها، ونطرق أبواب الجيران ليعطونا الحلوى والسكاكر، بعضها مصنوع محلياً وقليل منها مستورد، إلا أن التّمر أحد مكوناتها، حتى إذا انتصف الليل عدنا لبيوتنا، فكنا نخاف من الظلمة، فلا إنارة ذاك الحين، ولا ازدحام مروري».

تستضيف الخيمة الرمضانية في الرياض فعاليات {القرقيعان} لـ3 أيام (واس)

ويأتي الاحتفال بهذا الموروث الشعبي شائعاً فقط بين الأطفال وصغار السنّ، حيث يعمل الأهالي على توفير الحلوى وأنواع مختلفة من الهدايا ليُوزّعوها فيما بينهم؛ مرتدين أزياءً شعبية ويرددون الأهازيج التراثية من أجل طلب الحلوى والشوكولاته من بعضهم البعض، وفي الآونة الأخيرة انتقلت شريحة كبيرة من الأهالي إلى ابتكار أسلوب جديد، حيث يجهّزون مناسبة «القرقيعان» باسم أصغر أطفال العائلة، ليدعو الأخير نظراءه من أطفال الحي والأقارب والأصدقاء للاحتفال بهذه المناسبة على وليمته المليئة بالحلوى والسكريات والشوكولاته والعصائر والألعاب والهدايا وغيرها.
ويساهم «القرقيعان» بتنشيط سوق الأسواق التجارية المعنيّة، نظراً للإقبال الكبير من الأطفال والأهالي، حيث تخلط متاجر الحلوى والشوكولاته، المكسرات والشوكولاته وأنواع من الحلوى مع الألعاب لتوزيعها على الصغار مرفقة بصور تراثية، وبعض الثياب الفلكلورية وأدوات الزينة، فيما اشتُهر لاحقاً بـ«قرقيعان».
ونظّم عدد من الجهات الرسمية في دول الخليج احتفالات «القرقيعان» في مواقع ترفيهية وثقافية، وأحيَت «وزارة الثقافة» السعودية، الخميس الماضي، المناسبة التراثية السنوية ضمن فعاليات موسم رمضان 1444هـ، وذلك من خلال تجهيز عربة بطابع «قرقيعان» في مواقع عدّة وخيم رمضانية للموسم في الرياض، يقودها شخص يرتدي زياً تراثياً، مع توزيع الحلوى على الأطفال، وسط أجواء رمضانية تحتفي بموروث «قرقيعان» وبتفاصيله الاجتماعية الجميلة، كما احتضنت مواقع عديدة في البلاد احتفالات الجهات الرسمية والخاصة بالمناسبة، في جوٍّ مفعم بالابتهاج مع الأطفال الذين سجّلوا عدداً مرتفعاً من الزيارات لتلك المواقع.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

حفل افتتاح أولمبياد باريس يشعل الغضب بين «مسيحيي الشرق»

لوحة «العشاء الأخير» لليوناردو دافنشي (غيتي)
لوحة «العشاء الأخير» لليوناردو دافنشي (غيتي)
TT

حفل افتتاح أولمبياد باريس يشعل الغضب بين «مسيحيي الشرق»

لوحة «العشاء الأخير» لليوناردو دافنشي (غيتي)
لوحة «العشاء الأخير» لليوناردو دافنشي (غيتي)

أثار حفل افتتاح «أولمبياد باريس» غضباً واسعاً بين مسيحيي الشرق، بعدما تضمن «محاكاة» مجموعة من الفنانين، يبدو أنهم «متحولون جنسياً»، للوحة «العشاء الأخير»، التي تحمل قيمة دينية للمسيحيين. وطالب «مجلس كنائس الشرق الأوسط»، القائمين على تنظيم الحفل بـ«اعتذار علني».

وانطلقت، الجمعة، دورة الألعاب الأولمبية «باريس 2024»، التي تستمر فعالياتها حتى 11 أغسطس (آب) المقبل، بحفل مبهر على ضفاف نهر السين. لكن عروضاً بالحفل اعتبرها البعض «ترويجاً للشذوذ»، خاصة عرض لوحة «العشاء الأخير»، التي رسمها ليوناردو دافنشي بأواسط القرن الخامس عشر.

وأثار العرض غضباً مسيحياً واسعاً، وطالب «مجلس كنائس الشرق الأوسط»، القائمين على حفل الافتتاح بـ«اعتذار علني»، وقال المجلس في بيان صحافي، مساء السبت، إن «احترام حريات الغير، وصيانة كرامته الإنسانية، وبناء علاقات سليمة بين البشر، يفترضان الرجوع عن الخطأ، وتقديم الاعتذار العلني والصريح من جميع الذين جرى جَرحُ مشاعرهم وتم الاستهزاء بمقدساتهم حول العالم».

وأكد المجلس أنه تابع «بكثير من المحبة الممزوجة بالاستغراب والاستهجان، ما جرى خلال حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في فرنسا، من الاستهزاء بسر الأسرار في المسيحية، وبما هو مقدس لدى مليارات الناس حول العالم»، مشدداً على أن «المسيحية كانت سباقة صون الحريات، وحماية التنوع، والحفاظ على كرامة الإنسان وحقوقه، لذلك لا نقبل تعريضها للامتهان من بعض الجماعات».

وقال الأمين العام المشارك بمجلس «كنائس الشرق الأوسط» القس المصري رفعت فكري، إن «الغضب الذي أثاره ما حدث في أولمبياد باريس لا يقتصر على مسيحيي الشرق الأوسط، بل طال الكثيرين، حتى غير المتدينين، الذين رأوا أن العرض الفني يتضمن ابتذالاً لطبيعة الإنسان»، ويروج لـ«اللا أخلاق».

وأضاف فكري لـ«الشرق الأوسط» إن «الكنيسة ليست ضد حرية التعبير، بل تدعم كل مفاهيم الحريات، لكن العرض تضمن أفكاراً فجة، تصدم أي شخص بغض النظر عن ديانته، مثل الترويج للمثلية، والتحول الجنسي، وهدم البناء الطبيعي لمفهوم الأسرة القائم على زواج الرجل من المرأة».

وفي مصر عبرت الكنيسة الإنجيلية عن «حزنها العميق» إزاء ما وصفته بـ«العمل الفني غير اللائق الذي شهدته مراسم افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس»، والذي احتوى، وفق بيان أصدرته الكنيسة، الأحد، على «مشهد يجسد رمزية صورة (العشاء الأخير)، التي تحمل أهمية كبرى في تاريخ العقيدة والإيمان المسيحيين».

وأكدت الكنيسة أن «احتفالات الألعاب الأوليمبية يجب ألا تستغل أبداً كمنصة للصراع الديني والثقافي، أو محاولة للإساءة بأي شكل، بل على العكس، عليها أن تقوم بدورها التاريخي في استيعاب وتشجيع الرياضيين من كل أنحاء العالم، واحترام التنوع وتعزيز التفاهم بين الشعوب والأمم والثقافات».

في المقابل، يرى المفكر المصري المسيحي كمال زاخر ضرورة «عدم تضخيم الواقعة»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تناول ما حدث في مونديال باريس «يجب أن يتم في سياق ثقافة المجتمع الذي حدث فيه».

وأضاف زاخر: «من حق الكنيسة والمسيحيين في الشرق أن يغضبوا، إلا أن التعبير عن الغضب لا يجب أن يكون أكبر من الواقعة نفسها»، مؤكداً أنه «يجب تناول الواقعة من منظور طبيعة البلد الذي حدثت فيه؛ لأن فرنسا تعلن دائماً أنها دولة علمانية بالمعنى الحقيقة لمفهوم العلمانية».

ودخل الأزهر الشريف على خط الأزمة، محذراً من «خطورة استغلال المناسبات العالمية لتطبيع الإساءة للدين وترويج الشذوذ والتحول الجنسي». وأدان الأزهر، في بيان الأحد، مشهد المسيح عليه السلام، مؤكداً أنه «لا يحترم مشاعرَ المؤمنينَ بالأديان، وبالأخلاق والقِيَمِ الإنسانية الرفيعة».