«مؤتمرو صنعاء» وأحزاب أخرى ممنوعون من تنظيم الفعاليات

جانب من فعالية رمضانية أقامها في صنعاء موالون لحزب «المؤتمر الشعبي» قبل سنوات (فيسبوك)
جانب من فعالية رمضانية أقامها في صنعاء موالون لحزب «المؤتمر الشعبي» قبل سنوات (فيسبوك)
TT

«مؤتمرو صنعاء» وأحزاب أخرى ممنوعون من تنظيم الفعاليات

جانب من فعالية رمضانية أقامها في صنعاء موالون لحزب «المؤتمر الشعبي» قبل سنوات (فيسبوك)
جانب من فعالية رمضانية أقامها في صنعاء موالون لحزب «المؤتمر الشعبي» قبل سنوات (فيسبوك)

منعت الميليشيات الحوثية في اليمن قادة حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضعين لها في العاصمة اليمنية صنعاء وريفها، مع بقية الأحزاب الأخرى من إقامة أي فعاليات أو أمسيات خلال رمضان هذا العام، محتكرة لنفسها إقامة الفعاليات كافة في مناطق سيطرتها والرامية إلى الاستقطاب الطائفي وترسيخ أحقية زعيمها في حكم اليمنيين.
في هذا السياق، كشفت مصادر سياسية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن ضغوط حوثية مُورست ضد قيادات حزب «المؤتمر» في صنعاء لإجبارهم على إلغاء جميع البرامج الرمضانية التي أعدها قطاع الشؤون التنظيمية في الحزب والتي كانت تشمل إقامة أمسيات تنظيمية طيلة أيام الشهر في جميع الدوائر في صنعاء العاصمة وريفها ومدن أخرى. وبحسب المصادر، فقد أبلغت قيادات حوثية وهم أعضاء فيما يسمى المكتب السياسي للجماعة المنحدرين من صعدة (معقل الميليشيات)، كبار قادة جناح حزب «المؤتمر» بمن فيهم صادق أمين أبو راس، ويحيى الراعي وعبد العزيز بن حبتور وغيرهم، باعتراض الجماعة ورفضها المطلق إقامة أي فعاليات أو أمسيات تنظيمية أو سياسية.
وأوضحت المصادر، أن الجماعة الحوثية أبلغت قادة «المؤتمر» الخاضعين لها أن المنع ليس مقتصراً عليهم فقط، بل يشمل جميع أعضاء التنظيمات السياسية الموجودين في مناطق سيطرة الجماعة. وترى الجماعة الحوثية في مسألة تنظيم الأحزاب لمثل تلك الفعاليات أنه يتعارض كلياً مع أهدافها ومخططاتها التي ترمي إلى احتكار العمل السياسي وإقامة الفعاليات التي تستهدف السكان في مناطق سيطرتها بغية تطييفهم واستقطابهم وإخضاعهم للدورات وسماع خطب زعيمهم عبد الملك الحوثي المقررة كل ليالي شهر رمضان.
وذكرت مصادر حزبية في صنعاء، أن أعضاء ما يسمى المكتب السياسي للحوثيين نصحوا قيادة الحزب بالاكتفاء بحض أتباعهم على حضور الأمسيات التي تحرّض على العنف والالتحاق بالجبهات، التي تقيمها الجماعة في الأحياء والحارات والمساجد وعلى مستوى المؤسسات الحكومية الخاضعة لها في صنعاء وبقية المدن. وتزعم الجماعة الحوثية، أن منع أي أنشطة سياسية وتنظيمية للأحزاب وغيرها في مدن سيطرتها يأتي انطلاقاً من اعتقادها أن الحزبية والتعددية السياسية والديمقراطية والانتخابات وغيرها، عبارة عن مخطط غربي يستهدف المجتمعات الإسلامية والعربية.
في غضون ذلك، عبّر مصدران في حزب «المؤتمر» في صنعاء عن الاستياء الشديد من تلك الممارسات الحوثية تجاه الحزب ومنتسبيه، ومن تدخل الجماعة المباشر في شؤونه الداخلية والتنظيمية، ووصفا ذلك بأنه يأتي ضمن سلوك الميليشيات الاستفزازي ضد الأحزاب والتنظيمات السياسية. ويشار إلى أن الأمسيات التي اعتاد «مؤتمر صنعاء» على تنظيمها في أيام رمضان من كل عام تعد بمثابة اللقاءات التنظيمية التنشيطية السنوية للحزب والتي تشمل الدوائر في جميع مديريات العاصمة ومحافظة صنعاء وغيرها.
وعلى مدى سنوات الانقلاب الماضية، تعرضت قيادة جناح «مؤتمر صنعاء» المتحالف مع الجماعة، لسلسلة لا حد لها من الضغوط والانتهاكات والمضايقات الحوثية، تارة لإجبارهم على التماهي مع قراراتها ومشروعاتها الطائفية، وأخرى لتأييد جرائمها وتعسفاتها المتكررة بحق اليمنيين في مناطق سيطرتها. وكانت الميليشيات الحوثية قامت العام الماضي بالضغط على قيادة جناح الحزب في صنعاء لسحب اعتراضهم حينها على ما تسمى «مدونة السلوك الوظيفي» التي وصفت بأنها «وثيقة عبودية»، والتي وضعتها الميليشيات وأرغمت موظفي الدولة على التوقيع عليها.
وأشعلت تلك المدونة التي وصفت بـ«العنصرية» وقتها غضباً واسعاً في مختلف الأوساط اليمنية في مناطق سيطرة الجماعة بمن في ذلك عناصر حزب «المؤتمر» الذين اتهموا الميليشيات بالسعي إلى فرض «الوصاية الطائفية» على السكان. وقال قيادي في جناح الحزب في صنعاء في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن تدشين الميليشيات للمدونة بتلك الطريقة التي وصفها بـ«الهزلية» ودون إشعار أي من الأحزاب والتنظيمات السياسية، يؤكد نوايا الجماعة للمضي في مخطط إخضاع المجتمع بالقوة للأفكار الطائفية. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2017، قتلت الميليشيات الحوثية الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح إثر إعلانه الانتفاضة ضدها وفض الشراكة معها، كما قامت باعتقال الآلاف من أتباعه، بينهم العديد من أقاربه، قبل أن تدفع إلى تشكيل قيادة جديدة لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء خاضعة لها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».