أجواء التهدئة اليمنية... جرعة أمل ومكاسب مرتقبة

الزبيدي لـ«الشرق الأوسط»: «الرئاسي» يعمل على قلب رجل واحد

يمنيون يسيرون بإحدى أسواق صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يسيرون بإحدى أسواق صنعاء (إ.ب.أ)
TT

أجواء التهدئة اليمنية... جرعة أمل ومكاسب مرتقبة

يمنيون يسيرون بإحدى أسواق صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يسيرون بإحدى أسواق صنعاء (إ.ب.أ)

أعطت التطورات الإيجابية الأخيرة في الملف اليمني، ووضع اللمسات الأخيرة على خطة سلام شاملة تقضي بوقف دائم لإطلاق النار، وفتح المنافذ البرية والجوية والبحرية كافة، وإصلاحات اقتصادية جوهرية، جرعة أمل كبيرة لدى معظم اليمنيين.
وأكد اللواء عيدروس الزبيدي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» وحدة مجلس القيادة الرئاسي، وتناغم العمل بين أعضائه، مؤكداً أن المجلس يعمل بروح الفريق الواحد لتحقيق أهداف الشعب اليمني كافة. وقال بمناسبة مرور عام على تأسيس المجلس، إن رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي يعملون على قلب رجل واحد، وماضون في تحقيق أهداف وتطلعات الشعب اليمني.

عيدروس الزبيدي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني

ويرى محللون أن المكونات السياسية اليمنية، بلا استثناء، باتت اليوم على المحك أكثر من أي وقت مضى، لاقتناص فرص السلام ورفع معاناة السكان وتداعيات الحرب التي تسببت بها جماعة الحوثيين الانقلابية بعد سيطرتها على العاصمة اليمنية (صنعاء) قبل نحو 8 سنوات.
وكان مصدر يمني مطّلع كشف لـ«الشرق الأوسط» قبل يومين عن مسودة سلام شاملة للأزمة يتم وضع اللمسات الأخيرة لها برعاية أممية، وتنقسم إلى مراحل عدة، وفي مقدمتها وقف شامل لإطلاق النار في البلاد، وفتح المنافذ البرية والجوية والبحرية جميعها، ودمج البنك المركزي، واستكمال تبادل الأسرى والمعتقلين (الكل مقابل الكل).
وشدد الزبيدي على أن مجلس القيادة الذي يشكل أهم القوى الفاعلة في الأرض اليمنية، يعمل مع التحالف العربي (بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة)، ويتفق معه على خريطة الطريق المقبلة للعملية السياسية الشاملة في اليمن.
وأوضح نائب رئيس مجلس القيادة أن خريطة السلام والمفاوضات التي ستُجرى خلال الأيام المقبلة ستحمل كل هموم ومشكلات الوطن، وفي مقدمتها قضية شعب الجنوب، مضيفاً: «بمناسبة مرور عام على تأسيس مجلس القيادة الرئاسي الذي يجمع كل القوى الميدانية التي تمثل الشرعية أمام المجتمعَين الدولي والإقليمي، نؤكد أن المجلس قد خطا خطوات خلال هذا العام، منها إيجابي، ورافقنا بعض السلبيات، خصوصاً في الجانبين الاقتصادي والإنساني، لكننا نطمئن الجميع أننا ماضون لتحقيق أهدافنا التي تأسس عليها المجلس مثل وحدة مجلس قيادة، ونعمل بروح الفريق الواحد لتحقيق أهداف وتطلعات شعبنا كافة، وسيؤدي مجلس القيادة دوره المأمول الذي أُنشئ من أجله».
ولفت اللواء الزبيدي إلى أن «القوى التي تأسست في مجلس القيادة الرئاسي هي قوى فاعلة وعلى الأرض، وهي حليفة مع التحالف العربي الذي يقود العمليات العسكرية والإنسانية والسياسية في اليمن». وتابع: «نحن متفقون معهم (التحالف) على كل البرامج وخريطة الطريق المقبلة للعملية السياسية الشاملة في اليمن، ونحن على قلب رجل واحد، وسنمضي في طريق سلام آمن إلى أن يتحقق السلام في كل ربوع الوطن».
وزاد الزبيدي بالقول: «نطمئن أبناء شعبنا اليمني بشكل عام، وأبناء الشعب الجنوبي بشكل خاص، أننا ماضون، وأن العملية السياسية الشاملة ستمضي، وخريطة الطريق التي تقودها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ستحمل كل هموم ومشكلات الوطن، وفي مقدمتها قضية شعب الجنوب، الذي يؤسس له إطار تفاوضي في إطار المفاوضات الشاملة التي ستجرى في الأيام المقبلة، وحقنا سيتم التفاوض عليه في إطار مجلس القيادة الرئاسي وفريقه التفاوضي باعتباره إطاراً يحمل قضية الجنوب ولها الأولوية».
يقول سامي الكاف، وهو سياسي وباحث يمني، «في تصوري باتت المكونات السياسية اليمنية بلا استثناء اليوم على المحك أكثر من أي وقت مضى بعد كل هذه السنوات من الحرب وتداعياتها التي تشير إلى أن اليمن يعيش أسوأ أزمة إنسانية معاصرة على مستوى العالم».
ويضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «على هذه المكونات أن لا تفوت فرصة تحقيق السلام، عبر استمرار الهدنة وإبداء جديتها وحرصها على تثبيتها، والسير قدماً باتجاه تنفيذ إجراءات بناء الثقة باعتبار ذلك تمهيداً للمرحلة التالية وهي مرحلة التفاوض المباشر لتأسيس كيف يرى اليمنيون شكل الدولة».
وألقى الاتفاق السعودي - الإيراني الذي وُقّع أخيراً برعاية صينية بظلاله، وانعكس إيجاباً على الملف اليمني الذي وصفه مراقبون بأنه الاختبار الأول والحقيقي لمدى التزام إيران وجديتها في تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.
كما شهدت الأشهر الأخيرة جهوداً سعودية وعمانية كبيرة لتشجيع الأطراف اليمنية على إعلاء المصالح الوطنية، ورفع المعاناة عن الشعب اليمني عبر وقف الصراع وتحقيق التنمية والازدهار والانتقال إلى مرحلة السلام.
وبحسب الكاف فإن «مرحلة التفاوض المباشر حول شكل الدولة، تليها مرحلة انتقالية، وهو مسار سياسي حتمي يتعين أن يتم فيه تقديم تنازلات لتحقيق مكاسب، والعكس صحيح تحقيق مكاسب من خلال تقديم تنازلات باعتبار ذلك أساساً لأية عملية سياسية تفاوضية محتملة تقوم على حوار هدفه الوصول إلى طريقة ما للعيش المشترك القائم على الاختلاف والتنوع باعتباره أساساً للوصول إلى حل سياسي شامل وعادل ومستدام».
المسار السياسي ينبغي أن يتم - وفقاً لسامي الكاف - بموازاة مسار اقتصادي تنموي يقوم على تلبية حاجات المواطنين التي تضررت بفعل سنوات الحرب، وهو ما يتعين أن تعيه الأطراف السياسية كلها بلا استثناء، خصوصاً الحركة الحوثية التي تتركز في المناطق التي تقع تحت سيطرتها أكثرية سكانية، مشدداً على أن «وقف الحرب بات ضرورة إنسانية ملحة باتجاه مواطني اليمن عامة من جهة، وباتجاه اليمن البلد من جهة أخرى الذي يحتاج إلى السلام ويستقر ويحقق أمنه وأمن جيرانه».
من جانبه، يعتقد الكاتب السياسي اليمني لطفي نعمان أن «الناس في حاجة إلى جرعة أمل، لكن هذه الجرعة لا تأتي بغير العمل الفاعل لمصلحة الجميع»، مشيراً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «ليس أفضل من العمل الجاد على بحث تأمين فرص بناء السلام وتقديم الأولويات الاقتصادية والتنموية على ما عداها».
وأضاف: «لدينا قضايا لا بد للمختصين الاقتصاديين من بدء معالجتها فيما يخص توحيد سعر صرف العملة لضمان تعديل وتطوير الوضع الاقتصادي بما يتلاءم مع المرتبات المنقطعة عن بعض المناطق اليمنية، وسد فجوات الاحتياجات الأساسية للمواطنين كافة».
ويؤكد نعمان أن «السلام نتاج طبيعي وضروري لتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين (...) ومتطلبات بناء السلام تفرض انسحاب بعض وجوه الحرب بغير ضوضاء عن مرحلة بناء السلام - وليس صناعته - لأنها أكثر مشقة على تلك الوجوه، كونها ترفع أثقالاً كومتها سنوات حرب عجاف قد تحتاج عقوداً لمعالجتها وتشييد بنى أكثر مناعة وطنية».
وتقضي مسودة خطة السلام كذلك بفتح المنافذ اليمنية جميعها، ورفع القيود على المنافذ البرية والبحرية والجوية وتعود للعمل بشكل طبيعي سواء في مناطق الحوثيين أو الشرعية، إلى جانب عملية إصلاح اقتصادية شاملة بدعم سعودي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.