الغليط وشى بـ5 من «العرين» مقابل 140 دولاراً وعبوة سجائر من الإسرائيليين

المجموعة تعدم فلسطينياً أسهم في قتل قادتها بنابلس

إضراب المحلات التجارية  في 12 مارس بعد مقتل 3 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية في نابلس (إ.ب.أ)
إضراب المحلات التجارية في 12 مارس بعد مقتل 3 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية في نابلس (إ.ب.أ)
TT

الغليط وشى بـ5 من «العرين» مقابل 140 دولاراً وعبوة سجائر من الإسرائيليين

إضراب المحلات التجارية  في 12 مارس بعد مقتل 3 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية في نابلس (إ.ب.أ)
إضراب المحلات التجارية في 12 مارس بعد مقتل 3 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية في نابلس (إ.ب.أ)

لم تكد تظهر جثة الشاب زهير الغليط (23 عاماً)، من نابلس، مضرَّجاً بدمه في أزقّة شوارع البلدة القديمة في نابلس، حتى غزا وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لاعترافات أقرّ فيها بأنه كان متخابراً مع إسرائيل وراقب وأبلغ وتسبَّب في قتل 5 من قادة مجموعات «عرين الأسود» في نابلس، وهي الجماعة التي كشفته لاحقاً، وحققت معه وأعدمته. وأعلنت مجموعات «العرين»، فجر الأحد، «تصفية الخائن»، وقالت إنها ستوضح للرأي العام كل ما يلزم في حينه، بعد استيفاء الإجراءات الأمنية. وجاء، في بيان لـ«العرين»: «لكل خائن باع دينه وضميره وشرفه ووطنه، لقد كُشف أمركم، وظهرت سوأتكم، ونحن نتابعكم في أماكن وجودكم، ولن يحميكم أحد، ولو تحصنتم أينما كنتم».
وظهر الغليط، الذي تبرأت عائلته منه فوراً، في مقطع فيديو أول ملقى على الأرض ومُغطى الرأس والوجه، مضرجاً بالدماء، بعد وقت قصير من إطلاق النار عليه، ثم يظهر، في فيديو ثانٍ، يتحدث عن ارتباطه مع إسرائيل وتلقّيه مكافآت، بعضها على شكل علب دخان. في الفيديو الذي انتشر مثل النار في الهشيم، يعترف الغليط بالمراقبة والتواطؤ في اغتيال مؤسسي المجموعة محمد العزيزي، وعبود صبح، وأدهم الشيشاني، ومحمد الدخيل، وأشرف المبسلط. وجاء، في اعترافاته، أنه ارتبط عن طريق عميل آخر، بعد أن أسقطه بفيديو أخلاقي فاضح. وقال، في الفيديو وهو يتحدث إلى الكاميرا: «طلبوا مني التوجه لمقابلة المخابرات في معسكر حوارة، وهناك قابلت الضابط أنور الذي كلفني بأول مهمة... طلب مني رصد تحركات الشيشاني ومن معه، وبالفعل رصدته أكثر من مرة، آخِرها بجانب الجامع الكبير، وكافأني الضابط أنور على ذلك بكروز دخان».
وأضاف: «بعد فترة، كلّفني الضابط أنور بمهمة ثانية؛ وهي رصد بيت العزيزي في حارة الياسمينة، ومراقبة باب البيت والنوافذ وكاميرات المراقبة، وقد قمت بهذه المهمة، عدة مرات، على مدار أسبوعين. بعد ذلك اتصل بي العميل الثاني، وطلب مني المجيء للعمل في إسرائيل، لكنه، بدلاً من ذلك، أخذني إلى معسكر حوارة، وهناك أخبروني بوجود عملية هدفها اغتيال العزيزي وصبح. ألبسوني زي القوات الخاصة، وأخذوني مع القوة التي تسللت إلى أطراف حارة الياسمينة بشاحنة تبريد». عند وصول القوة إلى حارة الياسمينة، كانت مهمة الغليط تحديد منزل العزيزي، الذي كان يوجد بداخله عدد من المقاتلين، ثم أعيد إلى سيارة عسكرية، إلى حين انتهاء الاشتباكات، اقتيد بعدها إلى داخل المنزل؛ لتشخيص هوية الشبان.
وقد طلب منه الجنود، وفق اعترافاته، تفتيش المنزل، والتحقق من هوية القتلى، ثم أعطوه فوّهات بنادق، وجهازاً هوائياً عثروا عليها في المنزل، لينقلها إلى «الجيب»، وغادر معهم إلى معسكر حوارة. بعد مساهمته في قتل 3 شبان، أعطوه مكافأة قدرها 500 شيكل (140 دولاراً)، وعبوة سجائر. وكانت إسرائيل قد قتلت الشيشاني والدخيل والمبسلط، في عملية اغتيال، في الثامن من فبراير (شباط) 2022، وقتلت العزيزي وصبح، في 24 من يوليو (تموز) من العام نفسه، بعد اشتباك مسلَّح استمر عدة ساعات.
ولقيت اعترافات الغليط غضباً فلسطينياً واسعاً، ولكن ليس بصدمة بسبب أنها ليست الحالة الأولى التي تكتشف فيها الفصائل الفلسطينية متعاونين مع إسرائيل وتقوم بتصفيتهم، لكن تعتبر هذه الحالة الأولى في الضفة الغربية، منذ توقفت انتفاضة الأقصى الثانية قبل سنوات طويلة، عندما أخذ مسلَّحون على عاتقهم تصفية متعاونين؛ في خطوة كانت تعارضها السلطة الفلسطينية. وفي حالات مشابهة في غزة، اعتبرت السلطة إعدام عناصر «حماس» مواطنين، بغض النظر عن تهمتهم، مخالفة للقانون الفلسطيني، الذي ينص على وجوب المصادقة عليه من رئيس الدولة. ونصت المادة (109) من القانون الأساسي الفلسطيني على أنه «لا ينفذ حكم الإعدام الصادر من أية محكمة إلا بعد التصديق عليه من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية»، وبالمضمون نفسه نصّت المادة (409) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001، على أنه لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد مصادقة رئيس الدولة عليه. ولم يوقع عباس في الضفة الغربية على أي حكم إعدام مطلقاً؛ لأن السلطة الفلسطينية تلتزم بالبروتوكول الثاني، الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1989، والقاضي بإلغاء العقوبة، وفق «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان»، الذي يطالب السلطات في قطاع غزة باستبدال الأشغال الشاقة المؤبدة بعقوبة الإعدام.
وفي الوقت الذي لم يصدر فيه، على الفور، أي إعلان من مسؤول فلسطيني رسمي، عبّر الفلسطينيون، في نابلس وفي كل مكان آخر، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن تأييدهم قتل المتعاونين مع إسرائيل، وشتموهم بكل العبارات. وكان لافتاً أن صفحة المتعاون المقتول كانت قد تزينت بصور مَن شارك في قتلهم، وامتلأت بشعارات وطنية؛ دعماً لـ«العرين» والمسلَّحين، وهاجم في بعضها السلطة الفلسطينية وإسرائيل بشدة، وطالب بالثأر لهم.
وكان ذلك، إلى جانب أنه ظهر في كل مسارح الاغتيال لاحقاً، وأثار سلوكه شكوكاً كبيرة تسببت في كشفه. وبعدما جرت مشاركة صفحته، في كثير من «البوستات»، حجبت «فيسبوك» الصفحة. وكتبت والدة محمد العزيزي، الذي قتلته إسرائيل بسبب وشايته، على «فيسبوك»: «قُتل، اليوم، خائن، بالتأكيد ليس بمفرده، وهناك مساعدون آخرون مصيرهم مثله، أتمنى أن ينتهي الأمر بهؤلاء الخوَنة في مزبلة التاريخ».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».