لقاحات السرطان وأمراض القلب... الوجه الإيجابي لـ«كوفيد - 19»

العلماء استفادوا في إنتاجها من تقنية «الرنا مرسال» المستخدمة ضد «كورونا»

نجاح تقنية "الرنا مرسال" مع لقاحات "كوفيد-19" أكسبها زخما كبيرا  (أرشيفية)
نجاح تقنية "الرنا مرسال" مع لقاحات "كوفيد-19" أكسبها زخما كبيرا (أرشيفية)
TT

لقاحات السرطان وأمراض القلب... الوجه الإيجابي لـ«كوفيد - 19»

نجاح تقنية "الرنا مرسال" مع لقاحات "كوفيد-19" أكسبها زخما كبيرا  (أرشيفية)
نجاح تقنية "الرنا مرسال" مع لقاحات "كوفيد-19" أكسبها زخما كبيرا (أرشيفية)

قبل اندلاع جائحة «كوفيد - 19»، كانت فرق بحثية حول العالم تعمل على أبحاث لإنتاج لقاحات لأمراض مختلفة، منها السرطان والقلب، باستخدام تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال، أو «الرنا مرسال»، ولكن جاءت الجائحة لتغير اهتمام هؤلاء الباحثين، ويتم استثمار سنوات العمل مع تلك التقنية لتوفير لقاح سريع لـ«كوفيد - 19»، وبعد نجاح المهمة، عاد الباحثون مرة أخرى إلى عملهم الأصلي، مفعمين بمزيد من الأمل، بعد أن منحت الجائحة «صك الاعتماد» لتلك التقنية.
وشهدت الجائحة أول استخدام لتقنية «الرنا مرسال» في إنتاج اللقاحات، متمثلا في لقاح «فايزر - بيونتيك»، الذي حصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2020، ليصبح أول لقاح معتمد بتلك التقنية، وأول لقاح تصل نسبة فعاليته في الوقاية من فيروس كورونا، المسبب لمرض «كوفيد - 19»، إلى 95 في المائة في التجارب السريرية.
وبعده بأيام، وتحديدا في 18 ديسمبر كانت الموافقة على استخدام لقاح «موديرنا»، وهو أيضا أحد لقاحات «الرنا مرسال»، ومؤخرا أعطت الصين في شهر مارس (آذار) الماضي، موافقتها على لقاح تنتجه شركة «سي إس بي سي فارماسيوتيكال» الصينية، باستخدام نفس التقنية.
ويستخدم لقاح كوفيد - 19، المعتمد على (الرنا مرسال)، الحمض النووي الريبوزي المرسال، المعدل وراثيا لإعطاء الخلايا تعليمات بكيفية إنتاج قطع من بروتين (سبايك) الموجود على سطح الفيروس، وبعد تلقي اللقاح، تبدأ خلايا العضلات في إنتاج قطع البروتين ثم توزيعها على سطح الخلايا، ويؤدي ذلك إلى جعل الجسم يكون أجساما مضادة، بحيث إذا حدثت الإصابة لاحقا بالفيروس، تقوم هذه الأجسام المضادة بمحاربته، وبعد توصيل التعليمات، يختفي (الرنا مرسال) المعدل وراثيا، ويتحلل بفعل دفاعات الجسم الطبيعية بما في ذلك الإنزيمات التي تفككه، وبالتالي لا يبقى سوى الأجسام المضادة فقط.
وإذا كانت لقاحات «الرنا مرسال» بهذا المعنى «وقائية»، فإنها مع الأمراض الأخرى مثل السرطان والقلب، ستكون «لقاحات علاجية»، تخدم الاتجاه العالمي الجديد في العلاج، والمعروف بـ«الطب الشخصي»، كما يوضح إبراهيم الشربيني، المدير المؤسس لبرنامج علوم النانو، ومركز أبحاث علوم المواد بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط».
والطب الشخصي، هو تقديم رعاية طبية معدلة وفق جينات كل مريض، بدلا من نهج العلاج الموحد لكل المرضى، المستخدم حاليا، وبالتالي وفق هذا المفهوم، لن تكون لقاحات السرطان، أو أمراض القلب، التي تعتمد على تقنية «الرنا مرسال»، موحدة مع كل المرضى، بل سيتم إعداد اللقاح، وفقا لتحليلات جينية يتم إجراؤها لكل مريض.
ويقول الشربيني إنه «وفقا لهذا المفهوم لـ(الطب الشخصي)، سيأخذ الأطباء خزعة من ورم المريض ويرسلونها إلى المختبر، حيث يتم ترتيب تسلسل المادة الجينية لتحديد الطفرات غير الموجودة في الخلايا السليمة، ثم تحدد خوارزمية التعلم الآلي أي من هذه الطفرات المسؤولة عن دفع نمو السرطان، ويتم التعرف أيضا على أجزاء البروتينات غير الطبيعية التي تكوِّدها هذه الطفرات، وعند ذلك، يتم تصنيع (الرنا مرسال) لمعظم المستضدات الواعدة بنفس طريقة لقاح (كوفيد - 19)، وتعبئتها في لقاح شخصي».
ويحمل هذا الشكل العلاجي للقاحات «الرنا مرسال» آمالا عريضة ليس فقط في علاج السرطان، حيث يمكن تطبيق نفس المفهوم على جميع أنواع الأمراض المعدية، وأمراض القلب، والأوعية الدموية، وأمراض المناعة الذاتية، والأمراض النادرة، وإن كانت طبيعة استخدامها في علاج تلك الأمراض، ستزيد من تكلفة العلاج، لأن اللقاح سيكون شخصيا، وتختلف تركيبته من حالة لأخرى، كما يقول الشربيني.
ويضيف أنه «ربما يكون البعد الشخصي، هو الاختلاف بين استخدام تلك التقنية في لقاحات (كوفيد - 19)، واللقاحات العلاجية، ولكن مما لا شك فيه، أن نجاح تلك التقنية مع (كوفيد - 19)، أكسبها زخما كبيرا، وأعطى دفعة لأبحاثها في المجالات الأخرى».
ويؤيد ما ذهب إليه الشربيني، تصريحات ريتشارد هاكيت، الرئيس التنفيذي لتحالف ابتكارات التأهب الوبائي (Cepi) في تقرير نشره السبت الموقع الإلكتروني لصحيفة الغارديان البريطانية، حيث أكد أن «الجائحة ساعدت على تقصير الجدول الزمني لتطوير منصة لقاح (الرنا مرسال)، والتي لم يتم التحقق منها سابقا، وهذا قد يساعد على تسريع خطوات استخدامها في علاج الأمراض الأخرى».
وقال بول بيرتون، كبير المسؤولين الطبيين بشركة الأدوية (موديرنا) في نفس التقرير، إنه «يعتقد أن الشركة ستكون قادرة على تقديم مثل هذه العلاجات لجميع أنواع المناطق المرضية، في أقل من خمس سنوات، باستخدام تقنية (الرنا مرسال)».



«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
TT

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة»، ووصل الأمر إلى تقدم نائبة مصرية ببيان عاجل، طالبت خلاله بوقف عرض المسلسل.

وأثار العمل منذ بداية بثه على قنوات «ON» جدلاً واسعاً؛ بسبب تناوله قضايا اجتماعية عدّها مراقبون ومتابعون «شائكة»، مثل الخيانة الزوجية، والعلاقات العائلية المشوهة، وطالت التعليقات السلبية صناع العمل وأداء بطلاته.

وقالت النائبة مي رشدي، في البيان العاجل: «إن الدراما تعدّ إحدى أدوات القوة الناعمة في العصر الحديث، لما لها من دور كبير ومؤثر في رسم الصورة الذهنية للمجتمعات والشعوب سلباً أو إيجاباً لسرعة انتشارها، وهي انعكاس ومرآة للمجتمع».

وأضافت: «هناك عمل درامي (وتر حساس) يُعرَض هذه الأيام على شاشات القنوات التلفزيونية، يحتاج من المهمومين بالمجتمع المصري إلى تدخل عاجل بمنع عرض باقي حلقات هذا المسلسل؛ لما يتضمّنه من أحداث تسيء للمجتمع المصري بأسره؛ فهو حافل بالعلاقات غير المشروعة والأفكار غير السوية، ويخالف عاداتنا وتقاليدنا بوصفنا مجتمعاً شرقياً له قيمه الدينية».

وتدور أحداث المسلسل، المكون من 45 حلقة، حول 3 صديقات هن «كاميليا» إنجي المقدم، وابنة خالتها «سلمى» صبا مبارك، و«رغدة» هيدي كرم، وتقوم الأخيرة بإرسال صورة إلى كاميليا يظهر فيها زوجها «رشيد»، محمد علاء، وهو برفقة مجموعة فتيات في إحدى السهرات، في حين كانت «كاميليا» تشك في زوجها في ظل فتور العلاقة بينهما في الفترة الأخيرة.

صبا مبارك ومحمد علاء في مشهد من المسلسل (قناة ON)

بينما تغضب «سلمى» من تصرف «رغدة» وتؤكد أنها ستكون سبباً في «خراب بيت صديقتهما»، وعند مواجهة كاميليا لزوجها بالصورة ينكر خيانته لها، ويؤكد لها أنها سهرة عادية بين الأصدقاء.

وتتصاعد الأحداث حين يعترف رشيد بحبه لسلمى، ابنة خالة زوجته وصديقتها، وتتوالى الأحداث، ويتبدل موقف سلمى إلى النقيض، فتبلغه بحبها، وتوافق على الزواج منه؛ وذلك بعد أن تكتشف أن كاميليا كانت سبباً في تدبير مؤامرة ضدها في الماضي تسببت في موت زوجها الأول، الذي تزوجت بعده شخصاً مدمناً يدعى «علي»، وأنجبت منه ابنتها «غالية».

وتعرف كاميليا بزواج سلمى ورشيد، وتخوض الصديقتان حرباً شرسة للفوز به، بينما يتضح أن الزوج الثاني لسلمى لا يزال على قيد الحياة، لكنه كان قد سافر للخارج للعلاج من الإدمان، ويعود للمطالبة بابنته وأمواله.

ويتعمّق المسلسل، الذي يشارك في بطولته لطيفة فهمي، ومحمد على رزق، وأحمد طارق نور، ولبنى ونس، وتميم عبده، وإخراج وائل فرج، في خبايا النفس الإنسانية، وينتقل بالمشاهدين إلى قضايا اجتماعية مثل فكرة الانتقام، والتفريط في الشرف، وتدهور العلاقات بين الأقارب، وصراع امرأتين على رجل واحد.

وتعليقاً على التحرك البرلماني ضد المسلسل، عدّ الناقد المصري محمد كمال أن «الأمر لا يستدعي هذه الدرجة من التصعيد». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن العمل بالفعل مليء بالعلاقات المشوهة، التي لا تقتصر على الخيانة الزوجية، وإنما تمتد إلى خيانة علاقة الأقارب والأصدقاء فيما بينهم؛ فيظهر معظم أبطال العمل غير أسوياء، فالشخصية الرئيسة الثالثة في العمل (رغدة) تخون أيضاً صديقتيها سلمى وكاميليا، وكل ما تسعى وراءه هو جني المال، والإساءة إليهما!».

ويتابع كمال: «فاجأتنا الأحداث كذلك بأن طليق سلمى، ووالد ابنتها كان ولا يزال مدمناً، وكان قد عقد اتفاقاً معها في الماضي بتزوير أوراق تفيد بوفاته؛ كي يثير شفقة والده، ويكتب ثروته بالكامل لابنته غالية، ويسافر هو للعلاج، مع وعدٍ بأنه لن يرجع، وهو جانب آخر من الأفعال المنحرفة».

كاميليا وسلمى... الخيانة داخل العائلة الواحدة (قناة ON)

ويتابع: «وهكذا كل شخوص المسلسل باستثناءات قليلة للغاية، فهناك مَن اغتصب، وسرق، وخان، وقتل، وانتحر، لكن على الرغم من ذلك فإني أرفض فكرة وقف عمل درامي؛ لأن المجتمعات كلها بها نماذج مشوهة، والمجتمع المصري أكبر مِن أن يمسه أي عمل فني، كما أن الجمهور بات على وعي بأن ما يراه عملٌ من خيال المؤلف».

ويرى مؤلف العمل أمين جمال أن «المسلسل انعكاس للواقع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن قضية احتدام الصراع أصبحت سمة غالبة على علاقات البشر عموماً، وموجودة في العالم كله، ولا يمكن أن تنفصل الدراما عن الواقع».

وتابع: «المسلسل يأتي في إطار درامي اجتماعي مشوق، لذلك نجح في أن يجتذب الجمهور، الذي ينتظر بعد عرض كل حلقة، الحلقة الجديدة في شغف، ويظهر ذلك في تعليقات المشاهدين على (السوشيال ميديا)».

وأشار إلى أنه «بالإضافة لتقديم الدراما المشوقة، في الوقت نفسه أحرص على تقديم رسائل مهمة بين السطور، مثل عدم الانخداع بالمظهر الخارجي للعلاقات؛ فقد تكون في واقع الأمر علاقات زائفة، على الرغم من بريقها، مثل تلك العلاقات التي تجمع بين أفراد العائلة في المسلسل، أو العلاقة بين الصديقات».

من جهتها، هاجمت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله المسلسل، وتساءلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا هذا الحشد لذلك الكم الكبير من الخيانات بين الأزواج والأصدقاء والأقارب؟»، وقالت: «لست ضد أن تعرض الدراما أي موضوع أو قضية من قضايا المجتمع، على أن تقدم معالجة فنية بها قدر من التوازن بين الأبعاد المختلفة، لا أن تقتصر على جانب واحد فقط».

وعن القول إن العمل يقدم الواقع، تساءلت ماجدة: «هل هذا هو الواقع بالفعل؟ أم أن الواقع مليء بأشياء كثيرة بخلاف الخيانات وانهيار العلاقات بين الناس، التي تستحق مناقشتها في أعمالنا الدرامية، فلماذا يختار العمل تقديم زاوية واحدة فقط من الواقع؟».

وعدّت «التركيز على التشوهات في هذا العمل مزعجاً للغاية، وجعل منه مسلسلاً مظلماً».