«النووي» يشعل نار المواجهة بين أوباما وإسرائيل

«آيباك» تكثف جهودها لعرقلة الاتفاق مع إيران في الكونغرس وتستهدف الديمقراطيين

الرئيس الأميركي باراك أوباما يدافع عن الإتفاق النووي في الجامعة الأميركية في واشنطن، يوم الأربعاء الماضي ({غيتي})
الرئيس الأميركي باراك أوباما يدافع عن الإتفاق النووي في الجامعة الأميركية في واشنطن، يوم الأربعاء الماضي ({غيتي})
TT

«النووي» يشعل نار المواجهة بين أوباما وإسرائيل

الرئيس الأميركي باراك أوباما يدافع عن الإتفاق النووي في الجامعة الأميركية في واشنطن، يوم الأربعاء الماضي ({غيتي})
الرئيس الأميركي باراك أوباما يدافع عن الإتفاق النووي في الجامعة الأميركية في واشنطن، يوم الأربعاء الماضي ({غيتي})

وجه الرئيس أوباما رسالة قاسية إلى اللجنة الأميركية - الإسرائيلية للشؤون العامة، المعروفة اختصارًا باسم «آيباك»، وهي مجموعة الضغط القوية الموالية لإسرائيل والتي نظمت حملة شرسة ضد الاتفاق النووي مع إيران، في نهاية الأسبوع الماضي. واتهم أوباما «آيباك» بإنفاق ملايين الدولارات على إعلانات ضد الاتفاق النووي وبنشر مزاعم كاذبة بشأنه، حسبما ذكر أشخاص حضروا الاجتماع الذي تحدث خلاله الرئيس الأميركي.
وخلال كلمة ألقاها أمام الجامعة الأميركية، ندد أوباما بخصوم الاتفاق باعتبارهم «جماعات ضغط» تنفق ملايين الدولارات للترويج لذات الخطاب الذي دفع بالولايات المتحدة إلى شن الحرب ضد العراق. ورغم أن الرئيس لم يذكر قط «آيباك» بالاسم، فإن المقصود من حديثه كان واضحًا للجميع. وتعكس هذه التعليقات خلافًا حادًا على نحو غير مسبوق بين الرئيس الأميركي وأقوى جماعات الضغط الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة، والتي أسست عام 1951 بعد سنوات قلائل من قيام إسرائيل.
ويذكر أن رونالد ريغان، الرئيس الأميركي السابق، عارض «آيباك» عندما وقف بوجه الاعتراضات الإسرائيلية على بيع طائرات استطلاع «أواكس» للسعودية عام 1981. وبعد عقد، دخل جورج بوش الأب في مواجهة مع الجماعة أثناء معارضته تقديم ضمانات لقروض سكنية لإسرائيل، مشيرًا إلى أنه مجرد «رجل صغير وحيد» يوجه ألفا من أفراد مجموعة الضغط داخل «كابيتول هيل».
ومع ذلك، فإن نبرة النزاع الراهن تثير المخاوف بين بعض حلفاء أوباما الذين يقولون: إنه يشكل فترة تراجع غير مسبوق في العلاقات بين «آيباك» والبيت الأبيض. وأعرب هؤلاء عن قلقهم من أن الرئيس في خضم محاولاته للتصدي لتكتيكات «آيباك» ودحض ادعاءاتها المتعلقة بالاتفاق النووي، بالغ في انتقاد الجماعة ومعارضي الاتفاق من أصحاب الآراء المشابهة لها.
في هذا الصدد، حذر ديفيد ماكوفسكي، المستشار السابق لدى إدارة أوباما لشؤون الشرق الأوسط والمحلل حاليا لدى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، من أن: «هذا الأمر خطير بعض الشيء، لأنه قد يحفز البعض للهجوم على البعض الآخر، وليس بصورة خطابية فحسب»، مضيفًا أن ادعاءات «آيباك» كانت على المستوى ذاته من الحدة. وقال: «هناك ما يشبه عقلية التمترس على الجانبين».
من جانبهم، عمل مستشارو أوباما بقوة على دحض الاتهامات التي أفادت أنه استخدم لغة مشفرة في الإشارة تحديدًا إلى «آيباك» عندما ذكر في خطابه أمام الجامعة الأميركية أن «الكثيرين من ذات الأفراد الذين دعوا للحرب في العراق يطرحون الحجة نفسها الآن ضد الاتفاق النووي مع إيران».
في هذا السياق، أكد بنجامين رودز، نائب مستشار الأمن الوطني للاتصالات الاستراتيجية، أنه «ليس للأمر أدنى علاقة بهوية أي شخص، إنه اختلاف سياسي بخصوص البرنامج النووي الإيراني. إننا لا ننظر للأمر وكأننا في مواجهة ضد طرف آخر». كما توقع أن يتعاون البيت الأبيض و«آيباك» في المستقبل فيما يخص قضايا أخرى، منها الأمن الإسرائيلي، وقال: «إنه أشبه بخلاف عائلي، وليس صدعًا مستمرًا». بيد أن هذا الصراع يحمل في الوقت الراهن أهمية محورية لأوباما الذي ينظر للاتفاق - الذي يقضي برفع بعض العقوبات عن إيران مقابل فرض بعض القيود الرامية لتقييد قدرتها على الحصول على سلاح نووي - على أنه إنجاز تاريخي.
ويناضل أوباما بهدف حشد تأييد كافٍ من جانب الديمقراطيين للحفاظ على الاتفاق قبل التصويت المقرر إجراؤه في سبتمبر (أيلول) داخل الكونغرس الذي يهيمن عليه حاليًا الجمهوريون. وتعمل «آيباك» على حرمانه من ذلك، مع الاعتماد بشدة على ديمقراطيين، منهم السيناتور تشوك شومر من نيويورك.
يذكر أن «آيباك» بعثت 60 ناشطًا إلى مكتب شومر لكسب تأييده لموقفها الأسبوع الماضي، بينما نشرت مجموعة «مواطنين من أجل إيران خالية من السلاح النووي»، وهي مجموعة تتبع «آيباك» تأسست لإدارة حملة إعلانات بقيمة 25 مليون دولار على الأقل ضد الاتفاق، إعلانات تلفزيونية داخل مدينة نيويورك. ومثلما أوضح شومر، فقد تحدث إلى قيادات في «آيباك»، ولكنه تحدث كذلك مع ممثلين من مجموعة «جيه ستريت» الموالية لإسرائيل، والتي تؤيد الاتفاق.
من جهته، حاول البيت الأبيض التودد إلى شومر، رغم تشكك المسؤولين دومًا في أنه سيعارض الاتفاق. من جانبه، قال جوش إرنست، السكرتير الصحافي للبيت الأبيض، الخميس الماضي: «لا ندري إذا تفوقت جهود الضغط على الإدارة، لكن المؤكد أنه تم التفوق علينا في مجال الإنفاق».
وإلى جانب لقاءاته الفردية مع أوباما ووزير الخارجية جون كيري وويندي شيرمان كبيرة المفاوضين، عقد شومر كذلك اجتماعات استمرت ثلاث ساعات مع أعضاء من فريق التفاوض أجابوا خلالها على 14 صفحة من الأسئلة التي أعدها لهم.
وقد دخل أوباما، خلال اجتماع داخل البيت الأبيض مع قيادات في «آيباك»، في تحدٍ قوي مع المجموعة بعد أن قال أحد قياداتها، لي روزنبرغ، وهو أحد الذين تولوا جمع تبرعات لصالح حملة أوباما الانتخابية عام 2008. إن الإدارة تصنف معارضي الاتفاق باعتبارهم مشعلي حروب، تبعًا لما ذكره الكثير ممن حضروا الاجتماع، واشترطوا عدم الكشف عن هويتهم. ويذكر أن الاجتماع تضمن قرابة 20 من قيادات منظمات يهودية أخرى.
من جهته، قال مالكولم هونلين، نائب الرئيس التنفيذي لـ«مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية الكبرى» إن «الكلمات لها عواقب، خاصة عندما يتفوه بها أصحاب السلطة. ورغم أنهم لا يقصدونها، فإننا نعلم من التاريخ أنه قد يجري استغلالها». كما أشار إلى أنه أعرب خلال لقائه بأوباما أن «من بين جميع القادة السياسيين، ينبغي أن تكون (أي أوباما) تحديدًا الأكثر حساسية بينهم».
من جانب آخر، أخبر أوباما زائريه أنه سيتحلى بالحرص في تعليقاته، لكن سرعان ما أوضح أن «آيباك» تنفق 20 مليون دولار على حملة ضد الاتفاق، وأنها تبعث مئات النشطاء إلى «كابيتول هيل» مسلحين بما وصفه بمعلومات غير دقيقة لإقناع أعضاء الكونغرس برفض الاتفاق. واشتكى من أن حملة الإعلانات المضادة للاتفاق صورته كشخص يحاول استرضاء العدو بمقارنته بنيفيل تشامبرلين، رئيس الوزراء البريطاني الذي وقع اتفاق ميونيخ مع أدولف هتلر عام 1938.
أما «آيباك» فتقول إنها لا تقف وراء هذه الإعلانات، وأن الخلاف مع أوباما يخص الاتفاق، وليس شخصه. كما نفت المجموعة بذلها جهود ضغط من أجل الحرب في العراق، والتي لم تتخذ حيالها أي موقف رسمي. وقال مارشال ويتمان، المتحدث الرسمي باسم «آيباك»: «نأمل أن يمتنع المشاركون في هذا النقاش عن التشكيك في دوافع الآخرين وشن هجمات شخصية ضدهم».
ويذكر أن الصدع بين أوباما و«آيباك» حول الاتفاق مع إيران يتصاعد منذ شهور. وبينما كان أوباما في طريق عودته من جولته الأفريقية على متن الطائرة الرئاسية، علم مسؤولون بالبيت الأبيض أن «آيباك» سوف تنقل 700 من أعضائها من مختلف أرجاء الولايات المتحدة إلى واشنطن للضغط على أعضاء الكونغرس لرفض الاتفاق. وطلب الفريق المعاون لأوباما استقبال المجموعة داخل البيت الأبيض لعقد اجتماع معها، لكن المجموعة طلبت منهم بدلاً من ذلك إرسال ممثل عن البيت الأبيض لمكان تجمعهم في فندق بقلب واشنطن قبل زيارتهم المرتقبة للكونغرس، تبعًا لما ذكرته مصادر مطلعة على الناقشات الخاصة التي دارت بين الجانبين.
وقدم كل من شيرمان وآدم سزوبين، مسؤول وزارة الخزانة المعنية بالتعامل مع العقوبات المالية، وديني مكدونه، رئيس فريق العاملين بالبيت الأبيض، عرضًا على المجموعة، لكن تم منعهم من تلقي أسئلة لتقديم مزيد من الشرح. إلا أن مسؤولي البيت الأبيض ذكروا أنه تم إخبارهم من البداية أنه لن تكون هناك أسئلة، بينما قال أنصار «آيباك» إنهم كانوا يرغبون في طرح تساؤلات، لكن الوقت لم يسمح.
أيًا ما كانت حقيقة ما حدث، فقد شعر أوباما بالإهانة، واشتكى لاحقًا داخل البيت الأبيض لقيادات «آيباك» من أنهم رفضوا السماح لشيرمان وأعضاء آخرين بإدارته بمواجهة «المعلومات غير الدقيقة» التي يجري ترويجها حول الاتفاق، ما تركه في موقف الدفاع عن الاتفاق أمام أعضاء الكونغرس الذين لم يحسموا موقفهم بعد وجرى إمدادهم بمعلومات مغلوطة عن الاتفاق. وقال أحد الحاضرين: «بدا واضحًا للجميع الرسالة التي يحملها حديثه (أي أوباما)، وهي أن هذا الأمر ليس مقبولاً لدي، وسيتم الرد عليه».

* خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».