الإصلاحات أمام البرلمان غدا ومظاهرات مؤيدة لها في بغداد

تحذير لمجلس النواب من «انتفاضة جماهيرية» ضده إذا لم يقرها

مظاهرة حاشدة في ساحة التحرير ببغداد مساء أمس تأييدًا لقرارات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الإصلاحية  (رويترز)
مظاهرة حاشدة في ساحة التحرير ببغداد مساء أمس تأييدًا لقرارات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الإصلاحية (رويترز)
TT

الإصلاحات أمام البرلمان غدا ومظاهرات مؤيدة لها في بغداد

مظاهرة حاشدة في ساحة التحرير ببغداد مساء أمس تأييدًا لقرارات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الإصلاحية  (رويترز)
مظاهرة حاشدة في ساحة التحرير ببغداد مساء أمس تأييدًا لقرارات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الإصلاحية (رويترز)

في الوقت الذي أعلن فيه منظمو المظاهرات الجماهيرية، التي أجبرت رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على اتخاذ سلسلة من الإجراءات الجريئة، تأييدهم لهذه الخطوات فإنهم عبروا عن خشيتهم من تسويفها، الأمر الذي جعلهم يدعون إلى مظاهرات أمس بهدف الضغط على مجلس النواب (البرلمان) من أجل التصويت عليها في جلسته غدا.
وقال الدكتور نبيل جاسم، أحد منظمي المظاهرات، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «مظاهرات اليوم (أمس الأحد) ليست بديلا عن مظاهرات يوم الجمعة المقبل التي قررنا الاستمرار بها بعد أن سمعنا أن هناك من بين القوى السياسية المتنفذة من يريد إدخال هذه الإصلاحات في نفق من المساومات والتسويف والمماطلات مما يفرغها من محتواها»، مشيرا إلى أن المظاهرات «لها هدف واحد وهو دعم العبادي في إصلاحاته وتوجيه الشكر له بعد أن أثبت إنه على قدر تحمل المسؤولية لكنه يحتاج إلى استمرار المؤازرة، بالإضافة إلى الضغط على البرلمان الذي يتوجب عليه التصويت على حزمة الإصلاحات هذه وإلا فإنه سيواجه انتفاضة جماهيرية كبرى لن يكون بمقدور أحد الوقوف بوجه ما تنادي به من مطالب مشروعة».
إلى ذلك، وطبقا لما أعلنه مصدر مقرب من رئيس البرلمان سليم الجبوري، فإن الأخير قرر الشروع بإصلاحات كبيرة داخل مجلس النواب. وطبقا للمصدر فإن «إصلاحات الجبوري داخل البرلمان ستشمل تقليص حمايات ونفقات النواب أو إلغاءها كليا، وإعادة النظر في رؤساء اللجان، مع فصل عدد من أعضاء مجلس النواب الذين تجاوز سقف غيابهم الحد المقرر».
وكان الجبوري دعا رؤساء الكتل إلى عقد اجتماع اليوم لبحث ورقة الإصلاح التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي. أما النائب الأول لرئيس البرلمان همام حمودي فقد أعلن من جانبه أن البرلمان سيخصص جلسته المقبلة لمناقشة الإجراءات الإصلاحية لرئيس مجلس الوزراء وإقرارها وفق الأطر الدستورية والقانونية.
وفي هذا السياق، أكد السياسي العراقي المعروف وعضو البرلمان السابق عزت الشابندر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الانتفاضة الجماهيرية التي قام بها العراقيون وإن جاءت متأخرة فهي صاحبة التغيير، علما بأن علينا أن نقول وبكل صراحة إن الشعب كان شريكا في ما وصلنا إليه من أوضاع سيئة، لأنه وطوال ثلاث دورات انتخابية يأتي بالوجوه نفسها، ولا أملك حتى الآن ضمانة بألا يكرر الشارع الخطأ نفسه في الدورة الانتخابية المقبلة». وأضاف الشابندر أن «خطوة العبادي بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية والوزراء، وهي مناصب رمزية، ليست هي القضية المهمة، بل المهم هم الوزراء، وحين أقول الوزراء فإنني أعني الكتل السياسية التي ترشح هؤلاء الوزراء، وبالتالي هم مصداق الشراكة وطريقة تقاسمها»، مشيرا إلى أن «هناك كلاما بشأن إجراءات يمكن أن يقوم بها (العبادي) بشأن إعفاء بعض الوزراء لكي يكونوا كباش فداء، أو دمج وزارات، بينما الإجراء الصحيح هو أن يذهب إلى البرلمان ويتقدم بطلب إعفاء حكومته حتى لا تكون العملية مجرد محاولة لاحتواء غضب الشارع المخدوع ببعض الشاشات التي تطالب بتغيير وزراء بعينهم، ولذلك فإنه على العبادي وبعد الاتفاق مع الكتل تقديم استقالة حكومته وتكليفه بتشكيل حكومة تكنوقراط ومنحه مهلة سنة للعمل، وعندها يكون التقييم بعد سنة».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان البرلمان سيصادق على إجراءات العبادي، قال الشابندر «نعم البرلمان سيصادق لأنه الآن في مرمى مدفعية الشارع».
من جهتها، أكدت عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف المدني الديمقراطي شروق العبايجي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحالف المدني الديمقراطي كان قد طالب منذ وقت مبكر بمثل هذه الإصلاحات وغيرها، حيث طالبنا بإلغاء المحاصصة الطائفية والحزبية كشرط ضروري لقيام دولة المواطنة، كما طالبنا وفقا لآليات حددناها بمحاربة الفساد والترهل في الدولة، وقدمنا مقترحات في هذا الصدد لا سيما على صعيد تشكيل حكومة كفاءات وتكنوقراط وليس حكومة محاصصة»، مشيرة إلى أن «الكتل السياسية المتنفذة عرقلت الإصلاحات، بالإضافة إلى الشخصيات صاحبة القرار والنفوذ في العملية السياسية، حيث إنها لم تتخل عن أي موقف وبقيت متمسكة بالمصالح الحزبية والشخصية». وأوضحت العبايجي أن «الشعب هو من أجبر الحكومة والطبقة السياسية على الإقدام على هذه الإصلاحات حين انتفض مطالبا بالتغيير ودعمته المرجعية الدينية التي ظلت لسنوات تنادي بالتغيير لكن دون أن يصغي إليها القادة السياسيون».
لكن القاضي وائل عبد اللطيف، الذي شغل طوال الاثنتي عشرة سنة الماضية مناصب مهمة منها عضوية مجلس الحكم ووزير شؤون المحافظات وعضو البرلمان لأكثر من دورة، يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما أقدم عليه العبادي إنما هو في حقيقته ليس إجراءات، وإنما هو طلب إذن بإجراء تغييرات بالإحالة إلى مجلسي الوزراء والنواب، ما عدا إلغاءه مناصب نواب رئيس الجمهورية، وهو أمر لا يدخل في صلاحياته لأنه مقنن بقانون، وهو ما يقتضي مجيء رئيس الجمهورية إلى البرلمان ليعلن إعفاء نوابه، وبالتالي فإن كل ما فعله العبادي مرهون في النهاية بموافقات الكتل من خلال إحالتها إلى البرلمان والحكومة»، مشيرا إلى أن «الكثير من الإجراءات كان بإمكانه إصدار أوامر ديوانية بالتصرف. وعلى سبيل المثال فإن عزمه على تقليص الحمايات لا يحتاج إلى إحالة إلى البرلمان، بل بإمكانه القول إن حماية نواب الرئيس ورئيس الوزراء (377 عنصرا لكل واحد منهم) يمكن أن يصبحوا 100، كما أن إلغاء المخصصات الاستثنائية كلام عام وفيه خلط، لأن هناك كارثة في الموازنة التشغيلية لهم تبلغ نحو 5 مليارات دينار عراقي (أكثر من 4 ملايين دولار)، وهو مبلغ كبير جدا»، مشيرا إلى أن «الأمر نفسه ينطبق على إبعاد المناصب العليا عن المحاصصة أو ترشيق الوزارات حيث إنها بيده لا بيد رؤساء الكتل أو البرلمان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».