الصحف الأوروبية اهتمت بقناة السويس الجديدة وكوارث قوارب الموت باتجاه أوروبا وجرائم الكراهية

الإعلام الأميركي: نظافة البيئة وجدل الانتخابات الرئاسية وآخر ليلة لبرنامج «ديلي شو»

الصحف الأوروبية اهتمت بقناة السويس الجديدة وكوارث قوارب الموت باتجاه أوروبا وجرائم الكراهية
TT

الصحف الأوروبية اهتمت بقناة السويس الجديدة وكوارث قوارب الموت باتجاه أوروبا وجرائم الكراهية

الصحف الأوروبية اهتمت بقناة السويس الجديدة وكوارث قوارب الموت باتجاه أوروبا وجرائم الكراهية

بدأ الأسبوع بخطاب الرئيس باراك أوباما عن نظافة البيئة، وهو الخطاب الذي انتظرته دول كثيرة في العالم، وذلك بسبب تردد تاريخي أميركي في الاشتراك في الجهود العالمية لنظافة البيئة، غير أن أوباما تعهد بأن الولايات المتحدة عازمة على ذلك، لكن، في نفس اليوم، هبت شركات أميركية (خاصة في مجال الطاقة الكهربائية، وإنتاج الفحم)، وقالت إن تنفيذ البرنامج سيرفع كثيرا أسعار الكهرباء والفحم.
في منتصف الأسبوع، مثلما في بدايته، ركز الإعلام الأميركي على أخبار داخلية: نقلت أكثر من قناة تلفزيونية رئيسية المناظرة الأولى وسط مرشحي الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية.
وأيضا، حكم محلفي محكمة في أورورا (ولاية كولواردو) ضد جيمس هولمز، الذي أطلق النار داخل مسرح، وقتل 12 شخصا، بالسجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج عنه.
وفي المجال الرياضي، نقل تلفزيون «إي إس بي إن» خبر اختيار «فيبا» (اتحاد كرة السلة العالمي) للصين على الفلبين، الدولة الوحيدة المرشحة الأخرى، لاستضافة بطولة العالم في كرة السلة عام 2019. وقال «إي إس بي إن» إن هذا ثاني انتصار كبير للصين، بعد اختيارها لاستضافة الدورة الأولمبية الشتوية في عام 2020.
وشاهد الملايين آخر ليلة للبرنامج الإخباري التهكمي «ديلي شو» (العرض اليومي) الذي كان يقدمه الممثل الكوميدي جون ستيوارت، في تلفزيون «كوميدي» لستة عشر عاما.
واهتم تلفزيون «إيه بي سي» في نشرات أخباره المسائية الرئيسية بأخبار اجتماعية (ظل يفعل هذا منذ تقاعد الشقراء دايان صويار): ارتفع عدد القتلى من تفشي مرض «ليجينير» (مرض قدامى المحاربين) في نيويورك إلى ثمانية، مع إصابة 97 شخصا بالمرض.
وخبر اعتقال الشرطة لشخصين في جريمة قتل ثلاثة في بينساكولا (ولاية فلوريدا) في أفعال مرتبطة بالسحر، ولها صلة بظاهرة «بلو مون» (القمر الأزرق، عندما يظهر قمران كاملان خلال شهر ميلادي واحد). وقالت القناة التلفزيونية إن أعمال الشعوذة تنتشر وسط المهاجرين من جزيرة هايتي (البحر الكاريبي).
مع نهاية الأسبوع الذي ركز فيه الإعلام على مواضيع داخلية، سياسية وغير سياسية، عادت أخبار الإرهاب (في الخارج): واهتمت صحف ووكالات أخبار بخبر قول منظمة داعش إنها مسؤولة عن الهجوم الانتحاري الإرهابي الذي قتل 15 شخصا على الأقل في مسجد في أبها في السعودية.
وأجمعت الصحف الأوروبية خلال الأيام القليلة الماضية، على أن قناة السويس الجديدة هي هدية مصر للعالم، وأيضا أظهرت تلك الصحف اهتماما كبيرا بالكوارث المستمرة في المتوسط التي تتسبب في غرق الأشخاص الذين يستقلون مراكب الموت، في طريق الوصول إلى أوروبا «أرض الأحلام»، هذا إلى جانب موضوعات أخرى مختلفة.
ونبدأ بالصحافة البريطانية حيث نشرت صحيفة «الإندبندنت» مقالا بشأن الكارثة الإنسانية التي أصبح البحر الأبيض المتوسط مسرحا لها، بغرق أعداد متزايدة من المهاجرين على قوارب الهجرة غير الشرعية باتجاه أوروبا. ويروي كاتب المقال ويل تيرنر، الذي شارك في عمليات الإنقاذ، حكايات مروعة عن مهاجرين هاربين من الحروب والقمع والعنف في بلدانهم، يواجهون خطر الموت من أجل الوصول إلى أوروبا.
وعبر كاتب المقال عن غضبه من تصريحات سياسيين بشأن المهاجرين، وكيف أن رئيس الوزراء البريطاني أشار إليهم بكلمة «أسراب»، وهي صفة يراها تيرنر «مهينة» لكرامة الإنسان. وأشار إلى أن الكثيرين من هؤلاء المهاجرين فروا من الحروب والعنف والقمع، معتبرا أن السياسيين يجردونهم من إنسانيتهم، ويجرّمون هروبهم من الموت. ونشرت صحيفة «التايمز» افتتاحية تتحدث فيها عن أزمة المهاجرين واللاجئين السوريين بالخصوص. وتشير الصحيفة إلى إحصائيات للأمم المتحدة تفيد بأن ثلث المهاجرين الذين عبروا البحر الأبيض المتوسط في النصف الأول هذا العام من سوريا. وقد فر السوريون ليس من الحرب في بلادهم بل من مخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان وتركيا.
وترى الصحيفة أن الدول الغربية مدعوة إلى المساعدة في القضاء على يأس السوريين من حياة مخيمات اللاجئين. وعلى رأس هذه المهمة منح السوريين الحق في العمل.
ونشرت صحيفة «الفايننشيال تايمز» تقريرا عن تزايد جرائم الكراهية التي يرتكبها يهود ضد العرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قائلة إن هذا الأمر دفع بالسلطات الإسرائيلية إلى اتخاذ إجراءات ضد المتطرفين. ويقول كاتب التقرير إن الفلسطينيين يرون رابطا بين التطرف اليهودي ومواصلة حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بناء المستوطنات. بينما ترى الحكومة الإسرائيلية أن هذه الجرائم فردية. وتضيف «التايمز» أن القادة الفلسطينيين والنشطاء في المجتمع المدني جمعوا وثائق عن مئات الهجمات الإسرائيلية، منها تجريف شجر الزيتون وتخريب المواقع الدينية. أما الصحف البلجيكية والهولندية فقد اهتمت، شأنها شأن الصحف البريطانية والفرنسية وغيرها، بملف افتتاح قناة السويس الجديدة، وألقت صحيفة «لاليبر بلجيك» الناطقة بالفرنسية الضوء على تاريخ قناة السويس منذ افتتاحها عام 1869 رابطة بين البحرين الأبيض والمتوسط لتعد واحدة من أهم طرق التجارة العالمية ومصدر دخل هام لمصر من العملة الصعبة، وخصوصا أن مصر تسعى منذ ثورة 2011 لدفع عجلة اقتصادها.
وأضافت أن توسيع أعمال قناة السويس إنما يمثل واحدا من الأعمال الرائدة للرئيس السيسي، الذي أطلق إشارة البدء في تنفيذه بعد انتخابه في 2014 وهو المشروع الضخم الذي يتعلق بازدواج القناة بما يسمح بمرور 97 سفينة يوميا بحلول عام 2023 مقابل 49 اليوم، كما أن الشريان المائي الجديد سيسمح، من شأنه، بسير السفن في الاتجاهين كما سيقلل، من شأنه، ساعات الانتظار، بالإضافة إلى زيادة دخل القناة من 5.3 مليار دولار سنويا إلى 11.7 مليار بحلول عام 2023، واهتمت صحيفة «ستاندرد» اليومية الناطقة بالهولندية بقرار المفوضية الأوروبية، تمديد تدابير شبكة الأمان لقطاع الفواكه والخضراوات الأوروبي، حتى نهاية يونيو (حزيران) من العام المقبل، وذلك كرد فعل على قرار موسكو تمديد الحظر الروسي على المنتجات الزراعية والغذائية من الاتحاد الأوروبي لمدة 12 شهرا جديدة.
وكانت المفوضية أعلنت عن تدابير شبكة الأمان في العام الماضي لدعم المتضررين من الحظر الروسي الذي فرضته موسكو ردا على عقوبات أوروبية ضد روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية، ووفقا لتدابير شبكة الأمان تقدم المؤسسات والدول الأعضاء الدعم المطلوب لحماية المتضررين سواء من خلال دعم مادي تعويضي أو فتح أسواق جديدة للمنتجات. وقال المفوض فيل هوغان المكلف بشؤون التنمية الزراعية والريفية، إن الإجراءات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي حتى الآن، دليل واضح على التضامن مع المزارعين المتضررين من الحظر الروسي، كما لعبت تدابير شبكة الأمان دورا كبيرا في تخفيف الصعوبات التي ترتبت على الحظر الروسي.
وأضاف المسؤول الأوروبي أنه في أعقاب تمديد الحظر فإن هناك حاجة إلى تمديد تدابير شبكة الأمان من أجل توفير الأمن للمنتجين الذين يواجهون صعوبات، ويمكن أن تستمر في ظل استمرار التدابير التقييدية من جانب روسيا. وتكبد المنتجون الزراعيون الأوروبيون خسائر قدرها 5.5 مليار يورو جراء الحظر المفروض من قبل روسيا على استيراد عدد من المنتجات الغذائية والزراعية من الاتحاد الأوروبي.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.