مالي: مخاوف من انهيار اتفاق السلام «الهش»

عقب اتهام «الحركات الأزوادية» للمجلس العسكري بـ«ممارسات استفزازية»

لاجئون يفرون من الصراعات في مالي (مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)
لاجئون يفرون من الصراعات في مالي (مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)
TT

مالي: مخاوف من انهيار اتفاق السلام «الهش»

لاجئون يفرون من الصراعات في مالي (مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)
لاجئون يفرون من الصراعات في مالي (مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)

تتوالى الضربات لاتفاق السلام الهش في مالي، حيث تتصاعد الخلافات بين المجلس العسكري الحاكم والمتمردين الأزواديين؛ الأمر الذي يراه خبراء ينذر بـ«احتمالات مواجهة عسكرية شاملة، ويشكل انهياراً فعلياً للاتفاق».
واتّهمت «تنسيقية حركات الأزواد»، المجلس العسكري الحاكم، بممارسات «استفزازية»، مشيرين إلى تحليق مقاتلات فوق أربع قواعد لهم. وفي بيان صدر الأربعاء ووقّعه المتحدث باسم التنسيقية ألمو أغ محمد، وصف الفصيل واقعة التحليق فوق مدينة كيدال الاستراتيجية بأنها «مؤسفة» وتشكل «استفزازاً خطيراً» و«انتهاكاً صريحاً»، لوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه عام 2014.
ولم تردّ سلطات مالي على الاتهام الذي يأتي بعد تصريحات عضو المجلس العسكري أمادو ألبرت مايغا، في فبراير (شباط) الماضي، أعلن فيها أن «الجيش سيبدأ قريباً عمليات عسكرية لاستعادة سلطة الحكومة المركزية في مدينة كيدال». ونقلت وسائل إعلام عنه قوله في بث مباشر عبر موقع «فيسبوك»، إن «الحرب في المدينة أمر لا مفر منه».
وتقع منطقة كيدال تحت سيطرة «التنسيقية»، وهي تحالف من الطوارق وقوميين عرب من شمال مالي متمرد على السلطة المركزية تأسس في 2014، ثم وقّع في الجزائر اتفاق سلام مع باماكو في 2015، لكن الاتفاق يعاني أزمات.
وتسيطر «التنسيقية» على مساحات شاسعة في الشمال، وتشكل مصدر إزعاج للمجلس العسكري وبعد انسحابها في يناير (كانون الثاني) الماضي، من اللجنة المكلفة إنجاز مسودة الدستور الجديد، كانت «التنسيقية» أعلنت في بيان الشهر الماضي رسمياً عدم الاعتراف بالمشروع، وأكدت في بيان أنه «لا يسجل أي تطور معين مقارنة بدستور 25 فبراير 1992 من حيث الأحكام الأساسية لتجسيد التدابير التشريعية والتنظيمية الالتزامات السياسية والمؤسسية التي تم التعهد بها لاتفاق السلام والمصالحة في مالي المنبثق عن عملية الجزائر، وأنه ينتهك الالتزامات التي تم التعهد بها».
كما كانت «التنسيقية» قد علّقت في ديسمبر (كانون الأول) مشاركتها في آليات تنفيذ الاتفاق الذي كان وقّع بعد سعي المتمردين للانفصال عن العاصمة باماكو عام 2012. ونص على مزيد من الحكم الذاتي المحلي، ودمج المقاتلين المتمردين فيما يسمى «الجيش المعاد تشكيله».
وشهدت مالي انقلابين عسكريين منذ أغسطس (آب) 2020. وسحبت فرنسا آلاف الجنود من البلاد هذا العام، بعد ما وصفته بـ«تحالف مالي مع مجموعة (فاغنر) العسكرية الروسية». واعتمدت الحكومة جدولاً زمنياً انتقالياً للسماح للمدنيين بالعودة إلى السلطة.
وكانت السلطة العسكرية أعلنت تأجيل الاستفتاء الدستوري، الذي كان من المقرر إجراؤه في 19 مارس (آذار)، الماضي، دون تحديد تاريخ جديد. وبهذا التأجيل تجاوز الجيش الموعد النهائي الأول للبرنامج الزمني للمشاورات الذي وضعه بنفسه، وكان يفترض أن يفضي إلى انتخابات في فبراير (شباط) عام 2024؛ بهدف عودة المدنيين إلى السلطة. ويوصف الدستور المنتظر بكونه عنصراً أساسياً في مشروع الإصلاح الواسع الذي تمسك به الجيش لتبرير البقاء في الحكم حتى إتمامه والاستفتاء عليه. وبحسب تقارير صحافية، يعزز مشروع النص الدستوري الجديد بشكل كبير سلطة الرئيس.
ويبذل وسطاء دوليون، لا سيما الجزائر، التي استضافت خلال الشهرين الماضيين ممثلين لأطراف الاتفاق من الجماعات المسلحة والحكومة المالية، جهوداً لتقريب وجهات النظر بين الطرفين وإنقاذ اتفاق السلام، لكن مراقبين ومحللين يؤكدون، أن الوضع يزداد عسكرة وخطورة.
ويرى محمد أغ إسماعيل، الباحث المالي في العلوم السياسية، أن «اتفاق السلام يمر بأخطر مراحله» وأن التطورات على الأرض «تشير إلى احتمالات اندلاع مواجهة عسكرية شاملة بين السلطة العسكرية وإقليم أزواد، في ظل عجز الوساطات الجزائرية، والدولية»، وقال أغ إسماعيل لـ«الشرق الأوسط»، إن «باماكو لديها قناعة بأن قدراتها العسكرية بعد التحالف مع مجموعة (فاغنر) الروسية تؤهلها لإلغاء الاتفاقية أو تعديلها وفقاً لصالحها في حين تعتقد الحركات الأزوادية أنها ليس لديها ما تخسره بعد الانهيار الفعلي لاتفاق السلام».
من جهته، يرى محمد الأمين ولد الداه، الخبير في شؤون الساحل الأفريقي، «أن الوضع متفجر للغاية، وأن المرحلة الحالية تشهد حشداً عسكرياً من الطرفين، وأن اتفاق السلام في طريقه للنهاية».
وقال الأمين ولد الداه، إن ذلك يعني «انخراط البلاد في صراع عرقي وقبلي وتفكك للدولة، ما يضاف إلى الولايات التي تعاني من تفشي الإرهاب». وتوقع أن يؤدي خروج الأمور عن السيطرة في مالي إلى «تفاقم غياب الأمن وزيادة نفوذ الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي بشكل عام».
ويأتي هذا وسط تنامٍ لنفوذ الجماعات الإرهابية في مالي والذي يتسبب في سقوط أعداد كبيرة من ضحايا المدنيين ونزوح مئات الآلاف. وبحسب تصريحات للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، فإن عدد النازحين نتيجة العنف بلغ أكثر من 442 ألفاً. ولمح غوتيريش، في يناير الماضي، إلى احتمالية خروج قوات حفظ السلام «مينوسما» التابعة للأمم المتحدة، من البلاد نتيجة «للصعوبات اللوجيستية والميدانية التي تواجهها».


مقالات ذات صلة

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

العالم هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

وسط محاولات لإنقاذ «اتفاق سلام هش» مع جماعات مسلحة انفصالية، وتصاعد الصراع على النفوذ بين تنظيمات «إرهابية» في مالي، دعا تنظيم «داعش» جميع الجماعات المسلحة المتنافسة معه في البلاد، إلى إلقاء أسلحتها والانضمام إلى صفوفه. وهي الرسالة التي يرى خبراء أنها موجهة إلى «الجماعات المسلحة المحلية التي وقعت اتفاقية السلام لعام 2015، إضافة إلى تنظيم (القاعدة) في مالي ومنطقة الساحل»، الأمر الذي «يزيد من هشاشة الأوضاع الأمنية في البلاد، ويدفع نحو مواجهات أوسع بين التنظيمات المتطرفة».

العالم العربي عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

بينما تبنى تنظيم تابع لـ«القاعدة» في مالي اغتيال مسؤول بارز في البلاد، كثَفت الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية لإنقاذ «اتفاق السلم»، الذي ترعاه منذ التوقيع عليه فوق أرضها عام 2015، من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ بالمنطقة يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التي تتبع لـ«القاعدة» في مالي، مقتل عمر تراوري، مدير ديوان الرئيس الانتقالي، العقيد عاصمي غويتا، وثلاثة جنود وأسر اثنين آخرين من الجيش المالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطمت مروحية عسكرية، السبت، في حي سكني بعاصمة مالي، باماكو، أثناء عودتها من عملية لمكافحة المتشددين، بحسب ما أفادت القوات المسلحة ومصادر. وسقط عشرات الضحايا بتفجير انتحاري ثلاثي في وسط البلاد. وجاء حادث المروحية إثر تعرض مهمة إمداد للجيش لهجوم في وقت سابق في شمال البلاد المضطرب. وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في بيان: «نحو الساعة الواحدة وعشر دقائق بعد الظهر، تحطمت مروحية هجومية تابعة للقوات المسلحة المالية في منطقة سكنية في باماكو أثناء عودتها من مهمة عملانية».

«الشرق الأوسط» (باماكو)
العالم جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

تبنَّت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة الإرهابي»، هجوماً قرب الحدود الموريتانية، أدى إلى مقتل عمر تراوري مدير ديوان رئيس المجلس العسكري الحاكم الانتقالي مع 3 من مرافقيه، إضافة إلى مسؤوليتها عن هجوم في كمين آخر نفذته (الأربعاء) الماضي أسفر عن مقتل 7 جنود ماليين. وأفادت الرئاسة المالية (الخميس) بأن عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا، هو أحد القتلى الأربعة الذين سقطوا في هجوم استهدفهم (الثلاثاء) بالقرب من بلدة نارا. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» أنها شنَّت هجوماً آخر (الأربعاء) أسفر عن مقتل 7 جنود في مكمن بين سوكولو وفرابوغو (وسط مالي)، فيما ق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

بعد اغتيال مسؤول بارز في مالي على يد تنظيم متشدد، تكثّف الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية في البلد الأفريقي لإنقاذ «اتفاق السلم» - الموقّع في 2015 - من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ في المنطقة قد يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة» في مالي، اغتيال عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا و3 جنود، إضافة إلى أسْر اثنين آخرين من الجيش. وذكرت الجماعة في بيان أنها نصبت «مكمناً للجيش بين نارا وغيري، الثلاثاء الماضي، وقتلت مدير الديوان و3 جنود وأسَرَت اثنين، واستحوذت على أسلحة، فيما أصيب عنصر من الجماعة»، وت

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.