حقوقيون يطالبون بمحاسبة «منتهكي القانون الدولي» في ليبيا

دورية أمنية تضبط 20 مهاجراً غير نظامي جنوب شرقي ليبيا (مديرية أمن ربيانة)
دورية أمنية تضبط 20 مهاجراً غير نظامي جنوب شرقي ليبيا (مديرية أمن ربيانة)
TT

حقوقيون يطالبون بمحاسبة «منتهكي القانون الدولي» في ليبيا

دورية أمنية تضبط 20 مهاجراً غير نظامي جنوب شرقي ليبيا (مديرية أمن ربيانة)
دورية أمنية تضبط 20 مهاجراً غير نظامي جنوب شرقي ليبيا (مديرية أمن ربيانة)

بالتزامن مع إعلان السفارة الأميركية في ليبيا دعمها مساعي محاسبة منتهكي القانون الدولي في البلاد، انضم حقوقيون ونشطاء ليبيون إلى دعوات مماثلة، وذلك بعد أسبوع من إصدار البعثة المستقلة لتقصي الحقائق تقريرها، الذي يؤكد تورط بعض الأطراف المحلية في «جرائم» يتعلق معظمها بالمهاجرين غير النظاميين والنساء. ويوثق الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، التي ارتكبتها جميع الأطراف في ليبيا منذ 2016.
ويرى حقوقيون، ومنهم رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة، أن السلطات الليبية مطالبة باتخاذ خطوات جادة وحاسمة لمعالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نُشيد ونُرحب بما جاء في التقرير النهائي لبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق الخاصة بليبيا، ونؤكد أن ما جاء في التقرير ما هو إلا نسبة قليلة أمام الكم الهائل والسجل الطويل والمروع لانتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا». داعياً إلى اتخاذ خطوات جادة وحاسمة من جانب أطراف الصراع، بهدف تعزيز سيادة القانون والعدالة، وإنهاء الإفلات من العقاب، وضمان حقوق الضحايا والمتضررين، والأخذ بما جاء في التوصيات الختامية للتقرير، وهي المطالب التي ينادي بها عديد الحقوقيين في البلاد.
وتضمن التقرير قائمة طويلة من التوصيات، منها التحقيق مع الأفراد المتهمين بارتكاب انتهاكات وتجاوزات تتعارض مع القانون، ونزع السلاح والتسريح، وإعادة الإدماج وإعادة التأهيل بشكل فعال لإنشاء قوات مسلحة وأمنية موحدة، تماشياً مع المعايير والممارسات الدولية. إضافة إلى وقف جميع المحاكمات العسكرية للمدنيين، ووقف تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية ضد المدنيين، وإنهاء تجريم الدخول والإقامة غير النظامييْن للمهاجرين في ليبيا، والإفراج الفوري عن المهاجرين المحتجزين تعسفياً، مع إغلاق السجون السرية، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفياً.
في السياق نفسه، غردت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا معلنة مساندة جهود تعقب الجناة المتورطين في جرائم حقوقية. وجاء في التغريدة أن الولايات المتحدة «تشارك القلق العميق، الذي أعربت عنه بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة. وسنواصل الوقوف إلى جانب الشعب الليبي، واستخدام الأدوات والسلطات المتاحة لنا لمساءلة منتهكي حقوق الإنسان».
كما نشر السفير السويسري لدى تونس وليبيا، جوزيف رينجلي، تغريدة عبر حسابه على «تويتر»، أعرب فيها عن قلقه إزاء ما توصل إليه التقرير النهائي لبعثة تقصي الحقائق في ليبيا، والذي عُرض في مجلس حقوق الإنسان في جينيف. وقال إن السلام «سيكون بعيداً إذا لم يتم التركيز على المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، ولذلك يتوجّب وجود متابعة وخطوات ملموسة».
في المقابل، علق أحمد حمزة على رد وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، بالقول إنه يفتقر إلى «الحقائق والأدلة، وهو سرد تعبيري لا يرقى لمستوى الرد الفني والموضوعي».
وفيما يقول التقرير إن سلطات الدولة والكيانات التابعة لها «شاركت مراراً وتكراراً في الانتهاكات التي نشأت في سياق الاحتجاز»، يرى المحلل السياسي الليبي محمد الأسمر، أن الحالة الأمنية غير المستقرة هي التي تجعل الليبيين أنفسهم عرضة للجريمة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن السياسيين في السلطة التنفيذية «فشلوا فشلاً ذريعاً في إرساء دعائم الأمن والسلام، لأن ليبيا ما زالت تعاني على مستوى سكانها، أو الوافدين».
وفي بيان لها، دعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى تعيين مقرر دولي خاص بحقوق الإنسان في ليبيا، أو اعتماد إنشاء آلية دولية دائمة، تعنى برصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في البلاد، من أجل ضمان متابعة مدة التزام السلطات الليبية بالتزاماتها إزاء كل ما تضمنه تقرير تقصي الحقائق الأخير. وتأتي هذه التطورات في الملف الحقوقي، بينما يتواصل العد التنازلي أمام أفرقاء الصراع والبعثة الأممية نحو إجراء الانتخابات العامة المأمولة خلال العام الحالي، كما سبق وأعلن المبعوث الأممي لدى ليبيا، عبد الله باتيلي.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.