أميركا ترحب بتعهد القضاء التونسي بحماية الدبلوماسيين الأجانب

السلطات تراجعت عن اتهام بعض المعتقلين بـالاتصال بـ«أطر أجنبية للإضرار بالبلاد»

أحمد نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة في ندوة خصصت لموضوع الاعتقالات السياسية في تونس (إ.ب.أ)
أحمد نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة في ندوة خصصت لموضوع الاعتقالات السياسية في تونس (إ.ب.أ)
TT

أميركا ترحب بتعهد القضاء التونسي بحماية الدبلوماسيين الأجانب

أحمد نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة في ندوة خصصت لموضوع الاعتقالات السياسية في تونس (إ.ب.أ)
أحمد نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص» المعارضة في ندوة خصصت لموضوع الاعتقالات السياسية في تونس (إ.ب.أ)

أعربت الولايات المتحدة الأميركية، اليوم، عن ترحيبها بتأكيد القضاء التونسي على تمتع الدبلوماسيين الأجانب بالحماية، بموجب القانون ووفقاً للاتفاقيات الدولية، لكنها جددت في الوقت نفسه تعبيرها عن القلق حيال اعتقال شخصيات سياسية وتواصل احتجازها.
وأكدت وزارة الخارجية الأميركية في بيان صدر عنها، نقلته سفارتها لدى تونس اليوم، ترحيب بلادها بما صدر من تعهد بتأمين بيئة أفضل للدبلوماسيين للقيام بعملهم، وجددت التعبير عما يساورها من «قلق حيال اعتقال شخصيات سياسية واستمرار احتجازها»، مشيرة إلى أنها «تضم صوتها إلى أصوات التونسيين المطالبين بمسار قضائي عادل وشفاف للجميع».
وجاء الترحيب الأميركي بعد رسالة حنان قداس، المتحدثة باسم القطب القضائي التونسي لمكافحة الإرهاب والنيابة العامة، التي أكدت فيها أن البعثات الدبلوماسية لدى تونس «تعمل في ظل حماية القانون والدولة بمختلف مؤسساتها، وطبقاً للمعايير والاتفاقيات الدولية»، داعية أفرادها إلى «مواصلة العمل بشكل أفضل من السابق» باعتبار أن تونس «ستبقى بلد الحقوق والحريات وعلوية القانون، ومنفتحة على عالمها، وملتقى لكل الحضارات».
وكان القضاء التونسي قد تراجع عن توجيه اتهامات لبعض المعتقلين في قضية «التآمر ضد أمن الدولة الداخلي والخارجي» بربط «اتّصالات ولقاءات مع أطر دولة أجنبية بغرض الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية الدبلوماسية»، وهو ما يعني تبرئة جميع الدبلوماسيين الأجانب المعتمدين لدى تونس من تهمة «التدخل في الشأن الداخلي للبلاد»، والإبقاء فقط على الاتهامات الموجهة إلى الناشطين السياسيين والقضاة والإعلاميين والمحامين المحالين إلى القضاء في ملف التآمر على أمن الدولة، الذي انطلق منذ أكثر من شهرين، وأدى إلى اعتقال قيادات تونسية عدة. غير أن هيئة الدفاع عن السياسيين المعتقلين احتجت على تغيير النيابة العامة التونسية موقفها بشكل سريع، وقالت إن هذا التحول جرى بإيعاز واضح من السلطة التنفيذية، مؤكدة أنها «انتقلت من توجيه تهمة التخابر للمعتقلين بالاستناد إلى هذه اللقاءات، إلى تبرئة الدبلوماسيين المعنيين حفاظاً على مصلحة البلاد، والإبقاء على إدانة التونسيين المحتجزين»، موضحة أن النيابة العامة «هي التي ذكرت بأن المتهمين يسعون للإيهام بمساندة دبلوماسيين أجانب لهم، وهي التي أقحمتهم بأسمائهم وصفاتهم في هذا الملف، كما عمدت إلى إضافة صورهم إلى أوراق القضية، قبل أن تتراجع عن هذه الخطوة، في محاولة منها لتدارك النتائج الكارثية لتصرفها اللامسؤول»؛ على حد تعبيرها.
على صعيد متصل، أشرفت نجلاء بودن، رئيسة الحكومة التونسية، أمس، على جلسة عمل وزارية خصصت للتباحث بشأن التعامل مع الجرائم المتصلة بمواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد يوم واحد فقط من لقائها رئيس الجمهورية قيس سعيد، ودعوته خلال اللقاء إلى ملاحقة «دعاة الانقلاب على السلطة، ومن نشروا تعليقات حول شغور منصب رئيس الدولة». وبعد هذا اللقاء عبرت قيادات سياسية عدة معارضة للمسار السياسي للرئيس سعيد عن مخاوفها من أن تطالها متابعات أمنية وقضائية جديدة. ومن خلال ما جرى تسريبه من معطيات عن هذا اللقاء، فإن التتبع القضائي سيشمل المشرفين على بعض «الصفحات التحريضية، والحسابات الوهمية» على مواقع التواصل الاجتماعي، والمتهمين بـ«تسريب الوثائق الإدارية والأسرار المهنية عبر هذه المواقع، إضافة إلى قرصنة الصفحات الرسمية، وإحداث صفحات وهمية وشبيهة بصفحات هياكل الدولة والشخصيات الرسمية».
من ناحية أخرى، كشف ياسين مامي، النائب بالبرلمان الجديد، عن موعد عقد أول جلسة عامة للبرلمان المنبثق عن انتخابات 2022، مؤكداً أنها ستعقد يوم الثلاثاء 11 أبريل (نيسان) الحالي، وستخصص لمناقشة مشروع قانون النظام الداخلي المتعلق بكيفية تسيير المجلس النيابي. كما أكد أن البرلمان الحالي لديه «إرادة كبيرة للتغيير والقطع مع الماضي»، وأن أولوياته تتمثل في «النظر في القوانين ذات البعد الاقتصادي»؛ على حد تعبيره.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.