فنلندا تنضم لـ«الأطلسي» اليوم... وموسكو تهدد بإجراءات

خطوة ستضاعف طول حدود الحلف مع روسيا وتغيّر المشهد العسكري من البلطيق إلى القطب الشمالي

سارية بلا علم أمام مقر الناتو في بروكسل بانتظار رفع علم فنلندا اليوم (إ.ب.أ)
سارية بلا علم أمام مقر الناتو في بروكسل بانتظار رفع علم فنلندا اليوم (إ.ب.أ)
TT

فنلندا تنضم لـ«الأطلسي» اليوم... وموسكو تهدد بإجراءات

سارية بلا علم أمام مقر الناتو في بروكسل بانتظار رفع علم فنلندا اليوم (إ.ب.أ)
سارية بلا علم أمام مقر الناتو في بروكسل بانتظار رفع علم فنلندا اليوم (إ.ب.أ)

تنضم فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، اليوم (الثلاثاء)، لتستكمل انتقالاً سريعاً إلى التحالف العسكري في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا. وسارعت موسكو إلى إعلان عزمها تعزيز قدراتها العسكرية في الاتجاهين الغربي والشمالي الغربي كردّ فعل على هذا الانضمام. ويضيف انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي جيشاً قوياً إلى قوات التحالف، ويساهم في تعزيز دفاعات جناحه الشرقي في مواجهة أيّ هجوم روسي.
ولدى فنلندا حدود مع روسيا تمتد لمسافة 1300 كيلومتر، ما يعني زيادة طول حدود الحلف مع روسيا إلى المثلين تقريباً.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، للصحافيين في بروكسل: «سنرحب غداً (اليوم) بانضمام فنلندا لتصبح العضو الحادي والثلاثين في حلف شمال الأطلسي، ما سيعزز من أمن فنلندا وقوة تحالفنا». وأشاد بالخطوة باعتبارها «تاريخية». وأضاف: «سنرفع العلم الفنلندي للمرة الأولى هنا في مقر الحلف. سيكون يوماً طيباً لأمن فنلندا وأمن بلدان الشمال الأوروبي ولحلف شمال الأطلسي كله».
وقال مكتب الرئيس الفنلندي، سولي نينيستو، إن الرئيس سيتوجه إلى بروكسل للمشاركة في الاحتفال. ودفعت الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير (شباط) من العام الماضي، فنلندا وجارتها السويد لطلب الحصول على عضوية الحلف، متخليتين عن عقود من عدم الانحياز العسكري.
وأزيحت آخر عقبة في طريق عضوية فنلندا الأسبوع الماضي بعد أن صوّت البرلمان التركي بالمصادقة على طلب هلسنكي، لكنه أبقى طلب السويد معلقاً.
ويشير انضمام فنلندا إلى الحلف الأطلسي إلى أنّ التحالف الدفاعي الذي تقوده الولايات المتّحدة يضاعف طول حدوده مع روسيا ويغيّر المشهد العسكري من البلطيق إلى القطب الشمالي.
وستكتمل الصورة الجديدة للحلف لدى انضمام السويد إليه. وطلبت ستوكهولم الانضمام إلى الحلف بالتزامن مع فنلندا، لكنّ تركيا والمجر ما زالتا تعرقلان عضويتها. وقال جيمي شيا، المسؤول الكبير السابق في الأطلسي، إنّ «فنلندا تحتاج حالياً إلى الناتو، لكنّ الناتو يحتاج أيضاً إلى فنلندا في مواجهة عداء روسيا».
وأضاف شيا، الذي يعمل باحثاً مشاركاً في مركز أبحاث «تشاتام هاوس»، أنّ مهمة «الدفاع الجماعي في مواجهة روسيا ستكون أسهل حالياً مع الوصول إلى الأراضي الفنلندية، والقدرات التي ستقدّمها فنلندا».
وما زالت تركيا تؤخر البتّ في طلب السويد، قائلة إن ستوكهولم تؤوي أعضاء فيما تعتبرها أنقرة جماعات إرهابية، وهو اتهام تنفيه السويد. وتطالب تركيا بتسليمهم كخطوة نحو التصديق على عضوية السويد. وأحجمت المجر أيضاً عن قبول انضمام السويد، وعزت ذلك إلى استيائها من الانتقادات الموجهة لسياسات رئيس الوزراء فكتور أوروبان. لكن دبلوماسيين في الحلف يقولون إنهم يتوقعون أن توافق بودابست على مسعى السويد إذا رأت تحركاً من تركيا لفعل ذلك. وقال ستولتنبرغ: «دخل الرئيس بوتين الحرب ضد أوكرانيا بهدف واضح، وهو تقليص حلف شمال الأطلسي... (لكنه) يحصل على العكس تماماً».
وتعهد ستولتنبرغ بالعمل بجد لضم السويد إلى الحلف في أقرب وقت ممكن. كما شدد على أن مسؤولين من الحلف والسويد يعملون بالفعل لتقريب السويد من الحلف أثناء انتظارهم إتمام إجراءات العضوية. وفي موسكو، أعلن نائب وزير الخارجية ألكسندر غروشكو أن روسيا ستعزز قواتها في مناطق غرب وشمال غربي البلاد. وقال غروشكو لوكالة الإعلام الروسية: «سنعمل على تعزيز إمكاناتنا العسكرية في الاتجاهين الغربي والشمالي الغربي، وفي حالة انتشار قوات الناتو الأخرى في فنلندا، سنتخذ خطوات إضافية لضمان الأمن العسكري الموثوق لروسيا». وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قال العام الماضي إن روسيا تتخذ «الإجراءات المضادة المناسبة»، وستشكل 12 وحدة وفرقة في منطقتها العسكرية الغربية. ويسعى التحالف منذ سنوات إلى حماية حلفائه الثلاثة في البلطيق؛ إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، من أيّ هجوم روسي محتمل. ويشكّل ممرّ سوالكي مصدر قلق. وهذا الشريط الممتدّ بطول 65 كيلومتراً بين جيب كالينينغراد الروسي وبيلاروس يتيح، إذا ما تمّت السيطرة عليه، عزل دول البلطيق الثلاث عن بولندا وبقية حلفائها في الناتو.
وفُتح طريق جديد مع هلسنكي على بُعد أقلّ من 70 كيلومتراً من العاصمة الإستونية تالين على الجانب الآخر من بحر البلطيق، لنقل تعزيزات بسرعة. وأكد وزير الدفاع الإستوني، هانو بيفكور، لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ «عضوية فنلندا ستعزّز الدفاعات الأمامية للناتو وستساهم في الردع، لكنّ القلق بشأن سوالكي ما زال قائماً لأنّ بيلاروس أصبحت بحُكم الأمر الواقع منطقة عسكرية لروسيا»، داعياً إلى تعزيز الخطط الدفاعية لدول البلطيق. وإلى الشمال، ستساعد فنلندا التحالف في الدفاع عن شريط رفيع من الأراضي النرويجية المتاخمة لروسيا في شبه جزيرة كولا، بحسب المحلّل يان كالبيرغ من مركز تحليل السياسة الأوروبية.
وفي حين تزداد النزاعات بين روسيا والصين والدول الغربية للسيطرة على منطقة القطب الشمالي، يُعتبر تعزيز موقع «الناتو» في هذه المنطقة مكسباً له.
إلى ذلك، تنطوي إضافة 1300 كيلومتر من الحدود البرية مع روسيا على ثغرات حتماً، وضمان الدفاع عن هذه الحدود يمثّل تحدّياً لـ«الناتو». وتعهّد الكرملين تعزيز قواته بالقرب من هذه الحدود في السنوات المقبلة، لكنّ محلّلين يقولون إنّ موسكو ستستغرق سنوات لإعادة بناء القدرات التي خسرتها في الحرب في أوكرانيا.
وبرأي هؤلاء المحلّلين، فإنّه من أجل تجنّب استفزاز موسكو، يجب على فنلندا أن تحذو حذو النرويج المجاورة، وألا تسمح لقوات حلف شمال الأطلسي بالتمركز بشكل دائم على أراضيها. والجيش الفنلندي مدرّب جيداً على القتال ويتمتّع بخبرة في مواجهة الظروف الجوية القاسية.
وقالت الباحثة في المعهد الفنلندي للشؤون الدولية، مينا ألاندر، إنّ «فنلندا إحدى الدول الأوروبية القليلة التي لم تتوقف أبداً عن الاستعداد لحرب محتملة».
وفي حين قلّصت جيوش أخرى في دول أوروبا الغربية عددها بعد الحرب الباردة، التزمت فنلندا بنموذج تجنيد اتُّبع بعد الغزو الذي قاده الاتّحاد السوفياتي في 1939.


مقالات ذات صلة

سفيرة السعودية تقدم أوراق اعتمادها لرئيس فنلندا

الخليج سفيرة السعودية تقدم أوراق اعتمادها لرئيس فنلندا

سفيرة السعودية تقدم أوراق اعتمادها لرئيس فنلندا

قدمت نسرين الشبل، السفيرة السعودية في هلسنكي، أوراق اعتمادها للرئيس الفنلندي ساولي نينستو. ونقلت السفيرة، خلال الاستقبال، تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، للرئيس الفنلندي. وتعد نسرين الشبل ضمن 5 سعوديات في السلك الدبلوماسي، إلى جانب الأميرة ريما بنت بندر لدى الولايات المتحدة، وآمال المعلمي لدى النرويج، وإيناس الشهوان لدى السويد، وهيفاء الجديع لدى الاتحاد الأوروبي. ويأتي تعيينهن في إطار توجهات المملكة بتعزيز مشاركة النساء في الحياة العامة وتمكينهن في سوق العمل وتولي المناصب القيادية.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
العالم فنلندا تبني سياجاً على حدودها مع روسيا

فنلندا تبني سياجاً على حدودها مع روسيا

بعد أقل من أسبوعين على انضمامها لحلف شمال الأطلسي «ناتو» بدأت فنلندا إقامة أول قطاع من سياج على حدودها مع روسيا اليوم (الجمعة)، وفقاً لوكالة أنباء «رويترز». وقررت الحكومة العام الماضي بناء السياج تحسباً في المقام الأول لتحرك روسيا نحو إغراق الحدود بالمهاجرين. وتتحسب فنلندا لتكرار الأحداث التي وقعت على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي في بولندا في شتاء عام 2021 حين اتهم التكتل روسيا البيضاء المجاورة و«الحليف الوثيق لروسيا» بصنع أزمة من خلال نقل مهاجرين من الشرق الأوسط ومنحهم تأشيرات دخول ودفعهم نحو الحدود. ومن المقرر أن يغطي السياج الفنلندي المصنوع من شبكة من الحديد الصلب نحو 200 كيلومتر من الأج

العالم فنلندا تجري أول تدريباتها مع الناتو منذ انضمامها إليه

فنلندا تجري أول تدريباتها مع الناتو منذ انضمامها إليه

أعلنت فنلندا، اليوم الخميس، أنّها أجرت أول تدريبات عسكرية منذ انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) حيث رست سفينتان ألمانية وبرتغالية بشكل رمزي في ميناء هلسنكي. وقالت البحرية الفنلندية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية» إنّ الفرقاطتين «مكلنبورغ فوربومرن» و«بارتولوميو دياس» سترسوان وتبقيان في العاصمة حتى يوم (الأحد). وقبل وصولها إلى هلسنكي، شاركت سفن الناتو، يوم الأربعاء الماضي، في تدريب نظمه الأسطول الساحلي الفنلندي في خليج فنلندا بالقرب من روسيا مع ثلاث سفن من الدولة الشمالية. وقالت البحرية في بيان: «هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها فنلندا والأسطول الساحلي مناورة وزيارة منذ انضمام فنلن

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
العالم فنلندا: سانا مارين ستتخلى عن زعامة «الاجتماعي الديمقراطي» بعد الهزيمة الانتخابية

فنلندا: سانا مارين ستتخلى عن زعامة «الاجتماعي الديمقراطي» بعد الهزيمة الانتخابية

أعلنت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين التي هزمت في الانتخابات التشريعية الأحد، أنها ستتخلى عن زعامة الحزب الاجتماعي الديمقراطي في سبتمبر (أيلول) مستبعدة أن تتولى منصبا في الحكومة المقبلة. وقالت مارين (37 عاما) التي كان مستقبلها السياسي موضوع تكهنات كثيرة، اليوم الأربعاء، «توصلت إلى خلاصة أنني لن أسعى لولاية ثانية في زعامة الحزب خلال المؤتمر العام المقبل في سبتمبر».

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
العالم فنلندا رسمياً العضو الـ31 في «الناتو» وبلينكن يتسلم وثيقة انضمامها

فنلندا رسمياً العضو الـ31 في «الناتو» وبلينكن يتسلم وثيقة انضمامها

رُفع العلم الفنلندي في مقر حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، أمس (الثلاثاء)، بعدما باتت الدولة الاسكندنافية رسمياً العضو الـ31 في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعد سياسة عدم انحياز عسكري اعتمدتها على مدى ثلاثة عقود.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».