تخفيض إنتاج النفط... قرار احترازي لمواجهة شبح الركود

تخفيض إنتاج النفط... قرار احترازي لمواجهة شبح الركود
TT

تخفيض إنتاج النفط... قرار احترازي لمواجهة شبح الركود

تخفيض إنتاج النفط... قرار احترازي لمواجهة شبح الركود

اعتبر خبراء في مجال الطاقة إعلان السعودية ومنتجين آخرين للنفط خفضاً طوعياً للإنتاج، اليوم (الأحد)، «دعامة جديدة لمراعاة ظروف الاقتصاد العالمي»، وسط أزمات القطاع المالي والمصرفي التي أثارت مخاوف من أزمة عالمية جديدة قد تطول استقرار أسواق النفط.

وقررت السعودية خفض الإنتاج بمعدل نصف مليون برميل يومياً، أي نحو 5% من إنتاجها. وتبعتها دول عربية أخرى وروسيا، ليبلغ حجم التخفيض أكثر من 1.5 مليون برميل.

خطوة استباقية

وقال كبير مستشاري وزير البترول السعودي سابقاً الدكتور محمد الصبان لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار الخفض «خطوة استباقية واحترازية من قبل التحالف (أوبك بلس) للدول التي تتحمل تخفيض الإنتاج إلى نهاية العام، تحسباً للضبابية وعدم اليقين في أسواق النفط في ظل ارتفاع المخاطر، وزيادة التوقعات بالركود الاقتصادي في الدول الصناعية».

وأشار إلى أن «كبرى البلدان المنتجة للنفط اتخذت هذا القرار، ومن الممكن أن تنضم إليها بعض الدول الأخرى لاحقاً في هذا الإجراء المهم في ظل توقعات الغرب بأن أسعار النفط ستستمر في الانخفاض على عكس ما يشاهد في الفترة الراهنة بوصول الأسعار إلى مستوى 80 دولاراً لبرميل النفط الخام».

وأكد الصبان أن «تحالف (أوبك بلس) ناجح تاريخياً ويحقق استقراراً لأسواق النفط اقتصادياً، بعيداً عن السياسة وما يصوره الغرب والبلدان الصناعية، ويهتم أيضاً بإحداث التوازن بين العرض والطلب».

قرارات «لاستقرار الأسواق»

من جانبه، أفاد خبير الطاقة محمد القباني لـ«الشرق الأوسط» بأن القرارات دافعها «استقرار الأسواق واستمرار تدفق الإمدادات النفطية وتوازنها مع الطلب». وأوضح أن «السعودية تسعى دوماً بدورها القيادي في المنظمة وقدراتها المؤثرة في الأسواق إلى تحقيق التوازن الأمثل بين العرض والطلب، وهو ما يسهم بدوره في استقرار الأسواق، وتجنيبها الأزمات بتحقيق السعر العادل للمنتجين والمستهلكين على حد سواء».

وذكر أن قرارات المنظمة تختلف من فترة إلى أخرى، أخذاً بالاعتبار جميع الظروف المحيطة بالصناعة، وهي تارةً ترفع الإنتاج لتوفير كميات كافية، وتارةً تخفض للتقليص.

وأضاف: «بفضل هذه القرارات الفنية والإدارية البحتة والصارمة المتجردة من العواطف أو الأجندات الخارجية، وبتركيزها فقط على أساسيات السوق، نجد أن المنظمة في الأعوام القليلة الماضية نجحت بشكل لافت ومختلف في إدارة الأسواق، وحمايتها من أزمات عدة، استفاد منها بشكل خاص المستهلكون والمنتجون، والاقتصاد العالمي بشكل عام».



غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.