إلى أي حد ينعكس ارتفاع إنتاج النفط على حياة الليبيين؟

النائب أوحيدة أكد أن الأمور لن تتغير كثيراً ما دامت «إدارة الفساد» على حالها

مستودع الزاوية النفطي بغرب ليبيا (شركة البريقة لتسويق النفط)
مستودع الزاوية النفطي بغرب ليبيا (شركة البريقة لتسويق النفط)
TT

إلى أي حد ينعكس ارتفاع إنتاج النفط على حياة الليبيين؟

مستودع الزاوية النفطي بغرب ليبيا (شركة البريقة لتسويق النفط)
مستودع الزاوية النفطي بغرب ليبيا (شركة البريقة لتسويق النفط)

مع التطلع المتزايد لرفع الإنتاج إلى مليوني برميل يومياً، سجلت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا معدلات متصاعدة من الإنتاج تناهز حوالي مليون ومائتي ألف برميل بشكل يومي، في انتعاشة يعزوها نواب ليبيون إلى تفاهمات أفرقاء السياسة في البلد، الذي يتصدر القارة الأفريقية في احتياطيات الذهب الأسود، بواقع 48 مليار برميل.
وسجّل إنتاج النفط الليبي قبل «الثورة»، التي أطاحت بالرئيس الليبي السابق معمر القذافي في عام 2011، مليوناً و600 ألف برميل يومياً. وخلال الأعوام التي تلت الثورة، وما تبعها من اقتتال أهلي، واجه القطاع أزمات شتى، على خلفية توظيفه كورقة ضغط في الصراع بين الأفرقاء، وهو ما أثر بشدة على تراجع الإنتاج، قبل أن يشهد انفراجة في الفترة الأخيرة.
ومنذ تصدير أولى شحنات النفط الخام من ميناء البريقة في الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) 1961، يمثل النفط 98 في المائة من إيرادات الدولة الليبية (عضو منظمة «الأوبك»). ووسط تساؤلات حول نصيب المواطن الليبي من انتظام وتحسّن إنتاج النفط، يصف عضو مجلس النواب الليبي، عبد السلام نصية، التصاعد التدريجي لمعدلات الإنتاج، بالأمر الجيد، خصوصاً في هذا التوقيت الذي يشهد ارتفاعاً في معدلات الأسعار، حسب تعبيره. لكن عدداً من المراقبين يتساءلون إلى أي حد ينعكس ارتفاع إنتاج النفط الليبي بشكل إيجابي على حياة الليبيين؟
بداية يقول نصية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «لا ننسى أن النفط هو المورد الوحيد للدخل، وبالتالي فإن استقرار الإنتاج، أو تصاعده، يحافظان على استقرار الموازنة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية». وفي هذا السياق، يرى عضو مجلس النواب أن هذا الارتفاع «لم يحدث نتيجة تحييد القطاع النفطي عن الاستقطاب السياسي؛ فالقطاع لم يخرج من دائرة الاستقطاب السياسي، بل جاء استقراره نتيجة لصفقة سياسية بين أطراف الصراع، وكذلك بسبب الضغوط الخارجية لاستمرار الإنتاج، وعدم استخدامه ورقة سياسية».
ويعتقد النائب الليبي أن القطاع النفطي «ما زال تحت تأثير التجاذبات السياسية، ولا يمكن الخروج منها إلا بإعادة هيكلته جذرياً، وعندها فقط يمكن أن ينعكس إنتاج النفط على التنمية بصورة شفافة حقيقية، ويشعر المواطن بهذه الثروة».
أما النائب ميلود الأسود، فيعتقد أن زيادة الإنتاج مرتبطة بحالة الاستقرار، التي يشهدها القطاع النفطي، وبعده عن الصراعات، وكذلك إلى الميزانية الضخمة التي تم تخصيصها للقطاع بأكثر من ثلاثين مليار دينار ليبي (الدولار يقابل 5.09 دينار). ويوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك ترتيبات مالية بقيمة 34 مليار دينار ليبي تقريباً، جرى تخصيصها العام الماضي على شكل ترتيبات مالية بين حكومة عبد الحميد الدبيبة، والمجلس الرئاسي، والمصرف المركزي، لدعم قطاع النفط.
ومع ذلك لا يتوقع عضو مجلس النواب أن ينعكس انتعاش القطاع النفطي على الليبيين «لأن مشكلة المواطن لا تتعلق بإنتاج النفط في الوقت الراهن، فالموازنة كانت بعيدة عن العجز خلال السنوات الأخيرة، لكن الانعكاس الإيجابي على حال المواطن مرتبط بالاستقرار السياسي، وإنهاء الانقسام، وتوحيد المؤسسات، لتكون هناك رؤية تنموية بمدد قصيرة عاجلة قصد رفع المعاناة عن كاهل المواطنين، بالإضافة إلى رؤى تنموية طويلة الأمد لتحسين الأداء الاقتصادي بشكل عام».
في السياق ذاته، يرى عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة، أن التفاهمات السياسية التي أتت بفرحات بن قدارة رئيساً للمؤسسة الوطنية للنفط، تمكنت من «تحييد» هذه المؤسسة عن الصراع السياسي، واصفاً ذلك الأمر بالجيد لسلامة المؤسسة، وتنامي قدراتها الإنتاجية، مستبعداً شعور المواطنين الليبيين بمردود إيجابي على حياتهم، بعد انتظام وزيادة القدرات الإنتاجية من النفط، وقال لـ«الشرق الأوسط»، «الأمر لن يتغير كثيراً طالما ظلت إدارة الفساد على حالها، على أمل أن يتغير المشهد بانتخابات عامة رئاسية وبرلمانية مقبولة، قد تحقق الحد المطلوب من الاستقرار، والسيادة الوطنية، وسيادة القانون». وكثيراً ما تقع المنشآت النفطية في عموم ليبيا رهينة في قبضة المحتجين، الذين يطالبون السلطات بمطالب تتمثل في زيادة الاستحقاقات المالية أو الرعاية الطبية لهم ولأسرهم، وذلك بتعمدهم تعطيل العمل في بعض المنشآت النفطية، وهو ما تسبب في تراجع معدلات الإنتاج اليومي، وفق مؤسسة النفط.


مقالات ذات صلة

تراجع خسائر «يو إس» الأميركية للطاقة في الربع الأول

الاقتصاد حقل نفط تابع لشركة «يو إس» الأميركية للطاقة (الموقع الإلكتروني للشركة)

تراجع خسائر «يو إس» الأميركية للطاقة في الربع الأول

أعلنت شركة الطاقة الأميركية «يو إس إنرجي كورب» يوم الاثنين، تراجع خسائرها وإيراداتها خلال الربع الأول من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد حفارات تعمل في حقل نفطي (رويترز)

النفط يقفز 4 %.. وبرنت يتخطى 66 دولاراً للبرميل

قفزت أسعار النفط بنحو 4% بعد أن أعلنت أميركا والصين تخفيف بعض إجراءاتهما الجمركية، مما عزَّز الآمال بإنهاء الحرب التجارية بين أكبر مستهلكين للنفط في العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مساهم يراقب الشاشات في سوق دبي (رويترز)

أسواق الأسهم الخليجية تواصل مكاسبها بعد اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والصين

واصلت أسواق الأسهم الخليجية ارتفاعها، في بداية تداولات يوم الاثنين؛ مدعومةً بارتفاع أسعار النفط وتطورات المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
الاقتصاد مضخات نفط في حقل داكينغ النفطي بمقاطعة هيلونغجيانغ بالصين (أرشيفية-رويترز)

النفط يرتفع 3 % بعد تهدئة تجارية بين واشنطن وبكين

ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 3 في المائة، يوم الاثنين، عقب اتفاق بين الصين والولايات المتحدة على تعليق الرسوم الجمركية المتبادلة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد مصفاة «غرينغماوث أولي» النفطية الوحيدة في اسكوتلندا (أ.ف.ب)

ارتفاع النفط مع تهدئة محادثات التجارة الأميركية - الصينية توترات السوق

ارتفعت أسعار النفط يوم الاثنين، بعد أن أشاد الجانبان في محادثات التجارة الأميركية - الصينية خلال عطلة نهاية الأسبوع بالتقدم الذي أحرزاه.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

«قفزة تاريخية»... ما أسباب زيادة تحويلات المصريين بالخارج للدولار؟

سجلت تحويلات المصريين بالخارج للدولار قفزة كبيرة العام الماضي (أ.ف.ب)
سجلت تحويلات المصريين بالخارج للدولار قفزة كبيرة العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

«قفزة تاريخية»... ما أسباب زيادة تحويلات المصريين بالخارج للدولار؟

سجلت تحويلات المصريين بالخارج للدولار قفزة كبيرة العام الماضي (أ.ف.ب)
سجلت تحويلات المصريين بالخارج للدولار قفزة كبيرة العام الماضي (أ.ف.ب)

سجلت تحويلات المصريين بالخارج للدولار على مدار عام ارتفاعاً بمعدل 72.4 في المائة، في قفزة وصفها «البنك المركزي» المصري بـ«التاريخية»، وعدّها مراقبون وخبراء «مؤشراً واضحاً على استعادة الانضباط في سوق الصرف التي شهدت فوضى كبيرة خلال الأعوام الماضية في ذروة الأزمة الاقتصادية».

وارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الفترة من مارس (آذار) 2024 وحتى فبراير (شباط) 2025، بمعدل 72.4 في المائة، وبمقدار 13.7 مليار دولار؛ لتصل إلى نحو 32.6 مليار دولار، وفق بيان لـ«المركزي»، الاثنين.

وتستهدف الحكومة المصرية، حسب خطة العام المالي الحالي الذي ينتهي في 30 يونيو (حزيران) المقبل، الوصول بتحويلات المصريين في الخارج إلى 33 مليار دولار، مع زيادتها خلال السنوات المقبلة ضمن خطة تستهدف زيادة الحصيلة الدولارية للبلاد من مصادر متعددة بنحو 70 مليار دولار حتى 2027.

البنك المركزي المصري يصف تحويلات المغتربين بـ«التاريخية» (رويترز)

وقال عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب (البرلمان) طارق السيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأرقام المعلنة تعكس «تحقيق السياسة النقدية المصرية لأهدافها الرئيسية فيما يتعلق بالحفاظ على مرونة سعر الصرف وضمان عودة الانتظام إلى الجهاز المصرفي المصري بشكل كامل؛ ليكون مستوعباً لكل عمليات التحويل المالي».

وكانت تحويلات المصريين بالخارج سجلت تراجعاً إلى نحو 21.9 مليار دولار خلال العام المالي 2023-2024 مقابل نحو 22.1 مليار دولار من 2022-2023 حسب بيانات «المركزي»، على خلفية وجود سوق موازية (سوداء) للجنيه المصري واتساع الفجوة بين السعرَيْن الرسمي وغير الرسمي، والقيود التي فُرضت للحصول على العملة الأجنبية بالبنوك، سواء للأفراد أو الشركات.

ويرى البرلماني المصري أن «المصريين بالخارج باتوا يدركون وضوح السياسات النقدية للدولة واستقرار الاقتصاد المصري، فضلاً عن ملاحقة الأجهزة الأمنية والرقابية عمليات استبدال العملة خارج الإطار المصرفي».

وتعلن وزارة الداخلية المصرية بين الحين والآخر إحباط عمليات استبدال العملة خارج الأطر الرسمية واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المضبوطين، وهي إعلانات شهدت تراجعاً في أعدادها وكذلك المبالغ المالية المضبوطة مقارنة بفترة الذروة مطلع العام الماضي التي شهدت عمليات ضبط يومي.

تصدّت الحكومة المصرية بقوة للسوق الموازية لاستبدال العملة (رويترز)

وعانت البلاد فجوة بين السعر الرسمي للدولار في البنوك عند نحو 30 جنيهاً في وقت وصل خلاله السعر في «السوق الموازية» إلى 70 جنيهاً، وهي الفجوة التي استمرت أكثر من عام؛ لكنها توقفت بعد قرار «المركزي» تحريك سعر الصرف. ويُتداول الدولار حالياً عند متوسط 50 جنيهاً تقريباً في البنوك صعوداً وهبوطاً.

ووفق عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع» محمد أنيس، فإن الأرقام المعلنة تأتي نتاجاً طبيعياً لاستعادة الانضباط في سوق الصرف التي شهدت فوضى كبيرة خلال ذروة الأزمة الاقتصادية، مشيراً إلى أن المرونة المطبقة بارتفاع وانخفاض قيمة الجنيه وفق متغيرات السوق تؤدي إلى طمأنينة لدى المواطنين بأن تقييم سعر الصرف حقيقي ولن تكون هناك أي تغيرات مفاجئة.

وأضاف أنيس لـ«الشرق الأوسط» أن التحويلات تأتي بشكل تلقائي من المصريين بالخارج على البنوك؛ لكن في الفترات السابقة كانت هناك مسارات أخرى تولّدت عبر السوق الموازية التي يبدو أنها انتهت في الوقت الحالي، متوقعاً استمرار أرقام التحويلات لتكون ما بين 32 و35 مليار دولار لتشكل إحدى الركائز التي تعتمد عليها الحكومة في توفير العملة الأجنبية.