دليل جديد يربط بين «الكوليرا» وتغيرات المناخ

موزمبيق تشهد «أسوأ» انتشار للمرض منذ إعصار «فريدي»

فتاة تتناول جرعة من لقاح الكوليرا الفموي (رويترز)
فتاة تتناول جرعة من لقاح الكوليرا الفموي (رويترز)
TT

دليل جديد يربط بين «الكوليرا» وتغيرات المناخ

فتاة تتناول جرعة من لقاح الكوليرا الفموي (رويترز)
فتاة تتناول جرعة من لقاح الكوليرا الفموي (رويترز)

قدّمت دولة موزمبيق دليلاً جديداً يربط بين تغيرات المناخ ومرض «الكوليرا»، بعدما تم الربط بين إعصار فريدي و«أسوأ» انتشار للمرض، منذ أكثر من عقد، تشهده حالياً الدولة الواقعة جنوب شرق أفريقيا.
ويحدث تفشٍّ للكوليرا بانتظام في موزمبيق بين أكتوبر (تشرين الأول) وأبريل (نيسان) من كل عام، ولكن مع ما يقرب من 21 ألف إصابة و95 حالة وفاة، فإن التفشي الحالي هو «الأكبر» منذ أكثر من عقد، كما قال سيفيرين فون زيلاندر، ممثل منظمة الصحة العالمية بموزمبيق، في مؤتمر صحافي نظمه، الجمعة، المكتب الرئيسي للمنظمة في جنيف، وتحدث خلاله عبر الفيديو من العاصمة «مابوتو».
وربط زيلاندر، خلال المؤتمر بين وصول الإعصار «فريدي» إلى اليابسة وحدوث زيادة في عدد الحالات، لترتفع من أقل من 20 حالة يومياً، إلى 10 أضعاف هذا الرقم.
وتطور الإعصار «فريدي» قبالة سواحل أستراليا، وعبر جنوب المحيط الهندي كله، وسافر أكثر من 8 آلاف كيلومتر، ليصل إلى مدغشقر وموزمبيق أواخر فبراير (شباط)، ثم عاد مرة أخرى وضرب ساحل موزمبيق بعد أسبوعين، قبل أن ينتقل إلى ملاوي، وهو مسار لم يلاحظ في العقدين الماضيين بأي أعاصير في هذا الجزء من العالم، كما قالت الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي في بيان صدر في مارس (آذار) الماضي.
ويقول مجدي علام، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوة الإعصار (فريدي) تعود إلى تغير المناخ، الذي يتسبب في ارتفاع درجة حرارة المحيطات، ومن ثم، تتسبب الطاقة الحرارية المتولدة من سطح الماء في تغذية أعاصير قوية، تكون سبباً في الفيضانات والأمطار الشديدة».
وتتسبب الفيضانات والأمطار الشديدة المصاحبة للأعاصير في انتشار مرض الكوليرا، وهو الرابط الذي كشفته ريتا كولويل، أستاذة البيولوجيا الحاسوبية بجامعة ميريلاند الأميركية، في دراسة لها تم عرضها في 15 ديسمبر (كانون الأول) خلال اجتماع الخريف للاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي عام 2014.
وأوضحت كولويل في دراستها أن المضيف الرئيسي لبكتيريا «ضمة الكوليرا»، المسببة للمرض، هو نوع من العوالق الحيوانية، يعرف باسم «مجدافيات الأرجل»، التي «تزدهر في المياه الأكثر دفئاً، خصوصاً تلك الغنية بالمغذيات، حيث توفر هذه المياه البيئة المناسبة لازدهار العوالق النباتية، وهذه الوفرة تؤدي إلى ازدهار العوالق الحيوانية، ومع الأمطار الشديدة والفيضانات، تدفع المياه البكتيريا المسببة للأمراض من الأنهار نحو التجمعات السكانية عالية الكثافة، فتختلط بمياه الشرب، في المناطق التي تعاني من ضعف في البنية التحتية لمياه الشرب والصرف الصحي».
والتدخل الصحي المتاح لمواجهة تفشي الكوليرا هو التلقيح، حيث تُمنح جرعات من اللقاح في المناطق التي تشهد تفشياً للمرض، وهو ما تفعله منظمة الصحة العالمية في موزمبيق.
ويقول سيفيرين فون زيلاندر، ممثل المنظمة في موزمبيق، إن «حملة التلقيح الأولى ضد الكوليرا بدأت في أواخر فبراير في أربع مقاطعات، وتم إعطاء أكثر من 715 ألف شخص جرعة واحدة من اللقاح، وانطلقت حملة ثانية، الخميس الماضي، في مدينة كيليماني، استهدفت 410 آلاف شخص، وسيتم توسيع برامج التطعيم إلى مقاطعات أخرى، لاستهداف أكثر من مليون شخص».
والأصل أن يُمنح كل شخص جرعتين من اللقاح، إلا أن هناك «نقصاً شديداً» في جرعات اللقاح دفع مجموعة التنسيق الدولية لتوفير اللقاحات، التي تشرف على المخزون العالمي من اللقاح، التابع لمنظمة الصحة العالمية، إلى التوصية في أكتوبر بإعطاء جرعة واحدة، بدلاً من اثنتين عند معالجة حالات تفشي المرض.
وقال حسن قمرول، رئيس وحدة اللقاحات بمكتب إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «التعليق المؤقت لاستراتيجية الجرعتين يعد حلاً طارئاً، ولكن مع استمرار الحالة الوبائية في التدهور، ستصل الحلول المؤقتة إلى حدودها، ولن يكون هناك بديل عن زيادة إنتاج اللقاحات».
ولكن قبل هذا الحل الذي يطرحه قمرول، يشدد محمد الحديدي، الأستاذ في برنامج العلوم الطبية بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، على «أهمية الحل الوقائي، المتمثل في بنية تحتية قوية لمياه الشرب والصرف الصحي، بحيث تسمح باستيعاب مياه الأمطار المحملة بمسببات المرض، وتمنع اختلاطها مع مياه الشرب».


مقالات ذات صلة

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

صحتك إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

كان الملح جزءاً أساسياً من الحضارة لآلاف السنين. وأثبت أنه ذو قيمة كبيرة بصفته مادة حافظة للأغذية، واستُخدم سابقاً عملةً في التجارة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الناس يشعرون بعدم الثقة جرّاء ضغوط في العمل (أ.ف.ب)

نصائح لتعزيز الثقة بالنفس وزيادة القدرات الذهنية

يُعدّ الشعور بعدم الثقة بالنفس من المشاعر التي يصعب التعامل معها، وقد نشعر بها جرّاء عوامل خارجية، مثل اجتماع سيئ مع المدير في العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

«أوزمبيك»... «نافورة شباب» تبطئ الشيخوخة

وجد باحثون أن دواء إنقاص الوزن الشهير «أوزمبيك» قد يبطئ الشيخوخة وله «فوائد بعيدة المدى» تتجاوز ما كان متصوراً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أفريقيا تظهر العلامات على يد طفلة بعد تعافيها من جدري القردة (رويترز)

منظمة الصحة: تفشي جدري القردة في أفريقيا قد ينتهي خلال 6 أشهر

أعرب رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس عن اعتقاده أن تفشي فيروس جدري القردة في أفريقيا قد يتوقف في الأشهر الستة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
TT

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)

اختتم مهرجان «العلمين الجديدة» نسخته الثانية بحفل غنائي للمطرب المصري الشاب ويجز، الجمعة، بعد فعاليات متنوعة استمرت 50 يوماً، ما بين حفلات غنائية وموسيقية وعروض مسرحية، بالإضافة إلى أنشطة فنية ورياضية متعددة.

وشهدت النسخة الثانية تعاوناً بين إدارة المهرجان والهيئة العامة للترفيه، ممثلة في إدارة «موسم الرياض»، بتقديم عروض مسرحية في العلمين قادمة من «موسم الرياض»، من بينها مسرحيات «السندباد» لكريم عبد العزيز، ونيللي كريم، و«التلفزيون» لحسن الرداد، وإيمي سمير غانم، إلى جانب حفلات غنائية منها حفل الفنان العراقي كاظم الساهر.

ومنحت الشراكة بين «موسم الرياض» و«العلمين الجديدة»، زخماً كبيراً للفعاليات، حسب الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: إن «تقديم العروض المسرحية يُعدّ من أهم الإضافات التي شهدها المهرجان في نسخته الثانية العام الحالي، خصوصاً مع وجود نجوم كبار شاركوا في هذه العروض».

عمر خيرت مع إسعاد يونس ضمن فعاليات المهرجان (إدارة المهرجان)

وأضاف عبد الرحمن أن «من بين الأمور المميزة في العروض التي تضمّنها المهرجان عدم اقتصار المسرحيات على النجوم، ولكن أيضاً على الشباب، على غرار مسرحيتي (الشهرة)، و(عريس البحر)، وهما العرضان اللذان لاقيا استحسان الجمهور، ما انعكس في نفاد تذاكر المسرحيات خلال ليالي العرض».

يدعم هذا الرأي الناقد الفني خالد محمود، الذي يشير إلى أهمية التعاون بين الجانبين بما ينعكس إيجاباً على المحتوى الفني المقدم للجمهور، مشيراً إلى أن «في النسخة الثانية من مهرجان (العلمين الجديدة) تحقق جزء كبير من الأحلام والطموحات التي جرى الحديث عنها بعد انتهاء الدورة الأولى، عبر مشاركة نجوم عرب في الحفلات على غرار ماجدة الرومي، وكاظم الساهر، بعد غياب لفترة طويلة».

وأشار محمود إلى «تنوع الحفلات الغنائية والفعاليات المصاحبة للمهرجان، خصوصاً فيما يتعلّق بالاستعانة بفرق الفنون الشعبية من مختلف المدن المصرية لتقديم عروضها في المهرجان بحفلات متنوعة»، لافتاً إلى أن «غياب البث المباشر للحفلات كان بمثابة نقطة ضعف لا بدّ من تجاوزها في النسخة المقبلة».

وتضمن المهرجان، الذي افتتح حفلاته الغنائية محمد منير في يوليو (تموز) الماضي، فعاليات جماهيرية كثيرة، منها الاحتفال بأبطال مصر الحاصلين على ميداليات في دورة الألعاب الأوليمبية، بالإضافة إلى إطلاق فعاليات مهرجان «نبتة»، الذي قدم أنشطة فنية وترفيهية للأطفال بمشاركة فنانين، من بينهم أحمد أمين وهشام ماجد.

محمد منير خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

ومن بين الحفلات الفنية الكبرى التي شهدها المهرجان، حفلات عمرو دياب، وتامر حسني، وعمر خيرت، وفريق «كايروكي»، بجانب تصوير عشرات الحلقات التلفزيونية مع نجوم الفن من مصر والعالم العربي الذين شاركوا في المهرجان.

وشهدت سماء مدينة العلمين الجديدة عروضاً جوية بالطائرات في الأيام الأخيرة للمهرجان، فيما قدمت فرق متعددة من جهات وأقاليم مختلفة عروضاً مجانية لمسرح الشارع.

إحدى فرق الفنون الشعبية ضمن فعاليات المهرجان (إدارة المهرجان)

وأعلنت «اللجنة العليا» للمهرجان، في بيان، السبت، انتهاء الفعاليات بعد تحقيقه «خدمة توعوية وتثقيفية وسياسية وتنموية ومجتمعية للدولة المصرية وأبنائها بتنفيذ عدد غير مسبوق من الفعاليات الشاملة، ومشاركة جميع أطياف المجتمع المصري وفئاته العمرية والصحية والاقتصادية والتعليمية، واستقبال زوار من 104 جنسيات لدول أجنبية، وكذلك عدد كبير من المسؤولين والدبلوماسيين العرب والأجانب».

ويتوقف محمد عبد الرحمن عند إعلان المهرجان تخصيص 60 في المائة من الأرباح لدعم فلسطين للتأكيد على أن «تأثير المهرجان ليس فنياً ترفيهياً فقط، بل يحمل رسالة مجتمعية مهمة».

ويشير خالد محمود إلى «ضرورة استفادة المهرجان مما تحقّق على مدار عامين بترسيخ مكانته بين المهرجانات العربية المهمة، الأمر الذي يتطلّب مزيداً من التوسع في النُّسخ المقبلة التي تتضمن التخطيط للاستعانة بنجوم عالميين لإحياء حفلات ضمن فعالياته».