«ثلاثون قصيدة وقصيدة»... واحة في الخواء

فقرة ثقافية تُعرّف بشعراء وتروي حكايات قصائدهم

«ثلاثون قصيدة وقصيدة»... واحة في الخواء
TT

«ثلاثون قصيدة وقصيدة»... واحة في الخواء

«ثلاثون قصيدة وقصيدة»... واحة في الخواء

يؤخذ على محطة «إم تي في» اللبنانية حرصها على مسافة من اللغة العربية وما يتفرّع من عوالمها. وتُتّهم بـ«التعالي» عن صواب النطق وعدم الاكتراث بجودة المَخارج. وفي الأمر مبالغة وتنميط. تبدو فقرة «ثلاثون قصيدة وقصيدة»، رداً مباشراً، ومن عقر دار اللغة العربية (الشعر)، على التقليل من «الانتماء» العربي والتشكيك بالعلاقة مع الأصل.
التقديم لهادي مراد، الشاعر والطبيب اللافت في الإلقاء. داخل استوديو متواضع، و«لوكايشن» ثابت خلفيته مكتبة، يجلس ويسرد. كل يوم حكاية شاعر واستعادة شعرية. الإنتاج لـ«مؤسسة جان عبيد»، وكم كان حامل اسمها الراحل المتنوّر والمثقف لتسرّه هذه اللفتة؛ الإعداد والتحرير لنجوى المكاري والإشراف العام للشاعر شوقي بزيع، الزميل المنهمك بالقصيدة وكتّابها.
الدقائق، مدّة الفقرة، تتيح لمحة موجزة عن الشاعر وألمع ما كتب. ولعلّ محاولات من هذا النوع تخاطب جيلاً أقل اطلاعاً، أكثر مما تتوجّه لمهمومين بالشعر وروّاده. فهؤلاء يملكون معرفة قد تتراءى أمامها الفقرة «ضئيلة»، وهي ليست كذلك. إنها واحة في مساحة خاوية؛ والخواء منطلقه سطوة الترفيه واعتلاء السذاجة المنابر.
يؤخذ على مراد ربط الرواية بالحدث اللبناني، مما يبدو أحياناً مصطنعاً. قد تكون النية محاولة جعل غير المعني معنيّاً، وعدم الإثقال على مَن يجدون في سرد أبرز مراحل الشعراء والإصغاء إلى قصائدهم، احتمال ملل. لذا تجد الفقرة في معظم حلقاتها رابطاً مع لبنان المتعثّر ومنظومته البائسة؛ عبر ظلم يتعرّض له شاعر أو بطش ممكن، ليهبط الإسقاط على الفور، كأنه بوابة عبور إلى اللبناني المستقيل من همّ اللغة برمّتها.
الفصحى المُتقنة وامتهان مراد إلقاء القصائد، يشجعان على المتابعة. الإتقان يتضاءل على الشاشة اللبنانية، حيث أخطاء تغزو نشرات الأخبار، مع تنازل مراسلين/ مراسلات عن الفصحى في التغطية، أو «تمسّكهم» بها مع «فضائح» في نصب الفاعل ورفع المفعول به. «ثلاثون قصيدة وقصيدة» دليل إلى أنّ ثمة سرباً ينشد العلو ولا ينكفئ عن مناداة الارتفاع.
يحضر شعراء من مختلف العصور ومعهم ظروف شعرهم. منهم خليل مطران الذي وُلد في بعلبك وعاش معظم حياته في مصر. أسلوب مراد السردي لا يبعث على ضجر. فبينما يروي، يحرّك الخيال فتولد الصور. عُرف عن «شاعر القطرين» ما تحفظه الألسن: «ما كانت الحسناء ترفع سترها لو أنّ في هذي الجموع رجالا»، فيحلو اكتشاف سياقها ولمَن وجّهها وسدّد به ضربته.

قصة أخرى عن مالك بن فهم وقصيدته الشهيرة «أعلّمه الرماية كل يوم فلما اشتدّ ساعده رماني». يُخبر مراد حكاية الحسد بين الأخوة ولا يفوته ذكر العِبرة. التنويع يخدم الفقرة، والنزهة بين العصور تحول دون الأسر في حقبة واحدة. فالشعراء من العصر العباسي وآخرون من الجاهلية، حتى نزار قباني، والقافلة لا تزال في منتصف الطريق. الحكاية تُشوّق للمقبلة، والدقائق القليلة تضمن فائدة معرفية لا تتطلب بالضرورة جهداً لكون السلاسة طاغية.
يحطّ على سيرة قباني، شاعر المرأة والحب. يختار من منابعه ما يحفظه الجمهور على لسان عبد الحليم حافظ، «قارئة الفنجان»، ويروي القصة. تراعي الخيارات حنكة الوصول إلى الفئات جميعها، فتعمُّد «السهل» يُقرّب الفقرة من الدائرة الواسعة. هنا ضربٌ على أوتار القلب، وما يحلو سماعه عن الشعور الخالد بين حليم وسعاد حسني. عند هذا الحد لا يقل السرد تشويقاً عن أي تسالٍ أخرى.
تتوالى قصص الشعراء، منهم الشاعر العباسي ابن زريق البغدادي، المعروف بقصيدة وحيدة غمرها الضوء: «لا تعذليه فإنّ العذل يولعه»، أشهر ما كُتب في اللوعة والفراق. ألم النوى كتبه أيضاً الشاعر عروة بن حزام المصروع بالعشق. ليكتب ابن الفارض المُلقّب بسلطان العاشقين شعراً فلسفياً يتصل بوحدة الوجود، وهو عشق مُحمّل بالرموز والمصطلحات الصوفية والتجرّد الروحي؛ فيُلقي مراد بعض أشهر قصائد الزهد في الشعر العربي وما ترنّم به فنانون مهتمّون بالسماع الصوفي.
تُردّد ألسنةٌ بيت الشعر الشهير «تعيّرنا أنّا قليلٌ عديدنا فقلتُ لها إنّ الكرامَ قليلُ»، فيروي مراد قصة أشهر قصائد الشاعر الجاهلي السموأل، المعروف بالحكمة والوفاء. وحين يُضرب المثل، يُقال: «أوفى من السموأل»، بعدما فضّل أن يُقتل ابنه أمامه على التفريط في الأمانة. لحاتم الطائي، الشاعر الجاهلي الآخر، وقفة تُعرّف بأبرز قصص كرمه في تاريخ العرب، قبل محطة في السودان وشاعرها الهادي آدم المتوفى في عام 2006.
كان من أوائل المساهمين في نهضة الشعر السوداني، وله غنّت أم كلثوم «أغداً ألقاك» من ألحان محمد عبد الوهاب على مسرح «دار الأوبرا» في القاهرة، عام 1971. «قد يكون الغيب حلواً... إنما الحاضر أحلى»، يا للبلاغة!


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

فیفیان حداد (بيروت)
يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

مصر: «جوائز الدولة» لعام 2023 توافق التوقعات

وزيرة الثقافة وأعضاء المجلس الأعلى للثقافة خلال إعلان جوائز الدولة
وزيرة الثقافة وأعضاء المجلس الأعلى للثقافة خلال إعلان جوائز الدولة
TT

مصر: «جوائز الدولة» لعام 2023 توافق التوقعات

وزيرة الثقافة وأعضاء المجلس الأعلى للثقافة خلال إعلان جوائز الدولة
وزيرة الثقافة وأعضاء المجلس الأعلى للثقافة خلال إعلان جوائز الدولة

عبر تصويت إلكتروني بين محكمين يمثلون أعضاء المجلس الأعلى للثقافة بمصر، وبحضور وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلاني، أعلنت مصر (الاثنين) جوائز الدولة للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية (التقديرية والتشجيعية والتفوق)، بجانب جائزة النيل (أكبر جوائز الدولة) التي فاز بها في مجال الفنون د. عبد السلام عيد، أحد أبرز الفنانين التشكيليين في مصر والعالم، ومُنحت جائزة النيل في مجال الآداب لاسم الراحل د. محمد عناني الذي كان يلقب بـ«شيخ المترجمين»، وفي مجال العلوم السياسية ذهبت الجائزة للدكتور علي الدين هلال أستاذ العلوم السياسية، أما جائزة النيل للمبدعين العرب، التي جرى استحداثها قبل سنوات، ففاز بها الفنان التشكيلي العراقي ضياء عزاوي.

محمد عناني (أرشيفية)

فيما فاز عشرة من المبدعين بجوائز الدولة التقديرية، ففي مجال الفنون فاز الموسيقار هاني شنودة، والدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، ود. دليلة الكرداني أستاذ العمارة والتصميم العمراني بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وفي مجال الآداب منحت لاسم الراحل د. عبد الرحيم الكردي أستاذ النقد والأدب العربي الحديث، والروائية هالة البدري ود. أحمد يوسف أستاذ النقد والبلاغة، كما حصل عليها في مجال العلوم الاجتماعية كل من المستشار عبد المجيد محمود، ود. حسن السعدي، ود السيد فليفل، وصلاح سالم.

هاني شنودة (حسابه على فيسبوك)

واعتمدت وزيرة الثقافة الجوائز خلال اجتماع المجلس الأعلى للثقافة التاسع والستين المخصص للتصويت علي منح جوائز الدولة، بحضور د. هشام عزمي، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة وأعضاء المجلس، ووصفت الوزيرة الجوائز بأنها تجسد عمق إيمان الدولة المصرية بقيمة ومكانة مبدعيها بمجالات العلم والثقافة المتعددة، والتأكيد على أهمية تضافر جهود مثقفيها ومبدعيها لصنع مستقبل أكثر إشراقاً، مؤكدة أن الجائزة تعد مبعث فخر وإعزاز من يشرف بالحصول عليها.

وأشاد نقاد من بينهم الناقد مصطفى عبد الله، رئيس تحرير صحيفة «أخبار الأدب» الأسبق بمنح الجوائز لأسماء مبدعين ممن رحلوا خلال الشهور الأخيرة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه تأثر كثيراً لفوز كل من اسم د. محمد عناني أحد كبار المترجمين ممن نقلوا الآداب العالمية إلى العربية، وقد لاقى ذلك استحساناً بين المثقفين المصريين والعرب، وكذلك د. عبد الرحيم الكردي رئيس الجمعية المصرية للسرديات ومؤسسها الذي رحل خلال إلقائه كلمة في أثناء تأبين د. محمد العناني بالمركز القومي للترجمة في واقعة صادمة.

مشيراً إلى أنه بخلاف ذلك هناك أسماء أخرى مثل الروائية هالة البدري التي فازت بجائزة الدولة التقديرية في الآداب، ود. أحمد يوسف الذي أصدر أخيراً كتاباً عن «أم كلثوم الشعر والغناء»، والفنان التشكيلي الإسكندري عبد السلام عيد، وهو من خريجي مدرسة الفنون الجميلة بالإسكندرية، كما أن هناك أسماءً كثيرة لمبدعات ومنهن رانيا يحيى في التفوق، وكذلك هناك أسماء لمبدعات بجوائز الدولة التشجيعية.

وبينما كانت أغلبية الأسماء الفائزة بالجوائز متوقعة، فإن بعضها جاء مفاجئاً، لكنها بشكل عام جاءت مُرضية وفق عبد الله.

د. نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة المصرية ود. هشام عزمي أمين عام المجلس الأعلى للثقافة خلال إعلان جوائز الدولة (الشرق الأوسط)

وانحازت الجوائز التشجيعية لإبداعات المرأة، حيث ذهبت إلى عدد من المبدعات في مجال الفنون والآداب، إذ استحوذت الأديبات على الجوائز التشجيعية، ففي فرع السرد القصصي والروائي فازت كل من شيرين فتحي عن رواية «خيوط ليلى»، التي صدرت عن دار الهالة للنشر، وتروي جانباً من عذابات النساء عبر امرأتين، ونورا ناجي عن مجموعتها القصصية «مثل الأفلام الساذجة» التي تطرح من خلالها 22 قصة قصيرة بطلاتها من النساء عبر مواقف صادقة تتسم بالقوة والعمق.

وفي فرع الإعلام والتواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات فازت الصحافية سها سعيد عن كتاب «نجوم ماسبيرو يتحدثون»، الذي قدمته عبر جزأين عبر حوارات مطولة مع كبار الإعلاميين الذين أسهموا بأعمالهم في ازدهار وتطور العمل التلفزيوني، وفي جوائز الدولة للتفوق فازت د.رانيا يحيى عازفة الفلوت والأستاذة بالمعهد العالي للنقد الفني، والفنان فتحي عفيفي.


تفاعل مصري وعربي مع نهاية مسلسل «Succession»

سارة سنوك في الحلقة الأخيرة (الصفحة الرسمية للمسلسل في «تويتر»)
سارة سنوك في الحلقة الأخيرة (الصفحة الرسمية للمسلسل في «تويتر»)
TT

تفاعل مصري وعربي مع نهاية مسلسل «Succession»

سارة سنوك في الحلقة الأخيرة (الصفحة الرسمية للمسلسل في «تويتر»)
سارة سنوك في الحلقة الأخيرة (الصفحة الرسمية للمسلسل في «تويتر»)

أحدثت الحلقة الأخيرة من المسلسل الأميركي «Succession» أو «الخلافة»، بموسمه الرابع، تفاعلاً كبيراً من المتابعين المصريين والعرب، فتصدّرت قائمة الأكثر رواجاً عبر «غوغل» في مصر، وقوائم الموضوعات الأكثر تداولا عبر «تويتر»، لتنتهي بذلك قصة أحد أهم المسلسلات الدرامية الأميركية التي عُرضت خلال السنوات الخمس الأخيرة، وفق تقييمات عدد من مواقع التقييم العالمية أبرزها «imdb».

المسلسل من بطولة براين كوكس وجيريمي سترونغ، وهيام عباس، وسارة سنوك، وكيران كولكين، ونيكولاس براون وآخرين... ومن إنتاج قناة «HBO»، عُرض حصرياً في منطقة الشرق الأوسط عبر منصة «OSN»، بين 2018 و2023.

تدور القصة حول أفراد عائلة «روي»، وهم أصحاب شركة تمثّل التكتل العالمي لوسائل الإعلام والترفيه، يواجهون صراعاً للسيطرة عليها، وسط حالة عدم اليقين بشأن صحة الأب «لوغان روي» (كوكس). تشتدّ الإثارة في الموسم الرابع حيال مَن سيخلف الشركة من أولاده الأربعة، لا سيما أنّ كلاً منهم كانت لديه الأفضلية في المواسم السابقة.

جاءت الحلقة الختامية للمسلسل التي عُرضت في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، صادمة للمشاهدين. تعرّضت «شيف» (سارة سنوك) التي كانت تسعى إلى خلافة والدها للخيانة من «ماتسون» (ألكسندر سكارسغارد)، وانهار شقيقها «رومان» (كيران كولكين)، كما فشلت محاولة شقيقها الثاني «كيندال» (جيرمي سترونغ) لكسب الخلافة، لكنه سعى في النهاية إلى جمع أشقائه حوله، ليلتقي الثلاثة لتمضية وقت معاً بعيداً عن الصراع، مستذكرين طفولتهم.

ورغم تأكيد صنّاع المسلسل، خلال أمسية احتفالية في دبي مطلع مارس (آذار) الماضي، أنّ الموسم الرابع سيكون الأخير؛ وهو أيضاً ما أكده كوكس بطل العمل، وجو كوكباني، الرئيس التنفيذي لشركة «OSN» في حوارهما مع «الشرق الأوسط» على هامش تدشين الموسم الرابع في دبي؛ فإن الفنان الأميركي كيران كولكين قال في تصريحات لموقع «ديلي ميل»، إنّ المؤلِّف جيسي آرمسترونغ كشف له أنه يحمل أفكاراً عدّة لموسم خامس مُحتمل، مضيفاً: «وصف لي الموسم بأكمله قبل إطلاقه. طرحتُ عليه سؤالاً واحداً وعندما أجاب عنه، قلتُ له: (حسناً، يبدو أنها ليست النهاية)».

وعن تقييم أحداث الموسم الرابع والحلقة الأخيرة، يعلّق الناقد السعودي خالد الهجن لـ«الشرق الأوسط»: «تُصاب دائماً الحلقات الختامية للمسلسلات الأميركية الكبرى بمشكلات، مثلما حدث في (صراع العروش). لكن في نهاية (الخلافة)، نحن أمام واحدة من أجمل النهايات في تاريخ الدراما الأميركية».

يتابع: «قدّم لنا المسلسل منذ البداية أسلوب سرد رائعاً. كنا نرصد تفوّقاً كبيراً في الحوارات بين الأب وأولاده والصراع بينهم. أبرز ما يميزه هو أنه لا هفوات تُضعف السيناريو، والإيقاع ظلَّ في تصاعد»، مشيداً بالموسيقى التصويرية «أحد أهم عناصر نجاحه».

بدوره، يعلّق الناقد اللبناني إلياس ضاهر، وهو أحد أبرز مقدّمي مراجعات المسلسل الأميركي عبر «يوتيوب»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «توقعتُ منذ بداية الموسم الرابع أنّ البحث عن الخلافة سيكون عبارة عن سراب يلاحقه الأبناء، وهذا تأكد لي حين نجح (ماتسون) واستحوذ على الشركة. النهاية منصفة وقدَّمت صورة قد لا تكون رائعة، لكنها تستحق الإشادة».


تناول التفاح والتوت والإجاص يحسّن ذاكرة كبار السنّ

فواكه تحتوي على مادة الفلافانول (بابليك دومين)
فواكه تحتوي على مادة الفلافانول (بابليك دومين)
TT

تناول التفاح والتوت والإجاص يحسّن ذاكرة كبار السنّ

فواكه تحتوي على مادة الفلافانول (بابليك دومين)
فواكه تحتوي على مادة الفلافانول (بابليك دومين)

يحتاج الدماغ المتقدّم في السنّ إلى غذاء خاص يكفل صحة مثالية، كما يتطلّب دماغ الطفل النامي غذاء محدداً للنمو السليم. هذه المقولة تتفق مع نتائج دراسة حديثة واسعة النطاق أُجريت بقيادة باحثين في جامعة كولومبيا، ومستشفى «بريغهام والنساء»، تُثبت أنّ اتّباع نظام غذائي منخفض الفلافانول، وهي عناصر غذائية يحتويها الشاي الأخضر والخضراوات، وبعض الفاكهة مثل التفاح والتوت والإجاص، يؤدّي إلى فقدان الذاكرة المرتبط بالتقدّم في العمر.

ووفق الدراسة المنشورة في دورية «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم»، أظهر تناول كبار السنّ لمركّبات الفلافانول تجاوباً ملحوظاً في الاختبارات المصمّمة لاكتشاف فقدان الذاكرة جراء الشيخوخة الطبيعية، وأنّ تعويض هذه المركّبات الغذائية النشطة بيولوجياً لدى المشاركين فوق سنّ الـ60 عاماً، من الذين يعانون نقصاً بسيطاً في الفلافانول حسَّن الأداء في هذه الاختبارات.

في السياق عينه، يؤكد أستاذ علم النفس العصبي في «كلية فاغيلوس للأطباء والجراحين» بجامعة كولومبيا، والباحث المشارك بالدراسة، آدم بريكمان، في بيان نشره موقع الجامعة، أنّ ثمة تحسّناً كبيراً بين المشاركين الذين اتّبعوا نظاماً غذائياً منخفض الفلافانول، زاد مع استخدام أنظمة غذائية أو مكمّلات غذائية غنية بالفلافانول لتحسين الوظيفة الإدراكية لدى كبار السنّ.

بدوره، يشير كبير باحثي الدراسة والأستاذ في الكلية، سكوت سمول، إلى أنّ «تحديد العناصر الغذائية الضرورية للتطوّر السليم للجهاز العصبي للرضيع كان بمنزلة تتويج لعلوم التغذية في القرن العشرين».

نظراً لأننا أصبحنا نعيش أطول، بدأت نتائج البحوث تكشف أنّ ثمة حاجة إلى عناصر غذائية مختلفة لتقوية عقولنا المُسنّة، وفق سمول الذي يوضح: «يمكن استخدام نتائج دراستنا المُعتمِدة على المؤشرات الحيوية لاستهلاك الفلافانول، نموذجاً بواسطة باحثين آخرين لتحديد مزيد من النتائج المتعلّقة بالعناصر الغذائية الضرورية».

وتعتمد الدراسة الحالية على أكثر من 15 عاماً من البحث في مختبر سمول، الذي يدرس ارتباط فقدان الذاكرة وتقدّم العمر بالتغيرات في التلفيف المسنن الذي يطول منطقة معيّنة داخل الحُصين في الفص الصدغي للدماغ؛ وهي منطقة حيوية لتعلّم الذكريات الجديدة؛ وقد أظهرت النتائج أنّ مركّبات الفلافانول تحسّن الوظيفة في منطقة الدماغ هذه.

ووجد بحث آخر، أُجري على الفئران، أنّ الفلافانول، وبخاصة مادة نشطة بيولوجياً فيه تُسمى «يبيكاتشين» (epicatechin)، يحسّن الذاكرة عن طريق تعزيز نمو الخلايا العصبية والأوعية الدموية في الحُصين.

واختبر فريق سمول، بعد ذلك، مكمّلات الفلافانول على البشر، إذ أكدت إحدى الدراسات أنّ التلفيف المُسنن مرتبط بالشيخوخة الإدراكية. كما أظهرت تجربة ثانية أكبر أنّ مركّبات الفلافانول حسّنت الذاكرة من خلال العمل بشكل انتقائي على هذه المنطقة من الدماغ؛ وكان لها أكبر تأثير في أولئك الذين بدأوا نظاماً غذائياً رديء الجودة.

في الدراسة الجديدة، تعاون فريق جامعة كولومبيا مع باحثين في مستشفى «بريغهام والنساء»، لدراسة تأثيرات الفلافانول والنظام متعدّد الفيتامين لاختبار تأثير الفلافانول في مجموعة أكبر بكثير عبر الإنترنت؛ ضمت أكثر من 3500 من كبار السنّ الأصحاء بشكل عشوائي، لاستكشاف ما إذا كان نقص هذه المادة يؤدّي إلى الشيخوخة المعرفية في هذه المنطقة من الدماغ.

عرّف معظم المشاركين أنفسهم على أنهم من غير ذوي الأصول الإسبانية وذوي البشرة البيضاء.

وقدّم أكثر من ثلثهم أيضاً عيّنات بول سمحت للباحثين بقياس علامة بيولوجية لمستويات الفلافانول الغذائية، التي طوّرها مؤلفو الدراسة المشتركة في جامعة «ريدينغ» البريطانية، قبل الدراسة وخلالها.

وأعطى المرقم الحيوي الباحثين طريقة أكثر دقة لتحديد ما إذا كانت مستويات الفلافانول تتوافق مع الأداء في الاختبارات المعرفية والتأكد من التزام المشاركين بالنظام المخصّص لهم.

واستفاد الأشخاص الذين يعانون نقصاً خفيفاً في الفلافانول من مكمّلات الفلافانول، فتحسّنت نتائج الذاكرة بشكل طفيف فقط للمجموعة بأكملها التي تتناول مكمّل الفلافانول اليومي؛ وكان معظمهم يتناولون بالفعل نظاماً غذائياً صحياً مع كثير من مركّبات هذه المادة.

لكن في نهاية العام الأول من تناول مكمّل الفلافانول، فإنّ المشاركين الذين أبلغوا عن تناول نظام غذائي فقير، ولديهم مستويات أساسية أقل من الفلافانول، شهدوا زيادة في نقاط ذاكرتهم بمعدل 10.5 في المائة مقارنة بالدواء الوهمي؛ و16 في المائة مقارنة بما كانوا عليه قبل التجارب. كما أظهر الاختبار المعرفي السنوي أنّ التحسّن الملحوظ في عام استمر لعامين آخرين على الأقل.

وحسّنت مركّبات الفلافانول عمليات الذاكرة التي يحكمها الحُصين، لكنها لم تُحسِّن الذاكرة التي تتوسّطها مناطق أخرى من الدماغ، وفق الدراسة.

يقول سمول: «لا يمكننا حتى الآن الاستنتاج بشكل قاطع بأنّ تناول مستويات مخفّضة من الفلافانول الغذائي وحده يؤدّي إلى ضعف أداء الذاكرة، لأننا لم نُجرِ التجربة المعاكسة حول استنفاد الفلافانول في الأشخاص الذين لا يعانون نقصاً».

يضيف: «الخطوة التالية اللازمة لتأكيد تأثير الفلافانول في الدماغ هي تجربة سريرية لاستعادة مستويات هذه المادة لدى البالغين الذين يعانون نقصاً حاداً فيها».

ويوضح سمول: «يُعتقد أنّ تراجع الذاكرة المرتبط بالعمر سيحدث عاجلاً أم آجلاً لدى الجميع تقريباً، رغم وجود قدر كبير من التباين»، مضيفاً أنه «إذا كان جزء من هذا التباين يعود جزئياً إلى الاختلافات في الاستهلاك الغذائي للفلافانول، فسنشهد تحسناً في الذاكرة لدى أشخاص يجدّدون الفلافانول الغذائي عندما يكونون في الأربعينات والخمسينات من العمر».


أسامة الروماني... في وداع النبلاء

3- أسامة الروماني أستاذ حافظ على التلميذ في داخله (مواقع التواصل)
3- أسامة الروماني أستاذ حافظ على التلميذ في داخله (مواقع التواصل)
TT

أسامة الروماني... في وداع النبلاء

3- أسامة الروماني أستاذ حافظ على التلميذ في داخله (مواقع التواصل)
3- أسامة الروماني أستاذ حافظ على التلميذ في داخله (مواقع التواصل)

عودة أسامة الروماني إلى سوريا بعد غربة طويلة، لاقت خاتمتها الدافئة بافتراش تراب الوطن إثر سكوت الجسد. العودة والموت، يرتقيان في حالته إلى عناق. يغادر الدنيا بعد 81 عاماً، تضع النوبة القلبية نقطة أخيرة على سطرها الأخير. فنان قدير لا جراء العمر فحسب، بل لحجم العطاء. يتراءى الرحيل خاطفاً، يتحلّى بالمباغتة، يتلصّص على الكبار بابتسامة صفراء ماكرة. مع ذلك، يجرؤ على البدن وحده، فمن السهل إرساله إلى الفناء؛ لتتوهّج، مقابل الموت، سيرة إبداعية خالدة.

من دمشق، وإليها... هي الشاهدة على الولادة عام 1942 والوداع الاثنين في 29 مايو (أيار) 2023. حين نعاه عباس النوري، تحدّث عن «زمن يُقلّب أيامه على الجميع». ترحّم على «أستاذ كان أكبرنا سناً وأكثرنا حيوية»، مموضعاً الأعمار في قوالب رحبة: «ليست عدداً، بل هي ما نُبقيه في ذاكرة مَن يتذكر».

يبقى الكثير من أسامة الروماني، العائد إلى الدراما السورية بعد انقطاع. في 2022، شكلت ثنائيته العذبة مع رفيق الدرب دريد لحام بمسلسل «على قيد الحب»، فوح عطر عابق، وتوالت الأدوار، فكان آخرها في «خريف عمر» و«مربى العز». زيَّن رمضان الفائت بالكاريزما، والموسم الماضي أيضاً. عاد بكُلّه، مثل دفق. أعطى بالشوق إلى العطاء، بالتعطّش والفيض. طغى حضوره وسط الكثرة، وتفرّد خارج المقارنة.

تُعرف عنه فضيلتان: الاجتهاد والأخلاق. الأولى ترتقي إلى بصمة، منذ مسرحيتَي «ضيعة تشرين» و«غربة»، فأثره في الصناعة التلفزيونية. نحو 40 عاماً أمضاها في الكويت، يتبادل الخبرات مع «مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج». وشكّل اسمه إضافة خاصة لبرنامج الأطفال الشهير «افتح يا سمسم»، كإضافاته في إنتاج برامج ناجحة ومشاريع درامية منحها الدفع إلى الأمام.

2- أسامة الروماني في أحد أدواره الدرامية (مواقع التواصل)

في التلفزيون، كما التوثيق؛ للروماني مكانته في صوغ سيناريوهات وثائقية وتسجيلية وعلمية، آخرها محتوى يتناول الآثار في دول مجلس التعاون. وسبق عودته إلى دمشق إنتاجه سيناريو فيلم «المستشفى الأميركاني» الكويتي، احتفاء بمائة عام على إنشائه. عاد مكللاً بما يفرض الإشادة.

زوّدته خلفيته المسرحية بأدوات الفنان المُتقِن أعماله، صاحب الرسالة الاجتماعية والتربوية، والحريص على التوعية. منذ «الليلة الثانية عشرة» لشكسبير، أولى مشاركاته في الستينات، تلتها «تاجر البندقية»؛ وهو فنان تأسيس، لا مؤدّي أدوار فحسب. شغلته الخشبة، فكرّس مكانة المسرح السوري، وغَرف من شقيقه الأكبر المخرج هاني الروماني (توفي في 2010)، معارف تضيف إلى الشغف الصقلَ وصواب الرؤية. أمام كاميرته، قدّم شخصية الرئيس السوري الراحل أديب شيشكلي في الجزأين الثاني والثالث من مسلسل «حمام القيشاني».

استماله المسرح العربي وقادته نصوص مسرحيين، منهم توفيق الحكيم وسعد الله ونوس، إلى مستويات عليا من المهارة. كونه أستاذاً، لم يكمّ فم التلميذ المتفوّق في داخله. غلَّب الفضول على الاكتفاء المعرفي، فظلّ هو المُسيطر على الطموح والطباع.

هذه الطباع تتصل بالفضيلة الثانية: الأخلاق. أسدى الروماني النصائح وأفاد آخرين من دروسه. لأنه مُترفِّع، شدَّد على الترفُّع. خشي حِمْل الكلمة على متلقيها، وناصرَ الامتناع عن تعميق الجراح. حكمتُه التروّي في الأحكام وترويض الانفعال. في وداعه، ألبسه المخرج باسل الخطيب جميل الميزتين: نبل الرجال وأصالة الفنان. استعار من الحسرات أعمقها في رثاء الأحبة: «لن يكفينا ما تبقّى من هذا العمر للحزن على فقدانك».

وحسرة أخرى على تعذُّر إتمام اللقاء، يبوح بها الممثل مصطفى الخاني. كان هو والراحل قد اتفقا على موعد قريب، فحدث تمهّل وطرأ تيهٌ داخل متاهات حياةٍ تسرق المرء وتورّطه بالتكاسل حيال مُجالسة مَن يحب: «كأننا نضمن الأبدية إلى أن نقف بذهول أمام لحظة الموت». ذلك الندم على ما لم يكتمل، على الإرجاء والإخفاق تجاه تقديرات الزمن والاستهانة بحساباته الموارِبة؛ أقسى المشاعر بعد الفراق.

حلَّ مستشفى «دار الشفاء» الدمشقي شاهداً أخيراً على نهايات جسد أطفأه «احتشاء في عضلة القلب»، وفق «وكالة الأنباء السورية». نعته «نقابة الفنانين» في بلده، وأحبّة شاركهم ذاكرتهم وبعض تجاربهم المهنية. تجزم صباح جزائري: «لن ننسى تاريخك العظيم»، وتُرفّعه سلاف فواخرجي عن فداحة الانطفاء: «مَن مثلك لا يموت».

كلمات الرثاء برتبة ورود على الأضرحة وأدعية إلى السماء. تصف أمل عرفة الفقدان بالحزين جداً، ويلتحق بالمعزّين قصي خولي وشكران مرتجى ومهيار خضور وكارمن لبّس وليليا الأطرش وسوزان نجم الدين... وائل رمضان يخاطبه بمحاكاة قلبه: «كان دليلَك بأنْ ليس هناك قادم، فعدتَ إلى بلدك بعد غربة طويلة لتنطلق منها إلى الغربة الكبرى». ويستعيد ياسر العظمة صورة بالأبيض والأسود من الشباب الغابر، تُظهره ومَن «ترجّل عن حصانه مخلّفاً وراءه الفن النظيف والصيت الحسن». ليضيف مُمتهن الوداعات، أيمن زيدان، إلى المودّعين، ذكرياته مع الراحل ختمها بتساؤل أليم: «أتدري لِمَ أوجعني رحيلك؟».

عادت إحدى مقابلاته إلى التداول الكثيف. خلالها أعلن مصالحة الحياة، مُذعناً للموت وحقيقة أنّ الكائنات زائلة: «أحد لا يبقى إلى الأبد، بل تأتي أجيال جديدة لتُكمل المسيرة». صحيح، لكن الراحلين أمثاله لا يشغل مقاعدهم أحد.


ترقُّب صخور فضائية دخيلة على مدار كوكب الأرض

تصور للجسم الفضائي «أومواموا» الذي يأخذ شكل سيجار (قبة بكين السماوية)
تصور للجسم الفضائي «أومواموا» الذي يأخذ شكل سيجار (قبة بكين السماوية)
TT

ترقُّب صخور فضائية دخيلة على مدار كوكب الأرض

تصور للجسم الفضائي «أومواموا» الذي يأخذ شكل سيجار (قبة بكين السماوية)
تصور للجسم الفضائي «أومواموا» الذي يأخذ شكل سيجار (قبة بكين السماوية)

عثر علماء الفلك بجامعة هارفارد الأميركية على أدلة تشير إلى احتمالية وجود صخور فضائية من أنظمة بعض النجوم، تم التقاطها بواسطة جاذبية الأرض لتبقى في مدار حول كوكبنا ملايين السنين، وقالوا في دراسة نشرت مؤخراً على موقع ما قبل طباعة الأبحاث (أرخايف)، إنه من المحتمل أن تكون معظم هذه الأجسام صغيرة جداً، بحيث لا يمكن اكتشافها باستخدام التلسكوبات الحالية.

ويقول آفي لوب، أستاذ الفيزياء في جامعة هارفارد، في تقرير نشره موقع «لايف ساينس»، الاثنين، إن هذه الأجسام المتطفلة تتخذ شكل الصخور الجليدية التي تم التخلص منها من أنظمة النجوم الخاصة بها، قبل أن تتخذ مكاناً للإقامة في منطقتنا.

وتحظى هذه الأجسام المتطفلة باهتمام كبير من علماء الفلك منذ عام 2017، عندما تم اكتشاف أول صخرة فضائية «دخيلة»، وهي جسم على شكل سيجار يُدعى «أومواموا»، في الفناء الخلفي الكوني، على بعد نحو 30 مليون سنة ضوئية من مجرة درب التبانة.

دراسة ترجح وجود أجسام فضائية دخيلة تحبسها جاذبية الأرض (غيتي)

وطول «أومواموا» 1300 قدم (400 متر)، أي يعادل 10 أضعاف عرضه، مما يجعله بعيداً عن أي كويكبات أو مذنبات معروفة في نظامنا الشمسي. وبعد مراقبة هذه الصخرة التي تشبه الرمح بشكل أكبر، خلص العلماء إلى أنها كانت تتجول في مجرتنا غير مرتبطة بأي نظام نجمي، مئات الملايين من السنين، قبل أن تتلاقى بالصدفة مع النظام الشمسي.

وسرعان ما أدى البحث المتجدد عن مثل هذه الأجسام المتطفلة إلى ظهور جسم ثانٍ، وهو المذنب المارق «بوريسوف»، وهو عبارة عن كرة من الجليد والغبار بحجم برج إيفل تم اكتشافها في عام 2019.

ولا يرتبط «أومواموا» ولا «بوريسوف» بالشمس، مما يعني أن كلا الجسمين سيخرجان في النهاية من النظام الشمسي بشكل متقلب كما دخلوه. وشرع الباحثون في دراستهم الجديدة في التحقيق فيما إذا كان بإمكان الأرض أيضاً التقاط مثل هذه الأجسام والاحتفاظ بهم أجساماً قريبة من الأرض.

وباستخدام المحاكاة الحاسوبية، وجد الفريق أنه من الممكن للأرض أن تلتقط بشكل دوري الأجسام بين النجوم في مدارها، ومع ذلك، فإن التأثير ضئيل مقارنة بتأثير كوكب المشتري الذي يعد أكثر كفاءة بألف مرة في اصطياد الأجسام بين النجوم من الأرض.

وبالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون أن أي أجسام تلتقطها جاذبية الأرض ستكون غير مستقرة، وستعيش حول كوكبنا لفترة أقصر، وفي نهاية المطاف ستضطرب هذه الأجسام من خلال التفاعلات مع الكواكب الأخرى أو الشمس، وسيتم قذفها بعيداً.

وأوضح لوب أنه في حين أن الفريق لا يفترض أن هناك حالياً أجساماً بين النجوم تدور حول الأرض، فإنه يجب على علماء الفلك الاستمرار في التحقق من هذا الاحتمال. ومن المفترض أن يساعد مرصد «فيرا سي روبن» المرتقب، أو ما يعرف بـ«مقراب المسح الشامل الكبير» الذي يتم تشييده حالياً في تشيلي، ويفتح عينه على الكون في أغسطس (آب) 2024، في هذا المسعى.

ويقول لوب: «باستخدام المحاكاة الحاسوبية، وجدنا أن عدداً قليلاً من الأشياء التي تم التقاطها بحجم ملعب كرة قدم يمكن اكتشافها بواسطة مرصد روبن الذي سيجري مسحاً للسماء الجنوبية كل 4 أيام بكاميرا 3.2 مليار بكسل».

ومن جانبه، يقول محمد غريب، الباحث بمعهد البحوث الفلكية بمصر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الدراسة تمهد لاكتشافات يمكن أن تتحقق بواسطة (مقراب المسح الشامل الكبير) المرتقب، وهذا من شأنه أن يساعد في تقديم رؤى جديدة حول تكوين أنظمة النجوم البعيدة.

ويضيف أن معرفة تكوين تلك الأجسام حال اكتشافها، ربما يعطينا معلومات ذات قيمة عن احتمالية وجود علامات للحياة خارج كوكب الأرض.


الرائدان السعوديان يغادران الفضاء إلى الأرض

TT

الرائدان السعوديان يغادران الفضاء إلى الأرض

الرائدان القرني وبرناوي غادرا المحطة الدولية عبر مركبة «دراغون» في رحلة تستمر نحو 12 ساعة (الهيئة السعودية للفضاء)
الرائدان القرني وبرناوي غادرا المحطة الدولية عبر مركبة «دراغون» في رحلة تستمر نحو 12 ساعة (الهيئة السعودية للفضاء)

غادر الرائدان السعوديان علي القرني وريانة برناوي، مساء اليوم (الثلاثاء)، محطة الفضاء الدولية عائدين إلى الأرض بعد انتهاء مهمتهما العلمية، التي استمرت 10 أيام.

وأجرى القرني وبرناوي 14 تجربة بحثية علمية رائدة في الجاذبية الصغرى، ضمن طاقم «AX - 2»، تُسهم في التوسع العلمي والأبحاث بجميع تخصصاتها، وسيكون لها مردود في تطوير كثير من البرامج والأبحاث، فضلاً عن التواصل مع جمهور منتقى على الأرض للترويج لأبحاث الفضاء وعمل المحطة الدولية.

وانفصلت مركبة «دراغون» التي تقلّ برناوي والقرني وزميليهما الأميركيَّين بيجي ويتسون وجون شوفنر، عن المحطة الدولية عند حوالي الساعة السادسة مساءً بتوقيت الرياض، لتبدأ رحلة العودة التي تستغرق من 6 إلى 30 ساعة، وفقاً للهيئة السعودية للفضاء.

وتشكل هذه الرحلة منعطفاً تاريخياً في قطاع الفضاء السعودي، وتأتي تأكيداً لتوجهات السعودية الجادة نحو الاستفادة منه في كل مجالاته، باعتباره قطاعاً مستقبلياً عملاقاً تتقاطع فيه رؤى عالمية نحو الاستدامة والتكنولوجيا والأبحاث العلمية.


إنتاج أجزاء ثانية من أفلام مصرية «شهيرة» يصطدم بتحديات

مشهد من فيلم «الناظر» (الشركة المنتجة)
مشهد من فيلم «الناظر» (الشركة المنتجة)
TT

إنتاج أجزاء ثانية من أفلام مصرية «شهيرة» يصطدم بتحديات

مشهد من فيلم «الناظر» (الشركة المنتجة)
مشهد من فيلم «الناظر» (الشركة المنتجة)

في محاولة لاستثمار نجاح أفلام «شهيرة» حققت تجاوباً مع الجمهور وإيرادات لافتة في شباك التذاكر وحصدت جوائز بمهرجانات مصرية وعربية، يسعى صناع أفلام مصريون لتقديم أجزاء ثانية من أفلام مضت على إنتاجها سنوات عديدة، لكن هذا الطموح يصطدم بعدة تحديات، وسط تباين في الآراء بشأن هذه الخطوة.

وبينما انطلق مؤخراً تصوير النسخة الثانية من فيلم «حريم كريم» إنتاج عام 2005، بعنوان «أولاد حريم كريم»، يستعد فيلم «صعيدي في الجامعة الأميركية» إنتاج 1998 لبدء تصوير جزئه الثاني قبل نهاية العام، إذ لا يزال مؤلفه مدحت العدل عاكفاً على كتابته. كما ينتظر الجزء الثاني من فيلم «يا دنيا يا غرامي» (1996) التمويل.

لقطة من فيلم «صعيدي في الجامعة الأميركية» (الشركة المنتجة)

ويعكف راهناً السيناريست أحمد عبد الله على كتابة نسخة جديدة من فيلم «الناظر» إنتاج عام 2000 بعنوان «ابن الناظر» الذي يتحمس له منتجه المخرج مجدي الهواري، وهناك أيضاً مشروع الجزء الثاني لفيلم «غبي منه فيه»، الجزء الأول إنتاج عام 2004.

«هناك تحديات عديدة تواجه فكرة الأجزاء الثانية»

المؤلف بشير الديك

وتواجه هذه الأفلام التي مضى على إنتاج بعضها نحو ربع قرن تحديات عديدة ومستجدات على أرض الواقع تتعلق بمدى ضمان تكرار النجاح، وفرص التوزيع العادلة في السوق السينمائية في ظل جمهور جديد تحكم اختياراته ذائقة جديدة وفق نقاد ومتابعين.

كشف كاتب السيناريو محمد حلمي هلال، مؤلف «يا دنيا يا غرامي» عن انتهائه بالفعل من كتابة الجزء الثاني للفيلم، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن فكرة تقديم الجزء الثاني من الفيلم انطلقت من الفنانة ليلى علوي وأن الجزء الجديد سيتتبع ماذا حدث لبطلاته الثلاث بعد نحو 25 عاماً، مشيراً إلى أنه «كتب أيضا أربع حلقات لمسلسل تلفزيوني بعدما طلب أحد المنتجين تحويله ليكون لديه مساحة أكبر في تناول مصير بطلاته ليلى علوي وإلهام شاهين وهالة صدقي، وأضاف هلال أن «العمل يمكن تقديمه على أي نحو سواء بالسينما أو التلفزيون».

مؤكداً أن «لكل منهما معالجة مختلفة، وأنه من الطبيعي أن يضم أي منهما - الفيلم أو المسلسل - ممثلين شبانا يقدمون أدوار أبناء الأبطال الأساسيين».

فيلم «يا دنيا يا غرامي» (الشركة المنتجة)

ورأى المؤلف بشير الديك أنه لا يمكن الحكم المسبق على أي فيلم بالنجاح أو الفشل لأنه لا توجد قواعد مسبقة لذلك، وأن كل فيلم يبدأ فكرة ومع محاولة التعبير عن الواقع الاجتماعي تظهر ملامحه، وبهذا المنطق كتب «سواق الأتوبيس» و«ضد الحكومة» و«الحريف»، وغيرها من الأعمال. مؤكداً أن «هناك تحديات عديدة تواجه فكرة الأجزاء الثانية».

وأشار إلى أهمية تقديم جزء ثان من تلك الأعمال بغرض تقديم رؤية معاصرة تخاطب متفرجين جددا، لا بد أن يعجبهم الفيلم ويتحمسوا له، محذراً من أن محاولة «استثمار النجاح» من دون رؤية ومعالجة واضحة، قد تجعله «مسخا»، ضارباً المثل بفيلم «سواق الأتوبيس» الذي رغم نجاحه الكبير فإنه لا يقبل تقديم جزء ثان منه في عالم مختلف تماما عن زمنه. 

ووفقاً للناقد خالد محمود فإن تقديم أجزاء ثانية لأي فيلم ناجح في مصر يعد محاولة من سينمائيين لاستدعاء النجاح، لا سيما أنه لا يتم بتخطيط مسبق مثلما يحدث في سلاسل الأجزاء في الأفلام الأميركية الناجحة التي تتم تباعا كل عامين أو ثلاثة، وليس بعد 20 سنة أو أكثر، كما يحدث عندنا، مشيراً إلى أن الأكثر نجاحاً في سلاسل الأجزاء هي أفلام الخيال العلمي والأكشن، بينما الأفلام الاجتماعية والرومانسية وحتى الكوميدية غير مضمونة النجاح في أجزائها الثانية.

ويشير محمود إلى أن «الإقبال الجماهيري على الأجزاء الأولى للأفلام المصرية، من غير المؤكد تكراره مع عرض الأجزاء الثانية، كما أن بعض هذه الأفلام تواجه تحديات أخرى قد تعصف بها لأن أبطالها الذين ظهروا في بداياتهم في بطولة جماعية، صار كل منهم بطلاً منفرداً، مثلما حدث في فيلم (ولاد حريم كريم) الذي غابت عنه ياسمين عبد العزيز على الرغم من أنها كانت محور الحدث في الجزء الأول، كما أن رحيل بعض نجوم الأفلام المؤثرين قد يكون في غير صالح التجربة كلها».


فيليب عرقتنجي لـ«الشرق الأوسط»: علينا أن نقف أمام المرآة ونسأل إلى أين؟

فيليب عرقتنجي أحد أشهر المخرجين السينمائيين في لبنان (مصدرها فيليب عرقتنجي)
فيليب عرقتنجي أحد أشهر المخرجين السينمائيين في لبنان (مصدرها فيليب عرقتنجي)
TT

فيليب عرقتنجي لـ«الشرق الأوسط»: علينا أن نقف أمام المرآة ونسأل إلى أين؟

فيليب عرقتنجي أحد أشهر المخرجين السينمائيين في لبنان (مصدرها فيليب عرقتنجي)
فيليب عرقتنجي أحد أشهر المخرجين السينمائيين في لبنان (مصدرها فيليب عرقتنجي)

طويل هو مشوار المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي الذي تنقل فيه بين التلفزيون والتصوير الفوتوغرافي والسينما، وهو من الذين لم يكرروا أنفسهم لأنه يستمد موضوعاته من أحداث الساعة. فأفلامه «بوسطة» و«تحت القصف» هما نموذجان واضحان عن ذلك. ومرات كان يغوص في الماورائيات ويحلق في عالم الخيال كما في «اسمعي». حائز على جوائز كثيرة. استطاع إنتاج وإخراج أكثر من 50 فيلماً بين روائي ووثائقي. يشغل منصب نائب رئيس معهد الشاشة في بيروت. وهو حاصل على لقب «chevaliers des arts et des lettres» من قبل الحكومة الفرنسية.

اليوم وفي خطوة فاجأت كثيرين قرر فيليب عرقتنجي الوقوف على الخشبة. وبدءاً من 15 يونيو (حزيران) المقبل على «مسرح مونو» ستُعرض مسرحيته «صار وقت الحكي». ومن خلالها سيخبر الناس قصة حياته الملونة بالكاميرا والصورة والموسيقى. هي ليست المرة الأولى التي يقرر فيها أن يحاور الزمن ويقلب صفحاته. ففي فيلم «ميراث» وثق قصته مع الهجرة ليرد على سؤال سمعه كثيراً «نبقى أو نرحل؟».

يعتبر المسرح فكرة قديمة تراوده منذ 6 سنوات (مصدرها فيليب عرقتنجي)

فهل المسرحية هي وقفة جديدة أرادها مع نفسه؟ يقول لـ«الشرق الأوسط»: «بالضبط هو كذلك. تراودني الفكرة منذ فترة. ورغبت بإيصال وجهة نظري عن أمور أعيشها، فتخزين تجارب متراكمة يلزمه التفريغ بين وقت وآخر. وأنا أهوى القصص كأي مخرج وكاتب. ولأني لم أستطع إخراجها جميعها إلى النور قررت أن أقدمها بأسلوب جديد».

«يجب على كل شخص أن يضع المرآة أمامه ويسأل نفسه إلى أين يتوجه وما هو حلمه؟»

المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي

كثيرون تساءلوا لماذا عرقتنجي لم يقم بهذه الخطوة ضمن فيلم سينمائي إلا أنه يقول: «هناك أسباب كثيرة منعتني عن ذلك، لا سيما أن السينما اليوم تغيرت. فالتوجه صار أكبر نحو المنصات الإلكترونية كـ(نتفليكس) وهو ما قلّص تأمين التمويل اللازم. فصار علينا أن نكتب ما يريدونه وليس العكس. كما أن الأسواق تبدلت وصارت أصغر ومحصورة أكثر. وهذه القصة دقت بابي ولم أجد سوى المسرح مكاناً يستضيفها كما أطمح».

عندما ذكر فيليب فكرته أمام المنتجة جوزيان بولس والمخرجة لينا أبيض شجعتاه على الأمر. «قالتا لي أن في جعبتي قصصاً غنية جداً فيها مضمون جذاب. فاقتنعت بالفكرة خصوصاً أني لا أبتعد فيها عن مهنتي الأساسية».

سيتابع مشاهد مسرحية «صار وقت الحكي» مقاطع ولقطات من نحو 30 فيلماً سينمائياً وعروضاً متتالية فيها الموسيقى والصور والفيديو. «سأحكي مرات وأصمت مرات أخرى لتخرج مقاطع صوتية مسجلة مع مونتاج وموسيقى وأصوات. فالمسرحية هي ترفيهية أيضاً إضافة إلى كونها تعتمد المشهدية البصرية والسمعية». يختلط على عرقتنجي الأمر مرات، ويسمي مسرحيته «فيلم». «هي في الحقيقة فيلم من نوع آخر لأن تفكيري هو نفسه».

سيقف فيليب عرقتنجي وحيداً على الخشبة ليقوم بدوره وإلى جانبه مساعدته. «ستحضر معي من دون أن تتفوه بكلمة، بل تساعدني فقط في توضيب أغراضي ومن هنا تبدأ المسرحية».

تتألف «صار وقت الحكي» من 7 فصول لكل منها عنوان يرتبط بلغة فنية يجيدها المخرج السينمائي اللبناني.
وهو يرى أنه على الخشبة شعر وكأنه يطير كالريشة أو «بالأحرى كأني خلعت عني».

كل ما يمكن أن يسهم في ضبابية المشهد. هناك وضوح ساطع ومباشر وإحساس مكثف. يختلف الأمر تماماً عن السينما التي رويت فيها قصصاً عشتها وأخرى أخبروني إياها، وفي تلك الحالات يمكن أن يمتزج الخيال مع الواقع. أما على المسرح فالمنتج حقيقي مائة في المائة لا كذب فيه. فأبدو كما أنا من دون زيادة أو نقصان. وهذا الأمر يتطلب الكثير من الشجاعة كي لا أقول نوعاً من الجنون. فالخشبة تغلب عليها لغة الخطابة لأن الكلام هو الأساس حتى قبل السينما والصوت».

هكذا ولدت فكرة «صار وقت الحكي» والتحدث مع الذات لأنه وبرأي فيليب: «يجب على كل شخص أن يضع المرآة أمامه ويسأل نفسه إلى أين يتوجه وما هو حلمه؟».

يقول المخرج اللبناني إنه منذ بداياته قام بالمختلف «في سن الـ17 قررت أن أدرس الإخراج ونفذت تقارير مصورة ووثائقيات. حتى وأنا في الـ20 من عمري طلبت للعمل في تلفزيون «إل بي سي آي»، فكان مشواري غنياً بأفلام سينمائية وبالأسفار التي طالت أدغال أفريقيا حيث صورت أفلاماً وثائقية عن الحيوانات».

في المسرحية سنتعرف إلى فيليب عرقتنجي كما لم يسبق أن عرفناه من قبل. فنكتشف حكاياته مع الحب وعلاقاته مع الوالدين وتستوقفنا محطات مؤثرة من حياته.

حقائق

90 دقيقة

يستغرقها عرض مسرحية «صار وقت الحكي» تتلون بالحكي والموسيقى واللقطات المصورة والموسيقية.

ويشاركه جمهور المسرح بمواقف ومحطات كثيرة أخرى من مشواره المهني. «أعتبر أنه إذا ما تشاركنا مع بعضنا كلبنانيين سيكبر اتحادنا وتثبت هويتنا. فنحن بحاجة لنتعرف إلى بعضنا بشكل أكبر، وأن نخبر قصصنا لبعضنا من الأشرفية إلى الضاحية وصولاً إلى جونية والكسليك فننمي ثقافتنا الذاتية. وهذا الأمر أشرت إليه في أكثر من فيلم سينمائي قمت به. فالبعد يساهم في ارتكاب الأخطاء في حق بعضنا. فنحن شعب طيب وكريم ونخاف رب العالمين من الأساس. وهذه الأمور أمرّ عليها في المسرحية وأقولها بالفم الملآن: «لا نزال أفضل من غيرنا بكثير».

مع المخرجة لينا أبيض التي توقع أول عمل مسرحي له (مصدرها فيليب عرقتنجي)

يستغرق عرض مسرحية «صار وقت الحكي» نحو 90 دقيقة تتلون بالحكي والموسيقى واللقطات المصورة والموسيقية. فهو أثناء توضيبه لأغراضه أمام أغراض معينة سيستعيد الذكرى ويخبرنا عنها. «أمرّ على مراحل مختلفة من عمري منذ أن رسبت في الصف الثاني الابتدائي، ومروراً بدروس العزف على البيانو وقصتي مع كاميرا التصوير وغيرها. وفي النهاية سيفهم الحضور لماذا رغبت بمشاركتهم كل هذه الأمور. لقد أردت التأسيس لذاكرة جديدة أنطلق معها».

حلم صغير وضعه لمدة 6 سنوات في جارور خزانته ونام على أوراقه إلى حين دق بابه. هذه هي باختصار قصة فيليب عرقتنجي مع الخشبة، عندما قفز من السينما إلى المسرح. ومن خلال 6 شاشات عملاقة تشكل خلفية بصرية لإطلالته سنتعرف على مشهديات فنية مختلفة. وما يصفه بالإنجاز هو وحده من يقف وراء كتابته وتأليفه وتصوير أفلامه. «لا يجب أن ننسى الدور الكبير الذي لعبته المخرجة لينا أبيض. حين دونت كل ما قمت به لتقولبه مسرحية تشع بمحتوى غني، تتخللها الطرافة والحميمية ومواقف مؤثرة».


الصين تحفر بئرا عميقة للغاية لاستكشاف أعماق الأرض

الصين تحفر بئرا عميقة للغاية لاستكشاف أعماق الأرض
TT

الصين تحفر بئرا عميقة للغاية لاستكشاف أعماق الأرض

الصين تحفر بئرا عميقة للغاية لاستكشاف أعماق الأرض

بدأت أعمال حفر أول بئر صينية بعمق أكثر من عشرة آلاف متر للاستكشاف العلمي في الساعة 11:46 صباح اليوم (الثلاثاء) في حوض تاريم بمنطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم شمال غربي الصين، ما يمثل إنجازا كبيرا في استكشاف الصين لأعماق الأرض، وذلك وفق ما نشرت وكالة أنباء «شينخوا» الصينية.

جدير بالذكر ان هذه البئر ليست الأولى من نوعها التي يتم خلالها استكشاف باطن الأرض؛ فقد سبقتها عدة محاولات أبرزها بئر كولا العميقة؛ وهو مشروع علمي جرى في الاتحاد السوفيتي السابق لاستكشاف قشرة الأرض ويعد أعمق بئر استكشافية في العالم. فقد بدأ الحفر فيها بمايو (أيار) 1970 واكتمل عام 1989 مخلفاً ثقباً عمقه 12.262 مترا؛ متجاوزاً عمق بئر البرثيه روجرز الموجود بأوكلاهوما الأميركية (9583 م) الذي تجاوز عام 1983 عمق 12.000 متر.


نباتات وفطريات تنظّف تربة موقع صناعي سابق بأميركا من الملوّثات

الباحثة دانييل ستيفنسون تشارك في اقتلاع نبتة من نوع الحنطة السوداء الكاليفورنية (أ.ف.ب)
الباحثة دانييل ستيفنسون تشارك في اقتلاع نبتة من نوع الحنطة السوداء الكاليفورنية (أ.ف.ب)
TT

نباتات وفطريات تنظّف تربة موقع صناعي سابق بأميركا من الملوّثات

الباحثة دانييل ستيفنسون تشارك في اقتلاع نبتة من نوع الحنطة السوداء الكاليفورنية (أ.ف.ب)
الباحثة دانييل ستيفنسون تشارك في اقتلاع نبتة من نوع الحنطة السوداء الكاليفورنية (أ.ف.ب)

وسط أرض قاحلة صناعية في لوس أنجليس، يقتلع كري هامبل من الجذور نبتة من نوع الحنطة السوداء الكاليفورنية، بهدف تحليلها. فهذه النبتة تمتص منذ أن زُرعت الرصاص الملوث لتربة الأرض التي كانت في السابق موقعاً لتصنيع السيارات.

وينتاب المتطوع البالغ 68 عاماً ذهول بالقدرة الهائلة التي تتمتع بها هذه الشجيرة المليئة بالورود البيضاء والوردية، لناحية تنظيف التربة، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

نبتة من نوع الحنطة السوداء الكاليفورنية (أ.ف.ب)

ويقول واضعاً كمامة تحوي فلتراً: «إنها معجزة الحياة. فالنباتات تدرك فعلاً كيفية سحب الرصاص من التربة، وسبق أن قامت بذلك مرات عدة لملايين السنين».

وعلى هذه الأرض التي كانت مغطاة بالخرسانة لفترة طويلة، زرع علماء من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد نباتات وفطريات اختيرت أنواعها بدقة، في خطوة ترمي إلى التخلص طبيعياً من المعادن الثقيلة والبتروكيماويات التي تلوّث المنطقة منذ عقود.

وتمثل هذه التقنية المعروفة بتسمية «المعالجة البيولوجية» بديلاً أوفر من الطرق التقليدية.

وفي حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، تقول الباحثة دانييل ستيفنسون التي تتولى قيادة هذه الدراسة، إنّ «الطريقة التقليدية لتنظيف المواقع تتمثل في جمع التربة الملوّثة وإلقائها في مكان آخر؛ وهي تقنية قد تصل تكلفتها إلى ملايين الدولارات ولا فائدة منها سوى نقل المشكلة إلى مكان آخر».

الباحثة دانييل ستيفنسون (أ.ف.ب)

إلا أنّ مشروع ستيفنسون الذي يُنفَّذ في 3 مواقع صناعية سابقة في لوس أنجليس، يكلّف «مائتي ألف دولار» فقط. وتؤكّد الباحثة المتخصصة بعلم الفطريات أنّ النتائج الأولى للمشروع واعدة.

وتقول: «في 3 أشهر، خفّضنا البتروكيماويات بنسبة 50 في المائة، وفي 6 أشهر اقتربنا من هذه النسبة لبعض المعادن».

وكانت ستيفنسون اختارت بدقة أنواع النباتات التي تسهم في خفض التلوث.

فزُرع فطر المحار الأبيض في التربة لأنه فطر «مُحلل»، فقسمه الموجود تحت الأرض والمُسمى «ميسيليوم» يتغذى على الأشجار النافقة والهيدروكربونات كالديزل.

كذلك، تعمل نباتات محلية كثيرة من كاليفورنيا «مكانس كهربائية» للمعادن الثقيلة التي يمكن إعادة استخدامها. وحتى تبقى حيّةً في تربة ملوثة تتلقى مساعدة من الفطريات الجذرية، وهي بمثابة حليف طبيعي للغابة تزوّد النباتات بالمياه والمغذيات.

وفي هذا الحي الشعبي الذي تتحدر غالبية سكانه من أميركا اللاتينية، تأمل ستيفنسون في أن تصبح نسبة الملوثات أقل من تلك التي تحددها السلطات الأميركية، لأنّ العيش قرب موقع صناعي سابق ملوّث «يقلّص أمد الحياة».

وفي العادة، نادراً ما تتحمّل الجهات الملوّثة تكلفة ما تتسبب به. فبعد انسحاب الشركات من مواقع التصنيع، غالباً ما تتولى تنظيف الموقع مجموعات سكانية يستغرق عثورها على التمويل اللازم سنوات.

وفي الولايات المتحدة حيث رصدت وكالة حماية البيئة نحو 1900 موقع يحمل إشكالية، لا تتعدى مشروعات إزالة التلوث التي تُنفَّذ سنوياً أصابع اليد الواحدة، بحسب ستيفنسون.

عينة من النباتات التي تم جمعها من قبل الباحثين (أ.ف.ب)

وتشير إلى أنّ طرح تقنية «أقل تكلفة» يتيح «تنظيف عدد أكبر من المواقع وبصورة أسرع».

وتؤكد العالِمة أنّ «المعالجة البيولوجية» يمكن تطبيقها في مجالات كثيرة، بدءاً من تنظيف المياه العادمة وصولاً إلى معالجة التربة الملوثة بالرماد السام جراء حرائق الغابات، وهي ظاهرة تتكرر في كاليفورنيا.

ولكن على الرغم من الأهمية التي تتمتع بها هذه التقنية، فلماذا لم تشهد تطوراً كبيراً؟

يقول الأستاذ في علم الأحياء الدقيقة لدى جامعة كولومبيا البريطانية في كندا بيل مون: «لا تزال المعالجة البيولوجية تُعد تقنية محفوفة بالمخاطر، فعلى عكس حفر التربة وجمعها لإلقائها في مكان آخر، من الصعب أن نضمن تلقائياً أن الملوثات ستنخفض إلى المستويات المطلوبة».

ويضيف: «ما يعزز التردد في اعتماد هذه التقنية النقص في التمويل المخصص للأبحاث في مجال لا ينتج ما هو قابل للبيع».

وتشير ستيفنسون إلى صعوبة وضع حدّ للأفكار المسبقة التي ترى الفطر على أنّه غير صحي.

وتقول: «أتلقى بصورة مستمرة أسئلة في شأن ما إذا كان الفطر الذي ينظّف الموقع سيحمل هذه الملوّثات وينشرها في كل مكان، أم لا».

وتضيف ستيفنسون: «بمجرد إجراء مزيد من الاختبارات على هذه الأساليب على الأرض، ستزداد ثقة الناس بها».