ترمب للمثول أمام المحكمة الثلاثاء في قضية «ستورمي دانييلز»

هاجم «تسييس» التهم... وديمقراطيون يحذرون من «تعزيز» حظوظه الانتخابية

صحافيون احتشدوا خارج مقر المدعي العام في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
صحافيون احتشدوا خارج مقر المدعي العام في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
TT

ترمب للمثول أمام المحكمة الثلاثاء في قضية «ستورمي دانييلز»

صحافيون احتشدوا خارج مقر المدعي العام في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
صحافيون احتشدوا خارج مقر المدعي العام في نيويورك أمس (أ.ف.ب)

قرار انتشر وقعه كالنار في الهشيم في الولايات المتحدة. فخطوة توجيه التهم لدونالد ترمب من قبل مدعي عام منهاتن ألفين براغ، في قضية ستورمي دانييلز، أعادت الرئيس السابق إلى واجهة الأحداث، لتُسلّط الأضواء عليه في الأيام والأشهر المقبلة.
من المتوقع أن يمثل ترمب أمام قاضي المحكمة في مانهاتن يوم الثلاثاء لتسليم نفسه، قادماً من ولاية فلوريدا. هناك سيقرأ القاضي التهم التي يواجهها الرئيس السابق والتي لا تزال سرية. وحسب التسريبات الأولية لشبكة «سي إن إن»، فإن ترمب سيواجه أكثر من 30 تهمة متعلقة بالاحتيال في سجلات أعماله. وتتراوح هذه التهم بين المخالفة التي قد تصل عقوبتها إلى عام لكل تهمة، والجناية التي تترتب عليها فترة سجن لـ4 أعوام على كل تهمة.

ترمب في طريقه إلى واكو بتكساس في 25 مارس (أ.ب)

ورغم أن ترمب وجّه دعوة لمناصريه بالتظاهر قبل صدور التهم رسمياً محذراً من «موت ودمار»، إلا أنه من المتوقع أن يسلّم نفسه من دون إثارة فوضى، حسب محاميه جون تاكيبنا الذي قال: «لن تكون هناك مواجهة في مارالاغو بين الخدمة السرية ومكتب مدعي عام مانهاتن».
لكن هذا لا يعني أن الرئيس السابق، المحنك في التعاطي مع الإعلام، لن يستعمل مشاهد «القبض عليه» لمصلحته السياسية. فقد أفادت صحيفة «ذي غارديان»، بأن ترمب سيطلب تكبيل يديه عند تسليم نفسه، رغم أن الأمر غير ضروري لأشخاص في منصبه. وعندما يدخل المبنى، سيأخذ مسؤولون بصمات ترمب وصورته كمتّهم لإضافتها على سجله الجنائي وفقاً للقوانين. من بعدها، يمثل أمام القاضي الذي سيقرأ التهم الموجهة ضده بشكل علني، ويحدد خروجه بكفالة مالية بانتظار تاريخ المحاكمة.
- دعم مستمر
بمجرد صدور قرار المدعي العام ألفين براغ بتوجيه التهم، التي توقعها ترمب منذ أسبوعين، سارع الرئيس السابق إلى إصدار بيان لاذع هاجم فيه براغ بشكل خاص، والديمقراطيين بشكل عام. فاعتبر أن براغ «ينفذ عمل بايدن الوسخ»، ووصف التهم بـ«حملة جديدة لمطاردة الساحرات»، وهو تعبير يكرّره في كل مرة يفتح فيها الديمقراطيون تحقيقاً بشأنه، من التواطؤ مع روسيا إلى اقتحام الكابيتول والسعي لتزوير الانتخابات.
وتوقع ترمب أن تنعكس هذه الخطوة سلباً على الرئيس الأميركي جو بايدن والديمقراطيين في الانتخابات، متوعداً: «إن تحركنا وحزبنا موحد وقوي، سوف نهزم ألفين براغ أولاً، ثم جو بايدن، وسوف نطرد كل هؤلاء الديمقراطيين الفاسدين من مناصبهم كي نجعل أميركا عظيمة مجدداً».
شعار انتخابي بامتياز، أظهر بكل وضوح أن الرئيس السابق سوف يعمل جاهداً لحشد دعم مناصريه في سبيل الفوز بالانتخابات الرئاسية التي أعلن عن ترشحه لها. وخير دليل على ذلك بيان صدر من حملته الانتخابية بعد خبر توجيه التهم بحقه. ويقول البيان الموجه لمناصريه: «تبرعوا بأي مبلغ للدفاع عن تحركنا ضد حملات المطاردة التي لا نهاية لها، والفوز بالبيت الأبيض مجدداً في 2024».
وحسب بيانات الحملة، فقد بلغت التبرعات مليوني دولار منذ 18 مارس (آذار)، عندما أعلن ترمب على منصته «تروث سوشيال» بأنه سيتم توجيه التهم إليه.
وتدل هذه الأرقام على استمرار مناصري الرئيس السابق بدعمه. بل إنه يتوقع زيادة هذا الدعم في الأيام المقبلة، خصوصاً أن قاعدة ترمب الشعبية لم تتأثر لدى ظهور فضيحة «ستورمي دانييلز» في عام 2018. وحسب آخر استطلاعات للرأي لجامعة «كينيبياك»، اعتبر 93 في المائة من الجمهوريين، و70 في المائة من المستقلين، أن قضية المدعي العام مسيّسة، مقارنة بـ66 في المائة من الديمقراطيين الذين اعتبروا أنها ارتكزت على القانون.
- تكاتف جمهوري
لعلّ النصر الأكبر لترمب حالياً هو تكاتف الجمهوريين للدفاع عنه. فقد هبّ هؤلاء للدفاع عن رئيسهم السابق، بمن فيهم حاكم ولاية فلوريدا رون ديسنتس، الذي وصف التهم بالمنافية للقيم الأميركية. وهدّد بعدم التعاون مع مكتب المدعي العام في حال طلب تسليم ترمب، الموجود حالياً في فلوريدا.
تصريح مثير للاهتمام من أحد أبرز منافسي ترمب للرئاسة، رغم عدم إعلانه عن ترشحه بعد، ويدلّ بوضوح على أنه حريص على عدم إغضاب قاعدة ترمب التي قد يحتاج إليها في حال قرر الترشح. أما رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفين مكارثي، فقد كرر توعده بالتحقيق مع المدعي العام و«انتهاكه لسلطته». وقال إن «براغ ألحق أذى لا يمكن إصلاحه ببلادنا، في محاولته للتدخل في الانتخابات الرئاسية». بدوره، اعتبر النائب الجمهوري روني جاكسون، أن ما جرى هو «يوم أسود في التاريخ الأميركي»، مضيفاً على «تويتر» أن «جريمة ترمب الوحيدة هي جعل أميركا عظيمة مجدداًّ. هؤلاء الديمقراطيون الجبناء يكرهون ترمب ويكرهون أنصاره أكثر. وعندما يفوز ترمب، سوف يدفعون الثمن!».
- الديمقراطيون بين الترحيب والتحذير
وفيما تحفّظ البيت الأبيض على التعليق تجنباً لأي اتهام بتسييس الملف، رحّب الديمقراطيون بخطوة براغ، معتبرين أن «لا أحد يجب أن يكون فوق القانون». في المقابل، حذّر بعض الديمقراطيين من تأثير هذه القضية. وقال السيناتور الديمقراطي المعتدل جو مانشين: «هناك الكثير من الأسباب لعدم دعم دونالد ترمب، والكثير من الأسباب التي تثبت أنه غير أهل ليصبح رئيساً. لكن يجب أن نكون حذرين، فلا يجب أن يتم النظر إلى النظام القضائي كجزء من المسار السياسي». وحذّر مانشين من أن «ما حصل قد يكون له التأثير المعاكس لما يتوقعه البعض. فهو سيقوّي من موقعه».
ولم يخف آدم غرين، أحد المؤسسين في حملات الديمقراطيين الانتخابية، استياءه من قرار المدعي العام، مشيراً إلى القضايا الأخرى التي يواجهها ترمب. وقال: «بعد تحريضه على التمرد في الكابيتول، والضغط على مسؤولي الانتخابات لتغيير نتيجتها، والحصول على دفعات من دول أجنبية، والجرائم الأخرى التي ارتكبها خلال رئاسته، من المحرج والمثير للغضب أن يكون أول اتهام يواجه ترمب متعلق بستورمي دانييلز».
ويعتبر بعض الديمقراطيين أن توجيه التهم لترمب في قضية ستورمي دانييلز سوف يخفف من قيمة التهم الأخرى «الأكثر جدية» التي يواجهها، كمحاولته التحريض على الغش في الانتخابات في ولاية جورجيا، وقضية وثائق مارالاغو السرية التي يشرف عليها المحقق الخاص جاك سميث، إضافة إلى دوره في اقتحام الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، وكانت لجنة التحقيق بالاقتحام قد أوصت وزارة العدل بتوجيه تهم ضد الرئيس السابق في هذا الإطار، أبرزها تهمة التحريض على العصيان، وهي التهمة الأهم في حال الإدانة لأنها قد تحرمه من الرئاسة على خلاف التهم الأخرى. ووجّه النائب الديمقراطي آدم سميث، انتقادات لاذعة لوزارة العدل لعدم اتخاذها قراراً بهذا الشأن بعد، قائلاً: «لجنة التحقيق بالاقتحام والزعماء الشجعان كرئيسها قاموا بعملهم، الآن حان الوقت لوزير العدل ميريك غارلاند للقيام بعمله».


مقالات ذات صلة

بنس يدخل السباق الرئاسي مراهناً على صوت الإنجيليين المحافظين

الولايات المتحدة​ جانب من كلمة بنس في ولاية أيوا في 23 مايو (أ.ب)

بنس يدخل السباق الرئاسي مراهناً على صوت الإنجيليين المحافظين

من المتوقع أن يعلن مايك بنس ترشحه رسمياً في ولاية أيوا، الأسبوع المقبل.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (د.ب.أ)

تسجيل صوتي يكشف إقرار ترمب باحتفاظه بوثيقة سرية عن إيران بعد ترك منصبه

ترمب بدا في التسجيل أنه كان يدرك أنه يحتفظ بمواد سرية بعد مغادرته البيت الأبيض في عام 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ديسانتيس يخاطب حشداً من أنصاره في أيوا (أ.ف.ب)

حملة ديسانتيس تتعثر في مواجهة ترمب

كان لإطلاق حملة ديسانتيس الخجول على «تويتر» تأثير مضاعف على تراجع أسهمه في مواجهة ترمب.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي (أ.ب)

حاكم نيوجيرسي السابق كريس كريستي يرشح نفسه للسباق الرئاسي

يتوقع الحزب الجمهوري إعلان الترشح المرتقب لحاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي الذي ينضم الي سباق الانتخابات الرئاسية لعام 2024 رسميا الثلاثاء المقبل.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم يرحب بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن لدى وصوله إلى استوكهولم، الثلاثاء (إ.ب.أ)

اجتماعات أطلسية بمشاركة فنلندا والسويد استعداداً لقمة فيلنيوس

يعقد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، اجتماعاً غير رسمي في العاصمة النرويجية مع نظرائه في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

علي بردى (واشنطن)

دول «بريكس» تدعو إلى «إعادة توازن» النظام العالمي... وتؤكد دعوة بوتين للقمة

من اليمين: وزراء خارجية الهند وروسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل ونائب وزير خارجية الصين (أ.ف.ب)
من اليمين: وزراء خارجية الهند وروسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل ونائب وزير خارجية الصين (أ.ف.ب)
TT

دول «بريكس» تدعو إلى «إعادة توازن» النظام العالمي... وتؤكد دعوة بوتين للقمة

من اليمين: وزراء خارجية الهند وروسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل ونائب وزير خارجية الصين (أ.ف.ب)
من اليمين: وزراء خارجية الهند وروسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل ونائب وزير خارجية الصين (أ.ف.ب)

دعا وزراء خارجية دول «مجموعة بريكس»، الذين اجتمعوا، الخميس، في مدينة الكاب بجنوب أفريقيا، قبل قمة مقرَّرة في أغسطس (آب) تهيمن على تحضيراتها مسألة حضور فلاديمير بوتين إلى الدولة الأفريقية من عدمه، إلى «إعادة توازن» النظام العالمي.

وقال وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار، في مستهلّ الاجتماع: «العالَم المتعدد الأقطاب يعيد توازنه، والأساليب القديمة لا يمكنها معالجة الأوضاع الجديدة».

من جهتها قالت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور: «ستركز مباحثاتنا، اليوم، على فرص تعزيز وتحويل أنظمة الحوكمة العالمية»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ورداً على سؤال للصحافيين حول حضور الرئيس الروسي القمة، في أغسطس، أكدت الوزيرة أن «دعوة وُجّهت إلى كل من رؤساء الدول الخمس». ويضم تجمُّع دول «بريكس» جنوب أفريقيا، والبرازيل، والصين، والهند، وروسيا.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيرته من جنوب أفريقيا ناليدي باندور (رويترز)

وأضافت باندور أن حكومة جنوب أفريقيا، التي لم تتخذ موقفاً من مسألة احتمال اعتقال الرئيس الروسي، تدرس «الخيارات القانونية».

وصدرت بحقّ بوتين مذكرةُ توقيف عن «المحكمة الجنائية الدولية» بتهمة «ترحيل» أطفال أوكرانيين، خلال هجوم موسكو على أوكرانيا.

من المفترض، نظرياً، بصفتها عضواً في «المحكمة الجنائية الدولية»، أن تعتقل جنوب أفريقيا الرئيس الروسي إذا دخل أراضيها، لكن البلدين يقيمان علاقات وثيقة.

وترفض بريتوريا إدانة موسكو، منذ بدء الحرب على أوكرانيا، مؤكدة أنها تتخذ موقفاً محايداً وتفضّل الحوار لحل الأزمة، مما يثير القلق على الساحة الدولية.

وفي أبريل (نيسان)، قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا إن مذكرة التوقيف، الصادرة عن «المحكمة الجنائية الدولية» بحق بوتين، تضع جنوب أفريقيا «في موقع صعب».

وهذا الأسبوع، منحت حكومة جنوب أفريقيا حصانة دبلوماسية للمسؤولين، الذين حضروا قمة «بريكس»، قائلة إنه إجراء اعتيادي لتنظيم المؤتمرات الدولية.


ما خيارات جنوب أفريقيا بشأن حضور بوتين قمة «بريكس»؟

وزراء خارجية دول «بريكس» خلال اجتماع في كيب تاون أمس (أ.ف.ب)
وزراء خارجية دول «بريكس» خلال اجتماع في كيب تاون أمس (أ.ف.ب)
TT

ما خيارات جنوب أفريقيا بشأن حضور بوتين قمة «بريكس»؟

وزراء خارجية دول «بريكس» خلال اجتماع في كيب تاون أمس (أ.ف.ب)
وزراء خارجية دول «بريكس» خلال اجتماع في كيب تاون أمس (أ.ف.ب)

تواجه جنوب أفريقيا خيارات صعبة وضغوطاً سياسية وقانونية متصاعدة بشأن الدعوة التي وجّهتها إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لحضور قمة قادة دول تجمع «بريكس» بعد شهرين.

ويتعين على سلطات جنوب أفريقيا الوفاء بالتزاماتها كدولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يفرض عليها إلقاء القبض على الرئيس الروسي، الصادر بحقه مذكرة توقيف من المحكمة، في حال زيارته البلاد، وهو ما يثير جدلاً واسعاً. وحتى الآن، لم تعلن جنوب أفريقيا، التي تربطها علاقات قوية مع روسيا، موقفاً رسمياً بشأن التعامل مع الضغوط التي تواجهها فيما يتعلق بالتزاماتها إزاء المحكمة الجنائية الدولية، أو السماح للرئيس الروسي بزيارة أراضيها.

كانت جنوب أفريقيا دعت في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي الرئيس بوتين لحضور اجتماع يومي 22 و 24 أغسطس (آب) في جوهانسبرغ لقادة دول مجموعة «بريكس» للاقتصادات الناشئة، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء في تقرير لها، الخميس، عن مسؤول حكومي من جنوب أفريقيا قوله إن بلاده «لا تزال تدرس خياراتها بشأن مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي إذا قبل دعوة لحضور قمة (بريكس)». وقال زين دانجور، المدير العام لإدارة العلاقات الدولية لـ«رويترز»، إنه «لم يكن هناك قرار حازم»، مضيفاً أن الوزراء المكلفين هذه المسألة سيجتمعون قريباً للنظر في الخيارات المطروحة. كما نقل التقرير عن مسؤول حكومي كبير في جنوب أفريقيا، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، يوم الأربعاء، أن أحد الخيارات التي تكتسب الزخم بين المسؤولين في جنوب أفريقيا هو مطالبة الصين، الرئيس السابق للمجموعة، باستضافة القمة.

وكعضو في المحكمة الجنائية الدولية، يتوجب على جنوب أفريقيا بموجب البروتوكول المؤسس للمحكمة، والذي يعد جزءاً من القوانين الداخلية لأي دولة توافق عليه، إلقاء القبض على بوتين بموجب مذكرة أصدرتها المحكمة في مارس (آذار) الماضي، بتهمة «ارتكاب جريمة حرب تتعلق بترحيل الأطفال قسراً من الأراضي التي تحتلها روسيا في أوكرانيا».

«ازدواجية غربية»

وتنفي موسكو بشدة هذه الاتهامات، وتعتبرها تجسيداً للازدواجية الغربية والأميركية على وجه التحديد، ومثالاً على تسييس المنظمات الدولية واستخدامها للضغط على خصوم واشنطن.

ويؤكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، أن «أي دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية ملزمة بالتعاون مع المحكمة، سواء بالقبض على من تصدر بحقهم مذكرات توقيف، أو بتقديم أي أدلة تطلبها المحكمة». وأوضح سلامة لـ«الشرق الأوسط» أن التزامات أي دولة موقّعة على بروتوكول المحكمة «لا يتيح لها الاختيار بين التعاون أو عدم التعاون، وفي حالة إخلال أي دولة بالتزاماتها، تجتمع جمعية الدول الأطراف البالغ عددها 123 دولة لتقرر ما يلزم اتخاذه ضد الدولة التي انتهكت ميثاق المحكمة».

وفيما يتعلق بما أعلنه مسؤولون من جنوب أفريقيا في وقت سابق من أن بريتوريا تخطط لتمرير تشريع يمنحها خيار تقرير ما إذا كانت ستقبض على القادة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية أم لا، أشار أستاذ القانون الدولي إلى أن ذلك «غير صحيح من الزاوية القانونية». وأضاف أن «المحكمة العليا في جنوب أفريقيا صادقت منذ سنوات على عضوية البلاد في المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي صارت الدولة ملتزمة بكل بنود ميثاق المحكمة، وملزمة بالتعاون، ولا يمثل صدور قانون داخلي حجية قانونية في التهرب من الوفاء بالالتزامات الدولية».

وتعد المحكمة الجنائية الدولية أول هيئة دولية قضائية مستقلة دائمة، ولا تتبع الأمم المتحدة، بل تتمتع بالاستقلالية، ويلتزم قضاتها ومدعوها بالنظام الأساسي المعروف بميثاق روما الموقع عام 1998.

خيار الصين

وتصاعد في الآونة الأخيرة الحديث عن نقل القمة إلى الصين باعتباره «حلاً مناسباً» يضمن إعفاء جنوب أفريقيا من الضغوط التي تواجهها حالياً، كما يضمن حضور الرئيس الروسي دون أي إشكالات قانونية؛ لأن الصين ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية. إلا أن نقل القمة لا يبدو قراراً مُرَحّباً به من جانب المسؤولين في روسيا؛ إذ قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، الخميس، إن التقارير التي تفيد بأن قمة «بريكس» ستُنقل إلى الصين من جنوب أفريقيا «مزيفة»، حسبما ذكرت وكالة «إنترفاكس». وكان الكرملين أعلن، الثلاثاء، أن روسيا ستشارك على «المستوى المناسب».

وتثير القضية جدلاً واسعاً في بريتوريا، فبينما استبعد الرئيس السابق للبلاد ثابو مبيكي، في مقابلة إعلامية في 25 مايو (أيار) الحالي، أن تُعقد القمة في جنوب أفريقيا، قائلاً إنه «بسبب التزاماتنا القانونية، يتعين علينا اعتقال الرئيس بوتين، لكن لا يمكننا فعل ذلك»، يرى في المقابل عدد من السياسيين والمعلقين زيارة بوتين تعزيزاً لعلاقات بلادهم المتنامية مع روسيا.

حلول وسط

وتعتقد شاينا فورين، الباحثة الجنوب أفريقية في العلوم السياسية، أن هذا الجدل سيتصاعد في الآونة المقبلة، خاصة مع تصاعد ضغوط الدول الغربية، التي ترى أنها «لا تبدي ارتياحاً للتقارب بين بريتوريا وموسكو». وأضافت فورين لـ«الشرق الأوسط» أن بريتوريا حريصة على تطوير علاقاتها مع روسيا، رغم التوتر مع الولايات المتحدة، لافتة إلى أنه بعد اتهام واشنطن جنوب أفريقيا بشحن أسلحة سراً إلى روسيا، لم يتراجع الرئيس سيريل رامافوزا، بل أجرى اتصالاً مع نظيره الروسي، أكدا فيه عزمهما على تعزيز العلاقات الثنائية، وهو ما اعتبرته «رسالة واضحة» في هذا الشأن.

وأعربت الباحثة في العلوم السياسية، عن اعتقادها بأن هناك بعض «الحلول الوسط» ستبرز خلال الفترة المقبلة، مؤكدة أنه من غير المحتمل أن تضحي جنوب أفريقيا بعضويتها في المحكمة الدولية، مرجّحة أن تُعقد القمة في إحدى الدول الأعضاء في «بريكس»، أو بتمثيل روسي أقل من المستوى الرئاسي، مضيفة أن الخيار الأخير «يبدو أقل احتمالاً».

وأثار موقف بريتوريا من الحرب في أوكرانيا قلق الولايات المتحدة والدول الغربية؛ إذ امتنعت، كالعديد من الدول الإفريقية، عن التصويت العام الماضي في الأمم المتحدة على قرار يدين الهجوم الروسي. واستضافت جنوب أفريقيا، مطلع العام الحالي، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، كما سمحت للسفن الحربية الروسية والصينية باستخدام مياهها في مناورات بحرية مشتركة قبالة ساحلها الشرقي في فبراير (شباط) الماضي.


الأرجنتينية سيليستي ساولو أول امرأة تترأس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية

صورة للأرجنتينية سيليستي ساولو اليوم (الخميس) في جنيف بعد انتخابها أمينة عامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (إ.ب.أ)
صورة للأرجنتينية سيليستي ساولو اليوم (الخميس) في جنيف بعد انتخابها أمينة عامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (إ.ب.أ)
TT

الأرجنتينية سيليستي ساولو أول امرأة تترأس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية

صورة للأرجنتينية سيليستي ساولو اليوم (الخميس) في جنيف بعد انتخابها أمينة عامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (إ.ب.أ)
صورة للأرجنتينية سيليستي ساولو اليوم (الخميس) في جنيف بعد انتخابها أمينة عامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (إ.ب.أ)

انتخبت الأرجنتينية سيليستي ساولو اليوم (الخميس) في جنيف أمينة عامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية من الدورة الأولى للاقتراع، لتصبح بذلك أول سيدة تتولى هذا المنصب.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في بيان إن سيليستي ساولو (59 عاماً) تترأس وكالة الأرصاد الجوية في الأرجنتين منذ 2014 وستتولى منصبها الجديد في الأول من يناير (كانون الثاني) 2024، خلفاً للفنلندي بيتيري تالاس.

وقالت البروفسورة ساولو عقب انتخابها: «في الوقت الذي يمثل عدم المساواة وتغيّر المناخ من أكبر التهديدات العالمية، يجب أن تساهم المنظمة في تعزيز وكالات الأرصاد الجوية والهيدرولوجيا لحماية الشعوب واقتصاداتهم، من خلال توفير خدمات سريعة وفعالة وأنظمة إنذار مبكر».

وانتخبت الأرجنتينية من الجولة الأولى للاقتراع السري من جانب الدول الأعضاء في المنظمة التي تعقد مؤتمرها في جنيف.

وحصلت على 108 أصوات مقابل 37 صوتاً لمن اعتبر منافسها الرئيسي الصيني تشانغ ونجيان، وهو الرجل الثالث في المنظمة حالياً، وفقاً لمصدر دبلوماسي في جنيف.

وتظهر هذه النتيجة فشل بكين مجدداً في فرض أحد مرشحيها على رأس وكالة تابعة للأمم المتحدة بعدما فشلت قبل ثلاث سنوات في فرض مرشحها لإدارة المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو).

ونما دور المنظمة بشكل مطرد في السنوات الأخيرة، وركّزت المنظمة على أنظمة جديدة للمراقبة والإنذار تهدف إلى إنقاذ الأرواح في مواجهة تغير المناخ ولكن أيضاً فهم تداعياته العميقة وتوقعها بشكل أفضل. وهي مسائل جعلتها ساولو أولوياتها.

شغوفة

كانت سيليستي ساولو أول امرأة تشغل منصب النائب الأول لرئيس المنظمة منذ عام 2019 وهي تقول إنها «شغوفة بالأرصاد الجوية وحل التحديات العالمية المرتبطة بتغير المناخ والأخطار الطبيعية وهشاشة الشعوب المتزايدة».

حصلت على شهادة الماجستير في علوم الأرصاد الجوية في عام 1987 من جامعة بوينس آيرس، وفي عام 1996، حصلت على الدكتوراه في علوم الغلاف الجوي من الجامعة نفسها.

ويُعد انتخاب ساولو تتويجاً للمؤتمر العالمي للأرصاد الجوية الذي يعقد كل أربع سنوات وفي سياق تظهر تداعيات تغير المناخ بشكل أكثر وضوحاً مع ظواهر تتفاقم شدّتها بسبب ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي.

ونجح تالاس في إقناع العالم بالحاجة إلى إنشاء شبكة عالمية للإنذار المبكر بالظواهر الجوية القصوى لإنقاذ الأرواح، خصوصاً في البلدان النامية.

وفي السنوات الأخيرة، عملت ساولو على أنظمة الإنذار المبكر هذه.

وصرّحت ساولو لوكالة الصحافة الفرنسية عقب انتخابها: «الإنذار المبكر للجميع هو مبادرة أساسية، وسنعمل عليها، وسنحققها جميعنا معاً، ونعمل من كل بلد وكل منطقة، مع التأكد من تلبية كل عضو حاجاته».

بين عامَي 1970 و2021، تسببت الكوارث المرتبطة بالظواهر المناخية القصوى في مقتل حوالى مليوني شخص، 90 في المائة منهم في البلدان النامية، وتسببت في خسائر اقتصادية تقدر بحوالي 4.3 تريليون دولار، وفقاً لأحدث أرقام المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التي نُشرت الشهر الماضي.

ووضع المؤتمر الذي يختتم أعماله الجمعة، الغلاف الجليدي على رأس أولوياته، نظراً إلى التأثيرات المتزايدة لذوبان الجليد البحري والأنهار الجليدية والتربة الصقيعية. كما أطلق مشروعاً جديداً لمراقبة أفضل للغازات الدفيئة المسؤولة عن الاحترار.

ويقع على عاتق ساولو تنفيذ هذه المبادرات المختلفة بمجرد توليها المنصب.


تجمّع جديد لمحتجين صرب في شمال كوسوفو غداة مواجهات مع الشرطة

TT

تجمّع جديد لمحتجين صرب في شمال كوسوفو غداة مواجهات مع الشرطة

جنود من قوات حفظ السلام التابعة للناتو أمام سياج من الأسلاك الشائكة أمام مبنى البلدية في زفيكان بكوسوفو (إ.ب.أ)
جنود من قوات حفظ السلام التابعة للناتو أمام سياج من الأسلاك الشائكة أمام مبنى البلدية في زفيكان بكوسوفو (إ.ب.أ)

تبقى الأجواء متوترة اليوم (الثلاثاء) في شمال كوسوفو حيث تجمّع محتجّون صرب مجدداً أمام بلدية زفيتشان جرت قبل يوم مواجهات عنيفة أدت إلى إصابة أكثر من ثلاثين عنصرا من قوّة حفظ السلام وأكثر من 50 متظاهراً.

وأقام جنود بلباس مكافحة الشغب من قوّة حفظ السلام التي يقودها حلف شمال الأطلسي في كوسوفو، حاجزاً حديدياً حول مبنى البلدية لمنع مئات المتظاهرين الصرب من الدخول، وفق مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية.

وأوقفت أمام مبنى البلدية ثلاث مركبات مصفحة تابعة لشرطة كوسوفو التي يثير وجودها غضب الصرب الذين يشكّلون غالبية السكان في أربع بلدات في شمال كوسوفو.

وبعدما غادر ممثلوهم السياسيون الإدارات المحلية في هذه البلدات الأربع في شمال كوسوفو في نوفمبر (تشرين الثاني) في سياق مواجهة بين بلغراد وبريشتينا، قاطع الصرب الانتخابات البلدية التي نظمتها حكومة كوسوفو في أبريل (نيسان) لإنهاء الفراغ المؤسسي.

وفاز رؤساء بلديات ألبان في هذه الانتخابات التي كانت نسبة المشاركة فيها أقل من 3,5%.

ونصبت حكومة رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي رؤساء البلديات الأسبوع الماضي، على الرغم من دعوات التهدئة الصادرة عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

والتوترات متكررة في تلك المناطق من الإقليم الصربي السابق الذي لم تعترف بلغراد باستقلاله المعلن عام 2008، وحيث يتحدى السكان الصرب الحكومة المحلية.

والاثنين، أعلنت القوة المتعددة الجنسيات أنّها «تعرّضت لهجمات غير مبرّرة»، بعدما اشتبك متظاهرون مع الشرطة وحاولوا الدخول إلى مبنى بلدية زفيتشان الشمالية.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش إنّ 52 صربيّاً أصيبوا، ثلاثة منهم بجروح خطرة، فيما أصيب أحدهم «بعيارين ناريين أطلقتهما قوات خاصة (من إتنية) ألبانية».

ومن جهته، دعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قادة كوسوفو وصربيا إلى وقف التصعيد على الفور بعد اشتباكات «غير مقبولة على الإطلاق» في شمال كوسوفو. وحذر بوريل من أن الاتحاد الأوروبي «يناقش الإجراءات التي يمكن اتخاذها في حال واصل الأطراف مقاومة الخطوات المقترحة تجاه وقف التصعيد».

من جهتها أفادت قوة الحلف الأطلسي في بيان الثلاثاء بإصابة 19 جندياً مجرياً و11 جندياً إيطالياً في اشتباكات الاثنين، مشيرة إلى أنهم يعانون من «كسور وحروق ناجمة عن عبوات ناسفة حارقة». ولفتت إلى أن «ثلاثة جنود مجريين أُصيبوا بأسلحة نارية».

ودان حلف شمال الأطلسي «بشدة» الاثنين الهجمات «غير المقبولة» على قوته، مشدّدا على «وجوب أن يتوقف العنف فورا».

وحصلت صدامات الجمعة أيضاً خلال وصول رؤساء بلديات لتسلّم مناصبهم برفقة الشرطة.

ويعيش حوالى 120 ألف صربي في كوسوفو التي يبلغ عدد سكانها 1,8 مليون نسمة غالبيتهم الساحقة من الألبان.


ماكرون يحذر من «قنبلة موقوتة» تخص إنتاج البلاستيك

مشهد عام من الجلسة الافتتاحية من الجلسة الثانية من المفاوضات لوضع اتفاقية مستقبلية للحد من التلوث البلاستيكي في مقر «اليونسكو» بباريس (رويترز)
مشهد عام من الجلسة الافتتاحية من الجلسة الثانية من المفاوضات لوضع اتفاقية مستقبلية للحد من التلوث البلاستيكي في مقر «اليونسكو» بباريس (رويترز)
TT

ماكرون يحذر من «قنبلة موقوتة» تخص إنتاج البلاستيك

مشهد عام من الجلسة الافتتاحية من الجلسة الثانية من المفاوضات لوضع اتفاقية مستقبلية للحد من التلوث البلاستيكي في مقر «اليونسكو» بباريس (رويترز)
مشهد عام من الجلسة الافتتاحية من الجلسة الثانية من المفاوضات لوضع اتفاقية مستقبلية للحد من التلوث البلاستيكي في مقر «اليونسكو» بباريس (رويترز)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الاثنين، إلى «إنهاء نموذج مُعَولم وغير قابل للاستمرار، لإنتاج البلاستيك واستهلاكه»، محذّراً من «قنبلة موقوتة».

جاء ذلك خلال مقطع فيديو، بُثّ خلال افتتاح جولة من جديدة من المفاوضات الحسّاسة في باريس، تستمر 5 أيام؛ في محاولة للتوصل إلى معاهدة تسهم في وضع حد للتلوث البلاستيكي.

وأضاف ماكرون: «يجب أن يكون الهدف الأساسي خفض إنتاج مواد بلاستيكية جديدة، وحظر المنتجات الأكثر تلويثاً في أسرع وقت ممكن، مثل المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، والأكثر خطورة على الصحة».

ويجتمع ممثلون لـ175 دولة ذات طموحات متباينة، بمقر «اليونسكو»، في الدورة الثانية لـ«لجنة التفاوض الدولية»، على مدى 5 أيام؛ في محاولة للتوصل إلى اتفاق تاريخي يغطي دورة الحياة البلاستيكية برمّتها.

لافتات خارج مقر «اليونسكو» في باريس خلال المفاوضات حول معالجة التلوث البلاستيكي (رويترز)

وافتتح الجولة الجديدة من هذه المفاوضات رئيس اللجنة البيروفي غوستافو ميسا-كوادرا فيلاسكيش، قائلاً: «أنظار العالم تتجه إلينا. التحدي هائل، جميعنا هنا ندرك ذلك، لكنه ليس منيعاً».

كذلك تحضر المناقشاتِ المنظماتُ غير الحكومية، فضلاً عن ممثلي شركات في قطاع البلاستيك، وهو أمر يأسف له ناشطون في الدفاع عن البيئة.

وقبل أكثر من عام بقليل، جرى التوصل، في نيروبي (كينيا)، إلى اتفاق مبدئي لوضع حد للتلوث البلاستيكي في العالم، مع طموح بإبرام معاهدة مُلزِمة قانوناً بحلول نهاية 2024، تحت رعاية «الأمم المتحدة».

في هذا السياق، نظّمت فرنسا، السبت، اجتماعاً مع وزراء وممثلي حوالى 60 بلداً في باريس، من أجل إعطاء دفعة للمفاوضات.

- إنتاج متسارع

ويدخل البلاستيك، المشتقّ من النفط، في تركيبة كل ما يحيط بنا، كالأغلفة، وألياف الملابس، ومواد البناء، والأدوات الطبية، وغيرها. وازداد إنتاجه السنوي بأكثر من الضِّعف، خلال 20 عاماً، ليصل إلى 460 مليون طن، وقد يزداد 3 أضعاف، بحلول 2060، إذا لم يتخذ العالم تدابير حيال ذلك.

ورُصدت لدائن بلاستيكية دقيقة في الدم، وفي حليب الأم، وحتى في المشيمة.

وما يزيد الوضع خطورة أن ثلثيْ هذا الإنتاج يُرمى في النفايات بعد استخدامه مرة أو أكثر، وأن أقل من 10 في المائة من المخلّفات البلاستيكية يخضع لإعادة التدوير.

وينتهي الأمر بكَمية كبيرة من هذه المخلّفات من كل الأحجام، في قعر البحار، أو في الكتل الجليدية، وصولاً إلى قمم الجبال، وحتى في أحشاء الطيور.

صورة توضيحية ترمز للتلوث البلاستيكي في المياه (أ.ف.ب)

وحذّر وزير التحول البيئي كريستوف بيشو من أنه «يجب أن نكون حريصين على ألا تحلّ مسألة إعادة التدوير مكان الجدل حول الحد من إنتاج البلاستيك».

وصرّحت المسؤولة في منظمة «سورفرايدر فاونديشن» غير الحكومية، ديان بوميناي-جوانيه، لوكالة «فرنس برس»، بأن «هناك إجماعاً حول التحديات، ورغبة في التحرك».

وأضافت أنها «متفائلة بشأن حقيقة أننا نمضي قدماً باتجاه مسوَّدة معاهدة»، لكنها اعتبرت أن «المحتوى المحدّد للالتزامات سيكون معقداً، خصوصاً فيما يتعلّق بخفض الإنتاج».

- دول متردّدة

والهدف من خفض الإنتاج، وهو مطلب مدعوم من «ائتلاف الطموح الكبير»، بقيادة رواندا، والنرويج، والذي يشمل نحو 50 بلداً، بما فيها «الاتحاد الأوروبي»، وكندا، وتشيلي واليابان، «إنهاء التلوث البلاستيكي بحلول عام 2040».

لكن هناك دولاً أخرى أكثر تردداً، وتُصرّ على إعادة التدوير، وإدارة النفايات بشكل أفضل، ومن بينها الصين، والولايات المتحدة، والسعودية، ودول تحالف «أوبك» عموماً التي تريد حماية صناعة البتروكيميائيات.

وستتطرّق المناقشات أيضاً إلى العلاقات بين الشمال والجنوب، مع تحديات مثل «مساعدات التنمية، وتشارك التكنولوجيا، والتمويل»، على ما أكدت ديان بوميناي-جوانيه.

وأوضحت: «البلدان (المتقدمة) هي الأكثر استهلاكاً (للبلاستيك)، والأكثر تلويثاً، وهي أيضاً تلك التي تنتج في بلدان أخرى، وترسل نفاياتها إلى بلدان أخرى».

ويطرح البلاستيك أيضاً مشكلة؛ لدوره في ظاهرة احترار المناخ، فقد مثّل 1.8 مليار طن من غازات الدفيئة في عام 2019؛ أي 3.3 في المائة من الانبعاثات العالمية، وهو رقم يمكن أن يزيد عن الضِّعف بحلول عام 2060، وفقاً لـ«منظمة التعاون والتنمية» في الميدان الاقتصادي.

حقائق

460 مليون طن

حجم إنتاج البلاستيك السنوي خلال 20 عاماً


ميلوني: العلاقات الجيدة مع الصين ممكنة دون مبادرة «الحزام والطريق»

رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني (رويترز)
رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني (رويترز)
TT

ميلوني: العلاقات الجيدة مع الصين ممكنة دون مبادرة «الحزام والطريق»

رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني (رويترز)
رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني (رويترز)

قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني في مقابلة نشرت اليوم (الأحد)، إن العلاقات الجيدة مع الصين ممكنة حتى دون أن تكون بلادها جزءاً من مبادرة الحزام والطريق، وذلك في الوقت الذي تبحث فيه حكومتها التخلي عن المشروع.

وإيطاليا الدولة الغربية الرئيسية الوحيدة التي انضمت إلى مشروع الحزام والطريق الصيني الذي يحيي من جديد طريق الحرير، لربط الصين مع آسيا وأوروبا وما وراءهما بإنفاق ضخم على البنية التحتية.

وقالت ميلوني في مقابلة مع صحيفة «ال ميساجيرو» اليومية، إن من السابق لأوانه التكهن بقرار إيطاليا بشأن البقاء ضمن المشروع الذي وقعت عليه في 2019 وأثار انتقاد واشنطن وبروكسل. وقالت ميلوني: «تقييمنا دقيق للغاية ومرتبط بمصالح كثيرة». وينتهي الاتفاق في مارس (آذار) 2024، وسيتجدد تلقائياً ما لم يبلغ أحد الطرفين الآخر برغبته في الانسحاب بإخطار مسبق قبل 3 أشهر.

مخطط لمشروع «الحزام والطريق» (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وفي مقابلة أجرتها مع وكالة «رويترز» للأنباء العام الماضي قبل وصولها إلى السلطة في انتخابات سبتمبر (أيلول)، أبدت ميلوني صراحة عدم موافقتها على الخطوة التي اتخذت في 2019، قائلة إنها «ليست لديها رغبة سياسية... لدعم التوسع الصيني في إيطاليا أو أوروبا».

وأشارت ميلوني إلى أنه بينما كانت إيطاليا الوحيدة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي وقعت على مذكرة تفاهم الحزام والطريق، فهي ليست الدولة الأوروبية والغربية ذات العلاقات الأقوى اقتصادياً وتجارياً مع الصين.

وقالت: «هذا يعني أنه من الممكن إقامة علاقات جيدة، أيضاً في مجالات مهمة، مع بكين دون أن نكون بالضرورة جزءاً من قرار استراتيجي شامل».

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال مسؤول حكومي إيطالي رفيع المستوى لوكالة «رويترز» للأنباء، إن من غير المرجح بشكل كبير أن تجدد إيطاليا اتفاق الحزام والطريق.

ويلوح في الأفق أول اختبار لموقف الحكومة اليمينية من الصين، حين تقوم روما بمراجعة اتفاق للمساهمين لشركة بريللي لتصنيع الإطارات، التي تعد شركة سينوكيم الصينية أكبر مساهم فيها.

وتعد الصين من كبرى الأسواق لأغلب دول مجموعة السبع الصناعية الكبرى، خصوصاً الاقتصادات المعتمدة على التصدير مثل اليابان وألمانيا.

وخلال قمة عقدت مطلع الأسبوع الماضي، تعهد قادة مجموعة السبع «بخفض المخاطر» دون «الانفصال» عن الصين، في توجه قال مسؤولون وخبراء إنه يعكس المخاوف الأوروبية واليابانية من الضغط بشدة على بكين.


بابا الفاتيكان وأمين رابطة العالم الإسلامي يبحثان سبل مواجهة نزعات التطرف الديني

بابا الفاتيكان يستضيف أمين عام رابطة العالم الإسلامي (الشرق الأوسط)
بابا الفاتيكان يستضيف أمين عام رابطة العالم الإسلامي (الشرق الأوسط)
TT

بابا الفاتيكان وأمين رابطة العالم الإسلامي يبحثان سبل مواجهة نزعات التطرف الديني

بابا الفاتيكان يستضيف أمين عام رابطة العالم الإسلامي (الشرق الأوسط)
بابا الفاتيكان يستضيف أمين عام رابطة العالم الإسلامي (الشرق الأوسط)

استضاف بابا الفاتيكان البابا فرنسيس - في مقره السكني بسانتا مارتا - الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، الشيخ الدكتور محمد العيسى، في لقاءٍ استثنائيٍّ يعكس مستوى الحفاوة والتقدير الكبير للحراك الدولي المؤثر الذي تضطلع به رابطة العالم الإسلامي في تعزيز أواصر الحوار الفاعل، والتفاهم الشفاف والأمثل، والتعاون الإيجابي بين أتباع الأديان والثقافات، جاء هذا اللقاء الخاص بعد لقاءٍ سابق في مكتب البابا.

وجرى - خلال هذا اللقاء الذي جمع الدكتور العيسى وبابا الفاتيكان في منزله الخاص - تبادلُ الأحاديث الودية ووجهات النظر حول قضايا عدةٍ على الساحة الدولية، لا سيما الموضوعات ذات الصلة بالقيم المشتركة وتشييد الجسور بين الحضارات، وكذا سبل مواجهة نزعات التطرف الديني والفكري أياً كانت هوياتها وذرائعها، ومن ذلك كل أساليب الكراهية والعنصرية والتهميش والإقصاء.


صرصور يتسبب في استنفار أمني بتل أبيب

مشهد من المقهى في تل أبيب («تويتر» - صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»)
مشهد من المقهى في تل أبيب («تويتر» - صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»)
TT

صرصور يتسبب في استنفار أمني بتل أبيب

مشهد من المقهى في تل أبيب («تويتر» - صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»)
مشهد من المقهى في تل أبيب («تويتر» - صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»)

تسبب صرصور في استنفار أمني بعدما أثار ذعر رواد مقهى بشارع ديزنغوف في قلب تل أبيب بإسرائيل أمس (السبت).

وذكرت مواقع إعلامية محلية أن حالة من الفوضى اندلعت في المقهى بعد رؤية الصرصور، وتم رصد سقوط طاولات ومقاعد وأواني الطعام أرضاً، ليتم استدعاء الشرطة بعدما ساد اعتقاد بوجود حادث أمني.

وتوصلت تحقيقات الشرطة إلى أن سبب الصراخ كان رؤية صرصور تحت الطاولات، مما أثار فزع امرأة أسقطت منضدتها أرضاً ليعتقد رواد المقهى أن هناك مشكلة أمنية.

وأفادت نجمة داوود الحمراء (جهاز الإسعاف الإسرائيلي) بتعرض شخصين لإصابات طفيفة جرَّاء تحطم الزجاج في أثناء محاولتهم الفرار من موقع الحادث.


بعد تعذّر لقائه زيلينسكي... لولا يرفض دعوة بوتين لزيارة روسيا

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (رويترز)
الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (رويترز)
TT

بعد تعذّر لقائه زيلينسكي... لولا يرفض دعوة بوتين لزيارة روسيا

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (رويترز)
الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (رويترز)

رفض الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، اليوم (الجمعة)، دعوة لزيارة روسيا، خلال محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويأتي رفض لولا بعد أيام من فشل لقاء مأمول بينه وبين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على هامش قمة «مجموعة السبع» التي التأمت في اليابان. وقال الرئيسان إن انشغالهما حال دون لقائهما.

وكتب لولا على «تويتر»: «شكرته (بوتين) على الدعوة للذهاب إلى المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبورغ، وأجبته بأنني لا يمكنني الذهاب إلى روسيا في هذا الوقت»، في إشارة إلى الحدث المقرر بين 14 و17 يونيو (حزيران) المقبل.

وأضاف: «لكنني كررت استعداد البرازيل، إلى جانب الهند وإندونيسيا والصين، للتحدث مع طرفي النزاع سعياً لتحقيق السلام».

وأبدى لولا، الاثنين، «انزعاجه» من عدم لقاء زيلينسكي. غير أنه أوضح أنه لا يرى فائدة من لقائه الآن، مشيراً إلى أنه لا يبدو أن الرئيس الأوكراني، ولا نظيره الروسي يرغبان في السلام. وتابع: «حتى الآن، كلاهما مقتنع بأنه سيفوز بالحرب».

ويدفع لولا باتجاه محادثات سلام، واقترح أن تقوم بلاده بوساطة إلى جانب دول أخرى «محايدة»، مثل الصين وإندونيسيا.

لكنه واجه انتقادات، الشهر الماضي، عندما قال إن الولايات المتحدة يجب أن تكف عن «تشجيع الحرب» في أوكرانيا.


إيران تستخدم طريق بحر قزوين لإرسال أسلحة إلى روسيا

أحد شواطئ بحر قزوين (شوترستوك)
أحد شواطئ بحر قزوين (شوترستوك)
TT

إيران تستخدم طريق بحر قزوين لإرسال أسلحة إلى روسيا

أحد شواطئ بحر قزوين (شوترستوك)
أحد شواطئ بحر قزوين (شوترستوك)

تبدو مياه بحر قزوين هادئة، لكن هذا الهدوء البحري الذي يوفر طريقاً مباشرة بين إيران وروسيا مزدحم بحركة البضائع بشكل مزداد، بما في ذلك عمليات نقل الأسلحة المشتبه بها بين طهران وموسكو، وفق ما قالت شبكة «سي إن إن» الأميركية.

ومع تعزيز التعاون بين البلدين، بحسب الخبراء، يجري استخدام طريق بحر قزوين لنقل طائرات الدرون والذخيرة وقذائف الهاون التي اشترتها الحكومة الروسية من النظام الإيراني لتعزيز مجهودها الحربي في أوكرانيا. وتظهر بيانات التتبع أن السفن في المنطقة باتت «معتمة» بشكل مزداد، مما يشير إلى نية مزدادة لتعتيم حركة البضائع.

وكشفت مؤسسة «لويدز ليست إنتيليجنس» المعنية بجمع معلومات النقل البحرية العالمية، في العام الماضي، عن ثغرات كبيرة في سبتمبر (أيلول) الماضي، في بيانات تتبع السفن ببحر قزوين. جاء ذلك بعد وقت قصير من إفادة حكومتي الولايات المتحدة وأوكرانيا بأن موسكو حصلت على طائرات مسيّرة من طهران الصيف الماضي.

ومن المعلوم أن استخدام روسيا طائرات الدرون الإيرانية ارتفع في الخريف الماضي، بما في ذلك تلك التي تستهدف البنية التحتية الحيوية للطاقة في أوكرانيا. وبحسب محللين، فإن حلفاء أوكرانيا الغربيين لن يكون لديهم الكثير لفعله لوقف شحنات الأسلحة.

في هذا الصدد، قال مارتن كيلي، كبير محللي المعلومات في شركة «إيه أو إس ريسك غروب» الأمنية: «ليس هناك خطر على الصادرات الإيرانية في بحر قزوين بسبب الدول المجاورة، ذلك لأنها لا تملك القدرة أو الدافع لاعتراض هذه الأنواع من التبادلات التجارية»، لأن أذربيجان وتركمانستان وكازاخستان، وجميع الجمهوريات السوفياتية السابقة، هي الأخرى لديها موانئ على بحر قزوين. وأضاف كيلي أنها «بيئة مثالية لهذه التجارة للحركة دون اعتراض».

اتصلت «سي إن إن» بحكومتي إيران وروسيا للحصول على تعليق، لكنها لم تتلقَّ رداً.

وبحسب كيلي، كانت هناك قفزة كبيرة في عدد السفن التي أغلقت بيانات التتبع الخاصة بها في بحر قزوين بين أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) 2022. ولا تزال الثغرات في بيانات تتبع السفن كبيرة في 2023 حتى الآن، بحسب «لويدز ليست». ويعود السبب في هذه الظاهرة إلى حد كبير إلى السفن التي ترفع العلم الروسي والتي ترفع العلم الإيراني، تحديداً تلك السفن القادرة على حمل الأسلحة، وفقاً لبريدجيت دياكون، محللة البيانات ومراسلة «لويدز ليست»، المتخصصة في تحليل التجارة البحرية العالمية.

ويُلزم قرار المنظمة البحرية الدولية جميع السفن باستخدام نظام تتبع يوفر تلقائياً معلومات عن الموقع وتحديد الهوية للسفن الأخرى والسلطات الساحلية. ولأسباب تتعلق بالسلامة، من المفترض أن تقوم أنظمة التعرف التلقائي هذه بنقل البيانات في جميع الأوقات، مع استثناءات محدودة. لكن السفن بإمكانها وقف التعرف التلقائي الخاصة بها، وهو تكتيك يمكن استخدامه لإخفاء أجزاء من رحلتها أو إخفاء وجهاتها أو تشغيل حالة «التعتيم» عند الاتصال بالميناء.

وقالت دياكون إنه في نهاية عام 2022، تظهر بيانات «لويدز ليست» أن هناك زيادة في «مكالمات الموانئ المعتمة المحتملة» إلى موانئ روسيا وإيران على بحر قزوين.