الرئيس التونسي يعتمد قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال الجديد

مصادر: الإرهاب لن ينتهي بمجرد إقرار القانون

الرئيس التونسي يعتمد قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال الجديد
TT

الرئيس التونسي يعتمد قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال الجديد

الرئيس التونسي يعتمد قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال الجديد

تولى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، صباح أمس بقصر الرئاسة بقرطاج، ختم اعتماد القانون الأساسي المتعلّق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال. ويتضمن القانون الجديد 138 فصلا قانونيا ويحتوي على فصول مثيرة للجدل، كإقرار عقوبة الإعدام ضد مرتكبي الأعمال الإرهابية وتجريم التكفير، وهي لا تزال محل خلاف بين الأطراف السياسية والمنظمات الحقوقية.
ويعوض هذا القانون الجديد المتعلق بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال قانون 10 ديسمبر (كانون الأول) 2003 الذي اعتمده النظام السابق أداة لمكافحة المجموعات الإرهابية والحد من تحركاتها، وزج بمقتضاه نحو 3 آلاف شاب تونسي في السجون وفق إفادة بعض المنظمات الحقوقية التونسية.
وبتوقيع الرئيس التونسي على هذا القانون، يكون قد قطع المرحلة الأخيرة قبل أن يصبح نافذ المفعول. وقبل وصوله إلى قصر الرئاسة بقرطاج، عرض نص القانون المصادق عليه من قبل البرلمان التونسي على أنظار هيئة مراقبة دستورية للنظر في مدى مطابقته للدستور، وأكدت دستورية الفصول المضمنة به.
وبعد عمليتي متحف باردو وفندق سوسة الإرهابيتين، تعالت الأصوات المطالبة بالإسراع في المصادقة على القانون الجديد في تونس لتأمين تحركات قوات الأمن والجيش في مكافحتها للمجموعات التكفيرية وإضفاء الشرعية على تدخلات كل الأطراف التي لها علاقة بملف الإرهاب.
وصادق مجلس نواب الشعب (البرلمان التونسي) يوم 25 يوليو (تموز) الماضي على قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، وحظي القانون المثير للتجاذب والجدل السياسي بموافقة 174 نائبا واعتراض 10 نواب. واحترم البرلمان بهذه المصادقة تعهدا سابقا بإنهاء النقاش بشأن هذا القانون تزامنا مع احتفال تونس بالذكرى 58 لإعلان النظام الجمهوري وذلك بعد أكثر من أربع سنوات من المد والجزر.
ومن جانبه، وصف محمد الناصر رئيس البرلمان التونسي نجاح أعضاء البرلمان في المصادقة على قانون جديد لمكافحة الإرهاب بـ«الإنجاز العظيم»، في إشارة إلى التوافق الصعب الحاصل بين مختلف الكتل البرلمانية والجدل الحاد الذي رافق مناقشة هذا القانون.
وعلى المستوى الأمني، تشن قوات الأمن التونسي خلال هذه الفترة حملات أمنية واسعة ومداهمات في عدة مدن تونسية لتعقب المجموعات الإرهابية. وتعد هذه العمليات بمثابة «العمليات الاستباقية» والغرض منها القبض على الإرهابيين قبل تنفيذهم عمليات إرهابية دامية على غرار متحف باردو وهجوم سوسة الإرهابي.
وكان وزير الداخلية التونسي ناجم الغرسلي، قد أقر في تصريح إعلامي بأن الوحدات الأمنية نجحت في القبض على 1233 موقوفا في قضايا إرهابية وهم يقبعون حاليا في السجون بموجب قرارات إيداع السجن صادرة عن السلطات القضائية.
وأشار الغرسلي إلى تكامل عمل القضاء والأمن والجيش والمواطن في الكشف عن الخلايا الإرهابية النائمة وتطويق نواياها قبل الأوان، على حد قوله. كما اعترف بإطلاق السلطات القضائية عدة عناصر متهمة بالإرهاب لعدم كفاية الأدلة القانونية، والقبض على عناصر أخرى ممن تحوم حولهم شبهة الإرهاب.
وتشير مصادر أمنية وحقوقية تونسية ودولية إلى أن ظاهرة الإرهاب لن تنتهي بمجرد إقرار هذا القانون الجديد، وترى أنه سيمثل مستقبلا جزءا من خطة اتخذتها الحكومة للقضاء على الإرهاب، وهي تقتضي كذلك جهودا متعددة وتعبئة وطنية للقضاء على هذه الآفة.
وكان الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، قد أكد لدى حضوره في جلسات برلمانية سابقة على أهمية هذا القانون ضمن مخططات الحكومة للقضاء على الإرهاب وتوفير الحماية لمختلف الأطراف التي تتعاطى مع هذا الملف، على غرار أجهزة الأمن والجيش والقضاء.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.