الحوثيون يشددون القيود لمنع تقديم المساعدات للفقراء

اعتقلوا 13 متبرعاً منذ مطلع رمضان

متطوعون يعدون الطعام لتوزيعه مجاناً كوجبة إفطار في العاصمة صنعاء خلال شهر رمضان (أ.ف.ب)
متطوعون يعدون الطعام لتوزيعه مجاناً كوجبة إفطار في العاصمة صنعاء خلال شهر رمضان (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يشددون القيود لمنع تقديم المساعدات للفقراء

متطوعون يعدون الطعام لتوزيعه مجاناً كوجبة إفطار في العاصمة صنعاء خلال شهر رمضان (أ.ف.ب)
متطوعون يعدون الطعام لتوزيعه مجاناً كوجبة إفطار في العاصمة صنعاء خلال شهر رمضان (أ.ف.ب)

فرضت الميليشيات الحوثية منذ مطلع رمضان المبارك مزيداً من القيود المشددة؛ لمنع التجار وفاعلي الخير من توزيع المساعدات على الفقراء، في العاصمة اليمنية صنعاء، ومناطق أخرى، فيما أفادت مصادر مطلعة باعتقال أكثر من 13 تاجراً ومتبرعاً خلال خمسة أيام؛ لمخالفتهم قرارات المنع.
قيود الميليشيات تزامنت مع تحذيرات جديدة أطلقتها منظمات دولية مفادها أن ملايين اليمنيين يعانون من خطر الجوع الكارثي، حيث يعاني أكثر من 17 مليون شخص من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.
وأكدت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات منعت رجال الأعمال وفاعلي الخير من توزيع المساعدات، التي جرت العادة على إنفاقها كل عام خلال شهر رمضان على الأسر المعوزة والأشد فقراً.
وألزمت الجماعة - حسب المصادر - التجار والميسورين في صنعاء وغيرها بعدم صرف أي مساعدات للفقراء، والاكتفاء بتسليم هذه المساعدات لعناصر الميليشيات، بذريعة أنهم هم الأكثر معرفة بمن يستحق المساعدات.
وكشفت المصادر قيام مسلحي الميليشيات منذ مطلع رمضان باعتقال أكثر من 13 تاجراً وفاعل خير في صنعاء وضواحيها، بتهم تجاوزهم تعليمات المنع الحوثية، وتقديمهم مساعدات للفقراء.
وبينما يعاني معظم السكان في مناطق الميليشيات ظروفاً معيشية وإنسانية بائسة بفعل قلة فرص العمل، وانقطاع المرتبات، وارتفاع تكلفة المعيشة نتيجة الانقلاب والحرب، شكا السكان في صنعاء من عودة الميليشيات إلى حرمانهم هذا العام كسابقيه من الحصول على أي معونات.
ويؤكد بشير وهو متقاعد ورب أسرة مكونة من ستة أطفال أنهم لم يتحصلوا هذا العام على أي مساعدة، سواء غذائية أم نقدية، كما كان معهوداً في السابق، حيث كانوا يحصلون خلالها من سلة إلى ثلاث سلال غذائية، ومبالغ نقدية على أقل تقدير يخصصها رجال الخير لصالح الأسر المتعففة.
ويحمّل بشير الميليشيات الحوثية مسؤولية حرمانها للفقراء من الحصول على المساعدات، وما يعانونه حالياً من أوضاع متدهورة، نتيجة استمرار سياسات التجويع والنهب، التي أثرت في كافة مناحي الحياة المعيشية.
أما خالد، وهو أحد السكان في حي السنينة بصنعاء، فيؤكد أن قيود الحوثيين على التجار وفاعلي الخير حرمت للعام الرابع على التوالي آلاف الأسر الفقيرة من الصدقات. ويشير إلى أنه يعرف أسراً كثيرة في الحي الذي يقطنه تعاني أشد الويلات والحرمان، وتنتظر بفارغ الصبر موعد قدوم رمضان، حتى تحصل على ما يجود به أهل الإحسان عليها من مساعدات.
ويتهم خالد الجماعة الحوثية بأنها تسعى من خلف تلك القيود إلى السطو على أكبر كمية من المواد الغذائية، والمبالغ المخصصة للفقراء، واحتكار آلية توزيعها، وحصرها على الموالين لها.
وعلى الصعيد نفسه، شكا تجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار الميليشيات في استهدافهم، ونهب أموالهم، والمساعدات الغذائية التي يخصصونها كل عام لصالح المحتاجين والفقراء.
وأكد التجار الذين طلبوا حجب معلوماتهم أنهم توقفوا عن توزيع أي مساعدات للفقراء في صنعاء وغيرها، بسبب ما قالوا إنها تعميمات المنع والتهديد المشددة الصادرة لهم من قبل الميليشيات.
وأفاد أحد الميسورين في صنعاء بأن الميليشيات في صنعاء هددت عشرات التجار ورجال الخير، وتوعدتهم بدفع أضعاف المبالغ المخصصة للفقراء، كغرامات تأديبية حال مخالفتهم التعليمات الحوثية. مشيراً إلى أن ذلك الأمر دفعه وكثيراً من التجار للتوقف عن تقديم أي معونات للمحتاجين.
وسبق للانقلابيين الحوثيين أن شددوا غير مرة من قيودهم على توزيع المساعدات الإنسانية في مناطق سطوتهم، الأمر الذي فاقم من أوضاع الفقراء والمحتاجين، وزاد من دائرة انعدام الأمن الغذائي، ودفع عدداً من التجار والبرامج الإغاثية إلى الإحجام عن تنفيذ أي مشاريع أو برامج للتخفيف من وطأة المجاعة التي تطارد ملايين السكان.
وفي أحدث بيان لها، ذكرت منظمة «أوكسفام» الدولية، أن الاقتصاد اليمني بات على حافة الانهيار بعد ثماني سنوات من الصراع؛ داعية المجتمع الدولي إلى تنفيذ حزمة إنقاذ اقتصادية، تحقق الاستقرار للاقتصاد الوطني، وتسخر المزيد من الأموال لمساعدة اليمنيين.
وقالت المنظمة إن العملة الوطنية «شهدت جولات من التدهور المستمر، وفي ظل اقتصاد يتهاوى تزداد أسعار الوقود والسلع الأساسية الأخرى بشكل مخيف». مضيفة: «كل هذا يترك ملايين اليمنيين في مواجهة خطر الجوع الكارثي، حيث لا يزال أكثر من 17 مليون شخص يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي (75 في المائة منهم من النساء والأطفال».
وأكد فيران بويج، المدير القطري لمنظمة «أوكسفام» في اليمن: «أن الشعب اليمني منهك من الحرب، وأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والرواتب غير المدفوعة، وغيرها من العوامل تقوض الوصول للمواد الغذائية الأساسية إلى متناول العديد من اليمنيين».
وقال: «يتوجب على المانحين ألا يديروا ظهورهم الآن عن واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في العالم، لقد حان الوقت لقادة العالم أن يمارسوا ضغوطاً حقيقية وفاعلة لإعادة جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات، حتى يتمكنوا من وضع حل دائم للصراع».
ودعت المنظمة المجتمع الدولي إلى توفير التمويل الكافي للمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، وتنفيذ حزمة إنقاذ اقتصادية تحقق الاستقرار للاقتصاد الوطني، وتسخير المزيد من الأموال لمساعدة اليمنيين، وتكثيف الجهود لإنجاح التفاوض على سلام شامل ودائم في اليمن.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.