الحوثيون يحولون أجزاء من قصر الحكم في صنعاء إلى مجمع تجاري

الميليشيات أنشأت شركة قابضة تتولى خدمة قادتها القادمين من صعدة

عناصر حوثيون يرددون شعارات الجماعة في مظاهرة بأحد شوارع صنعاء (أ.ب)
عناصر حوثيون يرددون شعارات الجماعة في مظاهرة بأحد شوارع صنعاء (أ.ب)
TT

الحوثيون يحولون أجزاء من قصر الحكم في صنعاء إلى مجمع تجاري

عناصر حوثيون يرددون شعارات الجماعة في مظاهرة بأحد شوارع صنعاء (أ.ب)
عناصر حوثيون يرددون شعارات الجماعة في مظاهرة بأحد شوارع صنعاء (أ.ب)

كشفت مصادر تجارية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء عن قيام الانقلابيين الحوثيين باقتطاع أجزاء من «دار الرئاسة» (قصر الحكم) في جنوب المدينة، وتحويلها إلى مركز تجاري خاص بقادتهم المتحدرين من محافظة صعدة، بعد أن منحوا هذه المساحة من الأرض لـ«الشركة القابضة» التي يشرف عليها المسؤول المالي للميليشيات، صالح مسفر الشاعر المدرَج على قائمة العقوبات الدولية.
المصادر ذكرت لـ« الشرق الأوسط» أن «الشركة اليمنية القابضة» التي يديرها المسؤول المالي للانقلابيين عن طريق أخيه )عبد الله الشاعر( قاربت على استكمال بناء مجموعة من المحلات التجارية على أجزاء واسعة من «مجمع دار الرئاسة» القريب من «ميدان السبعين».
وبحسب المصادر، فإن الميليشيات ستقوم عند استكمال عملية البناء بإزالة السور الحصين الذي يحيط بالمجمع الذي بناه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، واتخذه مقراً لسكنه وممارسة مهامه، حيث يحتوي المجمع على قسم خاص بسكن الرئيس وقاعات للاجتماعات ومكاتب إدارية، إلى جانب مزرعة للخيول ومهبط للمروحيات وثكنات لقوات الحماية الرئاسية.
ويعمل الانقلابيون (وفق المصادر) منذ فترة وبسرية تامة على بناء «المجمع التجاري»، من خلف أسوار المجمع الرئاسي، على أن يتم إزالة السور عند اكتمال البناء، حيث اتبعت هذه الطريقة لتجنب السخط الشعبي، والتحايل على الأسر التي كانت تملك تلك المنطقة، وقبلت التنازل عنها في حينه بسبب استخدامها مجمعاً رئاسياً وللمصلحة العامة، وليس استثماراً تجارياً لمجموعة من الأشخاص.
وفي حين توجد مساحات شاسعة من الأرض المحيطة بالمجمع الرئاسي، كان منع البناء فيها منذ عقود لأسباب أمنية، نبهت المصادر إلى أن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام الانقلابيين لمصادرة تلك الأراضي، على غرار ما حصل في مناطق عصر والعشاش وشارع الثلاثين في منطقة مذبح، وفي منطقة فج عطان، تحت غطاء أنها أراضٍ عسكرية أو أوقاف تخص السلالة التي ينتمي إليها الحوثي.
المصادر بينت أن «الشركة الحوثية القابضة» باتت الذراع الخاصة بقادة الميليشيات المتحدرين من محافظة صعدة تحديداً، حيث يتم، تحت اسمها تحديداً، الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأرض، وشركات يمتلكها المعارضون، من بينها شركة «واي» للاتصالات التي قدمت الميليشيات طلباً إلى المحكمة التجارية باسم شركة أخرى استولت عليها، وهي مملوكة لأحد المعارضين، وطلب من خلالها القاضي إعلان إفلاس شركة «واي»، ومن ثم قامت بشرائها الميليشيات بثمن بخس، وسرحت 400 من موظفيها، ورفضت بعد ذلك دفع ثمن الصفقة، وتسليم مستحقات المساهمين.
وبحسب هذه المصادر، فإن «الشركة القابضة» المتخصصة في تدمير الشركات ونهبها وإعادة بيعها، بقيادة صالح الشاعر، اشترت شركة «واي» للاتصالات من إبراهيم الشامي الذي عينته نائباً لمديرها بشيكات من دون رصيد، وبمساعدة من رئيس «المحكمة التجارية» الذي رفض صرف حقوق ورواتب الموظفين الـ400 من عائدات البيع.
ووفق المصادر، فإن قيادة الانقلابيين، وبعد مرور 3 سنوات على تلك الصفقة المشبوهة، عجزت عن تشغيل الشركة التي كانت تراهن على أنها ستجني من ورائها مليارات الريالات، ولهذا تبحث الآن عن بيعها لمساهمين جدد وتغيير اسمها.
وطبقاً لبيانات القطاع التجاري في صنعاء، فإن المسيطرين على الاستثمار في قطاع الاتصالات هم: عبد الله الشاعر، والقائم بأعمال المدير التنفيذي لشركة «واي»، ومدير شركة «فايبر فون»، إبراهيم الشامي، وعبد الله الشهاري، ومعهم محمد حسين بدر الدين الحوثي، مدير «دائرة الاتصالات العسكرية الحوثية» المشرف العام على برنامج الاستثمار في قطاع الاتصالات، إضافة إلى محمد مساعد (أبو عصام) مدير «دائرة الاتصالات الجهادية» (الاتصالات الخاصة بالميليشيات) وعبد الخالق حطبة نائب مدير «دائرة الاتصالات العسكرية»، ومحمد محسن المتوكل (أبو بدر).
ويتولى القيادات السالف ذكرها، بحسب المصادر، إدارة قطاع الاتصالات، وتوفير مصدر تمويل لتكوين ثروة مالية واستثمارية ضخمة للانقلابيين، استعداداً لأي تسوية سياسية، وبحيث يكون لديهم القدرة المالية على المنافسة وشراء الولاءات، إلى جانب توفير الأموال اللازمة لعمليات التجنيد، وتمويل الأعمال العسكرية وتهريب الأسلحة.
ومنذ سيطرة ميليشيات الحوثي على صنعاء، في عام 2014، توجهت نحو السيطرة على قطاع الاتصالات الحكومية، مثل «تيليمن»، و«يمن نت»، و«المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية»، و«الهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي»، و«يمن موبايل»، قبل أن تصادر شركة «سبافون» للهواتف الجوالة، ومن بعدها شركة «واي»، وصولاً إلى صفقة غير واضحة تم من خلالها الاستحواذ على شركة «إم تي إن» الجنوب أفريقية العاملة في البلاد منذ 22 عاماً.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.