تقرير: الذكاء الصناعي سيحل محل 300 مليون وظيفة

رأس معدني في معرض بألمانيا (أرشيفية - أ.ب)
رأس معدني في معرض بألمانيا (أرشيفية - أ.ب)
TT

تقرير: الذكاء الصناعي سيحل محل 300 مليون وظيفة

رأس معدني في معرض بألمانيا (أرشيفية - أ.ب)
رأس معدني في معرض بألمانيا (أرشيفية - أ.ب)

ذكر تقرير صادر عن بنك الاستثمار الأميركي «غولدمان ساكس» أن الذكاء الصناعي يمكن أن يحل محل ما يعادل 300 مليون وظيفة.
وأشار التقرير إلى أن الذكاء الصناعي يمكن أن يحل محل ربع الوظائف في الولايات المتحدة وأوروبا، لكنه قد يعني أيضاً وجود وظائف جديدة وانتعاشاً في الإنتاجية.
وقد تؤدي الاستعانة بالذكاء الصناعي في النهاية إلى زيادة القيمة السنوية الإجمالية للسلع والخدمات المنتَجة عالمياً بنسبة 7%، حسبما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
ويقول التقرير إن الذكاء الصناعي التوليدي، القادر على إنشاء محتوى لا يمكن تمييزه عن العمل البشري، يمثل «تقدماً كبيراً».
ويعد الذكاء الاصطناعي التوليدي فئة من خوارزميات الذكاء الصناعي التي تولّد مخرجات جديدة بناءً على البيانات التي تم تدريبها عليها. ويستخدم نوعاً من التعلم العميق ولديه مجموعة واسعة من التطبيقات، بما في ذلك إنشاء الصور والنصوص والصوت، حسبما أشار موقع «المنتدى الاقتصادي العالمي».
ويشير تقرير «غولدمان ساكس» إلى أن تأثير الذكاء الاصطناعي سيختلف عبر القطاعات المختلفة -حيث تمكن أتمتة 46% من المهام الإدارية و44% في المهن القانونية، لكن 6% فقط في البناء و4% في الصيانة.
وذكرت «بي بي سي نيوز» في وقت سابق، أن مخاوف بعض الفنانين من أن مولدات الصور بالذكاء الصناعي التوليدي قد تضر بآفاق عملهم.
وقال كارل بينيديكت فراي، مدير قسم «مستقبل العمل» في المعهد البحثي «أوكسفورد مارتن سكول» بجامعة أكسفورد، لـ«بي بي سي نيوز»: «الشيء الوحيد الذي أنا متأكد منه هو أنه لا توجد طريقة لمعرفة عدد الوظائف التي سيتم استبدال الذكاء الصناعي بها». وتابع: «ما يفعله (شات جي بي تي)، على سبيل المثال، هو السماح لمزيد من الأشخاص ذوي المهارات الكتابية المتوسطة بإنتاج مقالات، وبالتالي سيواجه الصحافيون مزيداً من المنافسة، مما قد يؤدي إلى انخفاض الأجور، ما لم نشهد زيادة كبيرة جداً في الطلب على مثل هذا العمل».
وضرب كارل المثال، قائلاً: «إدخال تقنية (جي بي إس) ومنصات مثل (أوبر) فجأة، جعل السائقين يعانون من وجود تخفيضات كبيرة في الأجور بنسبة تقترب من 10%، وفقاً لأبحاثنا، وكانت النتيجة انخفاض الأجور وليس انخفاض عدد السائقين».
ويشير الباحث إلى أنه «على مدى السنوات القليلة المقبلة، من المرجح أن يكون للذكاء الصناعي التوليدي تأثيرات مماثلة على مجموعة أوسع من المهام الإبداعية».
ووفقاً لبحث استشهد به التقرير، يعمل 60% من العمال حالياً في مهن لم تكن موجودة في عام 1940، لكن تشير أبحاث أخرى إلى أن التغيير التكنولوجي منذ الثمانينات أدى إلى إزاحة العمال بشكل أسرع، مما خلق فرص عمل.
وخلص التقرير إلى أنه إذا كان الذكاء الصناعي التوليدي يشبه التطورات السابقة في تكنولوجيا المعلومات، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل التوظيف على المدى القريب.
قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة «ريزوليوشنز» للأبحاث، تورستن بيل، لـ«بي بي سي» إن التأثير طويل المدى للذكاء الصناعي، مع ذلك، كان غير مؤكد إلى حد كبير، «لذلك يجب أن تؤخذ كل التوقعات بشكل حذر، فنحن لا نعرف كيف ستتطور التكنولوجيا أو كيف ستدمجها الشركات في طريقة عملها».
وتابع بيل: «هذا لا يعني أن الذكاء الصناعي لن يعطل الطريقة التي نعمل بها، ولكن يجب أن نركز أيضاً على مكاسب مستويات المعيشة المحتملة من العمل ذي الإنتاجية العالية والخدمات الأقل تكلفة، بالإضافة إلى مخاطر التخلف عن الركب، فالشركات والاقتصادات الأخرى تتكيف بشكل أفضل مع التغير التكنولوجي».


مقالات ذات صلة

في القيادة الذاتية... من يتحمّل القرار الأخلاقي عند اللحظة الحاسمة؟

تكنولوجيا مع انتشار السيارات ذاتية القيادة تبرز الحاجة إلى أنظمة قادرة على اتخاذ قرارات أخلاقية في مواقف مصيرية على الطريق (غيتي)

في القيادة الذاتية... من يتحمّل القرار الأخلاقي عند اللحظة الحاسمة؟

مع اقتراب انتشار السيارات الذاتية القيادة، تبرز تساؤلات أخلاقية حول قدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية، ومن يتحمّل المسؤولية عند وقوع الحوادث.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يتيح النظام للمستخدمين إنشاء مقاطع مدتها حتى 21 ثانية بخيارات حركة تلقائية أو مخصصة وبتكلفة منخفضة نسبياً (شاترستوك)

«ميدجورني» تدخل عالم الفيديو... صور متحركة يولّدها الذكاء الاصطناعي

أطلقت «ميدجورني» نموذجها الأول للفيديو «V1» الذي يتيح تحريك الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي بسهولة وتكلفة منخفضة وسط إشادة المستخدمين ومخاوف قانونية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا «غارتنر»: نجاح تطبيق الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرار يعتمد على وجود حوكمة قوية وبُنية بيانات متماسكة (غيتي)

«غارتنر»: الذكاء الاصطناعي سيتخذ نصف قرارات الأعمال بحلول 2027

بحلول 2027، سيتولى الذكاء الاصطناعي نصف قرارات الأعمال، ما يعني أن نجاح المؤسسات سيتوقف على الحوكمة وجودة البيانات ووعي القادة بقدرات التقنية وحدودها.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد منظر عام لمحطة الحاويات والميناء في كييلونغ (رويترز)

طلبات التصدير التايوانية ترتفع في مايو مدعومة بالذكاء الاصطناعي

ارتفعت طلبات التصدير التايوانية في مايو بفضل الطلب القوي على منتجات الذكاء الاصطناعي، في ظل ترقب المخاطر الجيوسياسية المتصاعدة.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
تكنولوجيا ميزة «Search Live» تتيح للمستخدمين إجراء محادثات صوتية فورية مع محرك البحث... ما يقدّم تجربة بحث أكثر ذكاءً وتفاعلاً وواقعية (غوغل)

«غوغل» تطلق تجربة بحث صوتية مدعومة بالذكاء الاصطناعي

ميزة «Search Live» تتيح للمستخدمين إجراء محادثات صوتية فورية مع محرك البحث؛ ما يقدّم تجربة بحث أكثر ذكاءً وتفاعلاً وواقعية.

نسيم رمضان (لندن)

صندوق النقد الدولي: أوروبا متماسكة اقتصادياً... لكن التحديات تتفاقم

شعار صندوق النقد الدولي يظهر خارج مقرّه الرئيس في واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي يظهر خارج مقرّه الرئيس في واشنطن (رويترز)
TT

صندوق النقد الدولي: أوروبا متماسكة اقتصادياً... لكن التحديات تتفاقم

شعار صندوق النقد الدولي يظهر خارج مقرّه الرئيس في واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي يظهر خارج مقرّه الرئيس في واشنطن (رويترز)

قال صندوق النقد الدولي إن اقتصادات أوروبا لا تزال تُبدي قدراً كبيراً من التماسك، في ظل تسجيل معدلات بطالة منخفضة بشكل غير مسبوق، واقتراب معدل التضخم العام من المستوى المستهدف، إلى جانب استقرار النظام المالي.

ومع ذلك، أعرب الصندوق عن قلقه من أن صناع السياسات يواجهون جملة من التحديات المتصاعدة، أبرزها تصاعد الرسوم الجمركية، وتنامي حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية، إضافة إلى تفاقم المخاطر الجيوسياسية، والحاجة المُلحة إلى تعزيز أمن الطاقة. وتتزامن هذه التحديات مع ضغوط هيكلية تتمثل في تباطؤ نمو الإنتاجية وتسارع وتيرة الشيخوخة السكانية.

وفي البيان الختامي لبعثة موظفي الصندوق لعام 2025 بشأن السياسات المشتركة للدول الأعضاء، حذَّر الصندوق من أن هذه العوامل مجتمعة تقوض الطلب المحلي والصادرات، وتطغى على المكاسب المتوقعة من زيادة الإنفاق الدفاعي ومشروعات البنية التحتية.

وأشار البيان إلى ما ورد في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الصادر في أبريل (نيسان)، والذي توقّع أن يظل النمو الاقتصادي في منطقة اليورو عند وتيرة معتدلة تبلغ 0.8 في المائة خلال عام 2025، مع إمكانية تسارعه إلى 1.2 في المائة في عام 2026.

كما لفت إلى أن التضخم العام يقترب من هدف 2 في المائة، مدعوماً بانخفاض أسعار الطاقة والسلع الأساسية، في حين يُتوقع أن ينخفض التضخم الأساسي إلى 2 في المائة بحلول عام 2026، لكن بوتيرة أبطأ. ومع ذلك، تبقى التوقعات عرضة لمخاطر مزدوجة: فمن جهة، قد يؤدي ضعف النشاط وتباطؤ الأجور إلى تضخم أقل من المتوقع، ومن جهة أخرى، قد تسهم التوترات الجيوسياسية وارتفاع الرسوم والإنفاق الحكومي في إعادة إشعال الضغوط التضخمية.

متسوق يدفع بورقة نقدية من فئة 10 يوروات في سوق محلية بمدينة نانت - فرنسا (رويترز)

أما على المدى المتوسط، فتُثقل القيود الهيكلية التوقعات الاقتصادية، لا سيما في ظل الشيخوخة السكانية، وضعف الإنتاجية، ونقص المهارات. ويؤكد الصندوق أن مواجهة هذه التحديات تتطلب استراتيجية أوروبية متكاملة لتعزيز النمو المستدام، ودعم الاستقرار المالي، دون المساس بالاستدامة المالية.

وفي هذا الإطار، أوصى الصندوق بأربع أولويات لتسريع استكمال السوق الموحدة. أولاً، خفض التجزؤ التنظيمي عبر نظام «الدولة الثامنة والعشرين»، الذي يوفر إطاراً موحداً لتأسيس الشركات وتشغيلها وحلها. ثانياً، تسريع اتحاد أسواق رأس المال واستكمال اتحاد البنوك، بما يسهل توجيه المدخرات نحو استثمارات محفوفة بالمخاطر تدعم الابتكار والنمو. ثالثاً، تعزيز التنقل العمالي الأوروبي لتسهيل مواءمة المهارات مع احتياجات السوق. ورابعاً، تحقيق تكامل سوق الطاقة لتوفير طاقة أرخص وأكثر استقراراً؛ ما قد يرفع الناتج المحتمل بنسبة تصل إلى 3 في المائة خلال عقد.

كما لفت الصندوق إلى أهمية اليورو الرقمي في دعم السيادة النقدية وتعزيز التكامل المالي داخل السوق الأوروبية، من خلال تحسين كفاءة المدفوعات وخفض التكاليف. لكنه شدد أيضاً على أن تعميق التكامل الأوروبي وحده لا يكفي، بل يجب أن يُستكمل بإصلاحات وطنية في سوق العمل، والسياسات الضريبية، وتنمية رأس المال البشري، لتحفيز النمو ورفع الإنتاجية.

عملات معدنية من فئة 2 يورو (رويترز)

وفيما يخص السياسة المالية، تختلف الاحتياجات بين الدول الأوروبية. ففي حين تحتاج الدول ذات الدين المرتفع إلى ضبط مالي أكبر، يمكن للدول ذات الهوامش المالية الأوسع اتباع نهج أكثر تدرجاً. ويوصي الصندوق دول منطقة اليورو، باستثناء ألمانيا، بتحقيق فائض أولي هيكلي بنسبة 1.4 في المائة من الناتج بحلول 2030؛ ما يتطلب تقليصاً إضافياً للعجز بنحو نقطتين مئويتين مقارنة بالخط الأساسي. ويأتي ذلك وسط ضغوط إنفاق متزايدة تشمل تكاليف الفوائد، والشيخوخة، وتحول الطاقة، والدفاع، ويتوقع أن تصل إلى 4.4 في المائة من الناتج سنوياً بحلول 2050.

ولمواجهة هذه الضغوط، يوصي الصندوق بالاستخدام المحدود لبنود الاستثناء في مراحل الإنفاق الدفاعي الأولى فقط، مع ضرورة تطوير خطط متوسطة الأجل لضمان استقرار الدين العام. كما دعا إلى إصلاح قواعد المالية الأوروبية لتمكين الدول منخفضة المخاطر من الاستثمار في النمو، دون أن تتقيد بقيود تعيق قدرتها على الاستجابة للاحتياجات التنموية.

وفي سياق متصل، يرى الصندوق أن الاستثمار المشترك والمنسق على مستوى الاتحاد الأوروبي هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات الكبرى. وتقدّر تحليلاته أن التنسيق في مشروعات الطاقة النظيفة وحدها يمكن أن يقلل التكاليف بنسبة 7 في المائة. كما دعا إلى زيادة موازنة الاتحاد الأوروبي بما لا يقل عن 50 في المائة لمواكبة الطلب المتزايد على الاستثمارات المشتركة، وتمويلها عبر توسيع القدرة على الاقتراض وزيادة الموارد الذاتية، وربط التمويل بأداء الدول في تنفيذ الإصلاحات.

وعلى صعيد السياسة النقدية، يرى الصندوق أن الإبقاء على سعر الفائدة عند 2 في المائة حالياً ملائم في ظل استقرار التضخم، مع ضرورة المرونة في التعديل حال ظهور صدمات جديدة. وفيما يخص الاستقرار المالي، أكد أن النظام المصرفي الأوروبي يتمتع بمتانة عامة، لكن هناك تصاعداً في المخاطر من المؤسسات المالية غير المصرفية؛ ما يستدعي رقابة أشد وتطوير إطار لدعم السيولة في هذا القطاع.

أخيراً، شدد الصندوق على أهمية استكمال اتحاد البنوك، بما يشمل نظام تأمين ودائع مشترك، وتعزيز صلاحيات الجهات الرقابية، وتطبيق معايير «بازل 3» بالكامل، لإنشاء نظام مالي أوروبي أكثر تكاملاً ومرونة.