الفلسطينيون يراقبون الأزمة في إسرائيل بانتظار «نصر غير مباشر»

الإسرائيليون قلقون من توحد «الأعداء» أمام الفوضى

إلقاء القبض على متظاهر إسرائيلي خلال مظاهرة في القدس (د.ب.أ)
إلقاء القبض على متظاهر إسرائيلي خلال مظاهرة في القدس (د.ب.أ)
TT

الفلسطينيون يراقبون الأزمة في إسرائيل بانتظار «نصر غير مباشر»

إلقاء القبض على متظاهر إسرائيلي خلال مظاهرة في القدس (د.ب.أ)
إلقاء القبض على متظاهر إسرائيلي خلال مظاهرة في القدس (د.ب.أ)

لا يعقب الفلسطينيون بشكل رسمي على التطورات الدراماتيكية في إسرائيل، والتي أدخلت أسوأ حكومة متطرفة قابلتهم منذ توقيعهم اتفاقيات سلام مشتركة قبل 30 عاماً، في أزمة كبيرة كادت أو تكاد أن تطيح بها، لكنهم يترقبون كل حركة وهمسة وموقف «كأنه حدث داخلي».
وعلى الرغم من أن أي مسؤول في السلطة الفلسطينية لم يعقب باعتبار أن ما يجري في إسرائيل «شأن داخلي» وهو شعار دبلوماسي ليس إلا، لكن مسؤولين آخرين في الفصائل الفلسطينية عزفوا أيضاً عن إبداء الرأي حول ما يجري في إسرائيل، وهو توجه غير مألوف، وأغلب الظن أن الفلسطينيين سلكوه في سبيل أن تمضي الفوضى في إسرائيل في طريقها حتى النهاية من دون لمسات أو تعليقات أو تمنيات فلسطينية واضحة.
وقال مصدر فلسطيني مسؤول لـ«الشرق الأوسط»: إن «سقوط حكومة مثل حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة التي تضم عتاة المتطرفين مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، سيكون نصراً غير مباشر للفلسطينيين». لكن عملياً لا يمكن التدخل أو إبداء الرأي في شأن داخلي، وهذه سياسة دأبت عليها السلطة حتى في ظل الانتخابات الإسرائيلية. وتتجنب السلطة بذلك اتهامات إسرائيلية لها بالتدخل، وهي اتهامات لطالما أثرت في رأي ناخبين إسرائيليين أو تسببت بأذى لمرشحين هناك.
النصر الذي يتطلع له الفلسطينيون هو مزيد من الفوضى هناك على الطرف الآخر، إلى الحد الذي لا يستطيع معه نتنياهو إنقاذ نفسه. ويمكن مشاهدة ذلك في عاصفة التفاعل والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تخلو من النكتة، وهي تعليقات تدعو إلى التعلم من مجتمع قوي وحي «حتى لو كان منظومة احتلال».
طرف ثالث راح باتجاه أنه يجب أن يغير الفلسطينيون في نهجهم السياسي. وقال المسؤول الفلسطيني تيسير خالد: إن الوضع الراهن في إسرائيل يفترض أن يقدم فرصة ثمينة للجانب الفلسطيني باتجاه نهج سياسي جديد يقوم على تعميق عزلة إسرائيل في المجالين الإقليمي والدولي وتقديمها على حقيقتها، في استحالة الجمع بين الاحتلال والتمييز والفصل العنصري والتطهير العرقي من جهة، وبين الديمقراطية وقيمها الحقيقية من جهة أخرى.
لكن، بغض النظر عن كيف ينظر الفلسطينيون للأزمة في إسرائيل، لا يغفل الإسرائيليون «الجبهات الأخرى»، ويتابعون مواقف وتصرفات ونوايا الجميع المعلنة وغير المعلنة. وليس سراً أن رئيس «الشاباك» الإسرائيلي رونين بار، تحرك فوراً إلى منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المحاصر من المتظاهرين فيما كان هو وحكومته على شفا هاوية، واجتمع معه ساعات عدة، لإظهار إلى أي حد خطورة الموقف وتأثيره الأمني الكبير والخطير.
هذا التحذير نقله مسؤول أمني إسرائيلي كبير، وصرح في محادثة مع الصحافيين، بأنه توجد مخاوف كبيرة من حدوث تحول في النظرة إلى الجيش الإسرائيلي من قبل أعداء إسرائيل. وقال المسؤول للصحافيين طالباً عدم الكشف عن هويته «أعداؤنا يعتبرون إسرائيل ضعيفة وردها سيكون محدوداً. وتشير جميع الجهات الفاعلة إلى حقيقة أن إسرائيل تمر بأزمة خطيرة يعتقدون أنها قد تؤدي إلى انهيار إسرائيل. وهم يدركون أن هذه فرصة لتقويض قوتنا الرادعة، والهجمات مخطط لها على أساس افتراضهم أن إسرائيل معطلة».
المسؤول تحدث عن كفاءة الجيش، وقال إنها أيضاً معرّضة للضرر في ظل ما يجري من صدع. والمخاوف ليست شخصية، لكنها جزء مهم من قرار وزير الدفاع الإسرائيلي المقال يوآف غالانت، الذي رفض خطة الإصلاح القضائي، فأقاله نتنياهو لتتحول الإقالة إلى لعنة عليه وعلى حكومته وتفجّر غضباً ومظاهرات وقرارات نقابية غير مسبوقة.
غالانت قال (الاثنين) أمام أعضاء لجنة الخارجية والأمن وخلال جلسة مغلقة اتسمت بالسرية «هناك تسريع ملحوظ في الإجراءات التي ستؤثر على عمل الجيش وعلى المؤسسة الدفاعية برمتها». وأضاف على مسمع من أعضاء اللجنة، أن التشريعات التي أدت إلى انقسام وتشرذم المجتمع قد تغلغلت بعمق في الجيش وفي مؤسسة الدفاع، وبالتالي كان لها تأثير مباشر على أنشطة مؤسسة الدفاع.
كما تحدث غالانت عن تقارير مخابراتية حول تراجع في مكانة إسرائيل الدولية، وفي تأييد الولايات المتحدة لها وتأثيراتها على جهاز الأمن. ورد رئيس اللجنة، عضو الكنيست يولي إدلشتين «سمعنا أشياء مقلقة. هذا ليس الوقت المناسب لتغيير وزير الدفاع». قبل ذلك، قال غالانت، إنه متمسك بموقفه لأن «أمن دولة إسرائيل» هو مهمة حياته.
وجاءت التطورات في إسرائيل، في خضم تأهب أمني عالٍ بدأ قبل شهر رمضان، في ظل وجود معلومات حول تصعيد محتمل على أكثر من جبهة. وتقدر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أن أي حدث أمني كبير قد يقع في القدس أو الضفة الغربية، سيؤدي إلى إشعال ساحات إضافية وإحداث انفجار كبير.
وذهب مسؤول أمني إسرائيلي إلى اتهام إيران في إيجاز صحافي، بمحاولة تأجيج الأوضاع واستغلال الظروف الحالية في إسرائيل. وأضاف، أن الخلاف الحاد في إسرائيل أدى إلى تآكل الردع الإسرائيلي، وزاد من حالة الانقسام والتجاذب في أوساط الجيش، وزاد من اتحاد «أعداء إسرائيل».
وأردف المسؤول الكبير، أن «(حماس) و(حزب الله)، وعلى رأسهما إيران، يعترفان بالفترة المثالية ضد إسرائيل». وأشار المسؤول إلى أن كلماته تعكس مواقف الأجهزة الأمنية الأخرى - الشاباك والموساد - وليس الجيش الإسرائيلي فقط.
إذن، يعتقد الإسرائيليون أن أعداءهم يتربصون بهم الآن؛ ولذلك وقف جميع مسؤولي الأمن ضد إقالة وزير الدفاع غالانت. وحتى رئيس الأركان هرتسي هاليفي، الذي لم يعقب علناً لكنه يدير مناقشات مهمة داخل الجيش.
تجدر الإشارة إلى أن الاعتقاد بأن إسرائيل في خطر هو اعتقاد عام وليس أمنياً فقط؛ إذ يمكن رصد كيف يفكر صحافيون في إسرائيل، بأن المرشد الإيراني علي خامنئي، والأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، وقائد حركة «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، والقائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف «يفركون أيديهم فرحاً الآن».



تدهور الأراضي الزراعية في اليمن... ونصف مليون نازح بسبب المناخ

من فعالية إطلاق تقرير البنك الدولي تقريره حول المناخ والتنمية في اليمن (سبأ)
من فعالية إطلاق تقرير البنك الدولي تقريره حول المناخ والتنمية في اليمن (سبأ)
TT

تدهور الأراضي الزراعية في اليمن... ونصف مليون نازح بسبب المناخ

من فعالية إطلاق تقرير البنك الدولي تقريره حول المناخ والتنمية في اليمن (سبأ)
من فعالية إطلاق تقرير البنك الدولي تقريره حول المناخ والتنمية في اليمن (سبأ)

أطلق البنك الدولي، في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، الخميس الماضي، تقرير المناخ والتنمية الخاص باليمن، بالتعاون مع الحكومة التي حذّرت من تدهور الأراضي الزراعية بمعدل مقلق، وذلك بالتوازي مع إعلان أممي عن نزوح نصف مليون شخص خلال العام الحالي بسبب الصراع والتغيّرات المناخية.

وقال وزير المياه والبيئة اليمني توفيق الشرجبي إن بلاده تفقد ما يصل إلى 5 في المائة من أراضيها الزراعية سنوياً، بفعل مجموعة من العوامل المتداخلة؛ أبرزها التغيرات المناخية التي أدت إلى زيادة الجفاف وتصحر الأراضي، والرعي الجائر والنزاعات المسلحة التي دمرت البنية التحتية الزراعية إلى جانب سوء إدارة الموارد المائية.

وفد البنك الدولي بحث مع مسؤولين يمنيين سبل دعم سياسة التكيف مع التغيرات المناخية (سبأ)

ونقل الإعلام الرسمي عن الشرجبي تأكيده أن الحرب المستمرة تسببت في تأثيرات سلبية على البنية التحتية الحيوية في البلاد، وساهمت في زيادة حدة أزمة المياه والجفاف، في حين تسبب نزوح الملايين في تضاعف الحاجة إلى المساعدات الإنسانية والاعتماد عليها، ما فرض ضرورة وجود حلول استراتيجية بالاستثمار في البنية التحتية المستدامة وتعزيز قدرة المجتمعات المحلية للتكيف مع التغيرات المناخية.

وبيّن الوزير اليمني أن بلاده تواجه تحديات تتمثل بشحة المياه، وتضاعف انعدام الأمن الغذائي، وتدهور البنية التحتية، وتضرر مستويات الصحة العامة، وتفاقم الفقر الذي يزيد من هشاشة المجتمع، مشدداً على الحاجة إلى تضافر الجهود لمواجهة هذه التحديات، والتركيز على مشروعات تحلية المياه وتطوير أنظمة وإنشاء السدود الصغيرة.

كما دعا إلى دعم الزراعة المستدامة والاهتمام بمضمون تقرير المناخ والتنمية الخاص باليمن، وما ورد فيه من إشارات، إلى الفرص الاستثمارية في الطاقة المتجددة، وأهمية السلام والاستقرار في نجاح جهود التكيف مع التغير المناخي.

وطالب الشرجبي المجتمع الدولي بتقديم الدعم اللازم لليمن للتغلب على أزمات المناخ، وتوفير التمويل والتكنولوجيا اللازمين لإدارة الموارد المائية بشكل مستدام، وإعادة تأهيل الأراضي المتضررة، وتنفيذ برامج توعية للمزارعين حول الممارسات الزراعية المستدامة.

دعم التنمية والتوعية

بيّنت المدير القطري للبنك الدولي في اليمن، دنيا أبو غيدا، أن تقرير البنك يقدم تفصيلاً عميقاً خاصاً، ويستكشف التحديات التي تواجه التنمية، ويركز على دمج المخاطر المناخية وأهداف التنمية والوضع الاقتصادي المفروض في البلد، ويقدم رؤى مستندة على الأدلة لصنع السياسات الملائمة لليمن، وتحسين النتائج المتوقعة المرتبطة بالوضع المناخي.

وأوضحت أن السياسات التي يطرحها التقرير ليس فقط لتحسين الأوضاع وتحديات المناخ وتعزيز النمو الاقتصادي والحد من الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية؛ بل ويركز على ضرورة وجود الموارد المالية وآليات تمويل جديدة ومبتكرة لمواجهة التحديات والتغيرات المستمرة، وتوفير المعلومات والمساعدة على صناعة القرارات والسيناريوهات لمعالجة مخاطر التغير المناخي.

برامج البنك الدولي تساهم في التوعية بمخاطر التغير المناخي في اليمن (البنك الدولي)

وكان وفد البنك الدولي بحث في عدن سبل التعاون بين البنك وعدد من الجهات الحكومية اليمنية وسائل وسبل التعاون لتنفيذ توصيات التقرير وإمكانات تعزيز قدرة المجتمع اليمني على التكيف مع تغير المناخ.

والتقى الوفد وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والصحة العامة والسكان، والكهرباء، والأشغال العامة والطرق، والتربية والتعليم، وممثلين عن البنك المركزي اليمني وزارات المالية، والنقل، والزراعة، والثروة السمكية، والمياه والبيئة.

وفي لقاء منفصل مع مسؤولين في جامعة عدن، بحث وفد البنك مجالات التعاون بينه و«مركز دراسات وعلوم البيئة» التابع للجامعة في عددٍ من الأنشطة، بينها تنظيم الدورات التأهيلية للصحافيين للتوعية بمخاطر التغيرات المناخية ودور الإعلام بوسائله المختلفة في إثارة وعي المجتمع بخطورة هذه التغيرات وتداعياتها على حياتهم الاجتماعية الاقتصادية.

نزوح مستمر

في غضون ذلك، كشف تقرير أممي عن نزوح 11 ألف يمني خلال الشهر الماضي بسبب الأزمات الناجمة عن استمرار النزاع والتغير المناخي، ليصل إجمالي النازحين في البلاد للأسباب نفسها خلال عام إلى 516 ألف يمني.

ووفقاً لتقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن 1594 عائلة تتألف من 11 ألفاً و158 فرداً، غادرت مناطقها الأصلية بسبب استمرار النزاع المسلح والكوارث المرتبطة بالتغيرات المناخية؛ بما فيها الأمطار والفيضانات ودرجات الحرارة والأعاصير، خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لافتاً إلى أن 78 في المائة من إجمالي المتضررين بشدة خلاله نزحوا بسبب الأزمات والكوارث المتعلقة بالمناخ.

برامج وتمويلات يتبناها البنك الدولي لدعم تكيف اليمنيين مع تغيرات المناخ (البنك الدولي)

وقدر عدد العائلات التي نزحت بسبب كوارث المناخ بـ1242 عائلة مكونة من 8694 فرداً، بينما كان استمرار وتصاعد النزاع المسلح وراء نزوح نحو 22 في المائة، بعدد 352 عائلة مكون من 2464 فرداً.

كما كشف الصندوق أن ما يقرب من 516 ألف شخص أُجبروا على النزوح بسبب استمرار وتصاعد النزاع، والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغيرات المناخ، منذ مطلع العام الحالي.

وجاء في تقرير الصندوق الأممي أن اليمن استمر في مواجهة تحديات إنسانية هائلة هذا العام، نتيجة الصراع المسلح، والكوارث المرتبطة بالتغيرات المناخية؛ بما فيها الأمطار والفيضانات ودرجات الحرارة والأعاصير.

وطبقاً لتقديراته، فإن 73 ألفاً و709 عائلات تتكون من 515 ألفاً و963 فرداً، نزحت خلال الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، وأن 93 في المائة من إجمالي المتضررين بشدة خلال الأحد عشر شهراً المنصرمة، نزحوا من مناطقهم الأصلية، بسبب الأزمات والكوارث المتعلقة بالمناخ.

قرابة نصف مليون يمني نزحوا خلال العام الحالي بسبب تطرف المناخ (الأمم المتحدة)

وبلغ عدد هؤلاء 68 ألفاً و594 عائلة مكونة من 158 ألفاً و480 فرداً، مقابل ما نسبته 7 في المائة، وبعدد 5115 عائلة تضم 35 ألفاً و805 أفراد نزحت بسبب تصاعد النزاع المسلح.

ويقود الصندوق، حسب تقريره، آلية للاستجابة السريعة بدعم من الاتحاد الأوروبي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، تمكن من خلالها من الوصول إلى 7644 شخصاً (69 في المائة من المتضررين) بالإغاثة العاجلة المنقذة للحياة.

وتتنوع المساعدات التي تم توزيعها على المتضررين، بين المساعدة النقدية متعددة الأغراض، والمساعدات الغذائية العامة لمرة واحدة، والمأوى في حالات الطوارئ، وكان من بين المستهدفين 26 في المائة من العائلات التي تعولها نساء، مقابل 74 من العائلات التي يعولها رجال.