الطائرة التي أخذت سرّها معها

«نتفليكس» تفتح صندوق اختفاء الرحلة الماليزية وتغرق فيه

«الطائرة التي اختفت» وثائقي من 3 حلقات على «نتفليكس»
«الطائرة التي اختفت» وثائقي من 3 حلقات على «نتفليكس»
TT

الطائرة التي أخذت سرّها معها

«الطائرة التي اختفت» وثائقي من 3 حلقات على «نتفليكس»
«الطائرة التي اختفت» وثائقي من 3 حلقات على «نتفليكس»

لا غرابة في أن تلتفت الأنظار إلى عنوان مثل «الطائرة التي اختفت»، ولا عجب في أن يتصدّر «وثائقي» عن الرحلة الماليزية MH370 المختفية منذ 9 سنوات، أرقام المشاهَدات فور البدء بعرضه على منصة نتفليكس. لكن الغريب في الأمر هو خروج المُشاهد بعد الحلقة الثالثة والأخيرة من السلسلة الوثائقية، محمّلاً بعدد كبير من الأسئلة، عوض أن يكون قد نال ولو قسطاً قليلاً من الأجوبة.
يعود «الوثائقي» إلى ليلة 8 مارس (آذار) 2014 التي توقفت فيها عقارب ساعة الرحلة التابعة للخطوط الجوية الماليزية، ومعها توقف نبض 239 شخصاً كانوا على متنها متّجهين من كوالالمبور إلى بكين. في تلك الليلة، اختفت الطائرة عن الرادار ما إن غادرت المجال الجوي الماليزي، أي بعد 40 دقيقة على إقلاعها. ومنذ ذلك الحين، لم يُعثر لها على أثرٍ يُذكر ولم يتمكن أهالي الضحايا من دفن أحبّتهم. إنه أحد أكبر الألغاز في تاريخ الطيران.

يتقن معدّو العمل، على رأسهم المخرجة لويز مالكنسون، سرد الأحداث ويحترفون لعبة التواريخ. تسير الحلقات على إيقاع روزنامة وساعة لا تفوّتان لحظةً ولا تاريخاً مفصلياً من حكاية الرحلة المنكوبة. ثم تأتي الاستعانة بالأرشيف التلفزيوني لتغطية الكارثة الجوية وبالتسجيلات الصوتية التي جمعت القبطان ببرج المراقبة حتى لحظة الاختفاء، فتُضيف مزيداً من الواقعية والدقة في السرد، مما يتيح أمام المشاهد أن يعيش الحدث بكل تفاصيله من جديد.
لا يبخل «الوثائقي» كذلك بالمقابلات مع المعنيين، فيستضيف عدداً كبيراً من الأشخاص الذين تابعوا القضية، من صحافيين متخصصين ومسؤولين في الشركة الماليزية وخبراء في الطيران وغيرهم. كما أنه يفرد مساحة واسعة لذوي الضحايا، من زوجات وآباء وأبناء لم يشفوا حتى اللحظة من الكارثة التي حلّت بهم. تُثري تلك اللحظات الإنسانية العمل وتُنقذه من النظريات المعقّدة وصعبة التصديق التي يغرق فيها.


تجمّع لأهالي ركّاب الطائرة الماليزية المختفية (نتفليكس)
تنطلق الكاميرا من ماليزيا حيث تقابل زوجة أحد أفراد طاقم الطائرة، الذي رحل تاركاً شريكته حاملاً بطفلتهما الأولى. ثم تحط في أستراليا لتلتقي زوجة أحد الركاب، الذي كان مسافراً إلى الصين بداعي العمل. وفي فرنسا، تواكب الرجل المفجوع بفقدان زوجته وولدَيه. تتخلّل تلك المقابلات فيديوهات وصور مؤثرة للحظات جمعت الضحايا بعائلاتهم قبل الرحلة الأخيرة.
لكن ما إن تبتعد الكاميرا عن عيون الأهالي، وما إن يخرج النص عن سرد الأحداث، حتى يغرق «الوثائقي» في بحر من النظريات والفرضيات. الاحتمالات كثيرة، من الخطف، إلى التفجير، إلى العطل، والنتيجة واحدة: مزيد من الغموض. وما الضيوف المحللون سوى أدوات لإذكاء نار نظريات المؤامرة والاستنتاجات الصادمة وغير المنطقية في غالبية الأوقات.
يتحوّل الصحافي الأميركي الخبير في شؤون الطيران جيف وايز إلى «نجم» الوثائقي، متنقلاً بين نظريةٍ وأخرى. يبني مداخلته في الحلقة الأولى على احتمال أن يكون قائد الطائرة قد ارتكب عملية انتحارية جماعية، وأسقط الطائرة عمداً في المحيط الهندي، بعد أن قطع الأكسجين عن الركاب وظل يحلّق حتى فرغت الخزانات من الوقود. ويعزز تلك النظرية العثورُ على قمرة قيادة وهمية في منزل الربّان، تَدرّب بواسطتها على مسار مشابه لمسار الرحلة MH370.


الصحافي الأميركي جيف وايز المتخصص في شؤون الطيران (نتفليكس)
مطلع عام 2017. أي بعد 3 سنوات تقريباً على الحادثة، جرى تعليق عمليات البحث عن الحطام، التي كانت تقودها البحرية الأسترالية على امتداد 120 ألف كيلومتر تحت مياه المحيط الهندي الجنوبي. وفي التقرير النهائي الذي صدر في 2018. أعلنت السلطات الماليزية أنها لم تتمكن من تحديد السبب الحقيقي وراء اختفاء الطائرة.
في الأثناء، كثرت التحليلات الصادمة ومن بينها تلك التي ركّز عليها «الوثائقي». إذ يعود وايز في الحلقة الثانية ليطلق نظرية الاعتداء الروسي المتعمّد بهدف حرف الأنظار عن غزو موسكو لشبه جزيرة القرم خلال تلك الفترة من عام 2014. في سيناريو صعب التصديق، يصرّ وايز على أن ركاباً روسيين دخلوا إلى القمرة الإلكترونية في الطائرة وخرّبوا أجهزة الاتصال ثم أخذوا الرحلة إلى مسارها المجهول.
أما في الحلقة الثالثة، فتستفيض الصحافية الفرنسية فلورانس ده شانجي في شرح نظريتها التي تتهم الولايات المتحدة الأميركية بالوقوف وراء اختفاء الطائرة، وهي نظرية يلاقيها فيها والد الضحايا الفرنسيين. ده شانجي، التي تابعت القضية لسنوات ونشرت كتاباً عنها، تتحدث عن حمولة مشبوهة زنتُها 2.5 طن كانت على الطائرة وفي طريقها إلى الصين، وهي التي دفعت بطائرتي AWACS أميركيتين إلى تشتيت مسار الرحلة واستهدافها لاحقاً بصاروخ.
في وثائقي نتفليكس، لكل نظريةٍ نجمها. أما العثور على بعض الحطام بعد 16 شهراً على اختفاء الطائرة، فنجمه الرحّالة بلاين غيبسون. بمبادرة فردية يضفي إليها الوثائقي نكهةً بطوليّة، يجمع غيبسون نحو 20 قطعة مما يقال إنه حطام الطائرة المنكوبة. ترفض الصحافية الفرنسية وعدد من الأهالي التصديق أن القطع التي عُثر عليها على شطآن بعض جزر المحيط الهندي، تعود فعلاً إلى الرحلة MH 370. في رأس كل مَعني نظرية وتحليل، وفي ذهن وايز شكوكٌ بعلاقة تجمع بلاين بالروس.


قطعة الحطام الأساسية التي قيل إنها عائدة للطائرة المنكوبة (نتفليكس)
بعد مرور 9 سنوات على الفاجعة، كان من المتوقّع أن يخرج الوثائقي بجواب أو على الأقل باستنتاج منطقي يردّ على التساؤلات الكثيرة، إلا أنه تاهَ وسط نظريات الإثارة والسيناريوهات المتشعّبة، رغم المجهود الإنتاجي والاحترافية السردية.
في المشاهد الختامية، تعود الكاميرا إلى أهالي الركّاب الذين يطلقون دموعهم وكلماتٍ مثل «أمل» و«حقيقة». يقولون إنهم لن يجدوا السلام قبل أن يعرفوا ما حصل، وأن يعثروا على أحبتهم. لكن الحقيقة ما زالت رهينة الصندوق الأسود التائه، ولا يمكن توقّع خروجها من وثائقياتٍ تلفزيونية تستفيض في الأسئلة وتبقى بعيدة عن الأجوبة الشافية.


مقالات ذات صلة

البطولة النسائية... موضة عابرة أم استثمار طويل الأمد؟

يوميات الشرق البطولة النسائية... موضة عابرة أم استثمار طويل الأمد؟

البطولة النسائية... موضة عابرة أم استثمار طويل الأمد؟

تراجَع حضور الذكور على الشاشة لصالح الإناث، وليست مسلسلاتٌ مثل «تحت الوصاية»، و«للموت»، و«حضرة العمدة» وغيرها، سوى دليل على هذا الواقع الدرامي المستجدّ.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق شعار «نتفليكس» (أ.ف.ب)

«نتفليكس» تفرض في 100 دولة رسوماً إضافية على تَشارُك كلمات سر الحسابات

أعلنت «نتفليكس»، الثلاثاء، أن مستخدميها في أكثر من 100 دولة باتوا ملزمين دفع رسم إضافي إذا شاؤوا تشارك حساباتهم مع أشخاص آخرين غير مقيمين في المكان نفسه.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
ثقافة وفنون «الملكة شارلوت: من حكايات بريدجرتون» مسلسل جديد من إنتاج شوندا رايمز (نتفليكس)

جديد «نتفليكس»... حقائق الملكة السمراء وأمراض زوجها النفسية

بين كاريزما الملكة شارلوت وغموض الملك جورج الثالث، كان لا بدّ من تتمّةٍ تجيب عن التساؤلات وتغوص عميقاً في الشخصية الآسرة التي عُرفت بتسريحتها الغريبة.

كريستين حبيب (بيروت)
مصر ترفض فيلم «نتفليكس» عن كليوباترا

مصر ترفض فيلم «نتفليكس» عن كليوباترا

اتهمت مصر في أول رد رسمي لها على أزمة فيلم «الملكة كليوباترا»، منصة نتفليكس بـ«تزييف التاريخ المصري»، واعتبرت إظهار بطلته التي تؤدي دور الملكة «كليوباترا السابعة» بملامح أفريقية وبشرة سمراء اللون «مغالطة تاريخية صارخة». وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي أمس، إنه «يتعين على القائمين على صناعة الفيلم تحري الدقة والاستناد إلى الحقائق التاريخية والعلمية بما يضمن عدم تزييف تاريخ وحضارات الشعوب».

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق ميشيل أوباما تشارك أوبرا وينفري «الضوء الذي تحمله»: «سأريكم»

ميشيل أوباما تشارك أوبرا وينفري «الضوء الذي تحمله»: «سأريكم»

ثلاث ساعات ونصف ساعة أمضتها أوبرا وينفري في السيارة مع ضيفتها، وقالت بابتسامة: «هذا بمثابة رحلة الطيران من لوس أنجليس إلى شيكاغو!». ألقت السلام على مديرة المسرح، وميشيل أوباما في الداخل تضع اللمسات الأخيرة على إطلالتها. تعرض «نتفليكس» وثائقياً عن حوار الصديقتين ضمن جولة أميركية للتعريف بكتاب السيدة الأولى السابقة «الضوء الذي نحمله» (The Light We Carry) ومشاركة أفكاره الملهمة على الملأ. كان العالم تحت إغلاق شامل وانقطع التواصل البشري، حين احتجزت ميشيل أوباما في لوس أنجليس خلال جولتها للتعريف بكتابها السابق «وأصبحتُ» (Becoming). شعرت بأنّ الظلمة حالكة وثمة ضوءاً تحمله يترقّب حمايته وإضرامه.

فاطمة عبد الله (بيروت)

معرض مثير عن العلاقة الخطيرة بين الفن والمال

لوحة لآندي وارهول
لوحة لآندي وارهول
TT

معرض مثير عن العلاقة الخطيرة بين الفن والمال

لوحة لآندي وارهول
لوحة لآندي وارهول

يتعجب الكثير منا حين يقرأون خبراً عن بيع لوحة لبيكاسو أو غيره بكذا مليون دولار. ما الذي فعله الرسام ليبلغ ذلك السعر؟ هل هي من ذهب وألماس وياقوت ومرجان ولآلئ؟ إنه السؤال الذي يتجاوز مفهوم الموهبة العبقرية في الفن ويركز على القيمة المالية. ولعل من حق المواطن في بلاد تطحنها الأزمات الاقتصادية أن يستغرب دفع مبالغ باهظة مقابل عمل فني. لكن لم يحدث من قبل أن انتعشت سوق الفن مثلما هي اليوم حيث تكاد تبلغ مستوى قياسياً حقاً.

هذه العلاقة بين الفن التشكيلي والنقود هي موضوع معرض تنظمه دائرة «عملة باريس» يستمر حتى أواخر الصيف، ويتتبع 20 قرناً من تلك العلاقة الملتبسة. إن هذه الدائرة هي المكان الأنسب لاستقبال هذا المعرض لأنها المسؤولة عن سكّ العملة الفرنسية منذ أكثر من ألف عام.

لوحة من القرن السابع عشر لفنان مجهول (مونيي دو باريس)

تقول الأرقام إن نحو 20 مليار دولار تم تداولها في سوق المزادات الفنية خلال العام الماضي. أسعار لم تخطر في بال الكثيرين من الفنانين الذين فارقوا الحياة قبل أن يتمتعوا بما تدرّه موهبتهم على ورثتهم وعلى مقتني لوحاتهم بعد رحيلهم. ويمكن لزائر هذا المعرض أن يتلمس علاقة المبدعين بالنقود منذ البدايات الأولى للرسم، وهذا من خلال 150 عملاً. ونعرف أن المال، على مدى العصور، كان محركاً مهماً من حوافز الإبداع. تلك هي الحاجة المشروعة للفنان في تلقي مكافأة أعماله والحصول على ما يضمن له عيشة معقولة. لكن جان ميشيل بوهور، محافظ المعرض، يلفت النظر إلى ما يعكسه المعرض من دور خطير للمال حين يسهم في التأثير على الفنان ويدفعه نحو اتجاهات مرغوبة ومطلوبة، بالمعنى التجاري، دون غيرها. ولا تتوقف العلاقة بالمقابل المادي المدفوع للعمل الفني بل تكمن جاذبية المعرض في أنه يختار لزواره تلك اللوحات التي دخلت فيها النقود ضمن موضوع اللوحة.

سلفادور دالي (مونيي دو باريس)

منذ متى أصبح المال موضوعاً في تاريخ الفن؟ يجيب بوهور أن هناك أعمالاً فنية وفخارية من العصور القديمة، مع تمثيلات للمال أو حتى لمطر من ذهب. نجد ذلك على فنجان يعود تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد، مثلاً. ويمكن للمرء أن يلاحظ أيضاً، في مشهد عاطفي مرسوم، تبادلاً للنقود. فالمال أمر مهم نستخدمه كل يوم ونحافظ عليه ونعمل من أجله. ومن الناحية الاجتماعية هو شيء في قلب كل شيء منذ بداية العلاقات الإنسانية، وهو عنصر من عناصر الحياة مطلوب بشكل يومي.

كيف ظهرت النقود في اللوحات والمنحوتات؟ حتى القرن التاسع عشر، كان يتم تمثيل النقود في شكل عملات معدنية وفي سياق التبادلات التجارية. وفي كثير من الأعمال تظهر شخصية الصراف، أي الشخص الذي يتولى تغيير العملات ويعيش من هذه المهنة. وهي مهنة أدانها الإنجيل منذ وقت مبكر جداً. لذلك لن نجد صورها مطلقاً في المجتمعات الكاثوليكية، مثل فرنسا وإسبانيا. لكنها موجودة بين الفنانين البروتستانت، لا سيما لدى الرسامين الهولنديين في القرنين السادس عشر والسابع عشر، حيث ظهرت المشاهد التجارية أو مواقف تبادل الأموال. وفي الآونة الأخيرة، أي منذ بداية القرن العشرين توسع استخدام العملات النقدية في الأعمال الفنية. هذا هو الحال في بعض نماذج الفن الدادائي أو السوريالي. فنرى الأوراق النقدية المهترئة والعملات المعدنية المتآكلة، وصولاً إلى عصرنا الحالي والصكوك بل حتى البطاقات المصرفية.

من المعروضات في دائرة العملة (مونيي دو باريس)

هناك فنانون حاولوا تصوير الفروق بين الأغنياء والفقراء. وعلى مر القرون تمت إعادة إنتاج مظاهر التفاوت الطبقي أو الاجتماعي الكبير. جاءت صدمة التمثيل قوية جداً، بالأخص عند جان فرانسوا ميليه وجول بروتون. فقد أشار رسامو القرن التاسع عشر إلى وجود طبقة اجتماعية في طور الاختفاء. ومع تطور الثورة الصناعية ظهرت الأعمال التي تصور معاناة العمال في المصانع. وحتى في اللوحات التي تصور الريف، نرى الزبالين يستعيدون حبات القمح القليلة التي تركها المزارعون لكي يسدوا رمقهم بها. ويتجلى هذا في لوحة «المنظفون» لجان فرانسوا ميليه، وهي تعود لعام 1857 ومحفوظة في متحف «أورساي» للفنون المعاصرة في باريس.

والسؤال هو هل لجأ الفنانون إلى رسم النقود كنوع من الازدراء لها؟ يخبرنا دليل المعرض أن مارسيل دوشان عبر عن خشيته من فقدان الفنان بسبب سوق الفن ورغبته في انتشار اسمه وبيع لوحاته في أنحاء العالم. وفي الكفة الأخرى ظهر فنانون لا يشكل المال لديهم أي عقدة. ومنهم آندي وارهول الذي كان يؤمن بأن هدف الصناعة الفنية كسب النقود. أما السعي للكسب فقد كان ديدن رسام كبير مثل سلفادور دالي الذي حمل لقب «طماع الدولارات».

ظهرت الرأسمالية بوصفها نظرية اقتصادية، نهاية القرن التاسع عشر، باعتبارها نوعاً من إعادة التقييم لقيمة العمل أو الجهد. إن الثمن يتعلق بالندرة أولاً ثم بما يرغبه المستهلك. كان ذلك مفهوماً جديداً تماماً، لكنه مفهوم يتوافق مع ما يحدث في مجال تاريخ الفن. فقد كان يتم تحديد قيمة الأعمال من خلال شعبيتها وإقبال الجمهور عليها، وكذلك من خلال آراء النقاد. هكذا ولدت سوق الفن كما نعرفها اليوم, لم يعد التقييم قائماً على العمل ذاته، بل على أمر خارجي عنه، هو رغبة المقتنين وأصحاب الصالات وذائقة النقاد في وسائل الإعلام. وفي ذلك الوقت، أدرك تاجر الأعمال الفنية بول دوران رويل ما كان يجري حوله فاعتمد على الائتمان المصرفي لشراء الأعمال من الفنانين الانطباعيين الذين لم يحصلوا على تصنيف مبكر عالٍ، لكي يعيد بيعها بعد ذلك. كما راح يتصل بالنقاد ويقوم بعملية علاقات عامة يناشد للترويج لفنانيه في الصحافة وتضخيم تقديرهم. وفي الواقع، قام بحشد جميع الأساليب الحديثة التي نعرفها اليوم في فنون الاتصال لكي يروج للمدرسة الانطباعية الفرنسية.

لوحة «البورصة» لإدغار ديجا (ميوزو دورساي)

جاءت العولمة وغيّرت الممارسات الفنية. أصبح الفنانون الكبار نجوماً، سواء في فضاء نيويورك أو باريس أو هونغ كونغ أو طوكيو. وتسبب هذا في تغييرات في الإبداع، أو إنتاج الأعمال الفنية. فبما أن الطلب أقوى فيجب على العرض أن يلحق به ويلبيه. لم يعد الرسام وحيداً في ورشته الخاصة بل دخلنا عصر الهياكل الصناعية. وبعد العولمة تطورت التقنيات الرقمية، وبدأت مرحلة جديدة في تسليع الفن. لكن يجب الاعتراف بأن الثورة الرقمية أحدثت ثورة موازية في تسويق الفن. وهناك اليوم بعبع الذكاء الصناعي وإنتاج أعمال رقمية لا تتمتع بهالة التميز والندرة كعمل فريد لا ثانٍ له. إن اللوحات الرقمية قابلة للتكرار، ولا يمكن لهاوي الفن أن يحتكرها على جدار صالونه. وأخيراً جاءت العملة المشفرة التي أسهمت في إنشاء اقتصاد فني جديد، وأدخلت مفاهيم الفن والأعمال الفنية في متاهة.


رونالدو في السعودية: ثراء الذاكرة والتجارب

وئام الدخيل تحاور كريستيانو رونالدو في تجربة السعودية (حساب الإعلامية)
وئام الدخيل تحاور كريستيانو رونالدو في تجربة السعودية (حساب الإعلامية)
TT

رونالدو في السعودية: ثراء الذاكرة والتجارب

وئام الدخيل تحاور كريستيانو رونالدو في تجربة السعودية (حساب الإعلامية)
وئام الدخيل تحاور كريستيانو رونالدو في تجربة السعودية (حساب الإعلامية)

يفرغ ملعب «نادي النصر» من الجماهير الحماسية والقلوب الخافقة، بينما نجمه الأسطورة كريستيانو رونالدو يعبر ممرّه مع الإعلامية السعودية وئام الدخيل. يتذكر المرة الأولى التي وطئت فيها قدماه المكان، حين تسرّب إليه توتّر الملعب الملتهب، بحضور عائلته وهيبة البيئة الجديدة. «تغيّر الوضع الآن»، يخبرها. «تأقلمتُ وأشعر بالراحة. إنني أصنع ذكريات حلوة».

ترمقه محاورته كما تُرمَق الأساطير. تفتح يديها لمنح السؤال اتساعاً مجازياً: «هل تشعر بأنّ هذا هو منزلك الآن؟»، وتشير بالذراعين المنشرحتين إلى الملعب. يجيبها بعشق الكبار لما يجيدونه، بأنه ملعبه وسيسعى إلى الأفضل.

يتذكر صاحب الرقم سبعة الملقّب بـ«الدون»، يوم أتى إلى السعودية. كان حفل التقديم مذهلاً، يُخبر وئام الدخيل، مشيراً إلى توقّع الحفاوة وفرادة الاستقبال. «اليوم الخاص لم يكن لي ولعائلتي فحسب، بل أيضاً لمَن رحّبوا. كنتُ متفاجئاً جداً، وبدا الأمر مميزاً على العديد من النواحي».

سبق للدخيل إدارتها الحوار الأول للنجم البرتغالي أثناء المؤتمر الصحافي لتقديمه رسمياً لاعباً لـ«نادي النصر». يومها، وثّقت بـ«سِلفي» جمعتهما بهجة اللحظة النادرة. يتجدد اللقاء من داخل الملعب الأصفر. وcr7 يبدو مرتاحاً، يتكلم بهدوء، يتطلع إلى المستقبل، ويعمّر ذكريات استثنائية.

تعيده الدخيل إلى الإفراط في التوقعات أمام فورة الحماسة. تسأل: «كيف تشعر حالياً مع اقترابنا من نهاية الموسم (الدوري السعودي للمحترفين- SPL) من دون إحراز ألقاب؟». الزمن يدرّب على الصبر ويعلّم الدرس الأقسى: لا تسير الأمور دائماً كما نرغب أو نتوقع. يردّ كريستيانو بأنّ التوقعات خالفت مجريات الأحداث، ويعد بألقاب وأرقام قياسية.

يحدّثها عن الاستمرارية والمثابرة ويشدّد بثقة: «سنتحسن كثيراً». يشاء تأكيد الإنجازات: «بالنظر إلى نحو 5 أشهر، أبلى الفريق حسناً، وتقدّمت إلى الأمام جميع فرق الدوري، من بينها فريقي. يتطلّب الأمر بعض الوقت، لكنّ التحلّي بالإيمان ومطاردة الهدف يجعلان الأحلام ممكنة».

ليست الدخيل وحدها مَن تبتسم عيناها وهي تصغي إلى رجل فائق الكاريزما، لامع، يتحدث على مهل كأنه يطرّز مرحلة. انعكاسات الدهشة ممتدة إلى المتلقي. يشكل رونالدو نموذجاً للأمل وعبرة بأنّ المرء خسارة وربح. «أنا متفائل جداً وواثق بأنّ الأمور ستتغير»، مُلهم في الإصرار والتصميم وإدراك أنّ الحياة ليست دائماً أماني الأطفال.

ماذا عن اللعب في المملكة؟ عن الجماهير، الجودة، البنية التحتية، والتجربة عموماً، هل لامست توقعاته؟ تسأله، فيجيبها: «الدوري تنافسي وهناك فرص عدّة للنمو. نمتلك فرقاً جيدة، كذلك الحال بالنسبة إلى اللاعبين العرب». لم يخفِ أنّ ثمة أموراً يمكن تداركها بالتخطيط والعمل خلال السنوات الخمس المقبلة، «لكنني سعيد وسأستمر هنا».

يرى الدوري السعودي مؤهلاً لأن يصبح ضمن أقوى خمس منافسات للدوري في العالم، إن تدارك الثغر. الرهان كبير عليه، فتشيد محاورته بالمزايا: «تعلم مدى إلهامك لمَن حولك، ودورك في رفع مستوى الوعي والمعايير عندما يتعلق الأمر بالصحة والنظام الغذائي والتدريب والاستمرارية وأخلاقيات العمل».

يخبرها أنّ زملاءه لاحظوا انضباطه، فلعبُ كرة القدم على أعلى مستوى طوال 20 عاماً ليس أبداً صدفة. «الجينات مهمّة، لكن العوامل الأخرى مهمّة أيضاً. أعتقد أنني ساعدتُ كثيراً من اللاعبين. فنظرتهم للياقة وأسلوب الحياة تشكل اختزالاً لكيفية لعب الكرة».

الصورة التي جمعت الدخيل برونالدو بُعيد المؤتمر الصحافي لالتحاقه بـ«نادي النصر» (حساب الإعلامية)

التحدّيات في السعودية، مشابهة تقريباً لتلك في أوروبا. يشرح مَن يضيف «تويتر» رمز الماعز أمام «هاشتاغ» اسمه، اختصاراً لجملة «الأفضل على مرّ التاريخ»: «الفارق أننا في أوروبا نباشر التدريبات في الفترة الصباحية. هنا، تجري بعد الظهر أو في المساء». خلال رمضان، أستغرب تأجيلها حتى العاشرة ليلاً، إنما الفوارق تُغني تجربته وذاكرته، فيخلُص: «أحبّ عيش تلك اللحظات، فأتعلّم منها ومن الثقافات أيضاً».

تضعه محاورته أمام إحصائية تُسعده: «80 في المائة من سكان المملكة المحلّيين يمارسون لعبة كرة القدم أو يشاهدونها أو يرتادون الملاعب». سُرَّ. وقد لمح إلى حب الكرة، حب الحياة. ذلك يحرّضه على العطاء وشطب الخذلان من بين الاحتمالات.

يفرح بملتحقين بالدوري، سواء أكانوا أسماء عظيمة، أم لاعبين من الشباب ومَن يكبرونهم سناً. «جميعهم مرحّب بهم. وجودهم سيُحسّن الموسم». بالنسبة إليه، العمر ليس بالأمر المهم، فالأهم هي الروح التنافسية، وحدها القادرة على التنبؤ بمستوى اللاعبين الصغار ومستقبلهم.

أمضى وقتاً ممتعاً مع عائلته في «بوليفارد وورد» وتناولوا طعاماً لذيذاً. يشارك تجربته: «الحياة هنا جيدة على مستوى قضاء الوقت والاطلاع على الثقافة وفن الطعام. السعودية جميلة في الليل أيضاً. مدارس الأطفال فيها ممتازة والدولة تبني للمستقبل».

رحلته المقبلة إلى العلا: «رائعة ومتشوّق لزيارتها».


مليونير صيني يتقدم لامتحانات الثانوية العامة... للمرة السابعة والعشرين

رجل الأعمال الصيني ليانغ شي خلال المذاكرة (أ.ف.ب)
رجل الأعمال الصيني ليانغ شي خلال المذاكرة (أ.ف.ب)
TT

مليونير صيني يتقدم لامتحانات الثانوية العامة... للمرة السابعة والعشرين

رجل الأعمال الصيني ليانغ شي خلال المذاكرة (أ.ف.ب)
رجل الأعمال الصيني ليانغ شي خلال المذاكرة (أ.ف.ب)

من بين ملايين الصينيين الذين يتقدمون الأربعاء إلى امتحانات «غاوكاو» المُساوية للثانوية العامة، مليونير في السادسة والخمسين يُدعى ليانغ شي، يجرّب حظه للمرة السابعة والعشرين.

في امتحان الحياة، يستطيع ليانغ شي أن يفخر بما حققه من نجاح، إذ بدأ حياته المهنية بوظيفة متواضعة في مصنع، ثم أسس شركة خاصة لمواد البناء تشهد ازدهاراً في حجم أعمالها.

ولكن في قلب الرجل الخمسيني غصّة لم يمحها الزمن ولا الثروة، تتمثل في إخفاقه في نيل علامة كافية في امتحان القبول في مؤسسات التعليم العالي المعروف بـ«غاوكاو» ليتمكن من الالتحاق بالجامعة المرموقة لمقاطعة سيشوان في جنوب غربي الصين، حيث يعيش.

ويشكّل هذا الامتحان محطة بالغة الأهمية وهدفاً بالنسبة إلى مواطني الدولة الآسيوية العملاقة، وخصوصاً مَن ينتمون منهم إلى فئات اجتماعية متواضعة. فالمنافسة القوية في مجال التعليم في الصين، ومحدودية المقاعد الدراسية في مؤسسات التعليم العالي، إضافة إلى الضغوط القوية من العائلات على أبنائها لمتابعة تحصيلهم، تجعل قبول الطلاب في أفضل الجامعات أمراً شديد الصعوبة، لا يتاح إلا لمن يحصلون على درجات عالية جداً.

ويشكّل الحصول على شهادة من جامعة بارزة جوازاً للارتقاء الاجتماعي، وضمانة تجعل الحصول على وظيفة في شركة مهمة شبه مؤكد.

طلاب يغادرون بعد أداء امتحانات «غاوكاو» المُساوية للثانوية العامة في أول أيامها في مقاطعة جانكشو الصينية (أ.ف.ب)

«لا يستسلم»

ولكي يحظى هذه السنة بفرص النجاح في الامتحانات التي يتقدم إليها 13 مليون مرشح، عاش ليانغ شي منذ أشهر «حياة راهب»، على حدّ وصفه، إذ يستيقظ يومياً عند الفجر، ويغوص في الكتب لمدة 12 ساعة. ويقول: «يحزّ في نفسي أنني لم أتمكن من الالتحاق بالجامعة (...) لأنني كنت حقاً أرغب في ذلك وفي أن أصبح مثقفاً».

وعلى مدى العقود الأربعة الماضية، جرّب حظه 26 مرة، لكن في كل مرة لم تكن الدرجة التي يحصل عليها كافية لتفتح أمامه أبواب الجامعة التي يريدها.

وقصة ليانغ شي مع «غاوكاو» حوّلته نجماً في وسائل الإعلام المحلية. ويقول باعتزاز: «يلقّبونني مرشح (غاوكاو) الذي لا يستسلم».

عندما تقدّم للامتحان للمرة الأولى عام 1983، لم يكن يتجاوز السادسة عشرة. وواظب على الترشح مجدداً لمدة عشر سنوات تقريباً لتحسين درجته، إلى أن صرف النظر عن ذلك عام 1992.

رجل الأعمال الصيني ليانغ شي خلال المذاكرة (أ.ف.ب)

في ذلك الوقت، كانت السلطات تحصر التقدّم لهذه الامتحانات على تلاميذ المدارس الثانوية أو أولئك الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً.

وعندما ألغيَ هذا السقف عام 2001، شعر ليانغ شي بأن فرصة جديدة لاحت له.

- «ماجونغ» مجدداً

خضع ليانغ للامتحان مذّاك 16 مرة، وكل عام منذ 2010. وحتى مرحلة جائحة «كوفيد» التي فُرضت فيها قيود صحية صارمة تُعقّد إجراء الامتحانات، لم تثبط عزيمته.

وتثير قضيته فضول كثر، وتساءل بعض مستخدمي الإنترنت عما إذا كان يفعل ذلك سعياً إلى الشهرة لا غير، أو في إطار عملية إعلانية.

ويردّ ليانغ على ذلك بقوله: «ماذا يمكن أن أستفيد من ذلك؟». ويضيف «لا يمكن أن يتقدّم أي شخص عاقل لامتحانات (غاوكاو) لعقود من أجل تسويق دعائي».

طلاب يغادرون بعد أداء امتحانات «غاوكاو» المُساوية للثانوية العامة في أول أيامها في مقاطعة جانكشو الصينية (أ.ف.ب)

ويقول ليانغ إن حماسته بلغت به حدّ التوقف عن ممارسة هواياته خلال مرحلة استعداده للامتحان، ومنها لعبة «ماجونغ» التقليدية التي تحظى بشعبية كبيرة في الصين.

ويتسبب إصرار ليانغ على المحاولة بعض الإحراج أحياناً لنجله الذي تمكن من النجاح في «غاوكاو» عام 2011. ويشير ليانغ شي إلى أن ابنه «لم يكن في البداية يحبذ» محاولات والده المتكررة، «لكنه لم يعد يأبه الآن».

ويعتزم المرشح الأبدي إعطاء نفسه إجازة للاسترخاء بعد انتهاء الامتحان، بعد كل هذه الأشهر من العمل. ويقول: «سألعب لعبة (ماجونغ) مع أصدقائي لثلاثة أيام وثلاث ليالٍ!».


حكيم جمعة: مشاركتي في «قندهار» خطوة على طريق العالمية

جمعة في لقطة من (قندهار) (انستغرام)
جمعة في لقطة من (قندهار) (انستغرام)
TT

حكيم جمعة: مشاركتي في «قندهار» خطوة على طريق العالمية

جمعة في لقطة من (قندهار) (انستغرام)
جمعة في لقطة من (قندهار) (انستغرام)

قال الفنان السعودي حكيم جمعة، إن فناني المملكة قادرون على إبهار العالم بقدراتهم التمثيلية، لو سنحت الفرصة لهم بالمشاركة في أعمال عالمية. وكشف جمعة، في حديثه مع «الشرق الأوسط»، تفاصيل مشاركته في بطولة الفيلم الأميركي «قندهار»، رفقة الفنان البريطاني جيرارد باتلر، وكواليس مشروعه السينمائي المنتظر «أحلام العصر» مع الفنانة فاطمة البنوي.

وقال جمعة، إنه ذاق الأمرَّين من أجل اقتناص فرصة التمثيل في الفيلم الأميركي «قندهار»، متابعاً: «عانيت كثيراً من أجل تجسيد شخصية (رسول)، فالبداية كانت من خلال رؤيتي لإعلان يطلبون فيه فنانين لتجسيد أدوار صغيرة في فيلم أميركي، فقمت بإرسال فيديو قصير لصناع العمل باللغة الإنجليزية، فتواصلوا معي وطلبوا مني أن يكون المقطع باللغة العربية، ثم طلبوا أن يكون الفيديو باللغة البشتونية».

الفنان السعودي حكيم جمعة اثناء تجسيد شخصية رسول في فيلم قندهار (حسابه على انستغرام)

وكشف الفنان السعودي أن صديقه «أبو أحمد» أحد أصحاب المطاعم الأفغانية في المنطقة التي يعيش فيها كان له دور مهم، في قبوله بالفيلم لمساعدته على ترجمة الفيديو المطلوب من اللغة العربية إلى اللغة البشتونية.

فيلم «قندهار» من بطولة النجم البريطاني جيرارد باتلر، وتوم رايس، وعلي فضل، ونجبان نينا، وإلناز نوروزي، وإخراج: ريك رومان وو، وﺗﺄﻟﻴﻒ: ميتشيل لافروتون.

وتدور أحداثه حول العميل السري بالاستخبارات الأميركية توم هاريس (جيرارد باتلر)، الذي يسافر برفقة مترجمة إلى أفغانستان، من أجل تنفيذ عملية سرية ولكنهما سرعان ما يهربان من القوات الخاصة هناك بقيادة رسول (حكيم جمعة) بعد فضح العملية.

وتطرق حكيم، إلى الصعوبات التي واجهته خلال تجسيد شخصية «رسول»، قائد الوحدة الحمراء بقوات «طالبان» الخاصة في الفيلم الأميركي، متابعاً: «التدريب كان شاقاً للغاية، كان هناك تدريب خاص كل يوم مع فرقة تدريب من دولة بلغاريا على كيفية استخدام الأسلحة والمتفجرات وركوب السيارات الخاصة بالتصوير، ثم أجلس 6 ساعات مع مدقق لغة بشتونية لكي يعلمني مخارج الكلمات وطريقة نطلقها الصحيح، فلا بد من أن تكون هناك دقة متناهية في الحديث باللغة البشتونية، خصوصاً وأن الدور لم يكن صغيراً مثلما كنت متوقعاً، بل وصل عدد ورق الدور خلال التصوير إلى 12 ورقة كاملة».

كما قدم حكيم الشكر لسكان وأهل منطقة العلا السعودية على تشجيعهم له أثناء تصوير مشاهد الفيلم، قائلاً: «أهل وسكان منطقة العلا ساعدوني كثيراً خلال التصوير، وعززوا من مكانتي، حيث كان أغلبية السكان يأتون لموقع التصوير من أجل التقاط الصور التذكارية معي، وهو ما استغربه الفنان العالمي جيرارد باتلر وباقي أبطال العمل، ولكن هؤلاء الفنانين العالمين متواضعون، وخلق هذا الأمر نوعاً من الصداقة بيننا، لدرجة أنني أقول لكل من حولي (أنا دخلت فيلم «قندهار» كواحد من الجمهور لهؤلاء النجوم وخرجت منه وأنا لدي عائلة كبيرة)».

وأشار الفنان إلى أن «خطوته في فيلم (قندهار) هي خطوة أولى نحو العالمية التي يهدف لها، قائلاً: «(قندهار) هي خطوة أولى نحو العالمية وتأكيد على قدرة الفنانين السعوديين على الوصول للعالمية، أنا حالياً متحمس للخطوة القادمة لي، وسأعمل عليها خلال الفترة المقبلة».

الفنان السعودي حكيم جمعة في عرض فيلم ملك الحلبة (إم بي سي)

ولفت حكيم إلى أن الفنانين السعوديين لديهم طاقة إبداعية كبيرة لم تظهر بعد، لانحسارهم في نطاق المحلية والمنطقة الخليجية، متابعاً: «نمتلك نخبة من الفنانين السعوديين المتميزين القادرين على الإبداع في أرجاء العالم كافة، لا سيما وأن السعودية وضعت قدمها على أولى درجات العالمية، نحتاج فقط إلى من يعطينا الفرصة لإثبات تلك الموهبة، وأرى أن الفترة المقبلة ستشهد نجاحاً كبيراً للفنانين السعوديين في حال سنحت لهم الفرصة بذلك».

واختار الفنان السعودي ثلاثة فنانين قادرين على تمثيل السعودية عالمياً لو سنحت لهم الفرصة وهم الفنانة فاطمة البنوي، والفنان إبراهيم الحجاج والفنان يعقوب الفرحان، متابعاً: «اختياراتي للأسماء الثلاثة ليس لكونهم أصدقائي وأساتذة لي، بل لقدرتهم على التلون وتجسيد كل الأدوار التي تعرض عليهم».

وأعرب حكيم جمعة عن سعادته لعرض فيلمه «ملك الحلبة» تجارياً نهاية شهر مايو (آيار) بعد أن كان قد عرض لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي العام الماضي، موضحاً «أنا من كبار المؤيدين لخروج السينما السعودية من إطار تقديم سينما المهرجانات إلى تقديم السينما التجارية، والحمد لله هذه هي المرة الثانية التي يخرج لي فيلم من إطار المهرجانات إلى السينما التجارية بعد أن حدث ذلك من قبل في فيلم (كيان)».

مشيراً إلى أنه يأمل خلال الفترة المقبلة، وخاصة مع الانفتاح الكبير الذي تعيشه السينما السعودية أن يرى أفلاماً جديدة تدور أحداثها في إطار الرومانسية والأكشن والرعب.

وأوضح الفنان السعودي، أنه يصب تركيزه خلال الفترة المقبلة على فيلمه الجديد «أحلام العصر»، الذي يشاركه في بطولته كل من صهيب قدس، ونجم، وفاطمة البنوي، وإسماعيل الحسن، وهو من إخراج فارس قدس، وإنتاج الأخوين قدس؛ فارس وصهيب قدس، وتأليف مشترك بين الأخوين قدس وعمر البحري، وختم حديثة قائلاً: «متحمس للغاية للفيلم، وأركز فيه بروحي ودمي».


حديث أحمد العوضي عن حياته الزوجية يلفت الاهتمام بمصر

العوضي (حساب العوضي على فيسبوك)
العوضي (حساب العوضي على فيسبوك)
TT

حديث أحمد العوضي عن حياته الزوجية يلفت الاهتمام بمصر

العوضي (حساب العوضي على فيسبوك)
العوضي (حساب العوضي على فيسبوك)

لفت حديث الفنان المصري أحمد العوضي، مع الفنانة والإعلامية إسعاد يونس، اهتمام المصريين خلال الساعات الماضية، وتصدرت الحلقة محرك البحث «غوغل»، وموقع التغريدات القصيرة «تويتر» بمصر وعدد من الدول العربية بعد حديثه عن حياته الزوجية مع الفنانة ياسمين عبد العزيز.

روى العوضي خلال حلقته ببرنامج «صاحبة السعادة» عبر فضائية «dmc» ذكريات طفولته قبل احتراف التمثيل وعلاقته بأهله، قائلاً: «أفتخر بنشأتي في منطقة شعبية مثل عين شمس، وأتشرف بأني ابن طبقة متوسطة الحال، وأتذكر أن منزل أسرتي كانت مساحته 60 متراً ، ورغم ذلك لم يحرمني والدي من أي شيء طلبته منه»، موضحاً أنه عانى كثيراً في طفولته بسبب رحيل والدته التي توفيت وهو في سن التاسعة من العمر.

وأشادت إسعاد يونس خلال الحلقة بمواهب وقدرات العوضي التمثيلية، ووصفته بـ«فتوة الغلابة» في العصر الحالي، وذلك بعد أن قدم عبر الشاشة الصغيرة عدة أعمال مهمة منها «ضرب نار»، و«اللي ملوش كبير».

العوضي وزوجته ياسمين عبدالعزيز (حساب العوضي على فيسبوك)

وبسؤاله عن سر تعاونه مع زوجته ياسمين عبد العزيز في أعماله الدرامية الأخيرة، قال: «كل الأعمال التي قدمناها سوياً جاءت بمحض الصدفة، إذ إننا لم نكن مخططين لها مسبقاً، فالسيناريوهات التي كانت تعرض علينا هي سبب تكوين الثنائي الدرامي بيني وبين ياسمين، بالإضافة إلى أن النجاح الكبير الذي حققه مسلسل (اللى ملوش كبير) كان سبباً رئيسياً في نظرة المؤلفين والمخرجين لنا كثنائي ناجح، لذلك عرض علينا مسلسل (ضرب نار)، وحتى الآن لا نعلم إن كنا سنقدم عملاً ثنائياً في رمضان 2024 أم لا».

ووصف الفنان المصري زوجته ياسمين عبد العزيز بـ«الزوجة الذكية»، كاشفاً عن الصعوبات التي قابلتهما في بداية حياتهما الزوجية: «لم تكن بداية حياتنا الزوجية سهلة، لأنني كنت أريد فرض سيطرتي على المنزل لأني عصبي الطباع، لكن مع مرور الوقت تعلمت أن التفاهم وأخذ رأي شريك حياتك هما الأصح، وأن أي زيجة لا بد أن تعتمد على السرية بين الطرفين، وأنه لا يوجد كرامة بين زوجين، وأعتقد أن بعد أول أربع سنوات من حياتي مع ياسمين أصبحنا متفاهمين للغاية».

كما تحدث أحمد العوضي عن حبه الشديد لممارسة الرياضة، ووصفها بأنها «عمود الحياة»، متابعاً: «الرياضة هي أساس الحياة»، وفاجأ الفنان المصري خلال الحلقة الإعلامية إسعاد يونس بحبه الشديد للطعام، وقام تناول كبدة نيئة: «أنا من محبي الطعام، وأحب تناول اللحوم والكبدة، والعكاوي، ليس لدي اقتناع بتناول السوشي عكس زوجتي ياسمين التي تعشقه».

من جانبها، ترى الناقدة ماجدة خير الله أن التفاصيل الحياتية والزوجية للنجوم تجذب بصفة دائمة اهتمام المشاهدين في العالم أجمع، وليس مصر فقط، ضاربة المثل بمحاكمة الفنان جوني ديب وطليقته أمبر هيرد، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «الجمهور لديه فضول كبير لمعرفة كيف يعيش هؤلاء النجوم الذين لا يستطيعون مقابلتهم في حياتهم اليومية، لذلك كان من الطبيعي أن تتصدر حلقة أحمد العوضي في برنامج (صاحبة السعادة) اهتمام المصريين، مثلما تصدرت من قبل أغلب حلقات الحياة الزوجية للمشاهير محركات البحث».

وأعربت عن أمنيتها في ابتعاد العوضي خلال الفترة المقبلة عن تقديم أعمال فنية مشتركة مع زوجته ياسمين عبد العزيز، متابعة: «على أحمد العوضي، أن يختبر موهبته بعيداً عن زوجته، لكي يتعرف على حجم جماهيريته، ومستواه الفني، فلا بد أن تكون لديه الثقة الكاملة التي تجعله قادراً على الظهور كبطل بعيد عن نجومية ياسمين عبد العزيز»، على حد تعبيرها. كما طلبت خير الله من «ياسمين عبد العزيز أن تتوقف عن اختيار أحمد العوضي في أعمالها التي تعرض عليها حتى تكون له الفرصة في إثبات نفسه بعيداً عنها».


بشَّار الجواد لـ«الشرق الأوسط»: مع «يخزي العين» عدت إلى أصولي الجبلية

ينوي تقديم أغنية جبلية جديدة بعد نحو شهر (خاص الفنان)
ينوي تقديم أغنية جبلية جديدة بعد نحو شهر (خاص الفنان)
TT

بشَّار الجواد لـ«الشرق الأوسط»: مع «يخزي العين» عدت إلى أصولي الجبلية

ينوي تقديم أغنية جبلية جديدة بعد نحو شهر (خاص الفنان)
ينوي تقديم أغنية جبلية جديدة بعد نحو شهر (خاص الفنان)

معظم أغنيات الفنان اللبناني بشار الجواد تنضح بالطاقة الإيجابية والتفاؤل. وهو ما يعكس شخصيته النابضة بالحياة والباحثة دائماً عن نثر الفرح من حوله. ومؤخراً أطلق الجواد أغنية بعنوان «يخزي العين» بالتعاون مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» العالمية.

ويعد هذا العمل الغنائي الجديد لبشار الجواد خاصاً بالأعراس وحفلات الزفاف. وهي أغنية إيقاعيّة حماسيّة من كلمات وألحان رامي شلهوب وتوزيع عمر صبّاغ. وأراد من خلالها مشاركة فرحة كل عروسين كي تحمل لهما هذه المناسبة ذكرى مميزة.

مع المخرج إيلي السمعان خلال تصوير «يخزي العين» (خاص الفنان)

وقّع كليب «يخزي العين» المخرج إيلي السمعان وقد حرص على إبراز جرعات فرح كبيرة فيه. فيطل خلاله بشار مفعماً بالحيوية ويرقص الدبكة اللبنانية. ويعلق الجواد لـ«الشرق الأوسط»: «في الحقيقة مع هذه الأغنية عدت إلى أصولي الجنوبية. فأنا ابن هذه المنطقة الغنية بحضارات وتقاليد كثيرة. وقدمت الدبكة من فولكلورنا اللبناني المنتمي لتراثنا الفني».

لهجة كلمات الأغنية جاءت بعلبكية واستعان بفرقة «هياكل بعلبك» الراقصة ليمزج بين منطقتين عريقتين في لبنان. وعن أهمية إطلاق كل فنان أغنية أعراس يجيب: «بالفعل إنها الأغنية الأولى لي في مجال حفلات الزفاف، وأعتبرها عملاً ضرورياً عند كل مغنٍ ليشارك الناس أفراحهم». وما لا يعرفه كثيرون هو أن بشار الجواد شديد الحساسية أمام مشهدية من هذا النوع. ويوضح: «في كل مرة أسمع فيها أهازيج الطبول وتطل العروس على الساحة تدمع عيني تأثراً. لا أعرف السبب الرئيسي لذلك ولكن هذا المشهد يلمسني عن قرب. فبكيت في زفاف أختي وفي حفلات أخرى حضرتها، ورغبت أن أسمع صوتي في الأعراس، وهكذا كان».

الفنان اللبناني بشار الجواد (خاص الفنان)

يروي بشار الجواد قصته مع هذه الأغنية التي ولدت معه بالصدفة: «لقد أسمعني إياها الملحن رامي شلهوب وأنا أقود سيارتي. لم أعلق كثيراً على الموضوع ولكني اكتشفت فيما بعد أن اللحن علق في ذهني. وعندما كنت في رحلة سفر إلى قطر مع المخرج ومدير أعمالي إيلي السمعان أخبرته عنها. وبعدها ولدت (يخزي العين) التي أحببت لحنها كما أحببت كلماتها. فهي تفيض بالحب والفرح والتفاؤل وأنا على يقين بأن ما تقدمه للحياة يعود إليك أضعافاً. أتمنى أن تكون الأغنية هذه فاتحة خير علي وطريقاً جديدة نحو الفرح».

يطل في الأغنية طفل في عمر السبع سنوات تقريباً يرقص الدبكة بخفة وهو يرتدي بزة رسمية سوداء. وتلقائياً يربط مشاهد الكليب بينه وبين بشار لأن شبهاً كبيراً يلاحظ بينهما. يبتسم المغني اللبناني ويقول: «إنه ابن أختي، الذي أحرص على إطلالته معي في معظم أغنياتي».

منذ بدايته حتى اليوم حقق بشار الجواد نجاحات متتالية استهلها مع «تيرارا»، التي حطم فيها أرقام مشاهدة قياسية. ومن بعدها قدم أغنيات متباينة وكأنه يبحث عن الاختلاف.

ينوي بشار الجواد أن يقدم قريباً أغنيات باللهجة الخليجية. وهو يبحث اليوم عما يقتنع به، فاستقراره في السعودية لنحو 12 سنة متتالية دفعه لإتقان اللهجة. «للأغنية الخليجية نكهتها الخاصة، تلامس المشاعر من دون استئذان. كما أن الآلات الموسيقية المستخدمة فيها تقربها من القلب».

يشق طريقه بشار الجواد بثبات ويقول: «جاهز لأي مطب يواجهني وأملك القوة لتجاوزه بلا تردد. أعرف أن مشواري في الفن لن يكون سهلاً ولا مفروشاً بالورود، لكنني اخترته عن قناعة وأنا أحب التحديات».

قريباً يستعد بشار الجواد لإطلاق أغنيتين من النوع الجبلي والشعبي. كما يحضّر لإحياء حفلات عديدة في موسم الصيف تتوزع بين لبنان ودول الخليج العربي وجولة في أميركا.


مسرحية «تشارلي» ملحمة إنسانية بين الخير والشر

فاروق محمد الذي أدى دور تشارلي في طفولته ومروان هشام في دور سدني في لوحة فنية مع والدتهم هنًا (تصوير: عدنان مهدلي)
فاروق محمد الذي أدى دور تشارلي في طفولته ومروان هشام في دور سدني في لوحة فنية مع والدتهم هنًا (تصوير: عدنان مهدلي)
TT

مسرحية «تشارلي» ملحمة إنسانية بين الخير والشر

فاروق محمد الذي أدى دور تشارلي في طفولته ومروان هشام في دور سدني في لوحة فنية مع والدتهم هنًا (تصوير: عدنان مهدلي)
فاروق محمد الذي أدى دور تشارلي في طفولته ومروان هشام في دور سدني في لوحة فنية مع والدتهم هنًا (تصوير: عدنان مهدلي)

بمجرد سماع اسم الفنان العالمي تشارلي تشابلن، تتبادر إلى ذهنك الصورة النمطية للممثل الذي يمسك بالعصا، ويلبس الطاقية السوداء، ويؤدي مشاهده الصامتة مختالاً بمشيته المميزة، وتتوقع عند دخولك مسرحية «تشارلي» أن تضحك على مشاهد كوميدية صامتة، إلا أن المؤلف الدكتور مدحت العدل كسر هذه النمطية التي اعتادت عليها الصورة الذهنية لتشارلي تشابلن، وكتب مسرحيته الموسيقية التي أخرجها أحمد البوهي، ليعرّف المشاهدين قصة الصراع بين الخير والشر، التي عاشها هذا الممثل العبقري، ويزيح الستار عن الشخصيات الأساسية التي أثرت وتأثر بها تشارلي.

ويستعد نجوم مسرحية «تشارلي»، التي أُقيمت أخيراً في مدينة جدة (غرب السعودية) لاستعراض قدراتهم في تقديم المسرحية الموسيقية من نوع برودواي، والمنافسة بها على مسرحي لندن وباريس، بعد النجاح المبهر الذي حققوه في القاهرة والرياض.

مشهد من مسرحية تشارلي المقامة في جدة (تصوير: عدنان مهدلي)

يقول مؤلف المسرحية، الدكتور مدحت العدل، لـ«الشرق الأوسط»: «تحكي المسرحية قصة صعود وكفاح طفل اسمه تشارلي، كانت والدته مغنية، وفي أحد الأيام أصابتها حالة مرضية على المسرح، وصعد ابنها تشارلي الذي كان في عمر 5 سنوات للمسرح ليغني مكانها، ومن هنا بدأت والدته تعلمه الغناء، إلى أن سطع نجمه، وأصبح في عمر 29، أشهر شخصية فنية في لندن والعالم أجمع».

تشارلي، لم يكن مجرد فنان، بل كان فيلسوفاً ومفكراً وصانع سينما تعيش أفلامه حتى الآن بيننا، فهو أول من قدم قضايا مهمة جداً في وقت لم تقدم فيه السينما أي قيمة فنية، حيث قدم شخصية هتلر، ونبه في فيلمه إلى خطورته على العالم، كما قدم في أحد أفلامه تحكّم الآلة بالإنسان، وتوابع ذلك على العمال والمجتمع.

وتكشف فصول مسرحية «تشارلي»، التي لعب دوره بها في طفولته الفنان الصاعد مغني الأوبرا فاروق محمد، تأثره بشخصين كانا الأقرب له في حياته، هما والدته «هَنا» التي علمته الغناء، وكانت تشجعه لدخول الفن وتحقيق حلمه، وتغذيه بالإيجابية، وترى فيه نجماً عالمياً، وأخوه «سيدني» الذي يكبره بأربعة أعوام، وكان في صغره لا يرى فيه شيئاً مميزاً، ويستهزئ بطموحه، إلا أنه أدرك في وقت لاحق موهبة تشارلي، وعزم على الأخذ بيده للصعود على سلم النجومية.

مشهد من لوحة موسيقية افتتاحية في مسرحية تشارلي (تصوير: عدنان مهدلي)

«سيدني» الذي أدى دوره في فترة الطفولة الفنان الصاعد أيضاً مروان هشام، المغني في الأوبرا المصرية، كان يعمل في التمثيل ولكنه تركه ليدير أعمال تشارلي ويساعده في تطويرها، هذه الشخصية التي أداها الممثل عماد إسماعيل، كانت المحرك الروحي لتشابلن، التي يأخذ برأيها ونصيحتها، إلى جانب إدارته كل أعماله.

يقول عماد إسماعيل لـ«الشرق الأوسط»: «شاهدت عديداً من الأفلام التسجيلية لتشارلي تشابلن التي كان موجوداً فيها سيدني، وهذا الأمر ساعدني كثيراً في تأدية الدور، إلى جانب تفاصيل الشخصية التي كتبها الدكتور مدحت العدل، التي أبرزت جوانب تفصيلية عن شخصيته الكوميدية رغم حدتها الظاهرة للعيان، وصبره وكتمانه مشاعره الحزينة التي كان يستبدل بها المرح والتفاؤل، لتظهر في إحدى اللوحات الموسيقية تبوح عمّا بداخله من حزن مكتوم، وذلك بعد أن هاجمه أخوه تشارلي وقال له إنه شخصية لا تعرف الحزن».

«هَنا» والدة تشارلي، التي أفنت عمرها في تربية ابنيها، بعد أن تركهما والدهما وهما طفلان وسط ظروف معيشة واجتماعية صعبة، وجدت في تشارلي الموهبة، وكانت الداعم الأول والوحيد له في طفولته، وبعد وفاتها كانت كلماتها التحفيزية وروحها الحانية تحاوط ابنها تشارلي، لتوقظه من سبات حزنه وتلهمه لطريق النجاح.

المسرحية في مضمونها تحكي قصة صراع تشارلي مع إدغار هوفار، رجل المباحث الفيدرالية الأميركية صاحب النفوذ، الرجل الذي كان خلف كل حالة إحباط يمر بها تشارلي نتيجة المؤامرات التي كان يحيكها له. يقول لـ«الشرق الأوسط» أيمن الشيوي الذي أدى شخصية إدغار: «هذه الشخصية كانت حقيقية، ولأن تشارلي في فترة ما نادى بإنصاف الطبقات الفقيرة العاملة، لم يعجب هذا الأمر الضابط، وأصبح يطارده لإحباط كل نجاح يقوم به، إلا أن نهاية القصة في المسرحية، وفي الحقيقة أيضاً، كانت انتصار خير تشارلي على شر إدغار».

اللوحات الموسيقية في مسرحية «تشارلي» كانت من ألحان إيهاب عبد الواحد، الذي استغرق 8 أشهر لتلحين 21 لوحة موسيقية، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أغاني مسرحية تشارلي ليست أغاني عادية، ولكنها أغانٍ استعراضية، فيها إخراج إلى جانب التلحين. في كل أغنية كنت أبحث مع كاتب العمل الدكتور مدحت العدل، ومع الممثل محمد فهيم الذي أدى دور تشارلي التصور الخاص لكل أغنية، كي أستطيع إخراجها بالشكل الموسيقي المتوافق مع العرض».

اللوحات الموسيقية في مسرحية «تشارلي» مثلت تحدياً حقيقياً للملحن إيهاب عبد الواحد، فكان على حد قوله، إما أن ينجح ويشد انتباه الجمهور ويشعرهم بالمتعة وهم يشاهدون العروض، ويصلهم الشعور المراد إيصاله سواء كان حزناً أم فرحاً من خلال الكلمات واللحن والحركات الاستعراضية، أو أن تخرج الأمور عن المأمول. إلا أن النجاح الذي حققته المسرحية ورأي الجمهور والنقاد، وحماس الجمهور أثناء العرض، أكد لعبد الواحد ولفريق العمل أن اجتهادهم وعملهم جعل المسرحية، حسب رأي كثير من الكتاب والفنانين، عملاً مسرحياً سطر اسمه ضمن قائمة الأعمال الكلاسيكية.

يقول أحمد البوهي، كاتب قصة، ومخرج مسرحية تشارلي تشابلن لـ«الشرق الأوسط»: «لأول مرة يقام في الشرق الأوسط عرض موسيقي من نوع برودواي بهذا الحجم في الإنتاج»، مشيراً إلى أن هذا النوع من المسرحيات يتطلب جهداً كبيراً جداً وإتقاناً ودقة في العمل، وسمات لشخصيات معينة عندهم القدرة على تنفيذ هذا النوع من العروض، وهو ما توفر في الـ60 فناناً الذين قدموا العرض على المسرح، وأيضاً الـ100 شخص الذين أداروا العمل خلف المسرح.


القطب الشمالي قد يصبح بلا جليد بحري صيفاً في أوائل العقد المقبل

تطفو الجبال الجليدية في خليج بافين بالقرب من بيتوفيك في غرينلاند (أ.ف.ب)
تطفو الجبال الجليدية في خليج بافين بالقرب من بيتوفيك في غرينلاند (أ.ف.ب)
TT

القطب الشمالي قد يصبح بلا جليد بحري صيفاً في أوائل العقد المقبل

تطفو الجبال الجليدية في خليج بافين بالقرب من بيتوفيك في غرينلاند (أ.ف.ب)
تطفو الجبال الجليدية في خليج بافين بالقرب من بيتوفيك في غرينلاند (أ.ف.ب)

خلص باحثون في دراسة حديثة إلى أن القطب الشمالي قد يكون خالياً من الجليد البحري في الصيف في بدايات العقد المقبل، أي في وقت أقرب بكثير مما كان متوقعاً في السابق، حتى في ظل سيناريو لانبعاثات منخفضة من غازات الدفيئة.

وقد استخدم العلماء المقيمون في كوريا الجنوبية وكندا وألمانيا، بيانات الرصد من الأعوام 1979 إلى 2019، لإجراء عمليات محاكاة جديدة. وخلصوا في بحثهم الذي نشرت نتائجه مجلة «نيتشر كومونيكيشنز» الثلاثاء، إلى أن «النتائج تشير إلى أن أول سبتمبر (أيلول) من دون جليد بحري سيحلّ في وقت مبكر بين الأعوام 2030 إلى 2050، مهما كانت سيناريوهات الانبعاثات».

عندما يتحدث الخبراء عن عدم وجود جليد، فهذا يعني مساحة تقل عن مليون كيلومتر مربع، لأنه قد يبقى هناك جليد على طول السواحل. ويمتد المحيط المتجمد الشمالي على مساحة تقرب من 14 مليون كيلومتر مربع يغطيها الجليد معظم فترات العام.

ويُعرف أن سبتمبر هو الشهر الذي يصل فيه الجليد عادة إلى الحد الأدنى السنوي.

ويشير الباحث في جامعتي بوهانغ ويونسي الكوريتين الجنوبيتين سونغ كي مين، المشارك في إعداد الدراسة، إلى أن الموعد المتوقع «سيكون قبل عقد تقريباً من التوقعات الأخيرة الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ»، أي الخبراء المناخيون المفوضون من الأمم المتحدة.

يعتقد الباحثون أيضاً أن انحسار هذا الجليد يمكن أن يُعزى بشكل أساسي إلى انبعاثات غازات الدفيئة، فيما عوامل أخرى (بينها الهباء الجوي، والنشاط الشمسي والبركاني) لها أهمية أقل بكثير.

يتكون الجليد البحري من المياه المالحة على سطح المحيط، والذي تجمد تحت تأثير البرد. ولا يتسبب ذوبانه بشكل مباشر في ارتفاع مستوى المحيطات (على عكس مستوى الغطاء الجليدي والأنهار الجليدية)، ولكن مع ذلك له عواقب وخيمة.

في الواقع، يؤدي هذا الجليد دوراً مهماً جداً في الصيف، من خلال إعادة عكس أشعة الشمس، ما يجعل من الممكن تبريد القطب الشمالي. لكنّ هذه المرآة العاكسة تتقلص سريعاً، وبالتالي فإن القطب الشمالي يسخن بشكل أسرع بكثير من المناطق الأخرى.

يشير سونغ كي مين إلى أن اختفاء الجليد «سيسرّع من الاحترار في القطب الشمالي، ما قد يزيد الظواهر الجوية المتطرفة في المناطق الواقعة عند خطوط العرض الوسطى، مثل موجات الحرارة وحرائق الغابات».

ويضيف الباحث: «يمكن لذلك أيضاً تسريع الاحترار، من خلال ذوبان التربة الصقيعية، وكذلك قد يسهم في ارتفاع مستوى سطح البحر عن طريق ذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند».

ويقول ديرك نوتس من جامعة هامبورغ، وهو مشارك آخر في الدراسة، إن «هذا سيكون أول عنصر رئيسي نخسره في نظامنا المناخي من خلال انبعاثات غازات الدفيئة».

ويأسف لكون «العلماء يحذرون من هذا الزوال منذ عقود، ومن المحزن أن نرى أن هذه التحذيرات في الغالب لم تلقَ آذاناً مصغية».

ويأمل نوتس أن يهتم صناع القرار بنتائج الباحثين «حتى نتمكن على الأقل من حماية المكونات الأخرى لنظامنا المناخي، والحد من الاحترار المستقبلي قدر الإمكان».


واشنطن تتهم الموسيقي البريطاني روجر ووترز بـ«معاداة السامية»

روجر ووترز خلال حفلة قدمها في لوس أنجليس عام 2022 (رويترز)
روجر ووترز خلال حفلة قدمها في لوس أنجليس عام 2022 (رويترز)
TT

واشنطن تتهم الموسيقي البريطاني روجر ووترز بـ«معاداة السامية»

روجر ووترز خلال حفلة قدمها في لوس أنجليس عام 2022 (رويترز)
روجر ووترز خلال حفلة قدمها في لوس أنجليس عام 2022 (رويترز)

انضمت واشنطن إلى الاتهامات بمعاداة السامية المساقة إلى عضو فرقة «بينك فلويد» السابق روجر ووترز، الذي ارتدى زياً يذكّر بملابس ضباط قوات الأمن الخاصة النازية خلال حفلة موسيقية الشهر الماضي في العاصمة الألمانية برلين.

وكانت شرطة برلين أعلنت أواخر مايو (أيار) فتح تحقيق إثر تلقيها شكاوى، «للاشتباه في التحريض على الكراهية بسبب أزياء يتم ارتداؤها على خشبة المسرح من شأنها أن تمجد أو تبرر النظام الاشتراكي الوطني (النازي) وتعكّر صفو النظام العام»، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي صور انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر المغني البريطاني خلال الحفلة مرتدياً معطفاً أسود طويلاً عليه رمز يذكّر بالصليب المعقوف (شعار النازية) وشارات حمراء.

وأشارت وسائل إعلام إلى كتابات مدوّنة بأحرف حمراء على شاشة أثناء الحفلة، لاسمَي آن فرانك، الفتاة اليهودية الألمانية التي كتبت يوميات اختبائها في أمستردام خوفاً من الاضطهاد النازي خلال الحرب العالمية الثانية، وشيرين أبو عاقلة، المراسلة الفلسطينية التي قُتلت أثناء تغطيتها عملية إسرائيلية لحساب قناة «الجزيرة» في مايو (أيار) 2022.

واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أن الحفلة التي قدّمها روجر ووترز «احتوت على رموز مسيئة بشدة للشعب اليهودي وقللت من (خطورة) الهولوكوست». وأضافت في بيان صدر أمس الثلاثاء: «هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الفنان المعني مواد معادية للسامية لتشويه سمعة اليهود».

وقد اتخذ روجر ووترز البالغ 79 عاماً، في السنوات الأخيرة مواقف جدلية، لا سيما بشأن الحرب في أوكرانيا. وهو يؤيّد إجراءات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية باسم الدفاع عن القضية الفلسطينية.

واتهم المغني والملحن البريطاني منتقديه بـ«سوء النية». وردّ في رسالة نشرها أواخر الشهر الفائت عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الاتهامات الموجهة إليه قائلاً إنّ «جوانب الحفلة التي أثارت تساؤلات هي بوضوح رسالة ضد الفاشية والظلم والتعصب بكل أشكاله»، وأي محاولة لمقاربتها من منظور آخر تكون «غير نزيهة».

وأثار ووترز الجدل أخيراً بتأكيده أنه «ليس صحيحاً أن الغزو الروسي لأوكرانيا حصل من دون استفزاز».

جدير بالذكر أن «بينك فلويد» حققت شهرة واسعة على مدى أربعة عقود، وكانت أبرز مساهمات ووترز - الملحن وعازف الغيتار باص والمغني أحياناً - في ألبوم «الجدار» (1979) الذي حوله المخرج البريطاني آلن باركر إلى فيلم سينمائي عام 1982، والذي يتناول إلى حد كبير حياة ووترز الذي فقد أباه في معركة أنزيو بإيطاليا عام 1944.


في ألمانيا... أموال للسجناء لإنفاقها على الدراسة

السجناء يتعلمون عبر الجامعة الحكومية الوحيدة في ألمانيا التي تنظم دراسات عن بُعد (د.ب.أ)
السجناء يتعلمون عبر الجامعة الحكومية الوحيدة في ألمانيا التي تنظم دراسات عن بُعد (د.ب.أ)
TT

في ألمانيا... أموال للسجناء لإنفاقها على الدراسة

السجناء يتعلمون عبر الجامعة الحكومية الوحيدة في ألمانيا التي تنظم دراسات عن بُعد (د.ب.أ)
السجناء يتعلمون عبر الجامعة الحكومية الوحيدة في ألمانيا التي تنظم دراسات عن بُعد (د.ب.أ)

في محاولة لدمج السجناء في المجتمع على المدى الطويل، تسمح السجون الألمانية للنزلاء بالدراسة الجامعية وتعطيهم أموالاً لإنفاقها على الدراسة.

ويدرس السجناء من خلال الجامعة الحكومية الوحيدة التي تنظم دراسات عن بُعد، والكائنة في مدينة هاغن، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وهم يقسمون وقتهم بين أداء بعض المهام في السجن صباحاً، وبين الاستماع إلى المحاضرات في وقت لاحق خلال اليوم.

والمكان الذي يدرسون فيه يطلقون عليه اسم قاعة المحاضرات، وكان زنزانة ولكنها أصبحت غرفة مزودة بثمانية أجهزة كومبيوتر، ويتوجه الطلاب إليها للبحث عن المراجع، وكتابة المقالات والاستماع إلى المحاضرات عبر الإنترنت.

وتتاح للطلاب إمكانية التنقل بحرية، بين غرفة الاحتجاز وقاعة المحاضرات والمطبخ المشترك، في منطقة الردهة حتى الساعة الثامنة والنصف مساءً.

ولكنّ وجه الاختلاف بين قاعة المحاضرات وبين أي جامعة عادية، هو وجود القضبان أينما توجّه نظرك، ولا يمكن لأي طالب أن يحمل معه مفتاحاً إذا تجاوز منطقة الدراسة.

والقاسم المشترك بين الطلاب السجناء والطلاب العاديين هو أنهم جميعاً لديهم إمكانية القراءة والدراسة ودخول الامتحانات، ولكنهم ينفصلون عن زملائهم بجدران سميكة ولفّات من الأسوار الشائكة، ولا تكاد تتاح لهم فرصة للتواصل معهم.

ولا يزال الطلاب السجناء لا يعامَلون كطلاب عاديين، حيث إن سلطات السجن تراقب رسائلهم الإلكترونية، كما أنهم ليست لديهم الحرية في الدخول إلى المواقع الإلكترونية، لأن أجهزة الكومبيوتر التي يستخدمونها، مسجل عليها بضعة برامج فقط.

وهناك مدرسون يساعدون السجناء في إجراءات التسجيل للدراسة الجامعية، وتنظيم جداول المحاضرات والامتحانات. كما أنهم يحصلون على إعانة مالية لمواصلة الدراسة.