الرئيس الروسي ينفي تشكيل «تحالف عسكري» مع الصين

أكد أن الأمر يقتصر على تعاون وتطوير تدريبات مشتركة

بوتين وشي خلال قمتهما في موسكو في 21 مارس (رويترز)
بوتين وشي خلال قمتهما في موسكو في 21 مارس (رويترز)
TT
20

الرئيس الروسي ينفي تشكيل «تحالف عسكري» مع الصين

بوتين وشي خلال قمتهما في موسكو في 21 مارس (رويترز)
بوتين وشي خلال قمتهما في موسكو في 21 مارس (رويترز)

نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الأحد، وجود تحالف عسكري مع الصين، وأكد أن علاقات روسيا مع بكين تقتصر على التعاون فقط.
وقال بوتين، في مقابلة مع قناة «روسيا 24» التلفزيونية، إن روسيا والصين تعملان على تطوير التعاون، بما في ذلك على المسار العسكري، لكنه أكد أن هذا «ليس تحالفاً عسكرياً»، وفق وكالة أنباء «تاس» الروسية. وأضاف بوتين، عندما سئل ما إذا كان التعاون بين موسكو وبكين يشكل تهديداً للغرب «هذا غير صحيح على الإطلاق».
وقال بوتين: «نحن لا ننشئ أي تحالف عسكري مع الصين. نعم نتعاون أيضا على مسار التعاون الفني العسكري ولا نخفيه، لكنه يتسم بالشفافية، ولا يوجد شيء سري هناك». وأضاف بوتين أن موسكو تعمل أيضا على تطوير التعاون العسكري مع بكين، بما في ذلك التدريبات المشتركة.
وقال بوتين: «بالمناسبة، ليس فقط مع الصين، ولكن مع دول أخرى أيضا. نواصل ذلك الآن، على الرغم من التطورات في دونباس وزابوريجيا وخيرسون. كل شيء يتسم بالشفافية، لكنه ليس تحالفاً عسكرياً».
من ناحية أخرى، أشار الرئيس الروسي إلى أن المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي «الناتو» يقول صراحة إنه يخطط لتطوير العلاقات مع دول آسيا - المحيط الهادي ويخطط لإنشاء «ناتو» عالمي. وقال بوتين إن فكرة إنشاء «الناتو العالمي» بمشاركة دول آسيا والمحيط الهادي تشبه التحالف العسكري لقوى المحور خلال الحرب العالمية الثانية. وأضاف بوتين «ماذا تفعل الولايات المتحدة؟ إنهم ينشئون المزيد والمزيد من التحالفات. وهذا يعطي أسبابا للمحللين السياسيين الغربيين ليقولوا إن الغرب يبني (محاور) جديدة». ورأى بوتين أن «المحللين الغربيين، وليس نحن، هم الذين يقولون إن الغرب بدأ في بناء محور جديد شبيه بالمحور الذي أنشأته في الثلاثينات الأنظمة الفاشية في ألمانيا وإيطاليا واليابان ذات النزعة العسكرية».
وساعدت القمة الأخيرة بين الرئيسين بوتين وشي، في موسكو، في إعطاء انطباع بوجود جبهة موحدة ضد الولايات المتحدة، إلا أن التوترات الكامنة كانت أيضا واضحة. وحول النتائج التي حققتها القمة لكل من الجانبين قال توماس غراهام الخبير بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي ومستشار شؤون روسيا السابق بمجلس الأمن القومي الأميركي، في تحليل نشره مجلس العلاقات الخارجية، إنه من خلال فخامة الزيارة الرسمية، سلط الرئيسان بوتين وشي الضوء على تحالفهما الاستراتيجي المتنامي، والذي يستهدف قلب النظام الدولي القائم على القواعد الذي تقوده الولايات المتحدة، لصالح عالم متعدد الأقطاب. ورغم أن القمة أظهرت بوضوح الجانب الرمزي لها دون تحقيق نتائج ملموسة، فقد حققت أهداف كل من الرئيسين. وأشار غراهام إلى أن بوتين رحب بإظهار أن روسيا ليست معزولة ولا يمكن عزلها عن العالم، وهي تعزز العلاقات مع إحدى القوتين العظميين في العالم.
ومن خلال عرض العلاقات التجارية المزدهرة والكشف عن خطط لتوسيعها، أكد بوتين الثقة في أن روسيا يمكن أن تظل صامدة في مواجهة العقوبات الغربية الصارمة.
من ناحية أخرى، أكد قرار شي باختيار موسكو لتكون وجهة أول زيارة خارجية يقوم بها في ولايته الثالثة كرئيس للصين التزامه القوي إزاء روسيا وبوتين بشكل شخصي، فقد استغل القمة لتأكيد عزم الصين على تحقيق مصالحها الوطنية في تحد للضغوط الأميركية الاقتصادية والدبلوماسية المتصاعدة، موضحاً أن الصين لن تتخلى عن شريكها الاستراتيجي في مواجهة ادعاءات الولايات المتحدة بأنها تقود العالم. وقد كانت هذه رسالة حاسمة لجمهوره الداخلي الذي يزداد قومية، وكذلك لمنطقة الجنوب العالمي، حيث يواجه النظام الليبرالي بقيادة الولايات المتحدة ضغوطا.
ورأى غراهام أن شي أوضح ببراعة أن الصين هي الشريك المهيمن. ولم يكن أمام بوتين خيار سوى قبول مقترح شي بأن تستخدم روسيا اليوان بدلا من الروبل، في التجارة مع الجنوب العالمي لتقليص دور الدولار الأميركي في التجارة العالمية. كما أعرب شي طواعية عن دعمه لإعادة انتخاب بوتين في عام 2024 رغم أن الرئيس الروسي لم يعلن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية.
وخلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقد في نهاية القمة، كان شي متحفظا في وصف العلاقات الثنائية أكثر من بوتين، الذي كان حريصا على تحديد كل المجالات التي تعتزم فيها الدولتان تعزيز التعاون في الأعوام المقبلة. وقد ترك هذا انطباعا واضحا أن روسيا تحتاج الصين أكثر مما تحتاج الصين روسيا.
وفيما يتعلق بتأثير القمة على الحرب في أوكرانيا، اعتبر غراهام أنه لا شيء في القمة أظهر أن ديناميكية الحرب قد تتغير. وكما كان متوقعا، استمرت بكين في تقديم دعم دبلوماسي قوي لموسكو، وكررت الرواية الروسية التي ترى أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) هو السبب في الصراع. وعلى الرغم من مخاوف واشنطن، لم يقدم شي أي دليل على أن الصين مستعدة لتزويد روسيا بدعم عسكري فتاك قد يحسن بشكل جذري فرص روسيا على أرض المعركة. وأشار بوتين إلى أن خطة السلام التي تتألف من 12 نقطة التي طرحتها الصين مؤخرا يمكن أن تكون أساسا للمفاوضات، إلا أنه لم يقترح بوتين أو شي أي خطوات عملية يمكن أن تعطي أهمية فعلية لقائمة من الكلمات المهدئة حول احترام السيادة وتجنب التصعيد، والبحث عن حل دبلوماسي للصراع.
وقال غراهام إن حقيقة الأمر هي أن الصين تستفيد من الجمود العسكري، حيث إن عدوان روسيا يصرف انتباه الولايات المتحدة ومواردها عن منطقة المحيطين الهندي والهادي، بينما تجبر العقوبات الغربية روسيا على اللجوء إلى الصين كشريان حياة اقتصادي لها. وتستغل الصين مأزق روسيا للحصول على الموارد الطبيعية المهمة، خصوصاً النفط والغاز بأسعار مخفضة.
ووفقاً لهذه الحسابات، قدم شي لبوتين دعماً معنوياً ومادياً كافياً لكي يتمكن من مواصلة القتال، لكنه أقل كثيراً مما يلزم لمنح روسيا الأفضلية. في الوقت نفسه، واصل الصينيون العمل على إبرام صفقات تجارية صعبة. والجدير بالملاحظة أنه لم يتم الإعلان عن أي اتفاق لبناء خط أنابيب غاز «قوة سيبيريا» ثان، الذي وصفه بوتين بأنه «صفقة القرن». وبدلا من ذلك، تمت الإشارة ببساطة إلى أن هناك حاجة إلى التفاوض على مزيد من التفاصيل، حيث تستكشف الصين البدائل.
وفيما يتعلق بالتوترات القديمة أو الكامنة بين الصين وروسيا، وتأثير قمة بوتين وشي على هذه التوترات، أشار غراهام إلى أنه باستثناء فترة وجيزة بعد سيطرة الشيوعيين على الصين في عام 1949، كان كل من روسيا والصين خصمين وليسا شريكين، وحتى نهاية الحرب الباردة، كانت روسيا إلى حد بعيد القوة العظمى.


مقالات ذات صلة

فرنسا: لا نفهم سبب إلقاء ترمب اللوم على أوكرانيا في الحرب

العالم المرشح الرئاسي الجمهوري حينها دونالد ترمب ورئيس أوكرانيا فولوديمير زيلنسكي خلال لقاء في برج ترمب في مدينة نيويورك... الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2024 (رويترز)

فرنسا: لا نفهم سبب إلقاء ترمب اللوم على أوكرانيا في الحرب

قالت متحدثة باسم الحكومة الفرنسية، اليوم (الأربعاء)، إن بلادها لا تفهم سبب إلقاء ترمب اللوم على أوكرانيا في الحرب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم خلال الاجتماع الدبوماسي الأميركي الروسي رفيع المستوى برعاية سعودية في قصر الدرعية في العاصمة السعودية الرياض، 18 فبراير 2025 (أ.ف.ب) play-circle 01:10

بوتين يصف نتائج اجتماع الرياض بأنها «إيجابية»

وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نتائج اجتماع بين روسيا وأميركا بمبادرة سعودية بأنها «إيجابية».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ب)

لافروف يشيد بتصريحات ترمب حول أوكرانيا

أشاد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأربعاء بالرئيس الأميركي دونالد ترمب لإلقائه اللوم في النزاع الأوكراني على التحركات الرامية إلى ضم كييف لحلف الناتو

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك (أ.ب)

زيلينسكي يريد «إنهاء» الحرب مع روسيا خلال عام 2025

أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم، رغبته في الحصول على «ضمانات أمنية» من قبل حلفائه الغربيين تتيح «إنهاء» الحرب مع روسيا خلال السنة الحالية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الخليج  ولي العهد السعودي لدى اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي في الرياض أمس (واس)

«لقاء الدرعية» ينهي القطيعة الأميركية ــ الروسية

‏أنهى اللقاء الذي عقد في الدرعية شمال غربي العاصمة السعودية الرياض، أمس (الثلاثاء)، بين وفدين رفيعين أميركي وروسي، برعاية من ولي العهد السعودي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

فرنسا: لا نفهم سبب إلقاء ترمب اللوم على أوكرانيا في الحرب

المرشح الرئاسي الجمهوري حينها دونالد ترمب ورئيس أوكرانيا فولوديمير زيلنسكي خلال لقاء في برج ترمب في مدينة نيويورك... الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2024 (رويترز)
المرشح الرئاسي الجمهوري حينها دونالد ترمب ورئيس أوكرانيا فولوديمير زيلنسكي خلال لقاء في برج ترمب في مدينة نيويورك... الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2024 (رويترز)
TT
20

فرنسا: لا نفهم سبب إلقاء ترمب اللوم على أوكرانيا في الحرب

المرشح الرئاسي الجمهوري حينها دونالد ترمب ورئيس أوكرانيا فولوديمير زيلنسكي خلال لقاء في برج ترمب في مدينة نيويورك... الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2024 (رويترز)
المرشح الرئاسي الجمهوري حينها دونالد ترمب ورئيس أوكرانيا فولوديمير زيلنسكي خلال لقاء في برج ترمب في مدينة نيويورك... الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2024 (رويترز)

قالت متحدثة باسم الحكومة الفرنسية، اليوم (الأربعاء)، إن بلادها لا تفهم لماذا أشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى أن نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هو المسؤول عن غزو روسيا لبلده والحرب الناتجة عن ذلك.

وأضافت المتحدثة صوفي بريما في تصريحات للصحافيين: «لا نفهم المنطق جيدا... من التعليقات المتنوعة والمتباينة وغير المفهومة في كثير من الأحيان التي يدلي بها الرئيس ترمب».

وذكرت أن ترمب أدلى ببعض التعليقات بشأن أوكرانيا خلال الأيام القليلة الماضية دون التشاور مع حلفائه الأوروبيين.

وقال ترمب في تصريحات للصحافيين، أمس الثلاثاء، عن أوكرانيا: «لقد كنتم موجودين لثلاث سنوات، وكان يجب عليكم إنهاء الأمر... كان يجب ألا تبدأوه مطلقا. كان بإمكانكم إبرام اتفاق».