ساشا دحدوح لـ «الشرق الأوسط»: حسي الإعلامي علّمني الحذر

تطلّ في «النار بالنار» و«للموت 3» بموسم رمضان

قدمت في «دهب بنت الأوتيل» شخصية المرأة الصلبة (الشرق الأوسط) - ستتابع دحدوح أعمالها الرمضانية إضافة إلى «الزند» و«وأخيراً» (الشرق الأوسط)
قدمت في «دهب بنت الأوتيل» شخصية المرأة الصلبة (الشرق الأوسط) - ستتابع دحدوح أعمالها الرمضانية إضافة إلى «الزند» و«وأخيراً» (الشرق الأوسط)
TT

ساشا دحدوح لـ «الشرق الأوسط»: حسي الإعلامي علّمني الحذر

قدمت في «دهب بنت الأوتيل» شخصية المرأة الصلبة (الشرق الأوسط) - ستتابع دحدوح أعمالها الرمضانية إضافة إلى «الزند» و«وأخيراً» (الشرق الأوسط)
قدمت في «دهب بنت الأوتيل» شخصية المرأة الصلبة (الشرق الأوسط) - ستتابع دحدوح أعمالها الرمضانية إضافة إلى «الزند» و«وأخيراً» (الشرق الأوسط)

تسير الممثلة اللبنانية ساشا دحدوح بخطوات ثابتة في مشوارها التمثيلي. فتأتي خياراتها دقيقة وبعيدة عن التكرار. أخيراً تابعها المشاهد العربي في «دهب بنت الأوتيل». فلفتت متابعها بأدائها المحترف كامرأة تمت خيانتها. فتحاول استعادة شريك حياتها بشتى الطرق.
وفي موسم رمضان تشارك في عملين رمضانيين وهما «للموت 3» و«النار بالنار». وتؤدي أيضاً فيهما شخصيتين مختلفتين عن دورها في مسلسل «دهب بنت الأوتيل».
وتشير دحدوح إلى أن هذه الدِقة في خياراتها ترتبط ارتباطاً مباشراً بشخصيتها. فهي تتأنى في أي شيء تقوم به وتدرسه حتى الاقتناع به. «ما يهمني أولاً أن أرضي نفسي فلا أقدم على خطوة ناقصة». وترى أن الفرص التي حازت عليها أسهمت في إبراز هذا الخط في مشوارها. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «هي نعمة من رب العالمين أن يتم تقديرك من قبل الأشخاص الذين تتعاملين معهم. وهو ما صادفته في مشواري. فبعضهم قد يجتهدون ولكنهم لا يُقدّرون فيذهب جهدهم سدى».
لا تزال حتى اليوم تتعلم ساشا الدروس من كل تجربة جديدة تعيشها، كما تقول. فهي ليست مستعجلة للوصول إلى القمة بقدر ما هي مستمتعة بما تحققه. «أنا سعيدة وأكتشف طاقاتي التمثيلية الواحدة تلو الأخرى. وهو ما يحفزني على السير قدماً وبحماس كبير».
وعن شخصياتها الثلاث التي تجسدها في مسلسلاتها الأخيرة، تقول: «لكل واحدة خطها الخاص بها، فلا تشابه بينها. في (دهب) قدمت دور المرأة القوية التي رغم تعرضها للخيانة من أقرب الناس إليها لم تفقد صلابتها. وفي (للموت 3) ورغم أن مساحة دوري بشخصية (رُلى) هي صغيرة ولكنها محورية، تقدم على الانتقام ممن تسبب لها بالأذية. وفي (النار بالنار) بشخصية (قمر) ستفعل المستحيل للحفاظ على عائلتها فينتصر الحب في النهاية».
ويعدّ مسلسل «النار بالنار» الذي تعرضه شاشة «إل بي سي آي» في موسم رمضان من الأعمال الدرامية المنتظرة. فموضوعه يتناول واقعاً دقيقاً يعيشه اللبنانيون مع النازحين السوريين. وتوضح دحدوح: «بالفعل موضوعه شائك وحساس جداً، ولم يسبق أن تم تناوله من قبل. وبرأي سيحقق هذا العمل نقلة بالدراما العربية، خصوصاً أنه يتضمن عناصر فنية مختلفة من ممثلين ونص ومخرج. فالمعادلة الدرامية الكاملة تحضر فيه، وقصته تشبه واقعنا وما يجري على الأرض. فتخاطب الناس بلسان حالهم، لأن الطرح للموضوع جاء محبوكاً بأسلوب ذكي وممتع وبقالب جديد».
«النار بالنار» وهو من كتابة رامي كوسا، وإخراج محمد عبد العزيز الذي تستغنم الفرصة للتحدث عن تعاونها معه لـ«الشرق الأوسط»: «لن أخفي عليك المسؤولية التي شعرت بها عندما علمت أنه من سيوقع إخراج هذا العمل. أحسست بالرهبة من تعاوني مع شخص يتمتع بقيمة فنية لا يستهان بها. ولكن ومنذ لقائي الأول معه استطاع أن يريحني، لأنه فنان محترف من الطراز الرفيع. وبشهادة جميع الذين تعاونوا معه، فهو يملك الحس التوجيهي للممثل، بحيث يأخذ الدور إلى آفاق واسعة».
وبالعودة إلى «للموت 3» الذي تعرضه شاشة «إم تي في» اللبنانية في رمضان، فهي تابعت الجزأين الأول والثاني منه، وكانت متحمسة لمشاركتها فيه، وتعلق: «المشاركة في عمل استطاع الوصول إلى العالمية كان أمراً مثيراً بحد ذاته. هذا العمل نجح بتفوق وتابعه الناس من دون أن يشعروا بالملل، ودوري فيه سيشكل نقلة نوعية، وقد يصدم الجمهور. وهنا لا بد من الإشادة بتعاوني مع المخرج فيليب أسمر الذي كنت أتوق للتعامل معه درامياً، كما أن كاتبته نادين جابر ترفع لها القبعة لقلمها الشيق الذي لا يمر مرور الكرام».
راضية ساشا دحدوح عن كل ما حققته حتى اليوم في عالم التمثيل. فهي تفتخر كونها تعاونت مع أسماء كبيرة في الدراما العربية من ممثلين وكتاب ومخرجين. «عرفت كيف أستغل هذه الفرص وحفرتها في ذاكرتي كي يبقى تأثيرها الإيجابي علي. فكل ما يهمني في عملي هو الاجتهاد والمثابرة لعمل الأفضل. لا أهتم بالأضواء ولا بالثرثرات التي تشوب الساحة ككل، فأبقي نفسي بعيدة عن كل سلبياتها. هذه هي طبيعتي منذ كنت إعلامية، أركز فقط على عملي ولا أتلهى بالهوامش».
وتوضح أنها لا تحتك كثيراً بأهل الفن، ونظام حياتها يرتكز على إنجاز العمل والعودة إلى البيت، هكذا تشعر بالراحة وبالطمأنينة.
وعما إذا حسّها الإعلامي لعب دوراً في توخيها الحذر من الساحة الفنية، ترد: «تجربتي الإعلامية ساعدتني كثيراً في مشواري التمثيلي من دون شك. فتعلمت منها الدروس التي استفدت منها بنواح عدة. كما أني لم أدخل على مجال أجهله، إذ إن غالبية النجوم من أهل الفن استضفتهم وحاورتهم في برامجي التلفزيونية».
ترسم ساشا خطوط الشخصيات التي تجسدها مستعينة بماضيها، فتركن دائماً إلى تاريخها وما عانت منه منذ الطفولة. «كل هذه التفاصيل تخدم الممثل كي يلبس الدور ويقنع المشاهد. وأحب أن أتعب في تحضيري للدور فأشعر بأنه لن يصيب الهدف إذا ما غاب هذا الجهد. أبحث في كل تفصيل مهما كان صغيراً حتى في الحقيبة التي ترتديها الشخصية، وأطلع على مراحل حياتها كيف تربت ومما انحرمت. تحليلي للشخصية يزودني بقوة التحكم بها».
في موسم رمضان تنافس ساشا نفسها بنفسها من خلال دورين تؤديهما في عملين يعرضان على شاشتين محليتين «إم تي في» و«إل بي سي آي». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «هو نوع من التحدي سأخوضه مع نفسي في هذا الشهر الكريم. هذه اللعبة التي تتبعينها بينك وبين نفسك تخولك الاطلاع على قدراتك. وهنا لا بد أن أذكر المدرب الدرامي بوب مكرزل الذي تعاونت معه على تشرب الشخصية التي أمثلها. والجميل في الموضوع هو أن المشاهد لن يضيع بين شخصية وأخرى فهما مختلفتان، لا تجمعهما لغة الجسد ولا بيئتهما، ولا أي شيء آخر».
ومع الممثل طارق تميم الذي يسجل عودته إلى المجال الدرامي في «النار بالنار» ستقدم معه ثنائياً متناغماً، كما ذكرت. وستتابع ساشا في رمضان إضافة إلى أعمالها أخرى من إنتاج شركة الصبّاح كـ«الزند» لتيم حسن و«وأخيراً». وتضيف: «أتمنى أن تلاقي هذه الأعمال الصدى الطيب عند المشاهد. وأتمنى أن أحصد نتاج ما بذلته لتقديم هاتين الشخصيتين».
وعما إذا هي تخلع شخصياتها عنها عندما تنتهي من أدائها ترد: «أنساها تماماً خارج موقع التصوير، لأنها تسكني وأنا أجسدها. ولذلك تريني أنعزل عن الآخرين وأحضّر بجدية كبيرة، كي أحافظ على خط كل شخصية، فأعيش أحاسيسها في لحظتها وعندما أنتهي من تصويرها أعود ساشا دحدوح بحياتها الطبيعية».


مقالات ذات صلة

ساندي لـ «الشرق الأوسط»: أتطلع لتكرار تجربة الغناء الخليجي

الوتر السادس ساندي لـ «الشرق الأوسط»: أتطلع لتكرار تجربة الغناء الخليجي

ساندي لـ «الشرق الأوسط»: أتطلع لتكرار تجربة الغناء الخليجي

تعود الفنانة المصرية ساندي لعالم التمثيل بعد غياب دام 9 سنوات من خلال فيلم «تاج»، وقالت ساندي إنها تحمست للعودة مجدداً للتمثيل من خلال تقديم فيلم عن «أول سوبر هيرو عربي» والذي يقوم ببطولته الفنان المصري تامر حسني. وأوضحت ساندي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنها لم «تكن تتوقع أن تُعرض عليها هذه الشخصية»، مشيرة إلى أنها «ستغنّي إلى جانب التمثيل بالفيلم، وكشفت الفنانة المصرية عن تطلعها لطرح أغنية خليجية في الفترة المقبلة، إلى جانب اهتمامها بمشروعها التجاري المعنيّ بالديكور والتصميمات». وقالت ساندي «تامر حسني فنان شامل ويتمتع بشعبية كبيرة، وله أسلوب خاص ومميز في العمل وأعماله تحظى بمشاهدات لافتة، وط

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس أحمد فهمي: «سره الباتع» أكبر تحدٍ في مسيرتي الفنية

أحمد فهمي: «سره الباتع» أكبر تحدٍ في مسيرتي الفنية

يرى الفنان المصري أحمد فهمي أن مسلسل «سره الباتع» يعد أكبر تحدٍ فني يخوضه في مسيرته الفنية، بسبب الأجواء التي يدور حولها المسلسل الذي يعرض خلال شهر رمضان. وكشف فهمي خلال حواره مع «الشرق الأوسط» تفاصيل دوره في المسلسل الرمضاني «سره الباتع»، وكواليس مسلسله الجديد «السفاح» الذي سيعرض عقب شهر رمضان، وفيلمه الجديد «مستر إكس» الذي سيطرح في دور العرض عقب عيد الأضحى المبارك. يقول فهمي إنه لم يخطط للمشاركة في مسلسل «سره الباتع»، بعد اتفاقه شفوياً على تقديم مسلسل كوميدي في السباق الدرامي الرمضاني، «وقبل إتمام الاتفاق، تلقيت اتصالاً من المخرج خالد يوسف يطلب الجلوس معي، وحينما جلست معه سرد لي قصة رواية ال

محمود الرفاعي (القاهرة)
الوتر السادس خلال حضورها المؤتمر الصحافي الخاص بعرض فيلم «الهامور» بمصر (الشرق الأوسط)

فاطمة البنوي لـ «الشرق الأوسط»: أميل إلى الكوميديا السوداء

اعتبرت الفنانة السعودية فاطمة البنوي شخصية «جيجي» التي قدمتها في فيلم «الهامور» مزيجاً من شخصيات واقعية عديدة في المجتمع، وقالت في حوارها مع «الشرق الأوسط» إن السينما السعودية تشهد تطوراً كبيراً وإن صانع الفيلم السعودي كان متعطشا لتلك اللحظة وجاهزا لها ليقدم إبداعاته، وأشارت البنوي إلى أن هناك تقصيراً في تسويق الأفلام السعودية داخل المملكة، منوهة بأنها ستبدأ تصوير فيلم «أحلام العصر» خلال أيام. وحضرت فاطمة البنوي عرض فيلم «الهامور» بالقاهرة، الذي تجسد من خلاله شخصية «جيجي» الزوجة الثانية للبطل، والتي تستهدف الحصول على أمواله، وتتخلى عنه في النهاية، وتتنقل البنوي حاليا بين مصر والسعودية لمتابعة

انتصار دردير (القاهرة)
الوتر السادس المطرب المصري رامي صبري (فيسبوك)

رامي صبري: أرقام «يوتيوب» ليست المؤشر الوحيد للنجاح

قال الفنان المصري رامي صبري إن ألبومه الجديد «معايا هتبدع» كان بمنزلة تحد فني كبير له، لاستكمال مشواره الغنائي بنجاح.

محمود الرفاعي (القاهرة)
الوتر السادس مشهد من مسلسل «ستليتو» الذي شكّل لها محطة مهمة في مشوارها التمثيلي (الشرق الأوسط)

أمل طالب لـ «الشرق الأوسط»: صوتي العالي أزعجني... لكنني لا أجلد نفسي أبدأ

تُعد أمل طالب كوميدية ناجحة في زمن أصبحت فيه الضحكة صعبة المراس. فإطلالاتها في برنامجي «لهون وبس» بداية، و«كتير هالقد» حالياً مع هشام حداد شكلت لها جواز سفر أوصلها إلى قلب المشاهد سريعاً. فمع لهجتها البعلبكية وشعرها الـ«كيرلي» الأحمر استطاعت بنت البقاع وبمحتوى خفيف الظل، أن تثبت موهبتها. بداية كانت تفكر في التمثيل، وخصوصاً أنها درسته وحازت شهادة ماستر فيه. فلم تتوقع أن تخرج منها الكوميديا بجرعات كثيفة تحولها إلى واحدة من نجمات الـ«ستاند أب كوميدي» بين ليلة وضحاها. وتعلق: «لقد اعتقدت بأني سأكون مجرد ممثلة دائماً؛ لأنني تخصصت في هذا المجال.


هاني العمري لـ«الشرق الأوسط»: أعدّها وقفة مع الذات ومع وطني لبنان

يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)
يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)
TT

هاني العمري لـ«الشرق الأوسط»: أعدّها وقفة مع الذات ومع وطني لبنان

يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)
يتمسك العمري في البقاء في بلده كي يكمل مسيرته (هاني العمري)

في خضم الحرب الدائرة على أرض لبنان، يزداد، يوماً بعد يوم، إطلاق الأغاني الوطنية من قِبل عدة فنانين، فهم يَعدُّونها بمثابة صرخة يوجهونها بأسلوبهم إلى العالم كي يتناولوا معاناة بلدهم.

الفنان هاني العمري اختار مدينة بيروت كي يكرّمها بأغنية تخرج عن المألوف، فهو لم يلجأ إلى وصف مكانتها عنده، أو مناجاتها بحزن بوصفها عاصمة لبنان، بل قدّمها في قالب يحكي عن تبدّل وجهها إلى حدٍّ جعلها غريبة عنه. منتصباً أمام هذا التغيير الجذري الذي أصابها، يرفع هاني العمري صوته متسائلاً عن سبب ترك المدينة وحيدة لمصيرها.

«بيروت ما عرفتا» سبق أن حصد العمري عنها جائزة «بيروت غولدن آووردز» في الذكرى الأولى لانفجار المرفأ. يعيد إطلاقها، اليوم، مع كليب مصور يواكب ما تعيشه المدينة. والجديد فيها هو هذه الخلطة الفنية التي اعتمدها، وتتألف من صوته مغنياً، وبإلقاء كلماتها في قصيدة شعر بصوت مؤلفها النحّات والشاعر رودي رحمة.

لحّن العمري "بيروت ما عرفتا" من تأليف الشاعر رودي رحمة (هاني العمري)

ويخبر العمري حكاية ولادة هذه الأغنية: «كنا نجتمع على مائدة غداء في إحدى المناطق اللبنانية، رودي وأنا وعدد من الأصدقاء. وفجأة صدح صوت رحمة يلقي كلمات قصيدة هزّت مشاعري. استوقفني كلامها المختلف، وطلبت منه أن يعيد تلاوتها. عندها ومن دون أن أشعر قمت بتلحينها ارتجالياً في الوقت نفسه».

في ذلك الوقت فكّر هاني العمري بأن يصدر الأغنية في ذكرى انفجار 4 أغسطس (آب). ويتابع: «لم تأخذ الأغنية حقّها المطلوب في تلك الآونة، لكن، ومنذ نحو أسابيع قليلة، قررت أن أطلقها من جديد مع صورة مختلفة. فالكليب الذي يغلفها، اليوم، من إخراج عبد رمضان أخذها إلى منحى مختلف، ويتناسب مع ما نمرّ به في لبنان. إنه القهر بحد ذاته، والأغنية تجسّده بكلام يتضمن الغُصّة والدمعة في آن. لكنه في الوقت نفسه يأخذنا بصورة شعرية وكأن بيروت إنساناً يهرب من مصيره».

لوحة فنية مؤثرة رسمها هاني العمري بصوته، وبإلقاء كلماتها الشاعرية لرودي رحمة في آن، فجاء وقْعها على مستمعها مختلفاً، يترك أثره الكبير عنده. ويعلّق العمري: «وضع رودي رحمة كلمات هذه الأغنية (بيروت ما عرفتا) في ذكرى انفجار بيروت. ولكن مدينتي، اليوم، أيضاً لم أستطع أن أتعرّف إليها. فالعتب بكلام رودي كان كبيراً ومؤثراً، متسائلاً عن سبب التخلّي عن بيروت. كما أن فكرة هذا الخليط بين الغناء وإلقاء الشعر في الوقت نفسه، لم يسبق أن حصل من قبل في أغنية وطنية. فألقى الكلمات بأسلوب وصوت يُحدثان الخوف عند سامعها، وكأنه يدق ناقوس الخطر. ويأتي غنائي لكلماتها كاسراً مشاعر الخوف بنغمة مشبعة بالإحساس. فالفكرة بحد ذاتها جديدة، كما أن اللحن ينطوي على الحنان والصلابة معاً».

العمري ورودي رحمة قدما صرخة وطنية في "بيروت ما عرفتا" (هاني العمري)

يرى هاني العمري أن من خصائص الأغنية الوطنية الناجحة هو الصدى الذي تتركه عند سامعها. «يجب أن يتلاقى فيها الكلام واللحن والصورة بشكل متناغم. من هذا المنطلق تشق الأغنية الوطنية طريقها لتلامس الناس».

وعما تعني له بيروت، يقول، لـ«الشرق الأوسط»: «تمثّل كل بلدي لبنان بجميع أطيافه وتفاصيله، وتشكّل نموذجاً عنه يضاهيه أهمية. واليوم نقف أمام مشهدية تدميرها من دون رحمة، وكأنه مقدَّر لها دائماً الولادة من تحت الرماد، كما طائر الفينيق».

ويرى هاني العمري أن الأغنية الوطنية تشكّل وسيلة تعبير تفنّد ملامح وطن. «هذه الملامح تحمل مراتٍ أحلامَنا تجاه وطننا، ومراتٍ أخرى ترسم صدماتنا وهواجسنا».

"بيروت ما عرفتا" تحاكي تبدل وجه بيروت في أثناء الحرب (هاني العمري)

ويستذكر العمري كلاماً أسرّ له به الموسيقار الراحل إلياس الرحباني. «قال لي ذات مرة، الفن والموسيقى هما مصدرا ثقافاتنا واعتزازنا بأنفسنا، وذكر لي أهمية الفنان في لبنان، وأعطاني مثالاً على ذلك؛ زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى منزل فيروز. فقد اختارها من بين شخصيات سياسية لبنانية عدّة كي يعرّف عن لبنان الذي يحبّ، للعالم أجمع».

يتسلّح هاني العمري بالتفاؤل، على الرغم من كل المعاناة والحرب الدائرة على أرض الوطن. ويتابع، لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحب التشاؤم أبداً، ونحن اللبنانيين نؤمن بقوة ببلدنا لبنان وقدرته على الصمود. لقد عصفت بنا الحروب أكثر من مرة، لكننا لم نستسلم أو نحبط لمصير مجهول. اليوم أيضاً نعيش نفس طبيعة المصير، ولكننا نتمسك بالأمل. ولا بدّ أن نتجاوز كل هذه المخاطر قريباً من دون شك».

ويُعدّ العمري من الفنانين اللبنانيين الذين لم تراودهم فكرة هجرة لبنان. ويختم، لـ«الشرق الأوسط»: «حبّي لبلدي لبنان لا يوازيه أي حب آخر، لذلك لا أستطيع التخلّي عنه أبداً، فأنا متمسك بأرضي وجذوري، وإلا فلن أستطيع إكمال مسيرتي الفنية».