تقرير: مواقف شي جينبينغ من موسكو تعقّد علاقة الأوروبيين بالصين

الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين بموسكو في 20 مارس الحالي (د.ب.أ)
الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين بموسكو في 20 مارس الحالي (د.ب.أ)
TT

تقرير: مواقف شي جينبينغ من موسكو تعقّد علاقة الأوروبيين بالصين

الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين بموسكو في 20 مارس الحالي (د.ب.أ)
الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين بموسكو في 20 مارس الحالي (د.ب.أ)

يعقّد خطاب الرئيس الصيني شي جينبينغ المعادي للغرب، الذي يشاركه فيه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، معضلة علاقة الأوروبيين بالصين، وفق تقرير نشرته اليوم صحيفة «لوموند» الفرنسية.

بعد أكثر من عام على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، أدى الخطاب المعادي للغرب الذي ألقاه الرئيس الصيني، الذي يشاركه فيه نظيره في الكرملين، إلى تعقيد معضلة الأوروبيين في ما يتعلق بالصين. في الواقع، مع استمرار الصراع، فإن «حياد بكين الخيّر» تجاه موسكو، يفسح المجال أمام دعم صيني حازم لروسيا بشكل متزايد، إلى حد إثارة قلق الأوروبيين. فحتى الآن، ظل الأوروبيون حريصين على التعامل مع الصين، ونأوا بأنفسهم عن نهج المواجهة الذي تفضله الولايات المتحدة بوجه الصين.

* جبهة دبلوماسية مشتركة
لفت التقرير إلى أن الشراكة «غير المحدودة» التي أطلقها شي وبوتين (في زيارة الأول الأخيرة إلى موسكو) تُظهر للأوروبيين أن الصين، باعتبارها أقرب شريك لموسكو، تولي أهمية كبيرة للأمن القاري، و«من الواضح أن الصين تدعم روسيا وتشاركها في الأطروحات الروسية حول أصل الصراع في أوكرانيا. لا يتعلق الأمر باتفاق ظروف، بل يتعلق بجبهة دبلوماسية مشتركة. الصين الآن هي عراب روسيا»، يقول فرنسوا غوديمون، المتخصص في الصين ومستشار معهد مونتين للدراسات (ومقره باريس).ي

في هذه المرحلة، ومما يبعث على الارتياح لدى الأوروبيين، أن بكين ما زالت تتحلى بضبط النفس على الجبهة العسكرية في أوكرانيا. بيد أن المخاوف الغربية بشأن عمليات تسليم محتملة لأسلحة صينية فتاكة إلى روسيا، بناءً على طلب موسكو، واقعية. «الصينيون هم ملوك الغموض»، كما يقول سيباستيان مايار، مدير معهد دراسات جاك دولور (ومقره باريس)، مشيراً إلى أن عمليات نقل الأسلحة الفتاكة هذه إذا حصلت، ستشكل تصعيداً غير مسبوق من الصين.

* وسيط محتمل
من ناحية أخرى، لكثرة مصافحاته مع فلاديمير بوتين، وضع شي جينبينغ حدا للأوهام حول الموقف الدبلوماسي للصين مما تسميه الصين «الأزمة الأوكرانية» ولا تطلق عليها تسمية «حرب» (بمعنى أن الصين تؤكد دعمها روسيا). ومع ذلك، في الأشهر الأخيرة، أراد عديد من القادة الأوروبيين، بدءاً بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، رؤية بكين وسيطاً محتملاً، على الرغم من امتناع الصين في منتديات الأمم المتحدة عن التصويت عندما تعلق الأمر بإدانة موسكو.

* تعظيم الشراكة غير المتكافئة
اعتبر التقرير أن زيارة شي جينبينغ إلى فلاديمير بوتين هي أوضح دليل على موقف الصين (المؤيد لموسكو في النزاع)، وأنها ليست في وضع يمكنها من الاضطلاع بدور الوساطة في محاولة لإحلال السلام في القارة الأوروبية. بل هي تفضل أن تسعى إلى تعظيم فوائد الشراكة «غير المتكافئة» التي أقامتها مع روسيا لتأمين إمداداتها من الطاقة، أو لتحدي «الهيمنة الغربية» على وجه الخصوص في ما يتعلق بعواصم الجنوب (أي النفوذ الغربي في الدول الناشئة).

* التعويل على الدبلوماسية
تفصيل آخر مثير للقلق من وجهة النظر الأوروبية، حسب التقرير، وهو دفاع شي عن بوتين، بعد أيام قليلة من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه بسبب «جرائم حرب» في ترحيل أطفال أوكرانيين، بينما يتمنى إعادة انتخابه في عام 2024، ليوضح أنه يعارض أي تغيير للنظام في موسكو.

ويتساءل التقرير: في ظل هذه الظروف، هل حان الوقت لأن يشدد الأوروبيون موقفهم ضد بكين؟ ويرى أن عواصم شرق القارة الأوروبية، الأكثر تأثراً بمواقف الولايات المتحدة، تتشكك بشكل متزايد من الصين. لكن بشكل عام، لا يزال الأوروبيون يفضلون الموازنة في مقاربتهم، ويظهر ذلك في زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المرتقبة إلى بكين في 6 و7 أبريل (نيسان) المقبل.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

العالم زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

أدلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمزيد من التصريحات بشأن مكالمة هاتفية جرت أخيراً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في أول محادثة مباشرة بين الزعيمين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال زيلينسكي في كييف، الجمعة، بعد يومين من الاتصال الهاتفي، إنه خلال المكالمة، تحدث هو وشي عن سلامة الأراضي الأوكرانية ووحدتها «بما في ذلك شبه جزيرة القرم (التي ضمتها روسيا على البحر الأسود)» وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

تبرأت الصين، اليوم (الجمعة)، من اتهامات وجهها خبراء من الأمم المتحدة بإجبارها مئات الآلاف من التيبتيين على الالتحاق ببرامج «للتدريب المهني» تهدد هويتهم، ويمكن أن تؤدي إلى العمل القسري. وقال خبراء في بيان (الخميس)، إن «مئات الآلاف من التيبتيين تم تحويلهم من حياتهم الريفية التقليدية إلى وظائف تتطلب مهارات منخفضة وذات أجر منخفض منذ عام 2015، في إطار برنامج وُصف بأنه طوعي، لكن مشاركتهم قسرية». واكدت بكين أن «التيبت تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والوحدة العرقية وموحّدة دينياً ويعيش الناس (هناك) ويعملون في سلام». وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن «المخاوف المز

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

أثار كتاب التاريخ لتلاميذ المدارس الصينيين الذي يذكر استجابة البلاد لوباء «كورونا» لأول مرة نقاشاً على الإنترنت، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). يتساءل البعض عما إذا كان الوصف ضمن الكتاب الذي يتناول محاربة البلاد للفيروس صحيحاً وموضوعياً. أعلن قادة الحزب الشيوعي الصيني «انتصاراً حاسماً» على الفيروس في وقت سابق من هذا العام. كما اتُهمت الدولة بعدم الشفافية في مشاركة بيانات فيروس «كورونا». بدأ مقطع فيديو قصير يُظهر فقرة من كتاب التاريخ المدرسي لطلاب الصف الثامن على «دويين»، النسخة المحلية الصينية من «تيك توك»، ينتشر منذ يوم الأربعاء. تم تحميله بواسطة مستخدم يبدو أنه مدرس تاريخ، ويوضح

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)
TT

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

قال موقع «بولتيكو» إن كبار المسؤولين الأوروبيين المجتمعين في هاليفاكس للأمن الدولي قلقون بشأن الأشخاص في الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ورؤيتهم لعلاقات واشنطن بالعالم.

وذكر أن المنتدى يجتمع به وزراء الخارجية والدفاع والمشرعون ومسؤولو حلف شمال الأطلسي (الناتو) لمناقشة قضايا الأمن العالمي، وطرح أحد كبار الدبلوماسيين من دولة عضو في «الناتو» سؤالاً: «ماركو روبيو وزير الخارجية، ولكن هل سيستمع إيلون ماسك إلى ترمب بشأن أوكرانيا؟ هل سيكون لمايك والتز أو دونالد جونيور أو تاكر كارلسون الكلمة الأخيرة بشأن سياسة حلف شمال الأطلسي؟ نحن منشغلون بهذه الأسئلة، وبصراحة هي مرهقة بالفعل ولكن لا يمكننا تجاهل ذلك؛ فهو لا يزال مهماً».

تم منح الدبلوماسي، مثل الآخرين في هذه القصة، عدم الكشف عن هويته لمناقشة آرائه بصراحة.

ولفت إلى أنه في الوقت الذي كان فيه الحاضرون يجلسون لتناول العشاء، ليلة الجمعة، بعد يوم من المناقشات حول مستقبل الديمقراطية وما هي السياسات التي يمكن توقُّعها من الرئيس المنتخب، كان ترمب في جنوب فلوريدا يعلن عن مزيد من الترشيحات بسرعة البرق؛ حيث عين أشخاصاً لـ7 مناصب في أقل من 90 دقيقة، وكان من بين هؤلاء أليكس وونغ نائب مستشار الأمن القومي وسيباستيان جوركا لمنصب مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض.

ترمب ونجله دونالد جونيور (أ.ف.ب)

وقال جيم تاونسند، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في عهد إدارة باراك أوباما، ويعمل الآن في مركز أبحاث الأمن الأميركي الجديد: «نحن مثل خبراء الكرملين الآن».

وكان يشير إلى كيف درس المسؤولون الغربيون من كثب قطع المعلومات القادمة من الاتحاد السوفياتي الخاضع لسيطرة مشددة في عصر الحرب الباردة، محاولين التكهن بمن كان له نفوذ داخل الكرملين بناءً على صور من وقف بجانب من في العروض العسكرية.

وقال تاونسند عن ترمب: «نحن نقرأ من يلعب الغولف معه ومن لم يعد كذلك»، وأضاف ضاحكاً: «يبدو الأمر سخيفًا أن تكون في موقف خبير في شؤون الكرملين بينما نحاول معرفة بلدنا».

ويؤكد النقاش على القلق المتنامي تحت السطح بشأن ما تعنيه عودة ترمب إلى البيت الأبيض لحلفاء الولايات المتحدة وسط غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، والحرب في الشرق الأوسط والتعاون المتزايد بين الخصوم الغربيين مثل روسيا والصين وإيران، كما يعكس كيف يخطط المسؤولون الأجانب لإحراز تقدم مع كل من فريق ترمب الرسمي - أعضاء حكومته ومجلس الأمن القومي - ومجموعة المستشارين غير الرسميين، مثل إيلون ماسك.

وتحدث كثير من الحاضرين في المنتدى بشكل خاص عن النفوذ المحتمل لماسك في مجال السياسة الخارجية نظراً لمصالحه التجارية في جميع أنحاء العالم، وعن مدى اعتماد بعض البلدان بالفعل على تقنية أقمار ستارلينك الاصطناعية لأغراض أمنية.

وخلال حلقة نقاش حول أمن القطب الشمالي، أقر وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي بأن ستارلينك «جزء» من شبكة أقمار بلاده الاصطناعية «ما دام إيلون ماسك سعيداً، على ما أعتقد».

ومع ذلك، حظي اختيار ترمب وزيراً للخارجية ومستشاراً للأمن القومي، بقبول جيد إلى حد كبير، ولكن هناك مخاوف بشأن تأثير الشخصيات الأكثر انعزالية، بمن في ذلك نائب الرئيس جيه. دي. فانس، وسيباستيان جوركا، الذي أعلن ترمب، ليلة الجمعة، أنه سيشغل منصباً كبيراً في مجلس الأمن القومي.

وقال أحد كبار المسؤولين السابقين في إدارة ترمب: «الفريق غير الرسمي هو الذي يهم قد يتغير هذا بمجرد أن يستقر ترمب في منصبه في واشنطن، ولكن في الوقت الحالي، يعد دون جونيور أكثر أهمية من ماركو روبيو».

وتكهن أحد المسؤولين الأوروبيين، متذكراً معدل تغيير الموظفين المرتفع في ولاية ترمب الأولى، مع زملائه حول المدة التي قد يستمر فيها روبيو وتوقع المسؤول 8 أشهر.

ويقول كثير من المسؤولين الأوروبيين إنه على عكس عام 2016، فإنهم مستعدون للتعامل مع فريق ترمب - بشرط أن يتمكنوا من معرفة لديه أكبر نفوذ.