«الفيدرالي» الأميركي في يوم امتحان صعب لسياسة إدارة سعر الفائدة

هل سيقدّم حاجة القطاع المالي العالمي إلى السيولة أم يواصل كبح «التضخم»؟

ترقب عالمي لإعلان سعر الفائدة من الفيدرالي الأمريكي وسط حاجة القطاع المالي إلى السيولة (أ.ف.ب)
ترقب عالمي لإعلان سعر الفائدة من الفيدرالي الأمريكي وسط حاجة القطاع المالي إلى السيولة (أ.ف.ب)
TT

«الفيدرالي» الأميركي في يوم امتحان صعب لسياسة إدارة سعر الفائدة

ترقب عالمي لإعلان سعر الفائدة من الفيدرالي الأمريكي وسط حاجة القطاع المالي إلى السيولة (أ.ف.ب)
ترقب عالمي لإعلان سعر الفائدة من الفيدرالي الأمريكي وسط حاجة القطاع المالي إلى السيولة (أ.ف.ب)

تبرز حاجة البنوك المركزية إلى التحرك السريع لضبط السياسات والإجراءات المالية للبنوك التجارية، دون إخلال بمراقبة وفرة السيولة لديها، والذي تحتاج إليه في المرحلة الراهنة مع الالتزام ببناء غطاء مالي ضامن عند خروج السيولة إلى الأسواق، ورفع نسبة التحفظ على الودائع لديها، وذلك في أعقاب الأزمة المالية التي تلقي بظلالها على عدد من البنوك في أوروبا وأميركا.
وحسب رؤى اقتصاديين، استطلعت تحليلاتهم «الشرق الأوسط»، رجحوا توقف البنك المركزي الأميركي عن رفع سعر الفائدة، وذلك بعد سلسلة من الارتفاعات المتتالية شهدتها الأشهر الماضية، منذ مرحلة التعافي من أزمة «كوفيد - 19».
ويخوض البنك المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيدرالي) امتحاناً صعباً، اليوم (الأربعاء)، باتخاذ قراره حول سعر الفائدة، وسط اعتبارات صعبة تجعله بين مطرقة استمرار سياسة التقشف لضبط التضخم والتثبيت لدفع حركة السيولة في النظام المالي العالمي الذي يشهد اضطراباً وحالة عدم اليقين.
وأعلنت، الأحد، بنوك مركزية عالمية بينها «الفيدرالي»، الانضمام إلى بنك كندا وبنك إنجلترا وبنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي والبنك الوطني السويسري في إجراء منسّق لتعزيز توفير السيولة من خلال ترتيبات خطوط مبادلة الدولار، حيث تواجه مؤخراً عدة بنوك مركزية وأسواق مالية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية اضطرابات في النظام المالي، كان آخرها انهيار بنك «كريدي سويس».
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك فيصل السعودية الدكتور محمد بن دليم القحطاني: «يبدو أن هناك غيمة سوداء تواجه البنوك الكبيرة عالمياً ومنها (كريدي سويس) الذي يزيد عمره على 167 عاماً، مما يعني سنوات من التراكم المالي والمعرفي لدى البنك، ومع ذلك تم بيعه بثمن بخس»، لافتاً إلى أن ذلك دليل واضح على هشاشة النظام المصرفي في بعض الدول، وتحمّل البنوك لديها مسؤولية ما يحدث من أزمة في نقص السيولة العالمية.
ودعا الدكتور القحطاني البنوك المركزية في الدول الأكبر اقتصاداً في العالم، إلى التحرك سريعاً وضبط السياسات والإجراءات المالية، ومراقبة وفرة السيولة في البنوك الواقعة تحت رقابتها، ومنعها من الإفراط في الإقراض، وإلزامها ببناء غطاء مالي ضامن عند خروج السيولة إلى الأسواق وإلى المشاريع والشركات الناشئة.
وشدد القحطاني على خطورة لجوء البنوك المركزية إلى طباعة المزيد من النقود لمواجهة الأزمة العالمية في نقص السيولة، مبيناً أنها ستتسبب بكارثة كبيرة على أغلب الأسواق العالمية وستزيد من تداعياتها الاقتصادية السلبية لسنوات قادمة أخرى، وقد تقود إلى انفجار عاصف بالاقتصاد العالمي بالإضافة إلى الركود والكساد الاقتصادي.
واقترح أستاذ الاقتصاد إنشاء هيئة دولية أو مظلة تضم البنوك المركزية لأهم الدول ذات الاقتصادات المؤثرة عالمياً أو دول مجموعة العشرين، لمناقشة ومواجهة الأزمات المالية التي تشكّل أزمة على السيولة المالية وتبادل الخبرات ومراقبة الأسواق المالية عن كثب. وزاد بأنه حان الوقت للبنوك المركزية العالمية لرفع نسبة التحفظ على الودائع لدى البنوك التجارية والتي تتراوح بين 10 و15 في المائة ورفعها إلى نسبة أعلى، بحيث يستطيع البنك المركزي التصرف وقت الأزمات من خلال ضخ السيولة، وكذلك تشجيع البنوك التجارية على تغيير أدواتها المالية، ومنحها حرية أكبر في ضمان تعاملاتها، والعودة لامتلاك الذهب واستخدامه عند نقص السيولة المالية.
وحول ترتيبات خطوط مبادلة الدولار التي تنوي البنوك المركزية بدء العمل بها، أوضح الدكتور القحطاني أن هذه الخطوة إيجابية وممتازة وتقوم على اتفاق عدة دول على ضخ الدولار في السوق المعنية والمتضررة حتى تستقر السوق ويطمئن المودعون وتعود الديمومة والأموال فيها لحركتها الطبيعية، ثم يتم تكرار نفس الخطوات مع الأسواق الأخرى في الدول التي تحدث لديها مثل هذه الأزمة في نقص السيولة.
من جهته، توقع أستاذ الاقتصاد بجامعة الطائف السعودية، الدكتور سالم بن سعيد باعجاجة، أن يتجه البنك الفيدرالي الأميركي إلى تثبيت سعر الفائدة فترة طويلة مع استبعاد احتمالية الرفع أو الخفض لسعر الفائدة خلال الفترة الراهنة، لافتاً إلى أن السبب الرئيسي في نقص السيولة العالمية يعود إلى استمرار البنوك المركزية في رفع نسب الفائدة خلال الفترة الماضية، وعجز الدائنين عن السداد، مما فاقم من عمليات تخلفهم عن السداد وشح السيولة المالية.
‏وأضاف الدكتور باعجاجة أن الأزمة الحالية ستقود البنوك المركزية العالمية إلى رفع درجة الحوكمة والرقابة على البنوك التجارية، وتغيير كثير من السياسات المالية المعمول بها سابقاً، وبالذات في رفع نسبة السيولة التي يحتفظ بها البنك المركزي، تحسباً لأي أزمات تتسبب في عجز أو نقص السيولة المالية، وكذلك التشديد على سحب الأموال بكميات كبيرة، سواء كان السحب من أفراد أو من أجل الإقراض.


مقالات ذات صلة

بايدن: الاقتصاد الأميركي «الأقوى في العالم» بعد أرقام النمو الكبيرة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: الاقتصاد الأميركي «الأقوى في العالم» بعد أرقام النمو الكبيرة

أشاد الرئيس جو بايدن، الخميس، بأرقام النمو القوية، وأوضح أنها تؤكد أن الولايات المتحدة لديها «الاقتصاد الأقوى في العالم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد موظفو «أمازون» يحملون الطرود على عربات قبل وضعها في الشاحنات للتوزيع خلال الحدث السنوي للشركة (أ.ب)

الاقتصاد الأميركي يفوق المتوقع وينمو بـ2.8 % في الربع الثاني

نما الاقتصاد الأميركي بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثاني، لكن التضخم تراجع، مما ترك توقعات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر سليمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر بورصة نيويورك التي تترقب بيانات مهمة هذا الأسبوع (أ.ب)

المستثمرون يترقبون بيانات الناتج المحلي والتضخم الأميركية هذا الأسبوع

تتجه أنظار المستثمرين هذا الأسبوع إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة للربع الثاني وأرقام تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي عن كثب.

«الشرق الأوسط» (عواصم: «الشرق الأوسط»)
الاقتصاد إنفوغراف: سهم «ترمب ميديا» يشهد نشاطاً في الأداء عقب محاولة الاغتيال 

إنفوغراف: سهم «ترمب ميديا» يشهد نشاطاً في الأداء عقب محاولة الاغتيال 

ارتفع سهم شركة «ترمب ميديا آند تكنولوجي غروب» بأكثر من 50 في المائة خلال معاملات ما قبل افتتاح بورصة «ناسداك» لجلسة يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاة يسيرون في شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)

بنوك أميركية تحذر من تراجع تعاملات المستهلكين ذوي الدخل المنخفض

حذرت البنوك الأميركية الكبرى من أن العملاء من ذوي الدخل المنخفض تظهر عليهم علامات الضغط المالي، التي تتجلى خصوصاً في تراجع الطلب على القروض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
TT

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة، قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

وقال نائب رئيس البنك، جودت أكتشاي، إن دورة خفض أسعار الفائدة لا يتم تقييمها في الوقت الحالي، وإن الشرط الرئيسي لتقييم دورة الاسترخاء في السياسة النقدية هو الانخفاض الكبير والدائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن أكتشاي قوله، في مقابلة مع «رويترز»: «نحن نراقب عن كثب توقعات التضخم في السوق والشركات والأسر، التوقعات بدأت للتو في التقارب مع توقعاتنا لنهاية العام، نحن نقدر أن التعديلات في الضرائب والأسعار المدارة ستضيف 1.5 نقطة إلى التضخم الشهري في يوليو (تموز) الحالي».

وأكد أن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه «بالصبر والتصميم»، مضيفاً: «تخفيض سعر الفائدة ليس على جدول أعمالنا في الوقت الحالي، ولن يكون خفض سعر الفائدة على جدول الأعمال حتى تتم ملاحظة انخفاض دائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري، وترافق ذلك مع المؤشرات الأخرى التي نتابعها عن كثب».

ولفت أكتشاي إلى أن المصارف المركزية تميل إلى البقاء في الجانب الحذر، ولا تتخلى عن احتياطاتها و«تفضل ارتكاب الأخطاء من خلال البقاء في الجانب الحذر».

وأوضح أنه سيكون هناك خطر عودة التضخم بسبب التخفيض المبكر لأسعار الفائدة، أو في الوضع الذي تؤدي فيه فترة التشديد المفرطة أو الطويلة، دون داعٍ، إلى هبوط حاد».

وأضاف المسؤول المصرفي التركي أنه «على الرغم من عدم تقييم دورة خفض أسعار الفائدة حالياً، فإنه ستتم إدارة هذه العملية من خلال إعطاء إشارة، لا لبس فيها، بأن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه عندما تبدأ التخفيضات».

ورداً على سؤال بشأن مراقبة المشاركين في السوق، عن كثب، توقعات التضخم للشركات والأسر، قال أكتشاي: «لسوء الحظ، فقط توقعات المشاركين في السوق هي التي بدأت تتقارب مع توقعاتنا لنهاية العام الحالي، الأسر أقل حساسية نسبياً لتوقعات المصرف المركزي».

وأظهر آخر استطلاع للمشاركين في السوق من ممثلي القطاعين المالي والحقيقي، أعلن «المركزي» التركي نتائجه منذ أيام، أن التضخم سيتراجع في نهاية العام إلى 43 في المائة، وإلى 30 في المائة بعد 12 شهراً، بينما أظهر أن توقعات الأسر للتضخم في يوليو تبلغ 72 في المائة، وتوقعات الشركات 55 في المائة، وهي نسبة أعلى بكثير من توقعات السوق.

والأسبوع الماضي، أكد رئيس «المركزي» التركي، فاتح كاراهان، أن المصرف سيستمر في موقفه النقدي المتشدد حتى نرى انخفاضاً كبيراً ومستداماً في التضخم الشهري، وتقترب توقعات التضخم من توقعاتنا.

وثبت «المركزي» التركي، الثلاثاء الماضي، سعر الفائدة الرئيسي عند 50 في المائة للشهر الرابع على التوالي، متعهداً بالاستمرار في مراقبة الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري وتشديد السياسة النقدية إذا دعت الضرورة لذلك.

وقال كاراهان إن «المركزي» التركي يستهدف خفض التضخم لا تحديد سعر صرف الليرة، موضحاً أن الأخير هو نتيجة للأول.

مركز الغاز الروسي

على صعيد آخر، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده قريبة من إنجاز مركز الغاز الروسي، وإن البنية التحتية اللازمة للمشروع متوافرة.

وأضاف بيرقدار، في مقابلة تلفزيونية الجمعة: «لقد أنشأنا بالفعل البنية التحتية اللازمة وبحلول عام 2028، سنضاعف حجم مرافق تخزين الغاز، كما نناقش مع بلغاريا زيادة قدرة الربط البيني».

وقال رئيس لجنة مجلس «الدوما» الروسي لشؤون الطاقة، بافيل زافالني، بعد زيارة عمل إلى تركيا في يونيو (حزيران) الماضي، إن القرارات بشأن بناء مشروع «مركز للغاز» في تركيا ستتخذ هذا العام، في ظل زيادة الاهتمام به، مؤكداً أن المشروع «موثوق وآمن ولن يتعرض للعقوبات».

وسبق أن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن المركز، الذي كان اتخذ القرار بتنفيذه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ نحو عامين، سيقام في تراقيا، شمال غربي تركيا.

وتأمل تركيا في أن يسمح لها مركز الغاز، الذي سيعمل على نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بأن تصبح مركزاً لتحديد أسعار الغاز.

وقال بيرقدار إنه «من خلال الاستثمارات في البنية التحتية، ستتمكن تركيا من زيادة واردات الغاز الطبيعي إلى حجم 70 - 80 مليار متر مكعب قياساً بـ50 ملياراً حالياً».

ولفت إلى أن العمل سينطلق في المستقبل القريب بين شركة خطوط أنابيب البترول التركية (بوتاش) وشركة «غازبروم» الروسية بشأن إنشاء مركز الغاز.