مجاهر قابلة للارتداء تصور النشاط العصبي للحبل الشوكي

مجاهر قابلة للارتداء تصور النشاط العصبي للحبل الشوكي
TT

مجاهر قابلة للارتداء تصور النشاط العصبي للحبل الشوكي

مجاهر قابلة للارتداء تصور النشاط العصبي للحبل الشوكي

طور باحثو معهد «سالك» للدراسات البيولوجية مجهرين يمكن ارتداؤهما لتصوير النشاط الخلوي في مناطق كان يتعذر الوصول إليها سابقًا من الحبل الشوكي للفئران.
ويعمل الحبل الشوكي كرسول يحمل إشارات بين الدماغ والجسم لتنظيم كل شيء من التنفس إلى الحركة.
وبينما من المعروف أن الحبل الشوكي يلعب دورًا أساسيًا في نقل إشارات الألم، فقد حدّت التكنولوجيا من فهم العلماء لكيفية حدوث هذه العملية على المستوى الخلوي. أما الآن فقد ابتكر علماء المعهد مجاهر يمكن ارتداؤها لتمكين رؤية غير مسبوقة لأنماط الإشارات التي تحدث داخل الحبال الشوكية للفئران.
وهذا التقدم التكنولوجي، المفصل في ورقتين نشرتا بمجلة «نيتشر كوميونيكيشينز» العلمية اليوم (الثلاثاء) ومجلة «نيتشر بايوتكنولوجي» العلمية في السادس من الشهر الحالي، سيساعد الباحثين على فهم أفضل للأساس العصبي للأحاسيس والحركة في السياقات الصحية والمرضية، مثل الألم المزمن والحكة أو التصلب الجانبي الضموري (ALS) أو التصلب المتعدد (MS)، وذلك وفق ما نشر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص.
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، قال أكسل نيمراجان الأستاذ المشارك مدير مركز «ويت» المتقدم بـ«يوفوتونكس» «ان هذه المجاهر الجديدة القابلة للارتداء تسمح لنا برؤية النشاط العصبي المرتبط بالأحاسيس والحركة في المناطق وبسرعة لا يمكن الوصول إليها بواسطة تقنية عالية الدقة أخرى»، مبيّنا «ان مجاهرنا القابلة للارتداء تغير جذريًا ما هو ممكن عند دراسة الجهاز العصبي المركزي»، وفق قوله.
ويبلغ عرض المجاهر القابلة للارتداء ما يقرب من سبعة وأربعة عشر ملليمترًا (عرض إصبع صغير أو الحبل الشوكي البشري تقريبًا) وتوفر صورًا عالية الدقة وعالية التباين ومتعددة الألوان في الوقت الفعلي عبر مناطق كان يتعذر الوصول إليها سابقًا في الحبل الشوكي بالعمود الفقري. ويمكن دمج التقنية الجديدة مع غرسة «microprism»، وهي عبارة عن عنصر زجاجي عاكس صغير يوضع بالقرب من مناطق الأنسجة محل الاهتمام؛ فقد تم التقاط الخلايا العصبية في النخاع الشوكي (باللون الأزرق)، بما في ذلك تلك التي ترسل إشارات عن الألم (باللون الأخضر) باستخدام أحد المجاهر الجديدة القابلة للارتداء، حسب إيرين كاري المؤلف الأول المشارك.

بدوره، يقول بافيل شيختميستر زميل ما بعد الدكتوراه السابق بمختبر «نيمراجان» المؤلف الأول المشارك في الدراستين «لقد تغلبنا على حواجز مجال الرؤية والعمق في سياق أبحاث الحبل الشوكي. المجاهر التي يمكن ارتداؤها خفيفة بما يكفي لتحملها الفئران وتسمح بالقياسات التي كان يعتقد سابقًا أنها مستحيلة».
وباستخدام المجاهر الجديدة، بدأ فريق نيمراجان بتطبيق التكنولوجيا لجمع معلومات جديدة حول الجهاز العصبي المركزي. وعلى وجه الخصوص؛ أرادوا تصوير الخلايا النجمية (خلايا دبقية غير عصبية على شكل نجمة في الحبل الشوكي) لأن عمل الفريق السابق أشار إلى تورط الخلايا غير المتوقع في معالجة الألم.
كما وجد الفريق أن ضغط ذيول الفئران ينشط الخلايا النجمية، ويرسل إشارات منسقة عبر أجزاء الحبل الشوكي. فقبل اختراع المجاهر الجديدة كان من المستحيل معرفة شكل نشاط الخلايا النجمية أو كيف يبدو أي نشاط خلوي عبر مناطق الحبل الشوكي للحيوانات.
من جهتها، تقول دانييلا دوارتي المؤلفة الأولى المشاركة لإحدى الدراسات الباحثة بمختبر نيمراجان «ان القدرة على تصور متى وأين تحدث إشارات الألم والخلايا التي تشارك في هذه العملية تسمح لنا باختبار وتصميم التدخلات العلاجية... فهذه المجاهر الجديدة يمكن أن تحدث ثورة في دراسة الألم».
وفي هذا الاطار، بدأ فريق نيمراجان بالفعل في التحقيق بكيفية تغيير النشاط العصبي وغير العصبي في الحبل الشوكي في حالات الألم المختلفة وكيف تتحكم العلاجات المختلفة في نشاط الخلايا غير الطبيعي.


مقالات ذات صلة

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

صحتك إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

كان الملح جزءاً أساسياً من الحضارة لآلاف السنين. وأثبت أنه ذو قيمة كبيرة بصفته مادة حافظة للأغذية، واستُخدم سابقاً عملةً في التجارة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الناس يشعرون بعدم الثقة جرّاء ضغوط في العمل (أ.ف.ب)

نصائح لتعزيز الثقة بالنفس وزيادة القدرات الذهنية

يُعدّ الشعور بعدم الثقة بالنفس من المشاعر التي يصعب التعامل معها، وقد نشعر بها جرّاء عوامل خارجية، مثل اجتماع سيئ مع المدير في العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

«أوزمبيك»... «نافورة شباب» تبطئ الشيخوخة

وجد باحثون أن دواء إنقاص الوزن الشهير «أوزمبيك» قد يبطئ الشيخوخة وله «فوائد بعيدة المدى» تتجاوز ما كان متصوراً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أفريقيا تظهر العلامات على يد طفلة بعد تعافيها من جدري القردة (رويترز)

منظمة الصحة: تفشي جدري القردة في أفريقيا قد ينتهي خلال 6 أشهر

أعرب رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس عن اعتقاده أن تفشي فيروس جدري القردة في أفريقيا قد يتوقف في الأشهر الستة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«سوق ديانا» في القاهرة تبيع أنتيكات برائحة «الزمن الجميل»

التحف والمقتنيات القديمة أبرز معروضات السوق (الشرق الأوسط)
التحف والمقتنيات القديمة أبرز معروضات السوق (الشرق الأوسط)
TT

«سوق ديانا» في القاهرة تبيع أنتيكات برائحة «الزمن الجميل»

التحف والمقتنيات القديمة أبرز معروضات السوق (الشرق الأوسط)
التحف والمقتنيات القديمة أبرز معروضات السوق (الشرق الأوسط)

التحقت سارة إبراهيم، 35 عاماً، بزحام سوق «ديانا» بوسط القاهرة، في إرضاء لشغفها بـ«اقتناء» السّلع والتّحف والعملات القديمة التي تتخصص هذه السوق في القاهرة بعرضها، وتُعرف كذلك بـ«سوق السبت» نسبةً لليوم الأسبوعي الوحيد الذي يستقبل جمهوره فيه.

يُطلق على هذه السوق اسم «ديانا» نسبةً إلى سينما «ديانا بالاس» العريقة التي تقع في محيط الشوارع المؤدية إليها.

تقول سارة إنها تعرّفت على السوق منذ نحو عامين، رغم أنها كانت تسمع عنها منذ سنوات: «بدأ الأمر صدفة، خلال جولة لي مع صديقة، فانبهرنا بكمية المعروضات التي لم نجدها سوى في هذه السوق، وصرت أولاً أقصدها للتنزّه بها من وقت لآخر. وقد اشتريت منها اليوم صوراً قديمة من أرشيف فيلم (معبودة الجماهير)، وصدف بحر عملاقاً لم أرَ مثله من قبل، وكذلك علبة معدنية قديمة مرسوم عليها (روميو وجولييت) كالتي كانت تستخدمها الجدات قديماً لحفظ أغراض الخياطة، وجميعها بأسعار معقولة، وتحمل معها زمناً قديماً لم نعشه»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

الأسطوانات القديمة إحدى السلع التي يبحث عنها زوار السوق (الشرق الأوسط)

رغم حرارة الطقس، كان زوار السوق ومرتادوها يتدفقون ويتحلقون حول المعروضات التي يفترشها الباعة على الأرض بكميات كبيرة، ويبدو تأمل تلك المعروضات في حد ذاته ضرباً من المتعة، يمكن أن ينطبق عليه المثل الشعبي المصري المعروف: «سمك لبن تمر هندي» بما يدّل على التنوّع المدهش في نوعية السلع، بداية من الساعات القديمة، إلى أطباق الطعام التي تحمل طابعاً تاريخياً، فيحمل بعضها توقيع «صنع في ألمانيا الغربية»، الذي يعود إلى ما قبل إعادة توحيد ألمانيا، ويمكن مشاهدة زجاجة مياه غازية فارغة تعود للفترة الملكية في مصر، يشير إليها أحمد محمود، بائع المقتنيات القديمة بالسوق.

عملات وتذكارات معدنية (الشرق الأوسط)

يقول محمود: «يمكن على تلك الزجاجة رؤية شعار علم مصر القديم (الهلال والنجمات الـ3 ولونها الأخضر)، وتحمل اسم (كايروأب) التي كانت إحدى شركات المياه الغازية في مصر في عهد الملك فؤاد، وما زال هناك زبائن إلى اليوم يهتمون كثيراً باقتناء مثل تلك التذكارات التي تحمل معها جزءاً من تاريخ الصناعة في هذا الوقت، علاوة على شكلها وتصميمها الجمالي الذي يعكس تطوّر التصميم»، كما يشير في حديثه مع «الشرق الأوسط»، ويضيف: «جمهور هذه السوق هو الباحث عن اقتناء الذكريات، عبر تذكارات تحمل معها جزءاً من تاريخهم الشخصي أو الذي لم يعيشوه، فمثلاً يُقبل الجمهور هنا على شراء ملصقات سينما قديمة، أو حتى صابونة مُغلّفة تعود للخمسينات تُذكرهم بمصانع الفترة الناصرية، ويشترون كروت الشحن القديمة التي كانت تُستخدم في كابينات التليفون بالشوارع قبل انتشار الهاتف المحمول، وهي ذكريات يعرفها جيل الثمانينات والتسعينات بشكل خاص ويستعيدونها مع معروضات السوق».

معروضات نوستالجية تجذب الجمهور (الشرق الأوسط)

تظهر صور الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في وسط المعروضات، كما تظهر بورتريهات لعبد الحليم حافظ، وملصقات لنجوم كرة القدم في السبعينات، تُجاور شرائط كاسيت قديمة يشير البائع لإحدى الزبونات إلى أن سعر أي شريط كاسيت لمحمد عبد الوهاب 25 جنيهاً، فيما تُعرض أسطوانات التسجيلات القديمة بكميات كبيرة يبدأ سعرها من 50 جنيهاً، وكذلك الكاميرات التي تتراوح في تاريخها، وتبدأ من 200 جنيه وحتى 2000 جنيه (الدولار يعادل 48.6 جنيه)، ويعرض أحمد مهاب كثيراً من أجهزة التليفون القديمة التي تلفت أنظار الزوار.

يشير مهاب لأحد تلك الأجهزة التقليدية ذات القرص الدوّار ويقول عنه: «سعر هذا التليفون ألف جنيه مصري؛ وذلك لأنه يعود لفترة الخمسينات ولأن لونه الأحمر نادر، في حين أبيع الجهاز نفسه باللون الأسود بـ500 جنيه لأنه أكثر انتشاراً، فيما تقلّ أسعار تلك الهواتف الأرضية كلما كانت أحدث، فالتليفون ذو القرص الدوار الذي يعود لفترة التسعينات يُعرض للبيع بـ300 جنيه، وعلى الرغم من سطوة أجهزة الجوّالات المحمولة فلا يزال هناك جمهور يبحث عن تلك الأجهزة، إما لرخص سعرها نسبياً عن أجهزة التليفون الأرضي الحديثة، أو رغبة في اقتنائها بوصفها قطع أنتيكات للديكور»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط».

هواتف قديمة ونادرة تلفت أنظار الزوار (الشرق الأوسط)

أما باعة العملات والأوراق النقدية القديمة، فيبدو جمهورهم في ازدياد على مدار ساعات السوق؛ حيث يحتفظون بالعملات المعدنية التي تتراوح بين الفضية والنحاسية في أكوام ضخمة، سواء عملات مصرية أو عربية يختلف سعرها حسب تاريخها الزمني، ينادي البائع لطفي عبد الله على الزبائن: «الواحدة بـ10 جنيه» في إشارة منه لعملة «النصف جنيه» المصري وعملة «الربع جنيه» التي أصبحت جزءاً من التاريخ بعد انهيار قيمتها الشرائية، فيما يشير إلى عملات أخرى أجنبية يحتفظ بها داخل «كاتالوغ» مُغلّف، تظهر على عملة كبيرة الحجم صورة ملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث تعود لفترة السبعينات، وعملة أخرى منقوش عليها شعار بطولة الألعاب الأولمبية في مونتريال 1976 التي يعرضها للبيع بـ2600 جنيه مصري، ويقول عنها: «تلك عملة من الفضة الخالصة وثقيلة الوزن، ولها قيمتها التاريخية التي يبحث عنها كثيرون من المقتنين، فجمهور العملات النادرة هم أقدم جمهور لهذه السوق، التي كانت في بداياتها تعتمد على بيع العملات وشرائها، ثم بدأ في التوسع التدريجي ليشمل مختلف المعروضات النادرة والمقتنيات القديمة»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط».

شرائط كاسيت قديمة لكوكبة من نجوم الغناء (الشرق الأوسط)

ويبدو أن جمهور سوق «ديانا» لا يقتصر فقط على المصريين، فهو بات جزءاً من الجولات السياحية للكثير من السائحين من جنسيات مختلفة، منهم لي شواي، سائحة صينية، تتحدث مع «الشرق الأوسط» وتقول: «أزور مصر في رحلة عمل، وهذه أول مرة لي في هذه السوق، وما لفتي كثيراً أن هناك معروضات وتحفاً عليها نقوش ورسوم صينية شعبية، لم أكن أعرف أنهم في مصر مهتمون بالفنون والخطوط الصينية القديمة التي تظهر على اللوحات وأطباق التزيين هنا».

السوق تشهد حراكاً واهتماماً من الزوار (الشرق الأوسط)

ويُبدي عبد الله سعداوي، بائع في سوق ديانا، انتباهه لما يصفه بـ«الجمهور الجديد للسوق»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «زاد الجمهور بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، وجزء كبير من هذا الأمر يعود لانخفاض الأسعار من جهة والميل لشراء السلع المستعملة كبديل للسلع الجديدة مرتفعة الثمن، بما فيها السلع الاستعمالية كالحقائب والنظارات وأطقم المائدة، وكذلك بسبب كثافة الفيديوهات التي صار يصوّرها المؤثرون عبر منصات التواصل الاجتماعي عن السوق وتجربة الشراء فيها، وهو ما جعل جمهوراً أكبر من الشباب يأتي بفضول لاستكشافها».