هجمة «رمضانية» على الـ«كوفر آب»

تصاميمه وألوانه تبعث فرحاً

العباءة الفستان جديد في رمضان (خاص)
العباءة الفستان جديد في رمضان (خاص)
TT

هجمة «رمضانية» على الـ«كوفر آب»

العباءة الفستان جديد في رمضان (خاص)
العباءة الفستان جديد في رمضان (خاص)

هجمة غير مسبوقة على ارتداء العباءات تشهدها مؤخراً ساحات الأزياء في لبنان... فهذا الزي الشرقي، بات يشق طريقه اليوم نحو آفاق أوسع. ومما أسهم في ذلك الابتكارات الحديثة التي طالته، وفي مقدمها الـ«كوفر آب». وهي كناية عن عباءات مفتوحة ترتديها المرأة فوق بنطال الجينز والقميص القطني. وهي تتألف من لون واحد أو أكثر، وأحياناً تكون مزركشة أو مقلمة ومطرزة بالألوان، تلاقي انتشاراً واسعاً وتحولت «تراند» من قِبل نساء يرغبن في الخروج عن المألوف.
ويطغي ارتداء العباءات أيضاً على حفلات الحنّاء عند العروس وفي حفلات الخطوبة والزواج، واختارتها بعضهن لتكون العنوان العريض لحفل خاص يقمنه كدعوة إلى العشاء أو الغداء.

شكل آخر للعباءة (خاص)

وكي تصبح العباءة قطعة ثياب رائجة لأكثر من مناسبة تحولت فستاناً مستوحى من العباءة.
مع اقتراب شهر رمضان الفضيل، من المتوقع أن تحظى هذه التصاميم بإقبال كبير بعد ركود قسري شهدته في السنوات الثلاث الأخيرة. وتشير أورور عز الدين، إحدى مصممات العباءات والإكسسوارت في لبنان، إلى أنها لمست فعلاً إقبالاً ملحوظاً من قِبل لبنانيات يطلبن منها تصميم عباءات.
«هي طلبات بدأت أتلقيها قبل موعد الشهر الكريم بفترة، وهذه إشارة إلى عودة الحياة الطبيعية. فالجميع يريد أن يتنفس الحياة من جديد، بكل ما فيها من إيقاعات نابضة تلون حياتهم. وهذا الأمر لا يقتصر على نساء لبنان فقط، بل يطال أيضاً العربيات من أهالي الخليج والكويت والأردن، وغيرها».
المشكلة الوحيدة التي تواجهها عز الدين في هذا المجال هي عدم توافر الخياطين بعدد كافٍ. «في الفترة الأخيرة هاجر منهم كثيرون، بعضهم من اليد العاملة الأجنبية، إضافة إلى خياطين من أهل البلد. وخوفنا الوحيد يكمن في عدم قدرتنا على تلبية جميع الطلبات وتنفيذها في الوقت المحدد». وترى أورور عز الدين، أن بعض الخياطين غادروا البلاد بسبب الأزمة الاقتصادية. في حين آخرون غادروا بسبب خوفهم من الزلازل الطبيعية.

التطريز بالخيط الذهبي للمناسبات (خاص)

وعن الجديد الذي تتضمنه موضة العباءات هذه السنة، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «العباءة جددت حالها بحالها من خلال دخول أنواع أقمشة وتصاميم مختلفة عليها.
فهي ما عادت تنحصر بالعباءة التقليدية المطرزة بالخيط الذهبي أو الفضي المعروفين. فدخلت خزانة المرأة من بابها العريض كفستان ترتديه في عدة مناسبات. كما أن تصميم الـ(كوفر آب) المستوحى منها يلاقي اليوم رواجاً كبيراً يعنون الأناقة الشبابية».
دور أزياء أجنبية وعربية وضعت تصميم العباءة في مقدمة مجموعاتها لأزياء ربيع وصيف 2023، ومن بينها دار «إيلي صعب» والمصمم رامي القاضي من لبنان، و«بالانسياغا» و«أوسكار دي لا رينتا» و«فالنتينو»، وغيرهم. وتعلق عز الدين «هي موضة خرقت أكبر دور الأزياء في العالم لإرضاء المرأة أينما كانت. كما أن كثيرات من النساء من زبائني يؤكدن لي بأن العباءة تلفت الأجانب. فعندما يرتدين العباءة في حفل ما خارج لبنان، تنصبّ الأنظار عليهن كونها تلفت هؤلاء بشكل كبير». وعن الألوان الرائجة حالياً للعباءات، تقول أورور عز الدين «الألوان شكّلت هوية ثابتة عندي منذ بداياتي، ولكنها اليوم تعنون تصاميم العباءات برمتها. فكما البرتقالي والأزرق والبنفسجي كذلك يدخلها الفوشيا كي لا تمر العباءة مرور الكرام».

أورور عز الدين ترتدي أحد تصاميمها من العباءة الحديثة (خاص)

أما التطريزات التي ترافق تصميم العباءة، فهي لا تزال تحضر بالذهبي والفضي والبرونزي للسهرات وبالألوان للأيام العادية. وتتابع عز الدين «العباءة الرمضانية ما عادت تلتزم بالتقليدي منها. فهي اتجهت نحو موضة أكثر انفتاحاً، ولكنها أبقت على طابعها الشرقي».
ومن الأقمشة الرائجة في صناعة العباءات الكريب والـ«تافتا» والخفيف والمناسب لموسم الصيف كالقطن والكتان. كما دخلتها قصات جديدة بحيث تضيق مرات على الخصر أو تكون واسعة ومفتوحة ومطرزة على الأكمام.
وتعلق المصممة اللبنانية «هي صحيح خرجت عن التقليدي ولكن قصاتها تبقى محدودة. وما بات يميزها هو التفنن في تطريزها بالجلد أو الفرو والمخمل والريش حسب المناسبة».
حتى الرجال باتوا يركنون إلى تصميم العباءات كي يرتدوها في عطلة الأسبوع. وتوضح عز الدين «يختلف ارتداء العباءة عند الرجال بحيث تشكل بالنسبة لهم مساحة للراحة. فلذلك بعضهم يرتدونها في منازلهم عند استقبال ضيوفهم، وآخرون يفضلونها على البحر أو في حفل في الهواء الطلق. أما النساء فيتباهين بارتدائها في الصالونات كونها تنمّ عن أناقة لافتة تشعرهن بالتميز».
مؤخراً، أطلت الممثلة رندة كعدي في حفل تكريمها في مهرجان سينما المرأة العربية وهي ترتدي عباءة وإكسسوارات من تصميم عز الدين. «الفنانات والمذيعات كما المطربات بتن اليوم يرتدين العباءة كفستان ضمن إطلالاتهن. وتأتي الإكسسوارات معها والمصنوعة من أحجار ملونة وذات أحجام كبيرة ومنمنمة مرات أخرى، لتكمل هذه المشهدية. وهذه السنة تطبع هذه الإكسسوارات الألوان أيضاً لأن الناس متعطشة لمشاعر الفرح من جديد». تُعلق المصممة بأن ما مررنا به في السنوات الأخيرة كان مرهقاً، ودور الموضة اليوم أن تمحو آثار المعاناة بشكل أو بآخر.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.