يتجه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي مطلع شهر أبريل (نيسان) المقبل، لدعوة الهيئات الناخبة لانتخابات بلدية واختيارية تُجرى في مايو (أيار) المقبل، سواء كان هناك تفاهم على آلية تأمين التمويل أم لا، ملقياً بذلك عنه أي مسؤولية بما يتعلق بتأجيل هذه الانتخابات مرة جديدة، بعدما كانت قد أجلت العام الماضي بحجة عدم إمكان إجرائها بالوقت نفسه مع الانتخابات النيابية.
وبحسب معلومات «الشرق الأوسط»، سيدعو المولوي في 3 أبريل المقبل لانتخابات تجري تباعاً في المحافظات في 7 و14 و21 و28 مايو المقبل على أن تبدأ شمالاً.
وأُدرج بند تمويل هذه الانتخابات بمبلغ 8 ملايين و900 ألف دولار على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت الشهر الماضي، إلا أنه تم تأجيل البت به، وأعلن وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري صراحة، أن هناك احتمالاً لتأجيل موعد الانتخابات البلدية برغم إعلان وزير الداخلية جهوزية وزارته والحكومة لإجراء هذه الانتخابات.
وبحسب الشركة «الدولية للمعلومات»، هناك 1057 بلدية في لبنان، 108 منها منحلة يديرها القائمقام أو المحافظ، و28 بلدية مستحدثة أنشئت بعد عام 2016، وأيضاً يديرها القائمقام أو المحافظ.
ويضغط المجتمع الدولي على لبنان لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها، إلا أن لبنان الذي يعاني من أزمة مالية كبيرة يحاول تفادي أي مصاريف يعتبرها غير طارئة مع شح العملات الصعبة في المصرف المركزي. أضف أن هناك إشكاليات قانونية تواجه إقرار الاعتمادات المالية اللازمة المفترض أن يحصل من خلال مجلس النواب، الذي ترفض قوى أساسية انعقاده للتشريع في ظل الشغور الرئاسي.
وبرغم ذلك، باشرت الكثير من الأحزاب استعداداتها لهذه الانتخابات مع اقتناع معظمها بأن احتمالات تأجيلها كبيرة جداً.
ويشدد النائب «التغييري» ميشال الدويهي على «وجوب إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها لأسباب جوهرية أبرزها إلى جانب ضمان ديمومة الحياة الديمقراطية في البلد، السماح للناس باختيار مرشحيهم على المستوى الضيق خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل وعدم حماسة الدول المانحة لمساعدة الدولة مركزياً، وتوجهها لمساعدة السلطات المحلية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «إذا كان القانون يلحظ تسلم القائمقام والمحافظين البلديات في حال انتهاء ولاية مجالسها وهو أمر يبدو شبه مستحيل القيام به في ظل الأوضاع الحالية، فإنه وفي حال عدم انتخاب مخاتير جدد، فلا أحد يمكن أن يتسلم مهامهم، ما يعني الانهيار الكلي في البلد، باعتبار أنه لن يكون هناك عندها إمكانية لإصدار وثائق ولادة أو وفاة أو جوازات سفر وغيرها من المستندات الرسمية الأساسية».
ويشير الدويهي إلى أنه «في ظل عدم إمكانية انعقاد مجلس النواب الذي تحول إلى هيئة ناخبة، فإن الحل لتمويل هذه الانتخابات هو لجوء الحكومة للأموال التي حصل عليها لبنان في سبتمبر (أيلول) 2021 من صندوق النقد الدولي، وتبلغ قيمتها 1.135 مليار دولار كبدل حقوق السحب الخاصة «إس دي آر» (SDR) وقد تبقّى منها نحو 390 مليون دولار، موضحاً أنه «تم تخصيص 13 مليون دولار منها لتأمين جوازات سفر للمواطنين، وبالتالي ليس من الصعب تخصيص مبلغ 8 ملايين و900 ألف دولار لإنجاز الانتخابات البلدية والاختيارية».
ويضيف: «هناك الكثير من القوى السياسية غير المتحمسة لهذه الانتخابات لأنها ستكشف عن تراجع إضافي في شعبيتها ما يزيد من أزمتها التمثيلية، علماً بأنه ومع تبدد قيمة رواتب موظفي القطاع العام، بات على كل من يتقدم لخوض الانتخابات أن يعي أن عمله سيكون تطوعياً لإنقاذ ما تبقى من المؤسسات».
وبحسب الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك، فقد أُجريت آخر انتخابات بلدية واختيارية عام 2016 في عهد حكومة الرئيس تمام سلام التي كانت حكومة تصريف أعمال كما هي حال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الآن، وقد تمكنت من إنجاز الاستحقاق برغم شغور سدة الرئاسة، لافتاً إلى أنه «طالما هناك شريحة واسعة من النواب ترفض انعقاد مجلس النواب إلا لانتخاب رئيس، فإقرار الاعتمادات لإجراء الانتخابات إما يحصل عبر مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء بقبول هبة من هيئات مانحة خارجية، أو من خلال أموال اﻟSDR».
وإذ يتحدث مالك ﻟ«الشرق الأوسط» عن «عوائق كثيرة أبرزها لوجيستية، قد تمنع إنجاز الانتخابات في ظل إضراب موظفي الإدارة العامة»، يشدد على أن «التمديد للمجالس البلدية وللمخاتير لا يمكن أن يحصل إلا عبر مجلس النواب»، مشيراً إلى احتمال «تكليف البلديات بتصريف الأعمال بالمعنى الضيق وهو قرار معرض للطعن أمام مجلس الشورى».
إلا أن الباحث في «الشركة الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، يعتبر أنه بخلاف ما يقول البعض، فإنه «مع انتهاء ولاية المجالس البلدية القائمة بعملها وكذلك المخاتير في 31 مايو المقبل، فهي تستطيع أن تستمر لأشهر أو سنة أو أكثر بعملها، فيصدر قانون بتمديد الولاية بمفعول رجعي بعد حين»، لافتاً في تصريح ﻟ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذا حصل في الماضي حين انتهت ولاية المجالس البلدية والمخاتير في مايو (أيار) 1967، وتم التمديد إلى يونيو (حزيران) 1969، وانتهت الولاية وصدر قانون بالتمديد في يوليو (تموز) 1971، أي استمرت بالعمل سنتين وشهراً من دون قانون».
وفي الإطار نفسه، أسف السياسي اللبناني توفيق سلطان لتنامي الخطاب الطائفي الذي طاول بتداعياته العيش المشترك في طرابلس في شمال لبنان من بوابة الانتخابات البلدية، موضحاً أن التمثيل المسيحي في بلدية طرابلس في الانتخابات الأخيرة (2016) يعود بشكل أساسي إلى إحجام المسيحيين عن الاقتراع، وهو ما أكده مطران أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس يوحنا منصور في ذلك الوقت، في وقت اقترع مسلمون للمرشحين المسيحيين في المدينة.
ورفض سلطان استخدام الانتخابات البلدية السابقة في طرابلس «لتغذية فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين واستهداف مدينة بيروت»، في إشارة إلى مطالب بعض المسيحيين أخيراً تقسيم بلدية بيروت إلى بلديتين، وقال: «هناك استعمال مزور لملف طرابلس بهدف إثارة فتنة طائفية، وهو شغب سياسي يمارسه مفلسون في السياسة».
وإذ لفت إلى خطاب «التيار الوطني الحر» لجهة مقاطعة جلسات مجلس الوزراء «تحت عناوين طائفية»، شدد على أن «المناخ الكهنوتي مختلف عن المناخ السياسي»، مستدلاً في ذلك إلى تبدل في خطاب البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي انتقل من رفض اجتماعات مجلس الوزراء بسبب الشغور الرئاسي، إلى الضوء الأخضر الذي منحه للحكومة للاجتماع لمعالجة الأزمات في لبنان، وذلك إثر لقاءات عدة بينه وبين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
لبنان: ضغوط لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها
نواب ينبهون من انهيار البلد كلياً بغياب المخاتير
لبنان: ضغوط لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة