مصادمات واعتقالات في احتفالات أكراد تركيا بعيد النيروز

بسبب المطالبة بإنهاء السجن الانفرادي لأوجلان واستقالة الحكومة

رجل كردي يقفز فوق نيران لدى احتفال أنصار «حزب العمال الكردستاني» بعيد النيروز في إسطنبول أمس (إ.ب.أ)
رجل كردي يقفز فوق نيران لدى احتفال أنصار «حزب العمال الكردستاني» بعيد النيروز في إسطنبول أمس (إ.ب.أ)
TT

مصادمات واعتقالات في احتفالات أكراد تركيا بعيد النيروز

رجل كردي يقفز فوق نيران لدى احتفال أنصار «حزب العمال الكردستاني» بعيد النيروز في إسطنبول أمس (إ.ب.أ)
رجل كردي يقفز فوق نيران لدى احتفال أنصار «حزب العمال الكردستاني» بعيد النيروز في إسطنبول أمس (إ.ب.أ)

شهدت احتفالات عيد النيروز، الذي يوافق بداية فصل الربيع مصادمات عنيفة بين الشرطة والمشاركين في الاحتفالات في عدد من ولايات شرق وجنوب شرقي تركيا ذات الأغلبية الكردية، بعد ترديد هتافات تطالب بإنهاء السجن الانفرادي لزعيم حزب العمال الكردستاني (المصنف منظمة إرهابية) عبد الله أوجلان وإنهاء عزلته في محبسه بجزيرة إيمرالي شمال غربي البلاد، حيث يمضي عقوبة بالسجن مدى الحياة إلى جابن المطالبة باستقالة الحكومة بدعوى إخفاقها في التعامل مع كارثة زلزالي 6 فبراير (شباط).
وأعلن مكتب والي إسطنبول، الاثنين، أنه تم القبض على 224 شخصاً من المشاركين في تجمع أقيم في ميدان يني كابي، ليل الأحد. كما تم القبض على العشرات في ولايات بينجول (شرق) وماردين وبطمان (جنوب شرقي) بعد ترديد هتافات تطالب بإنهاء عزلة أوجلان في سجنه خلال مسيرات نظمت للاحتفال بعيد النيروز الذي يوافق 21 مارس (آذار) من كل عام ويحتفل به في تركيا وإيران وما يعرف بـ«دول العالم التركي».
وخيمت أجواء من الصمت والحزن على احتفالات النيروز في تركيا بسبب كارثة الزلزالين المدمرين، اللذين ضربا 11 ولاية في جنوب وشرق وجنوب شرقي البلاد، حيث تتركز غالبية من الأكراد.
وشارك في الاحتفالات، التي ينسقها حزب الشعوب الديمقراطية الذي يقود تحالف «العمل والحرية»، الذي يضم أيضاً أحزاب العمال، الحركة العمالية، اتحاد الجمعيات الاشتراكية الحرية المدنية، ذات التوجه اليساري، وعدداً من قادة الأحزاب والسياسيين، الذين وجهوا انتقادات حادة لحكومة الرئيس رجب طيب إردوغان واتهموها بالفشل في مواجهة كارثة الزلزال والتعامل السريع معها، مما أدى إلى فقدان آلاف الأرواح تحت الأنقاض. مؤكدين أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 مايو (أيار) ستشهد نهاية حكم إردوغان وحزب العدالة والتنمية للبلاد.
وبدأت الفعاليات التي بدأت، بشكل مبكر الأحد، في أنحاء تركيا بالوقوف دقيقة صمت على من فقدوا أرواحهم في الزلزال والسيول التي أعقبته. وطبعت الكارثة والاحتجاجات ضد الحكومة قبل الانتخابات بصمتها على الاحتفالات التي كانت عادة ما تتم في أجواء من البهجة.
وفي الاحتفال الذي أقيم في العاصمة أنقرة، بحضور ممثلي أحزاب تحالف «العمل والحرية»، رفعت لافتة كتب عليها «نسير إلى الحرية وإلى حياة جديدة بروح التضامن»، و«لا مسامحة... هناك حساب» (في إشارة إلى اعتذار الرئيس رجب طيب إردوغان ومطالبة المواطنين في المناطق المنكوبة بالزلزال بمسامحته وحكومته عن التأخير في جهود الإنقاذ في الأيام الأولى لكارثة الزلزال) و«عاشت أخوة الشعوب».
وفي إسطنبول، أقيم أكبر احتفال بالنيروز، واستخدم اللون الأسود فقط في أرجاء ميدان يني كابي وعلى المنصة الرئيسية حداداً على من فقدوا حياتهم في كارثتي الزلزال والسيول. وبرزت في المقدمة شعارات «الحكومة لا بد أن تستقيل» و«لا مسامحة... هناك حساب».
وقالت الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطية، بروين بولدان، في كلمة ألقتها خلال الحشد الكبير الذي تجمع في يني كابي، إن النيروز هذا العام مخصص لأولئك الذين فقدوا حياتهم في الزلزال، وإن تحالف «الشعب»، المؤلف من حزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية، الذي يدعمه حزب الوحدة الكبرى، لن يكون هو مصير هذا البلد بعد الزلزال.
وأضافت: «يجب أن يعلم الجميع أن حزب العدالة والتنمية وشريكه الأصغر (الحركة القومية) حكموا هذا البلد للمرة الأخيرة. بقي القليل من الوقت، أمامنا أقل من شهرين، 14 مايو (تاريخ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية) فرصة مهمة بالنسبة لنا وسيكون أيضاً علامة فارقة لتركيا، وهو التاريخ الذي سنظهر فيه مدى عظمة شعب تركيا في هذه الانتخابات، حيث سيكشف حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية كيف يمكن للنساء والشباب تغيير هذا البلد وتحويله».
وطالبت بولدان بإنهاء الظروف القاسية للحبس الانفرادي لزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان.
وأفاد بيان لمكتب والي إسطنبول أنه تم القبض على 224 شخصاً في يني كابي خلال الاحتفال الذي نظمه حزب الشعوب الديمقراطية، بعد أن حاولوا وضع لافتات، ورددوا شعارات «غير قانونية».
ويواجه حزب الشعوب الديمقراطية، المؤيد للأكراد، دعوى لإغلاقه أمام المحكمة الدستورية العليا في تركيا بدعوى أنه يشكل ذراعاً سياسية لحزب العمال الكردستاني ويمارس أنشطة تستهدف وحدة الدولة مع شعبها. ويعد الحزب هو ثالث أكبر الأحزاب الممثلة في البرلمان التركي بعد حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري.
وفي الاحتفالات التي نظمت في بينجول وماردين وبطمان بحضور نواب حزب الشعوب الديمقراطية وممثلي أحزاب تحالف «العمل والحرية» رفعت المطالب ذاتها المتعلقة بأوجلان واستقالة الحكومة. ووقعت مصادمات بين الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المشاركين في المسيرات، التي تحولت إلى احتجاجات ضد الحكومة، بينما رشقها المحتجون بالحجارة. وألقي القبض على 27 شخصاً في بطمان، والعشرات في الولايات الأخرى.
كما أقيمت احتفالات، شهدت احتجاجات مماثلة، في مانيسا وتكيرداغ ودنيزلي وأيدين ومرسين وأنطاليا وموغلا وكوجايلي وبالكسير وأيفاليلك، في غرب وشمال غربي وجنوب وجنوب غربي تركيا، لكنها كانت أقل حدة من حيث المواجهات بين الشرطة والمشاركين في الاحتفالات.
وتحدث رئيس حزب العمال التركي، إركان باش، خلال الاحتفال الذي أقيم في إزمير متهماً الحكومة بالفشل في إحضار الآلات لإزالة الحطام أثناء كارثة الزلزال بينما كان الناس يتألمون.
وقال إن «سكان القصر في أنقرة (في إشارة إلى الرئيس إردوغان وحكومته)، الفخورين بقصورهم، لم يتمكنوا من إحضار الحساء عندما كان الناس في حاجة إليه في تلك الأيام التي عانوا فيها الألم الشديد، تركونا وشأننا. حاولوا تقسيم الشعب منذ سنوات، ولم ننجُ إلا من خلال الإمساك بأيدي بعضنا بعضاً».
وأضاف: «قالوا إن الزلزال هو كارثة القرن وطلبوا أن نسامحهم... الآن سوف نحاسبهم... لقد نظمنا تضامن القرن لإنقاذ شعبنا، فاستعدوا الآن فـ(حساب القرن قادم)... إن حزب الشعوب الديمقراطية، الذي يحاولون إغلاقه، والشعب الكردي، ليسا وحدهما... لا يمكنك (إردوغان) إغلاق إرادة الشعب الكردي، لكننا قادمون لإغلاق قصرك... سيتم إغلاق هذا القصر».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.