الراوي... قصة سقوط بغداد واللقاءات الأخيرة مع صدّام

وزير التجارة العراقي الأسبق يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن مشاهد «الجثث المحترقة» و«معركة المطار» وكيف سلّمه السوريون للأميركيين «يداً بيد»

محمد مهدي صالح الراوي
محمد مهدي صالح الراوي
TT

الراوي... قصة سقوط بغداد واللقاءات الأخيرة مع صدّام

محمد مهدي صالح الراوي
محمد مهدي صالح الراوي

كان محمد مهدي صالح الراوي، وزير التجارة العراقي الأسبق ووكيل رئيس ديوان الرئيس الراحل صدّام حسين سابقاً، شاهداً على الغزو الأميركي لبلاده في 20 مارس (آذار) 2003. عاين بأم عينيه حملة «الصدمة والترويع» التي أعلنها الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش وتضمنت قصفاً عنيفاً للمنشآت العراقية، قبل تقدم القوات البرية نحو بغداد. يتذكر «الجثث المحترقة» التي نتجت عن القصف الأميركي. يتذكر الاجتماعات الأخيرة التي عقدها مع صدّام، قبل انهيار نظامه. ويتذكر مشاهدته الدبابات الأميركية وهي تدخل العاصمة العراقية. غادر الراوي بغداد بعد سقوطها في 5 أبريل (نيسان). ذهب إلى مسقط رأسه في راوة بمحافظة الأنبار قرب الحدود السورية. ومن هناك، دخل إلى سوريا نفسها حيث استقبله آصف شوكت، مسؤول الأمن السوري وزوج شقيقة الرئيس بشار الأسد. كان الراوي يعتقد أنه سيكون موضع ترحيب في سوريا. فهو من مهندسي عودة العلاقات العراقية – السورية، وكان مكلفاً من الرئيس صدّام بملف سوريا. لم يدم بقاؤه في سوريا طويلاً. أعاده السوريون إلى الحدود العراقية حيث تسلّمه مباشرة الجنود الأميركيون يداً بيد. فهو المطلوب رقم 35 على قائمة أبرز المطلوبين للولايات المتحدة من أركان حكم صدّام. وُضع في قائمة المطلوبين بملف «أسلحة الدمار الشامل» التي زعم الأميركيون أن صدّام يمتلكها وبرروا بها الغزو، من دون أن يجدوا دليلاً على وجودها. بعد 9 سنوات في المعتقل، أُفرج عن الراوي بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا حكماً ببراءته. «الشرق الأوسط» أجرت حواراً مع المسؤول العراقي الأسبق تحدث فيه عن ذكرى الغزو وكيف انتهى به المطاف في أيدي الأميركيين:
يتذكر الراوي بوضوح ليلة بدء الحرب، لكنه يؤكد أنها لم تكن مفاجئة. يقول: «لم يكن الغزو الأميركي للعراق وبداية الاعتداء الغاشم على بلدنا مفاجئاً للمسؤولين والوزراء والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والتنظيمات الحزبية... كان الجميع متأهباً في تلك الليلة وحتى قبل أن يحصل القصف الجوي وتبدأ المعارك البرية. كانت الدولة والأجهزة الأمنية مستعدة على الأرض وفي كل الميادين لمواجهة العدو. وبالتالي لم نفاجأ بهذا الغزو غير المبرر. فقد كان هناك قرار أميركي مسبق باحتلال العراق تحت أي ذريعة».
ويتابع: «بالنسبة لي، بقيتُ في الوزارة مع زملائي. لم نترك مقراتنا، وكنا نتابع الأمور. فقد استبقنا الحرب بأن أمّنّا خزيناً من الغذاء الاحتياطي للمواطنين يدوم ستة أشهر. كان الهدف أن يكون لدى المواطنين ما يكفيهم عندما تندلع الحرب. وبالفعل أنجزنا هذه المهمة قبل أن يبدأ القصف الجوي على بغداد. بقينا في الوزارة أنا والمديرون العامّون والموظفون... كنا في الوزارة ليلة بدء القصف، ولم نغادر مكاننا. ولكن كان لدينا أيضاً مكان آخر احتياطي في ساحة عدن القريبة من موقع الوزارة. يقع هناك مقر إحدى شركاتنا التي تدير مخازن الدقيق والخبز. بقينا نتناوب بين مقر الوزارة والمقر الاحتياطي طوال فترة القصف الجوي والمعارك البرية وحتى احتلال بغداد. لم نغادر».

محمد مهدي صالح الراوي ضمن قائمة أبرز المطلوبين للولايات المتحدة من نظام الرئيس الراحل صدام حسين (غيتي)

ويتحدث الراوي عن آخر الاجتماعات التي حضرها للقيادة العراقية خلال الغزو وحتى سقوط النظام. يقول: «حضرت 3 اجتماعات بعد الغزو مع الرئيس الراحل صدّام حسين. الاجتماع الأول كان بعد أكثر من أسبوع من بدء القصف الجوي وانطلاق المعارك البرية. حضرت مع وزير النفط. كان الرئيس قد طلب منّي أن أُدخل مواد غذائية إلى مدينة بغداد تحسباً لأن تكون هناك معارك مع العدو داخلها. كذلك طلب من الدكتور عامر رشيد، وزير النفط، أن يكثّف الدخان المحترق من الوقود لحرف اتجاهات الصواريخ عن أهدافها المحددة. الاجتماع الثاني حضرته أيضاً مع وزير النفط، بعدما طلبنا الرئيس الراحل مجدداً. حضرنا وقتها اجتماع القيادة وكان الرئيس صدّام يتابع موضوع تأمين الغذاء داخل بغداد. فطمأنته وقلت له إننا أكملنا تجهيز 6 أشهر للمواطنين، ولذلك لا يوجد مبرر للقلق من هذا الجانب. كما أكدت له أنه لا سبب للقلق في بغداد تحديداً؛ إذ لدينا مخزون فائض من الأغذية يكفي أكثر من ستة أشهر. فقال: رغم ذلك، واصلوا جهدكم... كان هذا قبل أن تدخل الدبابات الأميركية إلى المدينة. الاجتماع الثالث كان في يوم 3 أبريل وحضره قادة عسكريون. وكان حاضراً (ابنا صدّام) قصي وعدي ووزير الدفاع (سلطان هاشم الطائي). كان القادة العسكريون يناقشون الوضع بعدما دخلت القوات الأميركية إلى بغداد، فطلب مني الرئيس الراحل أن أعاون الجيش في نقل السلاح. وبالفعل حضر عميد ركن من الحرس الجمهوري واستقر في إحدى شركات وزارة التجارة وهي الشركة العامة لتجارة الحبوب في باب المعظم بوسط مدينة بغداد إلى جانب المدير العام للشركة يوسف عبد الرحمن العاني. وحسب طلب ممثل الحرس الجمهوري، استمر نقل السلاح من مخازن العظيم ومن مخازن تكريت إلى المواقع المطلوبة. استمر النقل إلى أن احتُلت بغداد وتوقف العمل بعد دخول غوغائيين إلى مقر الشركة (بعد احتلال بغداد). كان هذا آخر اجتماع لنا بالرئيس صدّام».
هل ودّعكم صدّام في اللقاء الأخير؟ هل شعرتم بأنه سيكون لقاء الوداع؟ يرد الراوي بالقول: «لا أبداً. لم يكن أبداً هذا شعورنا. لم نشعر بأن الأمور ستنتهي إلى ما آل إليه الوضع. ونحن أدّينا واجبنا في وزارة التجارة حتى آخر لحظة في تأمين الغذاء للشعب العراقي منذ أن فُرض الحصار وعلى مدى أكثر من 13 عاماً وساعدنا أيضاً جهات أخرى بقدر ما نستطيع وبقدر ما كُلّفنا به كوزارة تجارة... طبعاً وزارة التجارة لديها أسطول كبير لنقل المواد، ولذلك طلب منا الرئيس الراحل أن ننقل السلاح. فلدينا قرابة 2000 شاحنة من الشاحنات الكبيرة القادرة حتى على نقل الدبابات... وبالفعل، جهزنا وزارة الدفاع بنحو 45 شاحنة لنقل الدبابات قبل أن تبدأ المعارك و2750 ماطوراً بثلاث عجلات».
وعندما يُسأل عن شعوره وهو يرى الدبابات الأميركية تدخل بغداد، يرد الراوي قائلاً: «طبعاً شعوري هو شعور شخص وطني يقاوم احتلالاً غاشماً لبلده من دون سبب... كانت مشاهد الدبابات وهي تدخل بغداد مؤلمة. ولكن لا المجتمع الدولي ولا المجتمع الإقليمي ولا حتى الجامعة العربية قامت بدور جدّي لمنع هذا العدوان. قمة شرم الشيخ أصدرت بياناً يدين أي عدوان على العراق، ولكن لم يكن هناك عمل فعلي لمنع وقوعه».
ويتحدث الراوي عن مشاهداته للقصف الذي استهدف بغداد مع بداية الغزو، فيقول: «كان القصف شديداً جداً وبخاصة على بغداد. طال الدمار الأبنية والمواطنين. كنت أرافق شاحنات الدقيق التي توصّل الدقيق إلى المخابز في مدينة بغداد. وكنت شاهداً في إحدى المرات على طائرات الأباتشي وهي ترشق المواطنين بطلقات نارية يميناً وشمالاً على طريق (الدورة – مسجد أم الطبول- المطار)، فحرقت السيارات المارة والسيارات الواقفة على جانبي الطريق. استُشهد مدير التعبئة والإحصاء التابع لوزارة التجارة، هو وزوجته. ذهبت بنفسي إلى مكان الحادث في سايلو الدورة. لاحظت الجثث وبعضها كان ما زال يحترق بعد الضربة. بعضهم كانوا ما زالوا أحياء داخل السيارات المحترقة. وجدت أن الموظف عندي واسمه نصرت هو وزوجته قد تفحما بشكل فوري في سيارتهما. شاهدت منظراً لا إنساني يخالف قواعد الحرب سبّبته الضربات الأميركية على مواطنين يسيرون في الشارع. المشهد لا يزال في ذاكرتي وكيف كان الضحايا يحترقون داخل سياراتهم وهم في النزع الأخير».
ويضيف موضحاً: «كان هذا الحادث بداية معركة المطار، حيث أُعلن قبل يوم أن القوات الأميركية دخلت المطار. ذهبتُ مع وزير النقل أحمد مرتضى، ونقلتْ وسائل الإعلام مشهد صعودنا إلى طائرة جامبو داخل المطار لإثبات عدم صحة الخبر الذي أطلقه الأميركيون. بعدها بيوم دخلت القوات الأميركية المطار وواجهت مقاومة شرسة من فصائل الحرس الجمهوري والحرس الخاص و(فدائيي صدّام) والمتطوعين العرب، وأُبيد معظم القوات المعادية وتقهقر المتبقي خارج المطار، مما دفع القوات الأميركية إلى استخدام أسلحة فتاكة محرّمة أبادت معظم المقاتلين وصهرت الدبابات في هجومها الثاني على المطار، ما مكّنها من احتلاله. ولقد سبق أن أبلغني مسؤول عربي كبير قبل ثلاثة أشهر من بدء العدوان على العراق بأنه علم من قائد القوات الأميركية الجنرال تومي فرانكس المكلف بقيادة جيش بلاده لاحتلال العراق، بأنه إذا نشبت الحرب فإن القوات الأميركية ستحتلّ العراق بكل الأسلحة المتاحة حتى وإن تطلب الأمر استخدام القنابل النووية الميدانية (التكتيكية). شدد (المسؤول العربي) على ضرورة الكشف عن أسلحة الدمار إذا كانت موجودة، فقد كان حريصاً على منع وقوع الحرب. فأكدتُ في اللقاء خلوّ العراق من أسلحة الدمار، وتم إيصال هذه المعلومات إلى الرئيس... والذي أُريد التأكيد عليه هنا أن الذي حصل في المعركة الثانية في المطار باستخدام أسلحة محرمة وفتاكة كان جزءاً من خطة غزو العراق المعدّة مسبقاً والتصميم على احتلاله».

سقوط بغداد... وسقوطه في أيدي الأميركيين

ويروي الراوي قصة خروجه من بغداد بعد احتلالها وكيف انتهى به المطاف في أيدي الأميركيين. فيقول: «لم نكن في الأساس نتوقع أن تُحتل بغداد وأن يُحتل العراق. لذلك لم تكن لدينا خطة، على الأقل كوزراء، للتعامل مع احتلال العراق. الذي حصل أنه بعد دخول القوات الأميركية إلى بغداد، اتصل بنا في يوم 9 أبريل سكرتير أمانة مجلس الوزراء الدكتور خليل المعموري وأبلغ ممثلي الوزراء الذين يستلمون التوجيهات من المجلس يومياً أو إيصال المعلومات إليه، بأن الوزراء يمكنهم أن يذهبوا إلى المكان الذي يرغبون فيه. مدينتي هي راوة وعائلتي وأهلي هناك. فاتجهت إلى راوة التي تبعد عن الحدود السورية نحو 100 كلم. عوائلنا الراويون موجودون في البوكمال وفي دير الزور وفي حلب. كان هناك تواصل منذ زمن طويل كعوائل على طول خط الفرات الأعلى (بين العراق وسوريا). فلما وصلت إلى راوة، أشاروا عليّ أن أذهب إلى سوريا لفترة أسبوعين وأراقب الموقف، علماً بأنني في الحقيقة لم أكن مهيئاً نفسياً للسفر إلى أي بلد خارج العراق ولا يوجد لديّ سوى جوازي الدبلوماسي. في اليوم التالي، اتجهت إلى سوريا مع أخي مزهر، ومعي المستشار في رئاسة الجمهورية عصام عبد الرحيم الراوي المشرف على نقطة طريبيل. وصلنا إلى سوريا، وفي الواقع لديّ علاقة قوية بالجانب السوري. فقد كنت عندما أطلب زيارة للرئيس بشار الأسد تتم تلبية الطلب. وقد أرسلني الرئيس الراحل صدّام مبعوثاً إلى الرئيس بشار حينما عُيّن رئيساً للجمهورية. وتم توقيع اتفاق للتجارة الحرة وفُتحت الحدود بحيث أصبح العراق وسوريا سوقاً اقتصادية موحدة وتم تشغيل أنبوب النفط الذي يعد خطوة مهمة في إطار الخروج من طوق الحصار عام 2000، وعلى هذا الأساس، حينما ذهبت إلى سوريا (بعد احتلال العراق) لم يكن لديّ قلق على أساس أنني أذهب إلى بلد أمتلك علاقة قوية به. استقبلني آصف شوكت في حينه وأبلغني أن أُحضر عائلتي إنْ رغبت، فقلت له: شكراً. أريد العودة للعراق، ولكن سأبقى في سوريا لأسبوعين كي أرى تطور الموقف في العراق، حسبما أبلغت مدير استخبارات دير الزور. في نفس الليلة، أخذَنا آصف شوكت إلى عشاء أنا والسفير العراقي... وتغيّر الموقف بالليل بعد العشاء».
يضيف الراوي شارحاً ما حصل معه: «نقلوني إلى شقة في المزة أنا وزملائي. كانت الشقة أقل ما يمكن أن نقول عنها إنها كانت وسخة جداً. ليس بها شيء. كان واضحاً أنها تعود لموظفي الاستخبارات العسكرية. لم يكن هناك شيء في الثلاجة. شعرنا بأن الاستقبال الأول كان جيداً قبل الظهر... ولكن في الليل كان الموقف قد تغيّر. ويبدو أنه تم اتخاذ قرار بتسليمي منذ ذلك الوقت. طلبنا مباشرة العودة إلى العراق. بعد يومين فرّقونا. اعتُقل أخي لدى استخبارات دير الزور، وأنا حجزوني في إقامة جبرية في قرية تسمى قرية الأسد، كما أعتقد، انتظاراً لاستكمال الترتيبات اللوجيستية للتسليم... سكنت في بيت وبقي برفقتي خمسة ضباط يراقبونني ولا يسمحون لي بأن أخرج منه. فكتبت رسالة إلى الرئيس بشار بيّنت فيها أنني فلان ابن فلان وأنني جئت إلى سوريا لمدة أسبوعين وشكرته على حسن الضيافة وطلبت العودة إلى العراق وإعلامي عن مصير شقيقي. كان هذا يوم 21 أبريل 2003 قبل يومين من تسليمي. يوم 23 أبريل جاءني العميد يونس مكلفاً من اللواء آصف شوكت وأخبرني بأنه حصلت موافقة (السيد الرئيس) على عودتك... الساعة 12 (ظهراً) غادرنا دمشق في سيارة أوبل ومعنا أحد موظفيه. وصلنا إلى قرب دير الزور فقلت رجاءً أن توقفني قليلاً في المدينة كي أرى أخي فلديّ حدس كبير أنه معتقل في دير الزور. وهذا الأمر كنت قد أوضحته في رسالتي إلى الرئيس بشار التي ذكرت فيها: أرجو إبلاغي عن مصير أخي لأنني فقدته في اليوم الثالث من مجيئي إلى سوريا. لدى وصولنا إلى البوكمال شكرت العميد يونس وقلت له: أمامنا مدينة القائم التي تسمى حصيبة، فاسمح لي أن أدخل إلى بلدي. فقال لي: لا تستطيع الدخول إلى بلدك من المنفذ الرسمي وإنما سيأتي نفس الشخص الذي أوصلك إلى دمشق من دير الزور في البداية، وهو العميد ركن نصيح، وهو سيوصلك إلى حصيبة وإنما عن طريق المهربين عبر الصحراء. فقلت له: ما السبب؟ أمامي القائم والمسافة قصيرة لا تستغرق أكثر من خمس دقائق سيراً على الأقدام وحالياً ليل والجو بارد، فلماذا تريدون إيصالي عبر طريق المهربين؟ فقال لي: هذا هو التوجيه. خرجتُ بالسيارة إلى الصحراء وكان معي العميد ركن نصيح من استخبارات دير الزور. بعد نحو 20 دقيقة، وصلنا إلى نقطة معينة. أطفأ الأضواء. مشينا في الظلمة. دخلنا إلى منخفض صغير وخرجنا في الأراضي العراقية. وجدت أمامي سبعة جنود أميركيين طلبوا منّا الوقوف ووجهوا البنادق الليزرية عليّ. فتوقفت. سلمني العميد ركن نصيح للأميركيين تسليم يد. كتّفوني ووضعوا قبعة على رأسي وأدخلوني إلى عربة همفي سارت في الصحراء العراقية نحو ربع ساعة. ثم دخلت مع السيارة في طائرة (تشينوك) وصلت إلى قاعدة يبدو أنها قاعدة الوليد قرب الحدود الأردنية. كانت هناك طائرة ثابتة الجناح تنتظرني، نقلوني بها إلى بغداد».
ويتابع: «وصلتُ قرابة العاشرة ليلاً، وبدأ التحقيق معي على مدى خمس ساعات. كان هناك مترجم لبناني يعمل مع المحقق الأميركي. قلت له إنني لا أحتاج إلى مترجم. فأنا خريج بريطانيا (لديه شهادة دكتوراه من جامعة مانشستر)، وأستطيع أن أتحدث معك بالإنجليزية. استمر التحقيق خمس ساعات. في الساعة الرابعة صباحاً نُقلتُ إلى غرفة كان فيها وزير التعليم العالي العراقي الدكتور همام عبد الغفور والدكتور سطام الكعود وشخص يدعى (أبو محمود الخلايلة) ينتمي إلى مجموعة أبو نضال الفلسطينية، وكان قد سلّم نفسه آنذاك وهو غير مطلوب للقوات الأميركية. أعطوني كيس زبالة أسود لاستخدامه كفراش، وكان الجو بارداً لكن نمنا أربعتنا على بطانية واحدة في هذه الغرفة من دون غطاء. في الصباح جاءني شخص وسأل: لماذا عدت؟ فقلت: طلبت من السلطات السورية -لم أقل من الرئيس بشار- أن أرجع إلى بلدي. سألني عن أمور أخرى مثل: مَن ذهب معك؟ فقلت: لم يذهب معي أحد. وبالطبع لا يمكن أن أبلغ عن زملائي. في اليوم التالي استدعاني رئيس المحققين في الاستخبارات العسكرية وقال لي إن واشنطن منزعجة جداً منك لأنك لم تقدم معلومات صحيحة. قلت له كيف؟ فقال: أنت تقول إنك ذهبت لوحدك إلى سوريا ولكن في الرسالة التي أرسلتها إلى الرئيس بشار الأسد كنت تسأل عن مصير أخيك مزهر مهدي صالح، إذن أنت لا تعطينا معلومات صحيحة. فقلت له: إن مزهر أخي رجل لا علاقة له بالسياسة وجاء معي ليخدمني، فلماذا أعطيكم اسمه؟ حتى رسالتي إلى الرئيس السوري وصلت إلى الأميركيين وعرضوها عليّ».
وعندما يُسأل الراوي عن فحوى رسالته إلى الرئيس السوري، يقول إنها تضمنت أموراً عدة بينها «موضوع يخص البلدين ومستقبل أمن سوريا. كان الرئيس صدّام قد كلفني بأن أبلغ الرئيس بشار بها. وقتها اجتمع مجلس قيادة الثورة والقيادة العراقية، وبعد انتهاء الاجتماع اتصل بي نائب رئيس الوزراء طارق عزيز، وقال لي إن الرئيس يقول إن هناك تهديداً على سوريا ونحن حاضرون أن نهيئ الجيش العراقي، فأبلغ الرئيس بشار بهذا الموضوع. اتصلت بالعميد ذو الهمة وقلت له إن هذه رسالة من الرئيس صدّام للرئيس بشار يقول فيها إن الجيش العراقي حاضر ومستعد لدعم سوريا في مواجهة أي تهديد بعدما سمعنا أن هناك تهديداً ضدكم. عاد العميد ذو الهمة بجواب بعد ساعة وشكر الرئيس صدّام، وقال: إن وضعنا حالياً جيد ولا نشعر بخطر، وسنبلغكم إذا احتجنا لأي شيء. انتهى الموضوع بالنسبة لي، ولكن الرئيس أرسل وزير الدفاع العراقي إلى دمشق وحرّك حينها الجيش باتجاهين؛ الأول التنف، والآخر البوكمال باتجاه سوريا لدعمها إزاء التهديد ضد سوريا من إسرائيل. كانت هذه الرسالة في الحقيقة مصدر التحقيق معي من الأميركيين الذي طلبوا معرفة السبب الذي دفع صدّام إلى أن يكلفني أنا بالذات بهذه المهمة، فقلت لهم: إنني الشخص المعنيّ بالعلاقة مع سوريا».
ويختم الراوي ذكرياته بالقول: «بعد انتهاء المحقق من أسئلته، وجّهت إليه السؤال التالي: لماذا جئتم لاحتلال العراق ولقد كانت علاقاتكم متينة معه في الثمانينات، وكنتم تقدمون له قرضاً سنوياً بمقدار مليار دولار، ووقّعت أنا مع وزير التجارة الأميركي اتفاقية واسعة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتكنولوجي؟ فأجاب: جئنا لبناء الديمقراطية وسننسحب بعد إنجاز ذلك. أجبته: لن تؤسسوا ديمقراطية حقيقية في العراق ولن تنسحبوا منه وسيحكم العراق كل من المؤسسة الدينية والمؤسسة العشائرية، وسيتحول العراق، البلد الآمن، إلى بلد ينشأ فيه التطرف وسترتفع أسعار النفط إلى أعلى بكثير من الأسعار الحالية البالغة 20 دولاراً للبرميل، وستحصل حالة عدم استقرار في المنطقة. فانهيار العراق، عبر التاريخ، يقود إلى انهيار في المنطقة وستنشأ حالة عدم استقرار واضطراب تقود إلى اختلال في التوازن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط. والشعب العراقي شعب صعب المراس لم يحكمه عبر التاريخ سوى سرجون الأكدي وحمورابي وآشور بانيبال ونبوخذ نصر والحجاج وهارون الرشيد وصدّام حسين. وكان يسجّل جوابي. وكان ذلك في صباح يوم 25 أبريل 2003».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

إعلام فلسطيني: مسيّرات إسرائيلية تستهدف مواطنين شمال غربي رفح

دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية في رفح (رويترز)
دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية في رفح (رويترز)
TT

إعلام فلسطيني: مسيّرات إسرائيلية تستهدف مواطنين شمال غربي رفح

دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية في رفح (رويترز)
دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية في رفح (رويترز)

نقلت وكالة أنباء العالم العربي عن وكالة شهاب الفلسطينية للأنباء، اليوم (الخميس)، أن مسيّرات إسرائيلية استهدفت مجموعة من المواطنين شمال غربي رفح.

ولم تذكر الوكالة أي تفاصيل إضافية عن الاستهداف الذي وقع في حي الحشاشين.


اقتحامات ومساعدات تُعمق أزمة غزة


امرأة فلسطينية تعاين منزلاً دمّرته غارة إسرائيلية في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة أمس (د.ب.أ)
امرأة فلسطينية تعاين منزلاً دمّرته غارة إسرائيلية في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة أمس (د.ب.أ)
TT

اقتحامات ومساعدات تُعمق أزمة غزة


امرأة فلسطينية تعاين منزلاً دمّرته غارة إسرائيلية في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة أمس (د.ب.أ)
امرأة فلسطينية تعاين منزلاً دمّرته غارة إسرائيلية في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة أمس (د.ب.أ)

تعمقت أزمة الحرب في غزة، أمس، على وقع مساعدات أميركية لإسرائيل لـ«الدفاع ضد التهديدات»، وبموازاة ذلك تواصلت استفزازات المستوطنين في محيط المسجد الأقصى الذي سعوا لاقتحامه.

ووقّع الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، قانوناً يقدم مساعدات جديدة لإسرائيل بقيمة 26 مليار دولار، وقال إن الخطوة تقدم «دعماً حيوياً لشركاء أميركا حتى يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم أمام التهديدات التي تتعرض لها سيادتهم». وأضاف: «التزامي تجاه إسرائيل لا يتزعزع، فأمن إسرائيل مهم للغاية». ويتضمن مشروع القانون كذلك مليار دولار مساعدات إنسانية لغزة، وطالب بايدن، إسرائيل بالسماح بوصول المساعدات على الفور إلى سكان القطاع.

بدورها رحبت السعودية، أمس، بنتائج التقرير الصادر عن اللجنة المستقلة بشأن أداء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الذي يؤكد الدور الرئيسي للوكالة في دعم الجهود الإغاثية والإنسانية والتنموية للشعب الفلسطيني. وأشار بيان صادر عن «الخارجية السعودية» إلى «تأكيد المملكة أهميّة التزام الدول المانحة لـ(أونروا) لضمان استدامة وفاعلية أشكال الدعم كافة للاجئين من الشعب الفلسطيني بما يخفف من حجم المعاناة التي يعانيها، خاصة في ظل استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي».

ميدانياً، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أنه «سيمضي قدماً في عمليته ضد رفح» في جنوب قطاع غزة، وقال إن «أربع وحدات قتالية تابعة لحركة (حماس) موجودة في المدينة»، بينما أفادت وسائل إعلام عبرية، أن مجلس الحرب سيبحث، اليوم (الخميس)، بشكل فوري موعد بدء العملية العسكرية في رفح.

لكن، في المقابل، حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، مما وصفه بالتداعيات «الكارثية» على الوضع الإنساني لأي عملية عسكرية في رفح.

وفي القدس، شهد أمس (ثاني أيام عيد الفصح اليهودي) دخول 703 مستوطنين إلى المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، وذلك بحراسة مشددة من قوات الشرطة الإسرائيلية. وبحسب «دائرة الأوقاف الإسلامية» في القدس، فإن المستوطنين نفذوا جولات استفزازية في ساحات الحرم تحت حراسة عناصر شرطة الاحتلال.


هدير الحرب يتصاعد في جنوب لبنان


الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي في أثناء زيارة تفقدية لمطار بيروت أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي في أثناء زيارة تفقدية لمطار بيروت أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

هدير الحرب يتصاعد في جنوب لبنان


الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي في أثناء زيارة تفقدية لمطار بيروت أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي في أثناء زيارة تفقدية لمطار بيروت أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)

بدأ هدير الحرب يتصاعد بين «حزب الله» اللبناني وإسرائيل، وذلك تزامناً مع مرور 200 يوم، أمس (الأربعاء)، على بدء العمليات المواكبة للحرب الدائرة في غزة، في «الجبهة الشمالية» لإسرائيل.

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن قواته تقوم بـ«عملية هجومية» على كامل الجنوب، قائلاً إنها قضت على نصف قادة «حزب الله»، في وقت سُجّل فيه تطوّر عسكري عبر إدخال تل أبيب استراتيجية «الحزام الناري» إلى الجنوب وسط تصعيد متبادل بين الطرفين.

وقال غالانت في بيان له: «انتشرت الكثير من القوات عند الحدود، وتقوم قوات الجيش حالياً بعمليات هجومية على جنوب لبنان بأكمله»، مؤكداً أنه تم «القضاء على نصف قادة (حزب الله) في جنوب لبنان، والنصف الآخر يختبئون ويتركون الميدان أمام عمليات قواتنا».

جاء ذلك بعدما قال الجيش الإسرائيلي إنه شن «هجوماً واسع النطاق طال نحو 40 هدفاً تابعاً لـ(حزب الله) في محيط عيتا الشعب»، مشيراً إلى أنه هاجم «مستودعات لتخزين وسائل قتالية وبنى تحتية إرهابية وغيرها».

من جهتها، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن «إسرائيل نفذت حزاماً نارياً قرب عيتا الشعب وعدد من القرى المحيطة بها»، في تطور يشبه استراتيجية القصف في غزة، وذلك عبر تنفيذها أكثر من 13 غارة استهدفت أطراف بلدتي عيتا الشعب وراميا وجبل بلاط وخلة وردة، وهي مساحة لا تتخطى الكيلومتر الواحد.

وجاءت الضربات الإسرائيلية بعدما أعلن «حزب الله» إطلاق عشرات صواريخ الكاتيوشا على مستعمرة شوميرا في شمال إسرائيل واستهدافه مبنى يوجد فيه جنود إسرائيليون «في مستعمرة أفيفيم بالأسلحة المناسبة وأوقعوهم بين قتيل ‏‏وجريح»، وتجمع لجنود إسرائيليين في ‏حرش نطوعة وموقع الراهب، وذلك رداً على مقتل مدنيتين مساء أمس، إحداهما طفلة (11 عاماً) في قصف إسرائيلي على منزل في بلدة حانين جنوب لبنان، ومقتل أحد مقاتليه بضربة إسرائيلية في جنوب لبنان في وقتٍ سابق.


حريق «ضخم» في مدينة الخليل بالضفة الغربية

علم فلسطين وخلفه شوارع خالية في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
علم فلسطين وخلفه شوارع خالية في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
TT

حريق «ضخم» في مدينة الخليل بالضفة الغربية

علم فلسطين وخلفه شوارع خالية في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
علم فلسطين وخلفه شوارع خالية في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

قالت وكالة شهاب للأنباء، اليوم (الخميس)، إن حريقاً وصفته بالضخم اندلع في مدينة الخليل بالضفة الغربية.

وبثت الوكالة مقطع فيديو ظهرت فيه ألسنة لهب ترتفع لأمتار فوق المباني.

ونسبت الوكالة النبأ لمصادر محلية لم تسمّها. ولم ترد حتى الآن تفاصيل إضافية عن الحادث.


الخارجية المصرية تحذر من زيادة الضغط على الفلسطينيين على الحدود مع مصر

فلسطينيون ينتظرون عند معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (وكالة الأنباء الألمانية)
فلسطينيون ينتظرون عند معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (وكالة الأنباء الألمانية)
TT

الخارجية المصرية تحذر من زيادة الضغط على الفلسطينيين على الحدود مع مصر

فلسطينيون ينتظرون عند معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (وكالة الأنباء الألمانية)
فلسطينيون ينتظرون عند معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (وكالة الأنباء الألمانية)

حذر متحدث باسم وزارة الخارجية المصرية مما وصفها بأنها «محاولة لفرض مزيد من الضغط على الفلسطينيين على الحدود مع مصر»، وقال إن ذلك يؤدي لتوتر العلاقة مع إسرائيل.

وقال المتحدث أحمد أبو زيد في مقابلة تلفزيونية على قناة (إم.بي.سي مصر) ليل الأربعاء، إن هناك آليات لمعالجة أي «مخالفات» لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، في إشارة للاتفاقية التي وقعت عام 1979 وأنهت عقودا من حالة الحرب بين البلدين.

وأشار أبو زيد للاتفاقية مع إسرائيل بوصفها «مستقرة على مدار عقود»، وقال إن هناك آليات تتابع تنفيذ هذه الاتفاقية.

وتسعى مصر منذ أشهر لإبرام صفقة لوقف إطلاق النار على حدودها الشرقية، حيث تشن إسرائيل حرباً على قطاع غزة أودت بحياة أكثر من 34 ألف شخص وأصابت أكثر من 77 ألفاً بجراح منذ اندلاعها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتستضيف القاهرة مباحثات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية بمشاركة أميركية وقطرية، لكنها لم تنجح حتى الآن في وقف الحرب.

وبعد اجتياحها شمال غزة ثم خان يونس، تهدد إسرائيل بعملية عسكرية كبيرة في رفح في أقصى جنوب القطاع، حيث الحدود مع مصر.

وقال أبو زيد، إن هناك «رفضاً دولياً وليس مصرياً فقط لأي عمليات عسكرية في رفح»، محذراً من أن المنطقة «لا تتحمل المزيد من التصعيد والمعاناة الإنسانية».

واتهم المتحدث المصري إسرائيل بارتكاب ممارسات في غزة «تشير لمحاولات لجعل قطاع غزة غير قابل للحياة».

واعتبر أن المنطقة أمام محاولات «لتصفية القضية الفلسطينية».


«القسام»: استدرجنا قوتين إسرائيليتين إلى منطقة ألغام بوسط قطاع غزة

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

«القسام»: استدرجنا قوتين إسرائيليتين إلى منطقة ألغام بوسط قطاع غزة

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)

قالت «كتائب عزّ الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الأربعاء)، إن عناصرها استدرجوا قوتين إسرائيليتين إلى موقعين زرعوا فيهما ألغاماً، وفق ما أفادت به «وكالة أنباء العالم العربي».

وذكرت في بيان مقتضب أن عناصرها استخدموا عبوات ناسفة وصواريخ لطائرات «إف - 16» كانت القوات الإسرائيلية قد أطلقتها ولم تنفجر في كمينين منفصلين بمنطقة المغراقة وسط القطاع.

ولم يوضّح البيان حجم الخسائر البشرية في القوتين.


البيت الأبيض يريد «إجابات» من إسرائيل بشأن المقابر الجماعية في غزة

أشخاص وعمال صحيون ينتشلون جثامين عثر عليها في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
أشخاص وعمال صحيون ينتشلون جثامين عثر عليها في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

البيت الأبيض يريد «إجابات» من إسرائيل بشأن المقابر الجماعية في غزة

أشخاص وعمال صحيون ينتشلون جثامين عثر عليها في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
أشخاص وعمال صحيون ينتشلون جثامين عثر عليها في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

قال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، اليوم الأربعاء، إن مسؤولين أميركيين يجرون اتصالات مع نظرائهم الإسرائيليين بشأن التقارير المزعجة للغاية عن العثور على مقابر جماعية في غزة.

وأضاف سوليفان في مؤتمر صحافي «تلك التقارير مزعجة للغاية... لقد كنا على اتصال على مستويات متعددة مع الحكومة الإسرائيلية. نريد إجابات. نريد أن نفهم بالضبط ما حدث»، وفق ما نقلته «رويترز».

إلى ذلك، قال سوليفان إنه يتوقع السفر إلى السعودية في الأسابيع القليلة المقبلة بعد تأجيل الرحلة بسبب كسر في أحد ضلوعه. وأضاف سوليفان للصحافيين أنه يشعر بتحسن كبير بعد إصابته وأنه تعافى بنسبة 80 بالمئة تقريبا.

وتابع مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن التقى اليوم الأربعاء بطفلة أميركيةتبلغ من العمر أربع سنوات كانت محتجزة لدى «حماس».

وأطلقت الحركة سراح أبيجيل إيدان، التي بلغت الرابعة من عمرها بينما كانت في الأسر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد احتجازها لمدة سبعة أسابيع في غزة.


يوميات جراح في غزة: ظروف مزرية... كل شيء ملوث

امرأة تحمل طفلاً مصاباً في مستشفى «الأقصى» وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة تحمل طفلاً مصاباً في مستشفى «الأقصى» وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

يوميات جراح في غزة: ظروف مزرية... كل شيء ملوث

امرأة تحمل طفلاً مصاباً في مستشفى «الأقصى» وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة تحمل طفلاً مصاباً في مستشفى «الأقصى» وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

عاد الجراح البريطاني في كلية لندن الجامعية، خالد دواس، لتوه من علاج المرضى لمدة أسبوعين في مستشفى «الأقصى» وسط قطاع غزة. ووفق تقرير نشرته صحيفة «التلغراف» البريطانية، كانت هذه زيارته الثانية للمستشفى، بتسهيل من جمعيتي المساعدة الطبية للفلسطينيين ولجنة الإنقاذ الدولية، بعد رحلة سابقة في أواخر العام الماضي. خلال فترة وجوده هناك، احتفظ بيومياته عما رآه وأولئك الذين عالجهم في واحد من آخر مستشفيات غزة العاملة. إليكم يوميات دواس كما كتبها:

اليوم الأول

أول يوم لي في غزة. لقد تغير القليل منذ أن غادرت في يناير (كانون الثاني) الماضي. هناك المئات من المرضى محشورون في أجنحة وممرات المستشفى، جميعهم متناثرون على أسرّة قذرة. قبل الحرب، كان المستشفى يتسع لـ140 مريضاً فقط.

اليوم هناك كثير. البعض يتألم بعد الخضوع لعملية جراحية كبرى – لعلاج الأعضاء المثقبة والنزف، وإصلاح العظام المكسورة وحتى لإزالة الأورام – ولكن لا يستطيع أي منهم الحصول على مسكنات الألم أو المضادات الحيوية المناسبة.

يقع على عاتق العائلات، المتجمعة حول أحبائها، تقديم ما تستطيع من رعاية ما بعد الجراحة. أحد التغييرات الملحوظة هو انتشار السرطان في مراحله المتأخرة لدى العديد من المرضى. لقد عالجت اليوم مريضين مصابين بسرطان من المحتمل أن يكون عضالاً.

كان أحدهما بسام، وهو رجل يبلغ من العمر 45 عاماً ويعاني من سرطان القولون. كان القولون مسدوداً بسبب الورم لدرجة أنه لم يتمكن من الذهاب إلى المرحاض لمدة خمسة أيام. كان بطنه منتفخاً مثل البالون وكان يتألم. لم يكن هناك ماسح مقطعي لتحديد موقع الورم أو حجمه بدقة. كان علينا إزالة جزء من الأمعاء بطول 30 سم. وبعد أن أغلقنا بطنه، كان ينبغي نقله إلى العناية المركزة. بدلاً من ذلك، ونظراً لعدم وجود مكان له، تم نقل بسام إلى غرفة جانبية صغيرة، يتقاسمها مع عدة أشخاص آخرين.

الظروف قذرة. كل شيء ملوث، كل جرح، كل سطح، كل مريض. هذه الظروف تجعل البقاء على قيد الحياة بعد العملية الجراحية أكثر صعوبة.

اليوم الثاني

تعرفت اليوم على رجل في العشرينات من عمره يُدعى محمد، وقد أصيب بجروح خطيرة في بطنه وساقيه جراء انفجار. تم بتر ساقيه. لكن جرح بطنه ظل مفتوحاً، وأمعاؤه ظاهرة بوضوح، رغم عدة محاولات فاشلة لإغلاقها. ومما زاد الطين بلة أنه كان يعاني من ثقب غير قابل للشفاء في أمعائه، ما أدى إلى تساقط البراز على جلده.

بدا الأمر فظيعاً، وكانت رائحته سيئة، ومع ذلك ابتسم لي والده؛ ابتسامة كانت أكثر من نداء يائس للمساعدة. كان علينا تخديره وتغيير ضماداته مرتين خلال 24 ساعة.

رأيت أيضاً ثلاثة مرضى مصابين بطلقات نارية من طائرات دون طيار، يقول الناس إنها تقوم بدوريات في مخيمات اللاجئين غير البعيدة عن المستشفى. كان أحدهم رجلاً يبلغ من العمر 75 عاماً، وكان مصاباً بالخرف جزئياً، والثاني رجل يبلغ من العمر 40 عاماً، والثالث امرأة تبلغ من العمر 25 عاماً. أخبرني المرضى أن هذا يحدث طوال الوقت. لقد كانوا قدريين بشأن حياتهم.

اليوم الرابع

يوم مفجع. بسام، مريضي بسرطان القولون، توفي الليلة الماضية. منذ العملية، اتصلت بي العائلة مراراً وتكراراً للحصول على مسكنات الألم والمساعدة، لكن لم يكن بوسعي فعل أي شيء. ليست لدينا السوائل والمضادات الحيوية والتغذية اللازمة. وقال زملائي إن وفاته كانت مفاجئة. يمكن أن يكون السبب انسداداً رئوياً [جلطة في الرئتين] أو جفافاً أو تعفن الدم. لا نعرف، ولكن كل شيء معقول هنا.

اليوم الخامس

عالجت اليوم طفلة أخرى، فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً، كانت رئتاها مملوءتين بالقيح، نتيجة التهاب بسيط في الصدر تطور. في غضون خمسة أيام، واجهت ثلاث حالات منفصلة، جميعها لدى أطفال صغار. أحد المرضى، وهو صبي في سن المراهقة، كان يعاني من خروج أكثر من ثلاثة لترات من القيح من رئتيه. واحتاجت فتاة أخرى تبلغ من العمر 12 عاماً إلى إجراء عملية جراحية لتنظيف رئتيها. بعد ذلك، كانت خائفة جداً لدرجة أنها لم تسمح لي بإزالة أنبوب التصريف الذي تم إدخاله في صدرها. كان عليّ أن ألعب معها لعبة حين أخبرتها أنها لن تؤذى إذا حبست أنفاسها. وبعد عدة محاولات فاشلة، تمكنت من إخراج الأنبوب. لم تشعر بشيء وابتسمت. لقد كانت لحظة نادرة من الدفء والسعادة لم أشهدها كثيراً حتى الآن.

اليوم السادس

قبل أسبوع، تم نقل جثث عمال الإغاثة في «المطبخ المركزي العالمي» الذين قُتلوا على يد الجيش الإسرائيلي إلى مشرحة المستشفى وتم لفها قبل أن يأخذها «الصليب الأحمر». لقد علمت بهذا الأمر من شاب يبلغ 19 عاماً وتتمثل مهمته في لف الموتى. أخبرني أنه في غضون شهر واحد فقط، أصبح معتاداً على رؤية الجثث، بعضها مشوه بشكل فظيع. وقال إنهم غالباً ما يأتون على شكل موجات، بعد مقتل أسر بأكملها في غارة جوية واحدة. ويتم إحضار آخرين بشكل فردي بعد أيام من وفاتهم، حيث يتم اكتشاف جثثهم بين الركام. وأضاف أن هذه الجثث غالباً ما تكون متحللة ولا يمكن التعرف على وجوهها.

اليوم الثامن

وقع قصف عنيف خلال الليل. ويبدو أن القصف قد اشتد منذ نهاية شهر رمضان وبداية العيد. وهذا يعني عدداً أكبر بكثير من المرضى خلال الـ48 ساعة الماضية. أحد الأشخاص الذين عالجتهم كان شاباً يبلغ من العمر 19 عاماً يُدعى أنس، أصيب بقذيفة دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي في أثناء استرجاع ممتلكات من منزل عائلته المدمر في الزهرة، شمال القطاع. لقد كان مع صديق ووالدة صديقه. اخترقت الشظية عظم صدره تاركة ثقباً صغيراً. كان يعاني من دكاك في القلب، وهو أمر يحصل عندما يملأ الدم والسوائل الكيس المحيط بقلبك، مما يضغط عليه ويمنعه من ضخ الدم بشكل صحيح. كان على وشك الموت؛ لذا أخذوه إلى الجراحة. لم يكن هناك جراحو قلب في المستشفى، لذا كان من مسؤوليتي قيادة العملية. فتحنا صدره، من اليسار إلى اليمين، ووجدنا ثقباً صغيراً في شريانه الأورطي. أصلحناه وأغلقناه وخيطنا جروحه. سواء أكان سينجح في ذلك أم لا، فهي الآن مسألة صدفة. أدعو الله ألا يلتقط عدوى خطيرة.

اليوم العاشر

بقي يوم كامل لي في المستشفى وبدأت أتوتر. نقص الأدوية هنا يعني أن هناك كثيراً من الألم. نحن نفعل ما في وسعنا لإنقاذ المرضى من الموت، لكن الظروف في المستشفى تعمل ضدنا. بطريقة ما أشعر بالقلق من أنني كنت بلا مشاعر، وروبوتي للغاية. ولمواجهة ذلك، حاولت قدر الإمكان التحدث مع مرضاي وعائلاتهم. لقد التقيت الأغنياء والفقراء. الجميع يتحدثون عن مدى شعورهم بالإهانة، حيث يضطرون إلى تقاسم الخيام والمراحيض مع مئات آخرين. بالنسبة للنساء، الأمر صعب بشكل خاص. ومع ذلك، لا تتدهور حالة جميع مرضاي. الشاب المصاب بالشريان الأورطي الممزق يتعافى ويجلس ويبتسم في السرير. يجب أن أذكر نفسي بأنني هنا من أجل أشخاص مثله.


«مسد» يرحّب بوثيقة «العمل الوطني» و«المناطق الثلاث»... ولا توقيع

مقرّ مجلس «مسد» في مدينة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا
مقرّ مجلس «مسد» في مدينة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا
TT

«مسد» يرحّب بوثيقة «العمل الوطني» و«المناطق الثلاث»... ولا توقيع

مقرّ مجلس «مسد» في مدينة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا
مقرّ مجلس «مسد» في مدينة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا

أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) ترحيبه بوثيقتَي «تجمع العمل الوطني» و«المناطق الثلاث» التي صدرت في الثامن من مارس (آذار) الماضي، من معارضين ونشطاء، يتحدرون من محافظات السويداء ودرعا وحلب، ووقّعت عليها شخصيات من الساحل السوري ومدينة إدلب ومن الجولان المحتل، وقال رئيس المجلس الدكتور محمود المسلط في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن الحلول الوطنية للأزمة السورية «مرهونة بتوافق السوريين».

وأبدى مجلس «مسد» عبر بيان نُشر على موقعه الرسمي، مساء الثلاثاء، انفتاحه على هذه المبادرات دون تحديد موقفه النهائي من التوقيع على هذه الوثائق والانضمام لها، مشيراً إلى: «ضرورة وحدة العمل المشترك على الجغرافية السورية كافة، والتمسك بالحوار الوطني واستقلالية القرار السوري، ستفضي إلى إنهاء نظام الاستبداد في البلاد وتحقيق الكرامة والحرية وصون الحقوق وتأكيد المواطنة المتساوية»، وأكد بأن هذه المبادرات من شأنها توحّد الجهود السياسية والتوصّل إلى الحل السياسي المنشود، «وتحقيق الانتقال الديمقراطي في البلاد».

ويعد مجلس «مسد» الجناح السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من تحالف دولي مناهض لتنظيم «داعش» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. وعلى الرغم من ترحيب المجلس بصدور هذه الوثائق وعدّه أمراً إيجابياً يتقاطع مع مبادئها الأساسية ووثائقها بتقبّل الآخر والاعتراف المتبادل والحوار بين الجميع لإنهاء حالة الانقسام؛ غير أنه لم ينضم إلى هذه التحركات، وطالب في بيانه: «مدّ الجسور وتقبّل الجميع من دون أي إقصاء لبناء الثقة والعمل معاً».

وأطلقت شخصيات سورية معارضة بينها أكاديميون ونشطاء ومثقفون من محافظات السويداء، ودرعا وريف حلب من داخل سوريا وخارجها؛ «وثيقة المناطق الثلاث» في 7 من شهر مارس الماضي حملت شعار «حيّ على الوطن»، بعد مرور 14 عاماً من الانتفاضة الشعبية المناهضة لنظام الحكم في سوريا.

5 مسارات

ودعت الوثائق إلى توحيد الخطاب الوطني المعارض وعدم الانجرار إلى الانفصالية والعصبية، وتقوم هذه الوثائق على خمسة مسارات أساسية، أولها تأميم السياسة وعدم تسليم القرار السوري لأي جهة أجنبية، وارتكز مسارها الثاني على الحياة والحرية والكرامة وصون حقوق جميع السوريين، في حين تبنّت وحدة سوريا والسوريين، وإنها ليست دولة طائفة أو جماعة عرقية في مسارها الثالث، كما دعا مسارها الرابع إلى التنسيق والحوار والعمل المشترك، أما المسار الأخير فشدد على بناء الثقة وربط وحدة السوريين بكثرتهم.

بدوره، رحبَ الدكتور محمود المسلط، رئيس مجلس «مسد»، بهذه المبادرات الأخيرة وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنهم تابعوا باهتمام هذه التحركات السياسية الماراثونية والإعلان المشترك لأبناء المحافظات التي تبنّت وطرحت تلك الوثائق، مشدداً أنه «لن يصنع الحلول السياسية للأزمة السورية إلا السوريون وحدهم بتوافقهم؛ لأننا كسوريين وطنيون بامتياز وغيورون يجمعنا حب البلد، ولا بد من تجاوز الجزئيات والاتفاق على الثوابت الوطنية».

وأوضح المسلط بأن «مسد» مع بلورة مشروع وطني جامع يضم كل أطياف المعارضة والقوى والشخصيات الوطنية الديمقراطية التي تؤمن بالحل السياسي سبيلاً لخلاص السوريين، «لإنهاء حالة الانقسام التي تعاني منها البلاد وبناء سوريا المستقبل الديمقراطية التعددية على أسس إقرار الهوية الوطنية السورية الجامعة».

كما أعلنت شخصيات سورية مستقلة من أبناء محافظات الساحل السوري عن تشكيل «تجمع العمل الوطني»، وانضمامها إلى «وثيقة المناطق الثلاث» لتنضم بذلك إلى جانب أبناء محافظات السويداء ودرعا وريف حلب؛ مناطق الساحل وأبناء مدينة إدلب وشخصيات من الجولان المحتل، وترحيباً من مجلس «مسد»، أبرز الجهات السياسية التي تعمل في مناطق شمال شرقي البلاد.

المسلط لفت إلى أن «مسد» سعى باستمرار عبر عقده وتنظيم مؤتمرات ولقاءات مباشرة بين الجهات والشخصيات المعارضة خلال السنوات الماضية؛ «لتعزيز الثقة بين جميع المكونات والقوى السياسية، عبر الحوار المباشر وصولاً إلى الحل السياسي وفق القرارات الدولية ذات الصلة»، مضيفاً أنهم وجدوا في الوثائق المطروحة: «الرغبة في التنسيق والحوار مع كل المناطق السورية، وهي أحد المبادئ التي نسعى إليها في (مسد) لتقبّل الآخر والاعتراف المتبادل والحوار مع الجميع؛ لإنهاء حالة الانقسام التي نعاني منها جميعاً».

من أعمال مؤتمر «مسد» الرابع في مدينة الرقة شمال سوريا

يذكر أن مجلس «مسد» تحالف سياسي عريض يضم الأحزاب السياسية المشاركة في «الإدارة الذاتية لإقليم شمال شرقي» سوريا، بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي» تأسس سنة 2015، ويجمعه «جبهة وطنية ديمقراطية» مع «هيئة التنسيق الوطنية» المعارضة تشكلت في يونيو (حزيران) 2023، كما وقّع مذكرة تفاهم مع «حزب الإرادة الشعبية» بأغسطس (آب) 2020، لكن لا يوجد له ممثلون في «هيئة التفاوض السورية المعارضة» ولم يشاركوا في المباحثات الدولية «المتعثرة» التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف.


واشنطن تحذر من «تصعيد حاد» عبر الحدود بين لبنان وإسرائيل

باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأميركي (الشرق الأوسط)
باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأميركي (الشرق الأوسط)
TT

واشنطن تحذر من «تصعيد حاد» عبر الحدود بين لبنان وإسرائيل

باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأميركي (الشرق الأوسط)
باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأميركي (الشرق الأوسط)

حذرت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، من «تصعيد حاد» عبر الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، غير أنها أكدت وجود «فرصة لتسوية دبلوماسية»، كاشفة أن الإدارة أنشأت «مساراً لتحذير» إسرائيل حول كيفية ردها على الهجمات التي بدأها «حزب الله».

وخلال إحاطة مع صحافيين من أوروبا والشرق الأوسط، سئلت المسؤولة الأميركية الرفيعة عما إذا كانت هناك فرصة لتسوية دبلوماسية للتصعيد المتزايد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، فأجابت أن «هناك احتمالاً لحل هذه المشكلة دبلوماسياً»، مؤكدة أن إدارة الرئيس جو بايدن «ملتزمة بشدة» بهذا الأمر عبر «طاقات وجهود» يبذلها المنسق الرئاسي الخاص للبنية التحتية العالمية، وأمن الطاقة لدى إدارة الرئيس جو بايدن، آموس هوكستين.

وإذ رفضت ليف القول إن «هذه النافذة تُغلق»، لاحظت أن «هناك درجة عالية من التقلبات على الحدود»، ما أدى إلى نزوح مجتمعات على جانبي تلك الحدود، منبهة إلى أن «احتمال التصعيد حاد».

وكشفت أن الإدارة أنشأت «مساراً لتحذير إسرائيل فيما يتعلق بكيفية ردها على الهجمات التي بدأها (حزب الله) في الساعات الأولى» بعد هجمات «حماس» ضد إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقالت: «نبهنا إسرائيل إلى (ضرورة) توخي الحذر في طريقة ردها» على «حزب الله»، مضيفة «أننا استخدمنا عدداً من القنوات، وساعدنا شركاء آخرون، واستخدمنا قنواتهم، المباشرة أو غير المباشرة، مع (حزب الله)، للتحذير من الدخول في المعركة التي ستؤدي إلى توسيع الصراع». وأكدت ليف أن «هناك بالتأكيد احتمالاً لخفض التصعيد» ثم «الانتقال في النهاية إلى جهد دبلوماسي لترسيم الحدود» بين لبنان وإسرائيل.