أطلقت كوريا الشمالية، أمس (الأحد)، صاروخاً باليستياً قصير المدى، في رابع عرض للقوة خلال أسبوع واحد، وذلك بالتزامن مع إجراء سيول وواشنطن أكبر مناورات عسكرية مشتركة بينهما منذ 5 سنوات. ونددت «مجموعة السبع» بسلوك بيونغ يانغ «المتهور»، بينما سيعقد «مجلس الأمن الدولي» اجتماعاً طارئاً، اليوم، لمناقشة إطلاق الصاروخ الباليستي، بطلب من الولايات المتحدة واليابان.
وتجري سيول وواشنطن، منذ الاثنين، مناورات عسكرية غير مسبوقة تهدف إلى تعزيز التعاون بين الحليفتين، في مواجهة التهديد النووي الذي تمثله كوريا الشمالية. وتستمر المناورات التي سُميت «درع الحرية» 10 أيام.
وتثير هذه المناورات غضب بيونغ يانغ التي تعتبرها تدريبات على غزو لأراضيها، وتتوعد برد «ساحق».
وأعلنت قيادة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية أن «جيشنا رصد صاروخاً باليستياً قصير المدى أطلق من محيط منطقة تونغتشانغ - ري بمقاطعة بيونغان الشمالية (...) باتجاه بحر الشرق»، المعروف أيضاً ببحر اليابان. وقطع الصاروخ مسافة 800 كيلومتر، على ما ذكرت قيادة الأركان في بيان، معتبرة عملية الإطلاق «استفزازاً خطيراً» ينتهك العقوبات الدولية، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأضافت القيادة: «جيشنا يبقى في جاهزية قوية، بناء على قدرته على الرد بشدة على أي استفزاز من كوريا الشمالية، أثناء إجراء تدريبات وتمارين مشتركة مكثفة وشاملة».
من جانبها، أكدت طوكيو عملية الإطلاق. وقال نائب وزير الدفاع، توشيرو إينو للصحافيين، إن اليابان «قدمت احتجاجاً شديد اللهجة، وأدانت بشدة (كوريا الشمالية) من خلال سفارتنا في بكين». بدوره، حذر خفر السواحل الياباني السفن مما يبدو أنه صاروخ باليستي «أُطلق من كوريا الشمالية»، مضيفاً صباح أمس: «يبدو أنه سقط». وقالت وكالة «كيودو» للأنباء، نقلاً عن مصادر لم تسمِّها، إن الصاروخ ربما عبر مساراً غير منتظم، ويبدو أنه سقط خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان.
وأدانت القيادة العسكرية الأميركية لمنطقة المحيطين الهندي والهادي إطلاق الصاروخ، وقالت إنه يسلط الضوء على «التأثير المزعزع» لبرامج الأسلحة الكورية الشمالية المحظورة. وأعلنت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية بعد ساعات من إطلاق الصاروخ، عن تنظيم مناورات جوية مشتركة مع الولايات المتحدة شاركت فيها قاذفة أميركية واحدة على الأقل من طراز «بي - 1 بي» بعيدة المدى. كما شاركت مقاتلات شبح كورية جنوبية من طراز «إف - 35 إيه»، ومقاتلات أميركية من طراز «إف - 16»، في مناورات «درع الحرية».
وقالت الوزارة، في بيان، إن التدريبات «عززت بشكل كبير إمكانية التشغيل المتبادل للحلفاء... وقدرات الحرب».
تهديد كوري شمالي
تأتي عملية الإطلاق الأخيرة بعدما أفادت «وكالة الأنباء الكورية الشمالية»، أول من أمس (السبت)، عن تطوع أكثر من 800 ألف مواطن كوري شمالي للانضمام إلى الجيش لمحاربة «الإمبرياليين الأميركيين». ولفتت الوكالة إلى أن المتطوعين الشباب مصممون على «القضاء بلا رحمة على المهووسين بالحرب»، لذلك انضموا إلى الجيش «للدفاع عن البلاد».
وأدان وزراء خارجية «مجموعة السبع»، أمس، إطلاق الصاروخ، معتبرين أن «السلوك المتهور لكوريا الشمالية يستدعي استجابة سريعة وموحدة من المجتمع الدولي، بما فيها المزيد من الإجراءات المهمة من قبل (مجلس الأمن الدولي)».
وكانت بيونغ يانغ قد أطلقت، الخميس، أقوى صاروخ لها، هو «هواسونغ - 17» الباليستي العابر للقارات، في ثاني تجربة إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات هذا العام. واعتبرت ذلك رداً على التمارين الأميركية الكورية الجنوبية المشتركة.
ومن المتوقع أن يعقد «مجلس الأمن الدولي» اجتماعاً طارئاً، اليوم (الاثنين)، لمناقشة إطلاق الصاروخ الباليستي العابر للقارات، بطلب من الولايات المتحدة واليابان، وفقاً لـ«وكالة يونهاب للأنباء». وفي بيان نشرته «وكالة الأنباء الكورية الشمالية» الرسمية، أمس، حذرت وزارة الخارجية الكورية الشمالية «بشدة» الولايات المتحدة والدول الأخرى من إدراج «الإجراءات المضادة للدفاع عن النفس المشروعة لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (كوريا الشمالية) في مناقشات (مجلس الأمن الدولي)».
وفي بيان منفصل، انتقدت وزارة الخارجية أيضاً السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس - غرينفيلد، على خلفية اجتماع الأمم المتحدة الأخير بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية. وقال البيان: «إذا كانت الولايات المتحدة قلقة لهذا الحد بشأن وضع حقوق الإنسان في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية؛ فعليها أن توضح سبب هوسها الشديد بتنفيذ أكثر العقوبات غير الأخلاقية»، محذراً من أن هذه الخطوات ستؤدي إلى «عدم استقرار أمني لا رجعة فيه» بالنسبة للولايات المتحدة.
«حرب حقيقية»
رأى مراقبون في وقت سابق أن كوريا الشمالية ربما تستخدم التدريبات ذريعة لإجراء مزيد من عمليات إطلاق الصواريخ، حتى تجربة نووية.
الثلاثاء، أطلقت كوريا الشمالية صاروخين باليستيين قصيري المدى، سبقهما إطلاق صاروخي «كروز» من غواصة، الأحد، قبل ساعات على بدء مناورات «درع الحرية» المشتركة بين واشنطن وسيول. ودفع تصعيد بيونغ يانغ الأخير سيول وطوكيو إلى إصلاح العلاقات بعد خلافات تاريخية، وإلى السعي لتعزيز التعاون الأمني. وبعد ساعات على إطلاق الصاروخ الباليستي العابر للقارات، الخميس، وصل الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول إلى اليابان لعقد أول قمة بين الجانبين في 12 عاماً. وقال الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية بسيول، يانغ مون - جين، إن إطلاق الصواريخ الأخيرة كانت له عدة أهداف، منها الاحتجاج على التدريبات المشتركة، وكذلك اختبار الردود الثلاثية من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان.
والعام الماضي، أعلن الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، أن وضع بلاده بوصفها «قوة نووية» أمر «لا رجوع عنه». وأمر كيم جيشه في وقت سابق هذا الشهر بتكثيف المناورات العسكرية استعداداً لـ«حرب حقيقية».