مستوطنون يقتحمون الأقصى وكنيسة في القدس

مستوطنون وسط حراسة إسرائيلية بالقرب من كنيسة «قبر العذراء مريم» في القدس (وفا)
مستوطنون وسط حراسة إسرائيلية بالقرب من كنيسة «قبر العذراء مريم» في القدس (وفا)
TT

مستوطنون يقتحمون الأقصى وكنيسة في القدس

مستوطنون وسط حراسة إسرائيلية بالقرب من كنيسة «قبر العذراء مريم» في القدس (وفا)
مستوطنون وسط حراسة إسرائيلية بالقرب من كنيسة «قبر العذراء مريم» في القدس (وفا)

اقتحم مستوطنون المسجد الأقصى في القدس، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، فيما اعتدوا في الوقت نفسه على كنيسة «الجثمانية» في المدينة.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، إن عشرات المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى، ونفذوا جولات استفزازية، وأدوا طقوساً تلمودية في باحاته، واستمعوا إلى شرح حول الهيكل المزعوم.
وجاء الاقتحام قبل أيام من شهر رمضان الذي يتوقع أن ترفع فيه مثل هذه الاقتحامات مستوى التوتر. ويتعرض المسجد الأقصى لاقتحامات يومية من قبل المستوطنين على فترتين صباحية ومسائية، في محاولة يقول الفلسطينيون إنها تهدف لفرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد، وهي اتهامات تنفيها إسرائيل.
وفي الوقت نفسه، اعتدى مستوطنون على كنيسة قبر العذراء مريم (الجثمانية) في مدينة القدس. وقالت محافظة القدس، في بيان إن اثنين من المستوطنين اقتحما الكنيسة، وحاولا تخريب محتوياتها، إلا أن أحد المواطنين تصدى لهما، وتم إلقاء القبض على أحدهما، ولاذ الآخر بالفرار من المكان.
وهذا هو الاعتداء الخامس الذي تتعرض له دور عبادة مسيحية في القدس من قبل متطرفين يهود، منذ بداية العام الجاري، حيث اقتحم مستوطن مبنى كنيسة «حبس المسيح» في البلدة القديمة من القدس المحتلة، وقام بتكسير وتحطيم بعض محتوياتها، وحاول إشعال النار فيها، كما تعرضت مقبرة الكنيسة الأسقفية لاعتداء وتكسير للصلبان، كما تعرضت البطريركية الأرمنية في وقت سابق إلى محاولة لاقتحامها، وخطت عبارات عنصرية على جدرانها.
وأدانت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين، اعتداء مستوطنين متطرفين على كنيسة قبر العذراء مريم (الجثمانية) في القدس المحتلة، ومواصلة الاعتداء على الأقصى.
وقال رئيس اللجنة، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رمزي خوري: «إن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة والفاشية هي الراعي لجميع الجرائم التي يقوم بها المستوطنون بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وبحق المقدسات الإسلامية والمسيحية». وحذر خوري من تداعيات تزامن هذه الاعتداءات مع حلول شهر رمضان المبارك، واقتراب أحد الشعانين وسبت النور.
وأضاف قائلاً: «إن الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك، واستمرار الاعتداء على الكنائس انتهاك للقانون الدولي والشرعية الدولية وحقوق الإنسان، التي تضمن حرية العبادة، ولا تسمح بالمساس أو التعدي على المقدسات».
‫وطالب خوري الأمم المتحدة والجنائية الدولية وكنائس العالم، بالتحرك العاجل والفوري لوقف جميع الممارسات الإسرائيلية العنصرية والمتطرفة، وتوفير الحماية للفلسطينيين والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وضمان تطبيق القوانين الدولية ذات الصلة.
كما أدانت وزارة الخارجية والمغتربين، محاولات عدد من المستوطنين الاعتداء على الكنيسة. وأكدت الخارجية في بيان، أن تكرار هذه الاعتداءات يعد «جريمة تندرج في إطار الاستهداف الإسرائيلي الرسمي للقدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية، وفي إطار عمليات أسرلتها وتهويدها، ومحاولة فرض السيادة الإسرائيلية عليها، وفصلها تماماً عن محيطها الفلسطيني، واستهداف هويتها الحضارية، ومحاولة تغيير معالمها بقوة الاحتلال».
ودعت الخارجية إلى تدخل دولي فاعل لوقف تغول الاحتلال والمستوطنين المتطرفين، وطالبت الأمين العام للأمم المتحدة بضرورة تفعيل نظام الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.


مقالات ذات صلة

الرئاسة الفلسطينية: الاستفزازات الإسرائيلية في الأقصى تهدد بإشعال المنطقة

المشرق العربي الرئاسة الفلسطينية: الاستفزازات الإسرائيلية في الأقصى تهدد بإشعال المنطقة

الرئاسة الفلسطينية: الاستفزازات الإسرائيلية في الأقصى تهدد بإشعال المنطقة

أفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس باقتحام مئات المستوطنين، صباح اليوم (الأحد)، المسجد الأقصى المبارك، من باب المغاربة، بحماية مشددة من الشرطة الإسرائيلية في رابع أيام ما يسمى «عيد الفصح» اليهودي. ووفق وكالة الصحافة الفلسطينية (صفا) اليوم، «نشرت شرطة الاحتلال المئات من عناصرها ووحداتها الخاصة في ساحات الأقصى وعند أبوابه وفي البلدة القديمة، تمهيداً لتأمين اقتحامات المستوطنين». وقالت دائرة الأوقاف إن «500 مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى منذ الصباح، على شكل مجموعات متتالية، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا طقوساً تلمودية في المنطقة الشرقية منه، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال». وأوضحت أن «ش

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي «صواريخ لبنان» تحوّل مسار جلسة أممية هدفها بحث الاعتداءات الإسرائيلية

«صواريخ لبنان» تحوّل مسار جلسة أممية هدفها بحث الاعتداءات الإسرائيلية

فرضت الهجمات الصاروخية التي أطلقت من قطاع غزة ومن جنوب لبنان في اتجاه إسرائيل نفسها بقوة على وقائع الجلسة الطارئة المغلقة التي عقدها أعضاء مجلس الأمن اليوم (الخميس)، والتي كانت مقررة لمناقشة الاعتداءات الإسرائيلية ضد المصلين في حرم المسجد الأقصى بالقدس، في وقت تصاعدت فيه التحذيرات الأممية من «الخطورة البالغة» للتطورات الراهنة على الاستقرار في المنطقة. وعقد أعضاء مجلس الأمن الجلسة الطارئة هذه بطلب من الإمارات العربية المتحدة والصين استجابة لدعوة من السلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية لمناقشة الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة في حرم المسجد الأقصى داخل البلدة القديمة بالقدس.

علي بردى (واشنطن)
العالم باريس تدعو إلى «احترام الوضع القائم التاريخي للأماكن المقدسة في القدس»

باريس تدعو إلى «احترام الوضع القائم التاريخي للأماكن المقدسة في القدس»

دعت فرنسا، اليوم (الخميس)، إلى «احترام الوضع القائم التاريخي للأماكن المقدّسة في القدس»، بعد أعمال العنف التي وقعت في باحة الحرم القدسي. ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فرنسوا ديلماس إنّ فرنسا تحضّ أيضاً «على الامتناع عن أي عمل من شأنه أن يزيد العنف».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي إصابة فتى فلسطيني برصاص مستوطن إسرائيلي في القدس

إصابة فتى فلسطيني برصاص مستوطن إسرائيلي في القدس

أصيب فتى فلسطيني من البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة ليل الأربعاء - الخميس برصاصة مستوطن في ذراعه، بحسب الشرطة الإسرائيلية وعائلة الفتى. ووفق ما أفاد به سامر غراب لوكالة «الصحافة الفرنسية»، فقد أصيب نجله خضر (15 عاما) برصاص مستوطن يسكن الحي نفسه في عقبة السرايا بالقدس القديمة. وقالت روان والدة خضر من مستشفى المقاصد لوكالة «الصحافة الفرنسية» إن «الأطباء يعملون على إيقاف النزف في ذراعه». وأكدت جمعية الهلال الأحمر بالقدس أن طواقمها «نقلت فتى (15 عاما) أصيب برصاصة حية في الذراع في البلدة القديمة إلى مستشفى المقاصد».

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي ليلة ساخنة بالأقصى جلبت مواجهات في الضفة وصواريخ من غزة

ليلة ساخنة بالأقصى جلبت مواجهات في الضفة وصواريخ من غزة

تدخلت الولايات المتحدة الأميركية ومصر والأردن والأمم المتحدة، لاحتواء التصعيد الكبير، الذي بدأ، فجر الأربعاء، بمواجهات واسعة في المسجد الأقصى، بعدما اقتحمت الشرطة الإسرائيلية باحته، مستخدمة الرصاص والغاز والهراوات، واعتدت بالضرب المبرح على المعتكفين واعتقلتهم، قبل أن تندلع مواجهات واشتباكات أخرى في مناطق بالقدس والضفة الغربية، ثم يدخل قطاع غزة على الخط عبر صواريخ، ردّت عليها إسرائيل لاحقاً. وقال مصدر مطّلع، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأميركيين تدخلوا فوراً بشكل غير معهود عادة، واتصلوا بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومسؤولين فلسطينيين، وكانوا على تنسيق مع أطراف أخرى. ووفق المصادر، طل

كفاح زبون (رام الله)

سوريون اندمجوا في ألمانيا مرتبكون أمام تحدي العودة

أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)
أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)
TT

سوريون اندمجوا في ألمانيا مرتبكون أمام تحدي العودة

أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)
أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)

بعد 12 عاماً على صورته بطريقة «السيلفي» مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل، يبدو اللاجئ السوري الأكثر شهرة في ألمانيا، أنس معضماني، مُرتاحاً في وطنه بالتبني.

ورغم أنه لم يكن يعرف من هي ميركل حينما التقط معها الصورة وهي تزور مركز اللجوء الذي كان فيه؛ فإنه بات اليوم معلقاً بألمانيا قدر ارتباطه بوطنه الأم سوريا.

مثل باقي السوريين الذين وصلوا لاجئين إلى ألمانيا بعد شرارة الثورة في بلادهم عام 2011، يواجه أنس وغيره من أبناء جيل اللجوء، قراراً صعباً: هل نعود إلى سوريا أم نبقى في ألمانيا؟

وخلال فترة ما بعد سقوط الأسد، يبدو أن خطط أنس بدأت تتضح معالمها: يريد الشاب المتحدر من داريا في ريف دمشق، العودة إلى سوريا لزيارة أهله، ومساعدتهم على إعادة بناء منزلهم كخطوة أولى.

بعدها، يقول أنس لـ«الشرق الأوسط»، إنه يريد أن يُقسّم وقته بين ألمانيا وسوريا، ويفتح مشاريع في البلدين. وكما لو أنه يبرر ذنباً ارتكبه يستدرك: «دمشق أجمل مدينة على الأرض، ولكني أحب ألمانيا وبرلين أصبحت مدينتي الثانية».

في ألمانيا، بات أنس مثالاً للاجئ السوري المندمج؛ فهو تعلم اللغة، وحصل على الجنسية ودخل سوق العمل، حتى إنه تعرف على فتاة أوكرانية تُدعى آنا، ويخططان لمستقبلهما معاً.

ولعل مسألة حصول أنس على جواز سفر ألماني هي ما يسهل قراره بالعودة وإن كانت جزئية إلى سوريا؛ فهو يعلم أنه يمكنه التحرك بحرّية بين الجانبين من دون أن يخشى خسارة أوراقه أو إقامته.

أنس معضماني (الشرق الأوسط)

وأنس واحد من قرابة 260 ألف لاجئ سوري حصلوا على الجنسية الألمانية، فيما يتبقى أكثر من 700 ألف من مواطنيه يعيشون بإقامات لجوء، أو إقامات حماية مؤقتة يمكن أن تُسحب منهم عندما يستقر الوضع في سوريا.

الارتباك للجميع

غير أن الارتباك لم يكن من نصيب اللاجئين السوريين فقط؛ فالتغيير السريع للوضع في دمشق أربك أيضاً سلطات الهجرة في ألمانيا، ودفعها إلى تعليق البت في 47 ألف طلب لسوريين راغبين في الهجرة... الجميع ينتظر أن تتضح الصورة.

ولقد كان الأساس الذي تعتمد عليه سلطات اللجوء لمنح السوريين الحماية، الخوف من الحرب أو الملاحقة في بلادهم. وبعد انتفاء هذه المخاوف بسبب سقوط النظام، ربما سقط السند القانوني.

وامتد هذا الإرباك بشأن وضع اللاجئين السوريين إلى السياسيين الذين سارعوا بالحديث عن «ترحيل السوريين» إلى بلادهم بعد ساعات قليلة على سقوط الأسد.

ولم تصدر تلك الدعوات من الأحزاب اليمينية فقط، بل أيضاً من الحزب الاشتراكي الذي يقود الحكومة، ووزيرة الداخلية نانسي فيزر المنتمية للحزب، والتي تحدثت عن المساعي لتغيير قواعد اللجوء للسوريين، والعمل على إبقاء «المندمج ومن يعمل» وترحيل المتبقين.

سورية ترتدي علم المعارضة السورية ضمن مظاهرات في شوارع برلين 10 ديسمبر احتفالاً بسقوط نظام الأسد (أ.ب)

ولكن الترحيل ليس بهذه البساطة. والكثير مما يتردد عن ترحيل السوريين قد تكون أسبابه انتخابية قبل أسابيع قليلة عن الانتخابات العامة المبكرة التي ستجري في 23 فبراير (شباط) المقبل.

وصحيح أنه من حيث المبدأ، يمكن سحب الإقامات المؤقتة من حامليها؛ لكن ذلك يتطلب أن تصنف وزارة الخارجية سوريا «دولة آمنة ومستقرة»، وهو ما قد يستغرق سنوات.

نيات البقاء والمغادرة

وحتى مع تأخر التصنيف الألماني لسوريا آمنة ومستقرة، لا يبدو أن الكثير من اللاجئين متشجعون للعودة. وبحسب «المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين» الذي يجمع معلومات دورية حول نيات اللاجئين بالبقاء أو المغادرة، فإن 94 في المائة من السوريين قالوا قبل سقوط الأسد إنهم يريدون البقاء في ألمانيا.

ورغم أنه ليست هناك إحصاءات جديدة منذ سقوط الأسد بعد، فإن المكتب يشير إلى أنه في العادة تزداد نيات البقاء مع زيادة فترة وجود اللاجئ في البلاد. وكلما طالت فترة وجوده، ازدادت إرادة البقاء.

وصل معظم السوريين إلى ألمانيا قبل أكثر من 5 سنوات، جزء كبير منهم قبل عقد من الزمن، وهذا يعني، حسب المركز، أن تعلقهم بألمانيا بات قوياً.

وتنعكس هذه الدراسة فعلاً على وضع اللاجئين السوريين في ألمانيا.

سيامند عثمان مثلاً، لاجئ سوري كردي، وصل إلى ألمانيا قبل 11 عاماً، يتحدر من القامشلي، وهو مثل مواطنه أنس، تعلم اللغة، وحصل على جواز ألماني، وما زالت معظم عائلته في القامشلي. ومع ذلك، لا يفكر بالعودة حالياً.

سيامند عثمان سوري كردي يعيش بألمانيا لا يفكر في العودة حالياً (الشرق الأوسط)

يقول عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في مناطق الأكراد «صعب في الوقت الحالي، وما زال غير مستقر»، ولكنه يضيف: «أنا أحب العودة وهذه أمنيتي، فأهلي هناك، ولكن أتمنى أولاً أن تتفق كل الأطراف في سوريا، ويصبح هناك أمان في منطقتنا».

أكثر ما يخيف سيامند هو عودة الحرب في سوريا، يقول: «تخيلي أن أترك بيتي هنا وأسلم كل شيء وأبيع ممتلكاتي وأعود إلى سوريا لتعود معي الحرب بعد أشهر وأضطر للنزوح مرة جديدة». ومع ذلك فهو مصرّ على أنه سيعود عندما تستقر الأمور.

ماذا عن الاقتصاد؟

المخاوف من عدم الاستقرار ليست وحدها التي تجعل السوريين مترددين في العودة. فالوضع الاقتصادي يلعب دوراً أساسياً، وفق ما تُقدر آلاء محرز التي وصلت عام 2015 إلى ألمانيا.

تقول لـ«الشرق الأوسط»، إنها «بنت نفسها من الصفر»؛ تعلمت اللغة، وعادت وتدربت على مهنتها (المحاسبة)، وهي الآن تعمل في هذا المجال، وحصلت على الجنسية الألمانية.

آلاء محرز لاجئة سورية تعمل في ألمانيا (الشرق الأوسط)

ورغم تفاؤلها الكبير بمستقبل سوريا، فإن آلاء المتحدرة من حمص ما زالت تحمل تحفظات حول الوضع هناك، والمسار الذي قد تسلكه سوريا في السنوات المقبلة، وتخشى أن تترك وظيفتها ومنزلها في برلين وتعود من دون أن تجد عملاً مناسباً.

مصاعب العائلات

وإذا كان قرار فرد المغادرة أو البقاء صعباً، فإنه قد يكون أكثر صعوبة للعائلات السورية التي وصلت مع أبنائها الذين نسوا اللغة العربية وأضاعوا سنوات لتعلم الألمانية.

يقول أنس فهد، المتحدر من السويداء، الذي وصل إلى ألمانيا قبل 3 أعوام تقريباً مع عائلته وابنه المراهق، إنه «ما زال يحمل إقامة حماية مؤقتة، ويعمل مهندساً كهربائياً».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الوقت مبكر الآن لاتخاذ قرار بالعودة»، شارحاً أن ابنه أمضى عاماً من الدراسة يتعلم اللغة الألمانية، وهو يحقق نتائج جيدة جداً في المدرسة ببرلين، ومن الصعب إعادته إلى مدارس سوريا حيث سيضطر لإضاعة عام آخر لدراسة اللغة العربية.

«وصلت يوم سقط الأسد»

وحتى الواصلون الجدد لا يخططون للعودة. لعل أحدثهم باسل حسين الذي وصل إلى برلين يوم سقوط الأسد، بعد أن دفع أكثر من 13 ألف يورو ليدخل عن طريق التهريب، والذي يقول إنه لن يعود الآن وقد وصل للتوّ.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع ما زال غير واضح، وهناك قرارات جديدة كل يوم». يفضل باسل أن يستكشف مستقبله في ألمانيا حتى ولو كان ذلك يعني أن عليه البدء من الصفر، على أن يعود إلى مستقبل غير معروف.

باسل حسين لاجئ سوري وصل إلى ألمانيا يوم سقوط الأسد (الشرق الأوسط)

وليس فقط السوريون هم المترددين حيال العودة، بل إن الألمان يخشون خسارة كثير منهم دفعة واحدة، خصوصاً أولئك الذين دخلوا سوق العمل ويملأون فراغاً في مجالات كثيرة.

ويعمل أكثر من 5 آلاف طبيب سوري في مستشفيات ألمانيا، ويشكلون بذلك الشريحة الأكبر من بين الأطباء الأجانب في ألمانيا. ويعمل المتبقون في مهن تعاني من نقص كبير في العمال؛ كالتمريض والبناء وقطاع المطاعم والخدمات.

وبحسب معهد أبحاث التوظيف، فإن معدل دخول السوريين سوق العمل هو 7 سنوات لتعلم اللغة وتعديل الشهادات. ويشير المعهد إلى أن السوريين يملأون شغوراً في وظائف أساسية في ألمانيا، ومع ذلك فإن معدل البطالة مرتفع بينهم، خصوصاً بين النساء اللواتي تعمل نسبة قليلة منهن فقط.

وقد حذرت نقابات الأطباء والعمل من الدعوات لتسريع ترحيل السوريين، لما قد يحمله ذلك من تأثيرات على سوق العمل في ألمانيا.

وحذر كذلك مانفريد لوشا، وزير الصحة في ولاية بادن فورتمبيرغ في غرب ألمانيا التي يعمل بها عدد كبير من الأطباء السوريين، من النقاشات حول تسريع الترحيل، وقال: إذا غادر العاملون السوريون في قطاع الصحة «فستكون هناك ثغرة هائلة».

وقالت نقابة المستشفيات في الولاية نفسها، إن «مغادرة كل طبيب أو عامل صحة سوري ستشكل خسارة لنا».