الحلو والمالح في طبق واحد يُثري المطبخ الشرقي

اللحم بالموز المقرمش والبطاطس المقلية بالشوكولاته أحدث الابتكارات

الملح يعطي نكهة مميزة لأطباق الحلوى في بعض الوصفات (شيف ميدو برسوم)   -   سمك الترس مع الريزوتو (شيف أحمد علام)
الملح يعطي نكهة مميزة لأطباق الحلوى في بعض الوصفات (شيف ميدو برسوم) - سمك الترس مع الريزوتو (شيف أحمد علام)
TT

الحلو والمالح في طبق واحد يُثري المطبخ الشرقي

الملح يعطي نكهة مميزة لأطباق الحلوى في بعض الوصفات (شيف ميدو برسوم)   -   سمك الترس مع الريزوتو (شيف أحمد علام)
الملح يعطي نكهة مميزة لأطباق الحلوى في بعض الوصفات (شيف ميدو برسوم) - سمك الترس مع الريزوتو (شيف أحمد علام)

يتوقع أن يكون المزج بين النكهات الحلوة والمالحة في طبق واحد، أحد أكثر اتجاهات الطعام انتشاراً في عام 2023، إذ بات الطهاة يقدمون العديد من الوصفات التي تحقق ذلك، انطلاقاً من أنه يسهم في خلق توازن مثالي بين المكونات.
المدهش أن الاقتران بين المذاقين الحلو والمالح لا يقتصر على الحلويات وحدها مثلما كان في السابق؛ حيث أصبح هناك اهتمام بهذا الجمع حتى في الأطباق الرئيسية على المائدة. واتجه بعض الطهاة إلى القول إن لمسة فقط من الملح مع أحد عناصر التحلية مثل العسل يمكن أن تعزز نكهة أي طبق بطريقة تشبه إضافة تأثير البهارات.
ويرضي المزج بين الجانبين الرغبة الشديدة لدى البعض في الجمع بين المكونات الحلوة والمالحة بكل فوائدها ومذاقاتها في قضمة واحدة، حسب الشيف المصري سعيد سعد شحاتة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المزج تقنية مستخدمة على نطاق واسع في المطبخ منذ العصور القديمة. فعلى سبيل المثال، استخدم المطبخ الروماني القديم مزيج العسل والخل في طهي اللحوم والأسماك لإكسابها مذاقاً مميزاً».
ويتابع: «الآن توجد وصفات عديدة في ثقافة تذوق الطعام في عديد من المطابخ الأوروبية، وفي مقدمتها إيطاليا... وربما تكون مفاجأة للبعض أن الجمع بين المذاق الحلو والمالح يحظى بمكانة مميزة في المطبخ الشرقي»، مشيراً إلى اللحم بالبرقوق، وهو طبق مغربي أصيل يعتمد على المزج بين الحلو والمالح، ويتميز بطعم رائع يكتسب خصوصيته من الخلط بين البهارات الشرقية والفواكه الجافة، مما يعزز النكهة، كما يُعتبر الدجاج مع الصلصة الحلوة من الأطباق التي لا تقاوم في المطبخ الصيني.
ويرى شيف ميدو برسوم إضافة الملح للحلويات «عدسة مكبرة للطعم»، فهي تعزز المذاق وتبرزه؛ وذلك هو سر إضافة ملعقة صغيرة من الملح إلى الحلويات والمخبوزات؛ فلكي تستمتع بطعم «الكيك الكلاسيكي» على سبيل المثال، ينبغي إضافة «رشة» من البرتقال إليه.
أما عن مزج السكر أو العسل أو المكونات المسكرة عموماً بالأكل «الحادق»، فهو يمثل «سكة مختلفة» أو طريقة أخرى للطهي، حسب ميدو، إذ يقول لـ«الشرق الأوسط»: «كل المطابخ والثقافات تفعل ذلك بشكل أو بآخر، وأبسط مثال هو إضافة السكر إلى صلصة الطماطم في المطبخ الإيطالي؛ وذلك لأن الطماطم عالية الحموضة؛ ومن ثم نحن نعادل الحمضية، ونمنع أن تتحول إلى مكون حامٍ عبر إضافة السكر إليها».
ويلفت إلى أنه من أبرز الأمثلة على ذلك، ما نتناوله كثيراً من دون أن ننتبه إلى أنه خليط من هذه المكونات، وهو «صوص الترياكي» الذي يدخل في إعداد عديد من وصفات الدجاج واللحوم، وهو في الأصل مصنوع من الصويا والسكر بجانب الثوم والخل والزنجبيل، وهنا يبرز المطبخ الآسيوي الذي يحتفي بكمية السكر المضافة، وهو يعتمد السكر البني أو العسل بدلاً من السكر الأبيض المكرر.
حتى إذا كنت لا تتفق معنا وتفضل أطباقك الحلوة والمالحة بشكل منفصل، فإنك ربما تغير رأيك بعد تذوق بعض الوصفات التي تجمع بينهما والتي تقدمها شيف ندى الهادي في مطبخها، ومنها شرائح اللحم بالموز المقرمش، ففي هذه الوصفة ستعثر على توازن رقائق الموز الحلوة المقرمشة بين ثنايا الطبق اللذيذ المحمل بالتوابل، أيضا جرِّب -وفق نصائحها- مذاق الموز مع زبدة الفول السوداني المالحة، فهما يعملان معاً بشكل رائع وفق نصيحتها، كما تقدم وصفة أخرى لعشاق الدجاج تعتمد على إضافة الخوخ والزيتون المفرومين معاً إليها.

سلمون تارتار مع التفاح الأخضر وجل اليوزو والسمسم (شيف أحمد علام)   -   شوكولاته مليئة بكريمة التوت الأزرق مع فتات الكيك الإسفنجي وكريمة الباشون فروت ورشة ملح (شيف سعيد سعد شحاته)   -   إضافة البرتقال وقليل من الملح للحلويات (شيف ميدو برسوم)

وقد تقف طويلاً أمام غرابة وصفة البطاطس المقلية المغموسة في اللبن المخفوق بالشوكولاته، التي قد تكون بمثابة «كابوس» فيما يتعلق بعدد السعرات الحرارية، لكنها رائعة المذاق وتناسب الباحثين عن زيادة الوزن، بحسب ندى: «إن حلاوة الشوكولاته تعمل بشكل جيد مع ملوحة البطاطس المقلية، والدليل على ذلك أن كثيراً من المطاعم اتجهت إلى تقديم (الميلك شيك) بجانب البطاطس المقلية الساخنة».
وتقدم الشيف وصفة للبط تعتمد على دهنه بالتفاح المكرمل، كما تقوم كذلك بهرس الكمثرى وقليها في الزيت مع السكر البني، ثم إضافتها إلى المعكرونة التقليدية، وكذلك تضيف الأناناس إلى البيتزا، أو برغر السلمون. تقول: «في الصباح الباكر البعض لا يكون مقبلاً على تناول الإفطار، لكن الأمر سيختلف كثيراً إذا قمت بإعداد ساندوتش الجبن الذي تحبه مع شريحة من الخس، وأخرى من الطماطم، مع طبقة من كريمة الشوكولاته أو (النوتيلا)، كما يمكنك أن تستغني عن المايونيز في ساندوتش الدجاج أو البطاطس، لتضيف بدلاً منه طبقة من الشوكولاته». أما الزعتر الطازج فعند إضافته إلى العسل الحلو فإنه يعزز النكهة الكريمية لجبن «الريكوتا» المعتدل في المقبلات، لذلك تنصح به الشيف.
ومن أكثر الوصفات التي تقدمها جرأةً، هي «برغر الدونات» وتورتة التفاح مع الأعشاب الطازجة والجبن اللاذع. وتعتبر المكسرات جسراً بين الحلوى والموالح؛ فهي مثلما تقوم بتغليفها بالسكر أو تحميصها بالزبدة واستخدامها في الأطعمة الحلوة، مثل البسكويت أو الكعك، تقوم كذلك بتحميصها بالملح والثوم.
أما الفاكهة، مثل المانجو، أو التفاح، أو البطيخ؛ فهي تتفنن في تنسيقها في الأطباق لكن بعد إضافة الملح إليها، تقول: «الملح يعزز الحلاوة الطبيعية للفاكهة؛ لذلك حين ترغب في تناولها من دون أن تشعر بـ(ميوعة الطعم) فما عليك سوى أن ترش القليل جداً من الملح عليها».
تقول لـ«الشرق الأوسط»: «دمج الحلو والمالح بشكل صحيح أمر رائع في الطهي، لأنه يخلق (طبقات للنكهة) أو عمقاً لها، كما أنه يعني التجديد والابتكار في مطبخك». وتلفت: «لكن من المهم للغاية معرفة المكونات التي تتوافق معاً، والأطعمة التي يكمل بعضها بعضاً، فضلاً عن الاختلافات الثقافية في الاقتران بالطعام؛ فحينئذ ستحصل على نكهات ونتائج مذهلة، وهو شيء يحدث من خلال الخبرة والاطلاع الواسع في عالم الطهي».
ومن أشهر الطهاة الذين يمزجون بين المالح والحلو: شيف أحمد علام، الذي يقدم وصفات متنوعة؛ منها طبق آموس بوش سالمون تارتار مع التفاح الأخضر وجل اليوزو والسمسم، وكذلك لحم الدجاج مع الترافل الأسود، ومربى الأناناس، وبسكويت الجبن بالبارميزان مع مربى التين الحارة، أما سمك الترس فيقدمه مع الريزوتو ومشروم الشيميغي بصوص الترياكي.


مقالات ذات صلة

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

مذاقات غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في المناسبات المختلفة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات، أول ما يتبادر إلى أذهاننا

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات فطور مصري (إنستغرام)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات 
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء

تُعرف الشوكولاته البيضاء بقوامها الحريري الكريمي، ونكهتها الحلوة، وعلى الرغم من أن البعض يُطلِق عليها اسم الشوكولاته «المزيفة»

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات طاولة العيد مزينة بالشموع (إنستغرام)

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

تحتار ربّات المنزل ماذا يحضّرن من أطباق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة؛ فهي مائدة يجب أن تتفوّق بأفكارها وكيفية تقديمها عن بقية أيام السنة.

فيفيان حداد (بيروت)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».