«ابتسم أيها الجنرال»... دراما «فوق السقف المُحرم»

مكسيم خليل وعروة محمد يتحدثان عن مسلسل «لن يرضي أحداً»

مكسيم خليل (الفنان)
مكسيم خليل (الفنان)
TT

«ابتسم أيها الجنرال»... دراما «فوق السقف المُحرم»

مكسيم خليل (الفنان)
مكسيم خليل (الفنان)

يلبس مكسيم خليل شخصية شائكة، تنفخ في الجمر، تعري المستور، نبرتها عالية. يطل في مسلسل «ابتسم أيها الجنرال» بدور يغازل الجدل. عمل درامي سوري يُعرض في رمضان، يقدم محاكاة «جريئة» للوراثة السياسية والقائد العسكري الفاسد الممسك بالبلاد ورقاب العباد. مؤلفه سامر رضوان معروف بشجاعة طرح الإشكالات الأمنية والمخابراتية الحساسة.
تشير مصادر شركة «ميتافورا» المنتجة إلى أنها ألغت أشكال الرقابة ومنحت صناع المسلسل حرية التصوير بلا ضوابط. وهو تصوير جرى في مدن تركية عدة، بكاميرا المخرج عروة محمد، وبطولة غطفان غنوم، وعبد الحكيم قطيفان، وسوسن أرشيد، وريم علي ومازن الناطور وعزة البحرة. يُراد منه وضع الأصبع على الجرح، فيكون «أول عمل درامي سوري خارج سلطة الرقيب».

- مكسيم خليل: خلقتُ عالماً يناقض مفاهيمي
يؤكد أنه «حتى الآن هو الدور الأكثر جرأة»؛ ويترك مكسيم خليل الأفق واسعاً بصفته يتمنى دائماً تقديم أعمال تحمل هذا الطابع. ماذا يعني بالجرأة؟ يجيب «الشرق الأوسط»: «إنها الحس النقدي الشجاع الذي يضع المشاهدين أمام تساؤلات وتفكير عميق بينهم وبين أنفسهم»، مشيراً إلى الفارق المهم: «المقاربة الجريئة توضع غالباً في إطار الأعمال الموجهة. هذا المسلسل ليس كذلك».
عمل مع سامر رضوان في «لعنة الطين» و«الولادة من الخاصرة»، وفي مسلسلات جمعت بين التشويق والواقعية الشجاعة. بِمَ يختلف «ابتسم أيها الجنرال» عن هذه الأعمال السابقة؟ رده مختصر مفيد: «نطرح على الملأ ما يتخيله الناس ويتحدثون عنه سراً وبالهمسات. إنه دراما كواليس السقف المُحرم».
يترقب ردود فعل قوية على مسلسل يقول إنه «لن يرضي أحداً». بمعنى أنه «ستكون لجميع أصحاب الآراء المتطرفة مآخذ عليه. منهم مَن يريد أن يرى الشخصية الحاكمة قديسة، ومنهم مَن يريد أن يراها شيطاناً. أما أنا؛ فأريد وضع الناس أمام تساؤل كبير: هل تحركنا (متلازمة ستوكهولم) من دون أن نشعر؟».
لنتمهل أمام الناحية الدرامية؛ ما يميز المسلسل؟ مكسيم خليل يضمن التميز لمجرد أن كاتبه سامر رضوان، «فهو يمتلك صنعة خلق الأحداث القوية والجريئة، وبنائها». أما ثقته بأن الظن لن يخيب حيال الجرأة، فمردها تأكيده أن «الدراما غير مُراقَبة في كواليس السلطة». يتساءل: «ألا تكفي هذه الجرأة؟»، ويتحدث من منطلق أن «جميع الأعمال السابقة تعالج العلاقات المشوهة وقضايا الفساد والصراع على القوة والمال وحتى الحب من خلال مسؤول أو أسرة غنية. دائماً هناك سقف. في هذا المسلسل نعيش ونتخيل دراما فوق السقف».
يذكر «الجنرال» (دوره في المسلسل) مَشاهد عدة رآها الأكثر تأثيراً وصعوبة، ليقول: «الناس أمام معطيات جديدة، وينبغي امتلاك الصدقية والتبني الحقيقي لقضايا شخصيات كهذه، من وجهة نظرهم لا نظر الممثل. كان عليّ أن أخلق في داخلي عالماً جديداً يتناقض مع عالمي ومفاهيمي الإنسانية. البحث عن حالات شائكة يضعنا أمام تساؤلات تتعلق بمفاهيم الخطأ والصواب».

- عروة محمد: الواقع برؤية نقدية
يشدد المخرج عروة محمد على الجرأة: «نعم؛ عمل جريء في زمن الغلبة فيه لأعمال استهلاكية معلبة خارجة على الواقع، أو أعمال مسيسة أُنتجت لرسم واقع سياسي أو اجتماعي أو فكري موجه. المسلسل مميز برفع سقفه».
هَمّ صناع «ابتسم أيها الجنرال»؛ «السعي الجماعي إلى تقديم رؤية نقدية حادة للواقع المطروح في الدراما العربية»؛ يقول لـ«الشرق الأوسط»؛ واصفاً هذا الواقع بـ«المنفلت والهارب والوهمي، حيث لا يرى المُشاهد المسببات الحقيقية للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية وأيضاً السياسية؛ أي لا يُلقى اللوم على البنى الحقيقية المُنتجة للواقع، بل على المواطن نفسه، بوصفه السبب في فقره واضطهاده وفقدانه حريته وفاعليته. وهو ضحية نفسه وأفكاره، كأنه المسؤول الوحيد عن سوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تدمر عالمه».
يدرك محمد أن الدراما العربية مقيدة، تعد للعشرة قبل التطرق إلى ما يسميه «الثالوث المحرم»؛ الدين والجنس والسياسة. من هنا؛ يستبعد أن يكون سامر رضوان قد كتب «ابتسم أيها الجنرال» بناء على «رؤية وتوجه من أحد، بدليل أعماله السابقة (الولادة من الخاصرة)، و(لعنة الطين)، و(دقيقة صمت)... التي يكرس فيها مشروعه القائم على النقد الحاد للواقعين السوري والعربي وتقديم البدائل وفق الظروف المتاحة في فترة تلك الأعمال».
وإن كان لا بد من «مقارنة»؛ يعلن أن رضوان «كان مغامراً تقريباً، أما في (ابتسم أيها الجنرال) فكتب خارج القيود الرقابية المعروفة في الواقع العربي». لا يتنكر لوجود رقابة من نوع ما في داخل كل منا، تفرضها مجموعة عوامل، ويرى الحل في «ثورة فكرية كبرى لنبدأ التخلص منها».
السؤال عما إذا كان المسلسل يشير إلى الفساد بالأصبع، بلا مواربة والتواء، يستدعي رداً بسؤالين: «هل أشار غابرييل غارسيا ماركيز بأصبعه إلى اسم الجنرال الديكتاتور الكولومبي ومساعديه في رائعتيه (خريف البطريرك)، و(ليس للكولونيل من يكاتبه)؟ وهل كان نجيب محفوظ يشير بأصبعه في رواياته (أولاد حارتنا)، و(اللص والكلاب) و(الحرافيش) إلى هذا الرئيس أو ذاك الوزير؟».


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
TT

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد الخريجي، وترأس الجانب الصيني نظيره نائب الوزير دنغ لي. وبحث الجانبان تطوير العلاقات الثنائية، مع مناقشة المستجدات التي تهم الرياض وبكين. يذكر أن العلاقات السعودية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، إذ تعززت الشراكة بين البلدين على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى عام 1990، عندما افتتحت سفارتا البلدين رسمياً في العاصمتين بكين والرياض. مع أن علاقات التعاون والتبادل التجاري بين البلدين بدأت قبل عقود. وعام 1979، وقّع أول اتفاق تجاري بينهما، واضعاً الأساس لعلاقات قوية مستمرة حتى يومنا هذا.

تُعدّ الصين اليوم الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وانعكست العلاقات المتنامية بين البلدين بشكل كبير على التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما؛ إذ أسهمت في وصول حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 100 مليار دولار أميركي في عام 2023. تستورد الصين النفط الخام من السعودية بشكل رئيسي، وتعدّ المملكة أكبر مورد للنفط إلى الصين، إذ تصدر ما يقرب من 1.7 مليون برميل يومياً. ولقد تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة حاجز الـ55 مليار دولار. وبحسب تقرير لـ«edgemiddleeast»، ضخّت الصين 16.8 مليار دولار في المملكة في 2023 مقابل 1.5 مليار دولار ضختها خلال عام 2022، استناداً إلى بيانات بنك الإمارات دبي الوطني، وهي تغطي مشاريع في البنية التحتية والطاقة والصناعات البتروكيماوية. وفي المقابل، استثمرت المملكة في عدد من المشاريع داخل الصين، منها الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والنقل. واستضافت الرياض أيضاً في شهر يونيو (حزيران) من هذا العام «مؤتمر الأعمال العربي الصيني» الذي استقطب أكثر من 3600 مشارك. وبعد أسبوعين فقط، أرسلت السعودية وفداً كبيراً بقيادة وزير الاقتصاد السعودي إلى مؤتمر «دافوس الصيفي» في الصين. وبالإضافة إلى هذا الزخم الحاصل، دعت الصين المملكة العربية السعودية كضيف شرف إلى «معرض لانتشو الصيني للاستثمار والتجارة» الذي أقيم من 7 إلى 10 يوليو (تموز) من هذا العام. وكانت وزارة الاستثمار السعودية حثّت الشركات على المشاركة بفاعلية في المعرض، والجناح السعودي المعنون «استثمر في السعودية». كذلك وقّعت السعودية والصين اتفاقيات متعددة لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة. وتسعى المملكة لتحقيق «رؤية 2030» التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، في حين تسعى الصين إلى تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتنميتها الاقتصادية. وبالفعل، جرى أخيراً توقيع اتفاقية بين شركة «تي سي إل تشونغ هوان» لتكنولوجيا الطاقة المتجددة الصينية، وشركة توطين للطاقة المتجددة، وشركة «رؤية للصناعة» السعوديتين، لتأسيس شركة باستثمار مشترك، من شأنها دفع توطين إنتاج الرقائق الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية. ووفقاً للاتفاقية، يبلغ إجمالي حجم الاستثمار في المشروع المشترك نحو 2.08 مليار دولار. التعاون السياسي والدبلوماسي تتعاون المملكة والصين على مستوى عالٍ في القضايا الدولية والإقليمية. وتستند العلاقات السياسية بين البلدين إلى احترام السيادة الوطنية والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية. كذلك تتبادل الدولتان الدعم في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ولقد لعبت الصين دوراً محوَرياً في الوساطة بين السعودية وإيران، ما أدى إلى تحقيق نوع من التوافق بين البلدين، أسهم في توطيد الاستقرار، وقلّل من حدة التوترات، وعزّز من الأمن الإقليمي. الزيارات الرسمية والقمم المعروف أنه في مارس (آذار) 2017، قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة رسمية للصين حيث التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال الزيارة، وُقّعت 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تضمنت التعاون في مجالات الطاقة والاستثمارات والعلوم والتكنولوجيا. وفي وقت سابق، كان خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قد زار الصين رسمياً عام 2006، كانت تلك الزيارة بمثابة نقطة تحوّل في تعزيز العلاقات الثنائية، وشملت مباحثات مع القيادة الصينية وشهدت توقيع اتفاقيات عدة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار. كما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الصين في فبراير (شباط) 2019 كجزء من جولته الآسيوية. خلال هذه الزيارة، وقّعت 35 اتفاقية تعاون بين البلدين بقيمة تجاوزت 28 مليار دولار، وشملت مجالات النفط والطاقة المتجددة والبتروكيماويات والنقل. بعدها، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية إلى الرياض، حيث شارك في «قمة الرياض»، التي جمعت قادة دول مجلس التعاون الخليجي والصين. وتركّزت هذه القمة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية بين الجانبين، وخلالها وقّع العديد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. من الزيارات البارزة الأخرى، زيارة وزير الخارجية الصيني إلى السعودية في مارس (آذار) 2021، حيث نوقش التعاون في مكافحة جائحة «كوفيد 19» وتعزيز العلاقات الاقتصادية،