البنوك السعودية في مأمن من تعثرات المصارف الأميركية

تحسين الأنظمة والقوانين لضمان تقاعد مستدام وعادل

جانب من مشاركة وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي خلال مؤتمر القطاع المالي الذي اختتم أعماله في الرياض أمس (الشرق الأوسط)
جانب من مشاركة وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي خلال مؤتمر القطاع المالي الذي اختتم أعماله في الرياض أمس (الشرق الأوسط)
TT

البنوك السعودية في مأمن من تعثرات المصارف الأميركية

جانب من مشاركة وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي خلال مؤتمر القطاع المالي الذي اختتم أعماله في الرياض أمس (الشرق الأوسط)
جانب من مشاركة وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي خلال مؤتمر القطاع المالي الذي اختتم أعماله في الرياض أمس (الشرق الأوسط)

في أول تصريحات رسمية تصدر عن مسؤول بعد أزمات الإفلاس التي شهدتها مؤسسات مالية في الولايات المتحدة الأميركية، أكد أيمن السياري، محافظ البنك المركزي السعودي، عدم وجود تعاملات مالية بين البنوك المحلية والمصارف الأميركية المتعثرة، مشدداً على قوة ومتانة القطاع المصرفي المحلي وتوفر السيولة التي تجعله في مأمن من الأحداث الاقتصادية العالمية الحالية.
وبحسب تصريحات السياري لقناة «العربية» على هامش مؤتمر القطاع المالي المنعقد في الرياض: «لا تعاملات لبنوكنا مع المصارف الأميركية المتعثرة»، مشيراً إلى أن «القطاع المصرفي السعودي يتمتع بكفاية رأسمالية وسيولة مطمئنة».
- تنمية القدرات
وتابع السياري «نؤكد الإيمان التام للبنك المركزي وبالشراكة مع برنامج تطوير القطاع المالي بأهمية تحقيق المستهدفات من خلال دعم نمو واستدامة الاقتصاد المحلي مع الحفاظ على استقرار القطاع المالي ومتانته، ومواصلة السير قدماً لإقامة المؤتمر في نسخته الثالثة ليكون حافزا للاقتصاد وجاذبا للاستثمارات بما يحقق تطلعات الحكومة».
وأكد خلال كلمته الختامية أمس (الخميس) في مؤتمر القطاع المالي على أهمية الحدث لأثره المباشر وغير المباشر في تنمية القدرات عبر تبادل الخبرات والرؤى التطويرية ومناقشة الصعوبات التي تواجه القطاع المالي وسبل تجاوزها.
- تحفيز الادخار والتمويل
وزاد السياري، أن المشاركة العالمية الواسعة في المؤتمر هذا العام ضمت عددا من أبرز ممثلي الصناعة المالية والخبراء على الصعيدين المحلي والدولي، لتبادل التجارب واستعراض أفضل الممارسات العالمية من خلال عدد من الحوارات والجلسات وتسليط الضوء على الأنظمة والتشريعات والتحديات التي تهدف إلى العمل بشكل تعاوني لتطوير القطاع بما يتواكب مع خطط التوسع والنمو الذي يشهده في المملكة.
وتطرق إلى استمرارية جهود البنك المركزي السعودي وشركائه في برنامج تطوير القطاع المالي لتمكين المؤسسات ودعم نمو القطاع الخاص والاقتصاد الوطني وتنويع مصادر دخله، إلى جانب تحفيز الادخار والتمويل والاستثمار.
- أنظمة المعاشات
من جهة أخرى، كشف فيصل الإبراهيم، وزير الاقتصاد والتخطيط، عن توجه الحكومة للعمل على تحسين وتعزيز الأنظمة والقوانين المتعلقة بالتقاعد ليكون مستداما وعادلا وغير مكلف، مبيناً أن السعودية تحرص على أن تكون سباقة لضمان سياسات توضع لمعالجة ازدياد معدل العمر وتبعاتها.
وواصل الإبراهيم، أمس (الخميس) خلال أعمال اليوم الأخير من مؤتمر القطاع المالي الذي أقيم على مدى يومين في الرياض، أن السعودية لديها نسبة كبيرة من أعمار الشباب وإمكانية للعمل على معالجة تحديات نظام التقاعد، وتحرص على إعطاء المزيد من المرونة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بخصوص تغييرات الأنظمة ذات العلاقة.
وأبان أنه خلال الأعوام الخمسة الماضية، اتخذت الحكومة خطوات كبيرة للتوسع في أنظمة التقاعد وتحديثها باستمرار، وأن نظام المعاشات في دول العالم يسعى لتحقيق العديد من الأهداف والتركيبة السكانية تغيرت، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في آلية المعاشات التقاعدية وسن التقاعد.
- الرهن العقاري
وفي إحدى الجلسات الحوارية للمؤتمر، قال ماجد الحقيل، وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، أن سوق الرهن العقاري تجاوزت الـ24 في المائة، قياساً بـ8 في المائة عند انطلاق رؤية 2030، مشيراً إلى أن وزارته مستمرة بالعمل على تطوير رحلة برنامج الإسكان وإيجاد منتجات مالية مبتكرة لدعم السوق المحلية، وتعزيز التمويل بما يرفع كفاءة العرض والطلب. وبالعودة إلى محافظ البنك المركزي السعودي، أفصح عن المساعي الحكومية لتوفير بيئة جاذبة لشركات التقنية المالية الناشئة بما يتناسب مع تطورات الاقتصاد المحلي والعالمي لتمكينها من الابتكار والاستثمار في هذا القطاع الواعد مع إعطاء التأمين أهمية كبرى كونه يشهد نموا متسارعا في ظل تكامل جهود شركاء برنامج تطوير القطاع المالي، ليكون مستداماً ومزدهراً بما يعزز مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
- العملات الرقمية
من جهته، بين محمد القويز، رئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية، أن مخاطر الأصول الرقمية تعكس الفوائد والفرص، موضحاً أن التنظيم أمر بالغ الأهمية لدفع تطور هذا القطاع.
ووفقاً للقويز، التحديات لا تزال قائمة أمام المنظمين في فهم الفضاء الرقمي كون حالات الاستخدام تتطور وتتوسع باستمرار، ومن غير المحتمل النظر إلى عملة «البيتكوين» كوسيلة للدفع بل على أنها ذات قيمة.
أما محمد الرميح، المدير التنفيذي لتداول السعودية، أكد أن السوق المالية في المملكة تعد إحدى أسرع أسواق المال نمواً في العالم، في حين لفت يزيد الدميجي، وكيل هيئة السوق المالية للشؤون الاستراتيجية والدولية، إلى أن رؤية 2030 تجعل السوق الأهم في المنطقة وواحدة من 10 أسواق في العالم.
- التقنيات المالية
وعلى هامش مؤتمر القطاع المالي، أعلنت مبادرة «فنتك السعودية»، التي أطلقها البنك المركزي السعودي «ساما» بالتعاون مع هيئة السوق المالية، عن توقيع 12 مذكرة تفاهم 7 منها في الأمن السيبراني، وإطلاق 3 مبادرات ستُسهم في دعم منظومة شركات التقنية المالية في المملكة، من حيث تعزيز قدراتها ومهارات منسوبيها.
وشدد نزار الحيدر، المدير العام لمبادرة «فنتك السعودية»، على أهمية مذكرات التفاهم الموقعة والمبادرات التي تمت بالشراكة مع عدد من القطاعات الحكومية والأهلية والأكاديميات التقنية على المستويين المحلي والدولي، والتي تهدف في مجملها العام إلى جعل المملكة مهداً للابتكار ومركزاً عالمياً لمنتجات وخدمات التقنية المالية، فضلاً عن تحفيز القطاع بما يُعزز التمكين الاقتصادي للفرد والمجتمع.
وأضاف الحيدر، أن المبادرات والاتفاقيات تُسهم بشكل مباشر في تحقيق مستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي –أحد أهم برامج رؤية 2030- واستراتيجية التقنية المالية، من حيث الإسهام في زيادة عدد الشركات خاصة الناشئة منها، وتنمية مهارات الكوادر الوطنية وتغذية المحتوى العربي بمواد متخصصة.
- مسرعة فنتك
وبالتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف»، سيتم إدراج 9 شهادات مهنية احترافية معتمدة مطلوبة للتقديم على وظائف شركات التقنية المالية، لدعم الكوادر الوطنية من الجنسين بالمهارات التطبيقية والمعرفية اللازمة.
وستُطلق «فنتك السعودية» بالشراكة مع جامعة هونغ كونغ للعلوم التقنية أول دورة افتراضية تُقدم باللغة العربية على الإنترنت بعنوان «مقدمة في التقنية المالية».
وخلال مؤتمر القطاع المالي، فتحت «فنتك السعودية» الباب للشركات الناشئة الراغبة بالتسجيل في النسخة الثالثة من برنامج «مسرعة فنتك» بالتعاون مع «ساما» وهيئة السوق المالية كجزء من أنشطة دعم رواد الأعمال في التقنية المالية.
- ريادة الأعمال
ويهدف تنوع مذكرات التفاهم إلى تعزيز حضور شركات التقنية المالية في منظومة الاقتصاد الوطني، ومن ذلك التعاون مع المركز الوطني لنظم الموارد الحكومية لتمكين القطاع، فيما تهدف الاتفاقية الموقعة مع مركز «أرامكو» السعودية لريادة الأعمال «واعد» إلى دعم النظام البيئي للتكنولوجيا المالية في المملكة.
ووقعت «فنتك» مذكرة تفاهم مع فيزا العالمية لدعم التقنيات المالية والابتكار في السعودية، ويتضمن ذلك شراكتها الاستراتيجية معها في دعم مبادرات الأخيرة، التي تهدف إلى تحفيز الابتكار لدى شركات التكنولوجيا المالية.
- الأمن السيبراني
ومن أجل تقديم خدمات مجانية لشركات التقنية المالية في المملكة، تم توقيع مذكرة تفاهم مع شركتين، الأولى متخصصة في توفير واجهات برمجة التطبيقات المصرفية المفتوحة والبيئة التجريبية، والثانية مختصة في التحقق من الهوية ومصادقة المستخدم ومساعدة الشركات على مكافحة الاحتيال، ومن المُقرر أن توفرا وصولاً مجانياً إلى «البيئة التجريبية».
ولتعزيز قدرات الأمن السيبراني لدى خدمات ومنتجات شركات التقنية المالية في المملكة، وقعت «فنتك» مذكرة تفاهم مع 7 جهات متخصصة في أمن المعلومات والبنية التحتية المعلوماتية، لتقديم أسعار مُخفضة لشركات التقنية المالية السعودية، بما يضمن استدامتها في تقديم خدماتها ومنتجاتها لأصحاب المصلحة المباشرين.
- الأهلي العراقي
من ناحية أخرى، حصلت شركة التقنية المالية «تمارا» على نحو 563 مليون ريال (150 مليون دولار) لتمويل ديون من «غولدمان ساكس» وهو الأول من نوعه في المنطقة، وبذلك ترتفع القيمة الإجمالية للتمويل الذي حصلت عليه الشركة السعودية ما يقارب 1.4 مليار ريال (373 مليون دولار) منذ سبتمبر (أيلول) 2020.
وشهد المؤتمر أيضاً رعاية محافظ البنك المركزي السعودي، تدشين أعمال فرع المصرف الأهلي العراقي في المملكة، وكذلك إطلاق الشركة السعودية للاستثمار الجريء، بالشراكة مع هيئة السوق المالية، وبرنامج تطوير القطاع المالي منتج «الاستثمار في صناديق التقنية المالية».
- التقنية الخضراء
واحتلّت مواضيع الابتكار الرقمي والاستثمار في التقنية الخضراء ودورهما الرئيسي في نمو القطاع المالي، وأثرهما في تحفيز النمو الاقتصادي العالمي وتنوعه خلال الأعوام العشرة القادمة، مساحة كبيرة من نقاشات الجلسات الحوارية خلال مؤتمر القطاع المالي في ختام أعماله أمس والذي استضاف 3 آلاف مشارك من المجتمع المالي العالمي تحت شعار «آفاق مالية واعدة».
ومع تصاعد وتيرة التحول الرقمي للخدمات المالية وخصوصاً في نظام المدفوعات، والتوسع الذي يحدث حالياً في قطاع التقنية المالية، أصبح الاعتماد على الأوراق النقدية شيئاً من الماضي. لذا تحدّث أندرو توري، الرئيس الإقليمي لشركة فيزا في وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، في جلسةٍ حوارية حول تشكيل مستقبل المدفوعات الرقمية، قائلاً «الأوراق النقدية ستختفي، مع تصاعد استخدام المدفوعات الرقمية». وأضاف توري «في 2017 كانت المدفوعات الرقمية في المملكة تشكّل نسبة 17 في المائة من المدفوعات، أما الآن فهي تمثل 96 في المائة».


مقالات ذات صلة

«التوازن العقاري» تضبط السوق وتدفع بمؤشرات إيجابية نحو التداولات في الرياض

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

«التوازن العقاري» تضبط السوق وتدفع بمؤشرات إيجابية نحو التداولات في الرياض

بعد إعلان الهيئة الملكية لمدينة الرياض نتائج القرعة الإلكترونية لشراء الأراضي السكنية علمت «الشرق الأوسط» أن بعض تلك الأراضي ستباع بأقل من 1500 ريال للمتر.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد الوتيد رئيس «إس تي سي» وطارق أمين رئيس «هيومان» خلال توقيع الاتفاقية بحضور الأمير محمد بن خالد الفيصل رئيس مجلس «إس تي سي» ويزيد الحميد نائب محافظ الاستثمارات العامة (الشرق الأوسط)

«سنتر3» و«هيوماين» تعلنان عن مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاواط في السعودية

أعلنت شركة «سنتر3» التابعة لمجموعة «إس تي سي» وشركة «هيوماين» إطلاق مشروع مشترك استراتيجي لبناء مراكز بيانات مخصصة للذكاء الاصطناعي في السعودية

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

منصة «التوازن العقاري» تعلن نتائج أول دفعة أراضٍ مدعومة في الرياض

أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض، الأربعاء، عن صدور نتائج القرعة الإلكترونية لشراء الأراضي السكنية عبر منصة «التوازن العقاري».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
جانب من الحافلات الكهربائية (تصوير: غازي مهدي)

تدشين أول شبكة حافلات تعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية في مكة المكرمة

دُشّن في العاصمة المقدسة مكة المكرمة، الأربعاء، أول نظام حافلات سريعة التردد، يعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية، عبر «مسار BRT».

سعيد الأبيض
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال المؤتمر الصحافي الحكومي (الشرق الأوسط)

الخريف: استثمارات القطاع الصناعي السعودي ترتفع إلى 320 مليار دولار

قال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، إن الاستثمارات في القطاع شهدت قفزة من 800 مليار إلى 1.2 تريليون ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أوروبا تطلق حزمة إنقاذ لـ«كييف» بـ105 مليارات دولار عبر أسواق المال

أعلام الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا ترفرف خارج مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا ترفرف خارج مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل (رويترز)
TT

أوروبا تطلق حزمة إنقاذ لـ«كييف» بـ105 مليارات دولار عبر أسواق المال

أعلام الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا ترفرف خارج مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا ترفرف خارج مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل (رويترز)

وافق قادة الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، على تقديم قرض ضخم بقيمة 90 مليار يورو (105 مليارات دولار) إلى أوكرانيا دون فوائد، بهدف تلبية احتياجاتها العسكرية والاقتصادية للعامَيْن المقبلَيْن، في حين فشلوا في التوصل إلى اتفاق بشأن استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل هذا الدعم.

وقال رئيس قمة الاتحاد الأوروبي، أنطونيو كوستا، في مؤتمر صحافي صباح الجمعة، عقب ساعات من المفاوضات في بروكسل: «اليوم اعتمدنا قراراً بتقديم 90 مليار يورو إلى أوكرانيا، وسيتم منح القرض بشكل عاجل، مدعوماً بميزانية الاتحاد الأوروبي».

ويأتي القرار بعد ساعات من المناقشات حول تفاصيل قرض غير مسبوق يعتمد على الأصول الروسية المجمدة، الذي تبيّن أنه معقّد تقنياً ويتطلّب جهداً سياسياً كبيراً للتنفيذ في هذه المرحلة.

وكان التحدي الرئيسي يكمن في ضمان حماية بلجيكا، التي تحتفظ بنحو 185 مليار يورو من إجمالي الأصول الروسية في أوروبا، من المخاطر المالية والقانونية المحتملة في حال الإفراج عن هذه الأموال لأوكرانيا، بما في ذلك احتمال رد فعل قانوني أو اقتصادي روسي.

وقال رئيس الوزراء البلجيكي، بارت دي ويفر، في مؤتمر صحافي: «كانت هناك تساؤلات جوهرية حول قرض التعويضات، واضطررنا إلى الانتقال إلى الخطة البديلة. اتسم القرار بالعقلانية، مما سمح للاتحاد الأوروبي بتجنّب الانقسام والحفاظ على الوحدة».

وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن أوكرانيا ستحتاج إلى تمويل ضخم يصل إلى 137 مليار يورو (161 مليار دولار) خلال العامَين المقبلَين. ومع اقتراب البلاد من حافة الإفلاس المالي، أصبح تأمين هذه التدفقات النقدية قبل ربيع 2026 أمراً حيوياً لضمان استمرار عمل الدولة واستقرار مفاصلها الاقتصادية.

ووصف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الاتفاق بأنه خطوة مهمة، مشيراً إلى أن الاقتراض من أسواق رأس المال يُعد «الطريقة الأكثر واقعية وعملية» لتمويل أوكرانيا.

وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الذي حضر القمة في بروكسل وسط احتجاجات من المزارعين الغاضبين من اتفاقية تجارية مقترحة مع خمس دول في أميركا الجنوبية، قد دعا إلى اتخاذ قرار سريع لضمان بقاء أوكرانيا على قيد الحياة في العام الجديد. بدوره، حذر رئيس وزراء بولندا، دونالد توسك، يوم الخميس، من أن الأمر سيكون «إما المال اليوم وإما الدم غداً» لمساعدة أوكرانيا.

ردود فعل المستثمرين على اتفاق التمويل

علق كبير محللي السوق في «كابيتال دوت كوم»، كايل رودّا، بالقول: «المخاطرة الكبرى من استخدام الأصول الروسية لتمويل جهود أوكرانيا تكمن في احتمال تأثيرها على قيمة الأوراق المالية الحكومية الأوروبية ورفع أسعار الفائدة على السندات السيادية. ومع ذلك، أعتقد أن هذا يمثّل عبئاً مالياً هامشياً على أوروبا مقارنة بالمخاطر الأكبر المترتبة على توقف المشترين العالميين، مثل الصين، عن شراء الديون الأوروبية خشية التعرض لمخاطر مماثلة».

وأشار استراتيجي السندات في «كوميرتس بنك»، كريستوف ريجير، إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يحتاج إلى جمع المزيد من الأموال عبر إصدار أذون خزانة قصيرة الأجل، التي ستُحوَّل لاحقاً إلى سندات طويلة الأجل ضمن إطار مبادرة «NextGeneration EU»، ما يعزز مكانة الاتحاد الأوروبي بوصفه مصدراً دائماً للسندات دون زيادة صافية في حجم الإصدارات.

وقال رئيس قسم الأبحاث في «كيه 2» لإدارة الأصول، جورج بوبوراس: «إنها صفقة رابحة، لكنها تتطلب خطوات متابعة. فالصفقات الأخيرة في قطاع الطاقة بين واشنطن وبروكسل تشكل رافداً إضافياً لدعم صندوق أوكرانيا». وأضاف: «رغم تراجع التوترات الجيوسياسية في النصف الثاني من 2025، فإن الأسواق معرضة لخطر الاسترخاء المفرط، ما قد يولد مخاطر كامنة لعام 2026 لم تُستوعب بعد في التسعير الحالي».


قفزة تاريخية في عوائد السندات اليابانية... و«المركزي» يخذل الين

سيدة تمر أمام مقر بنك اليابان المركزي في وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)
سيدة تمر أمام مقر بنك اليابان المركزي في وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)
TT

قفزة تاريخية في عوائد السندات اليابانية... و«المركزي» يخذل الين

سيدة تمر أمام مقر بنك اليابان المركزي في وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)
سيدة تمر أمام مقر بنك اليابان المركزي في وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

شهدت الأسواق اليابانية يوماً استثنائياً، عقب قرار «بنك اليابان» رفع سعر الفائدة إلى أعلى مستوى لها منذ ثلاثة عقود، في خطوة أكدت التحول الجدي في السياسة النقدية بعد سنوات طويلة من التيسير الاستثنائي. وجاءت ردة فعل الأسواق متباينة بين قفزة حادة في عوائد السندات، وتراجع جديد للين، مقابل مكاسب قوية للأسهم.

وقفز العائد على السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات إلى 2.02 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس (آب) 1999، مسجلاً اختراقاً رمزياً لحاجز 2 في المائة الذي لطالما شكّل سقفاً نفسياً خلال حقبة الانكماش الطويلة.

كما ارتفعت عوائد السندات قصيرة الأجل؛ إذ صعد عائد السندات لأجل عامَيْن إلى 1.095 في المائة، وهو الأعلى منذ 2007، في حين بلغ عائد السندات لأجل 5 سنوات 1.485 في المائة، وهو مستوى لم يُسجل منذ عام 2008.

أما السندات طويلة الأجل، فقد واصلت الضغوط الصعودية، حيث ارتفع عائد السندات لأجل 20 عاماً إلى 2.97 في المائة، فيما صعد عائد السندات لأجل 30 عاماً إلى 3.415 في المائة، وسط مخاوف المستثمرين من زيادة إصدارات الدين لتمويل السياسة المالية للحكومة الجديدة.

ويرى محللون أن موجة البيع في سوق السندات تعكس اقتناع الأسواق بأن «بنك اليابان» دخل مرحلة تشديد نقدي مستمرة، حتى وإن كان مسارها بطيئاً.

الين يواصل التراجع

ورغم رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 0.75 في المائة، تراجع الين سريعاً بعد ارتفاع أولي محدود، ليصل إلى نحو 156.7 ين للدولار، مسجلاً انخفاضاً بنحو 0.7 في المائة. كما بلغ اليورو مستوى قياسياً أمام العملة اليابانية، فيما صعد الجنيه الإسترليني بقوة.

ويعزو متعاملون ضعف الين إلى غياب إشارات واضحة من محافظ «بنك اليابان»، كازو أويدا، بشأن وتيرة الزيادات المقبلة وموعدها، بالإضافة إلى استمرار الفجوة الواسعة في أسعار الفائدة بين اليابان والاقتصادات الكبرى الأخرى.

وقال كبير استراتيجيي الأسواق في آسيا لدى «إنفيسكو»، ديفيد تشاو، إن الاعتقاد السائد بأن رفع الفائدة سيعزز العملة اليابانية «لم يتحقق حتى الآن»، مشيراً إلى أن التشديد التدريجي، إلى جانب فروق العوائد العالمية، يبقيان الضغط على الين قائماً.

وخلال مؤتمره الصحافي، حافظ أويدا على نبرة حذرة، لا سيما عند سؤاله عن مستوى الفائدة المحايد الذي لا يحفّز النمو ولا يكبحه. وأكد أن تقديرات هذا المستوى «تقع ضمن نطاق واسع»، وأن قرارات السياسة المقبلة ستعتمد على البيانات الاقتصادية المتاحة في حينها.

هذا الغموض دفع الأسواق إلى استنتاج أن «بنك اليابان» لن يسارع إلى رفع الفائدة بوتيرة قوية، وهو ما خفف من جاذبية الين لدى المستثمرين.

الأسهم ترحّب بالتشديد

وعلى النقيض من سوق العملات، استقبلت الأسهم اليابانية القرار بإيجابية. فقد أغلق مؤشر «نيكي» مرتفعاً بنحو 1 في المائة عند 49507 نقاط، مدعوماً بأسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، في أعقاب نتائج قوية لشركات أميركية في قطاع الرقائق. كما صعد مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً بنسبة 0.8 في المائة.

ويرى محللون أن ارتفاع الأسهم يعكس ثقة المستثمرين بأن الاقتصاد الياباني بات أكثر قدرة على تحمّل أسعار فائدة أعلى، خصوصاً مع تحسّن الأجور واستمرار التضخم قرب مستهدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة.

ورغم تأكيد رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي أن السياسة المالية ستكون «مسؤولة ومستدامة»، لا تزال الأسواق قلقة من احتمال موجة جديدة من إصدارات السندات لتمويل الإنفاق الحكومي، وهو ما قد يُبقي الضغوط الصعودية على العوائد خلال الأشهر المقبلة.

ويجمع مراقبون على أن قرار «بنك اليابان» شكّل نقطة تحول مفصلية، لكن مسار الأسواق سيظل رهناً بقدرة البنك المركزي على الموازنة بين مكافحة التضخم، ودعم النمو، ومنع تقلبات حادة في سوق العملات.


الاتحاد الأوروبي يؤجل توقيع اتفاقية «ميركوسور» بعد طلب إيطاليا مزيداً من الوقت

مزارعون فرنسيون يحتجون على اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي و«ميركوسور» في باريس 14 أكتوبر 2025 (رويترز)
مزارعون فرنسيون يحتجون على اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي و«ميركوسور» في باريس 14 أكتوبر 2025 (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يؤجل توقيع اتفاقية «ميركوسور» بعد طلب إيطاليا مزيداً من الوقت

مزارعون فرنسيون يحتجون على اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي و«ميركوسور» في باريس 14 أكتوبر 2025 (رويترز)
مزارعون فرنسيون يحتجون على اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي و«ميركوسور» في باريس 14 أكتوبر 2025 (رويترز)

أعرب المستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، يوم الجمعة، عن ثقتهما بقدرة الاتحاد الأوروبي على توقيع اتفاقية تجارة حرة مع كتلة «ميركوسور» في يناير (كانون الثاني)، رغم عدم كفاية الدعم في قمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة.

وكان من المقرر أن تسافر فون دير لاين إلى البرازيل لحضور حفل التوقيع يوم السبت، إلا أن ذلك رُبط بموافقة أغلبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهو ما أوقفته مطالبة إيطاليا بمزيد من الوقت. وقالت فون دير لاين، في مؤتمر صحافي: «نحتاج إلى بضعة أسابيع إضافية لمعالجة بعض القضايا مع الدول الأعضاء، وقد تواصلنا مع شركائنا في (ميركوسور)، واتفقنا على تأجيل التوقيع قليلاً»، وفق «رويترز».

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أعلن بدوره أنه علم بتأجيل التوقيع لمدة تصل إلى شهر بناءً على طلب ميلوني، وأنه سيتشاور مع شركاء «ميركوسور» بشأن الخطوات التالية. وأكدت ميلوني أن إيطاليا ستدعم الاتفاقية بمجرد حل المخاوف الزراعية، وهو ما يمكن أن يحدث سريعاً.

ورأى ميرتس أن منح ميلوني بضعة أسابيع إضافية لكسب دعم حكومتها وبرلمانها لا يمثّل مشكلة. وأضاف: «هذا يعني أن (ميركوسور) يمكن أن تدخل حيز التنفيذ بعد موافقة الحكومة الإيطالية، وآمل أن تمنح الحكومة الفرنسية موافقتها أيضاً».

وبعد نحو 25 عاماً من العمل، ستكون الاتفاقية التجارية مع الأرجنتين والبرازيل وباراغواي وأوروغواي الأكبر في الاتحاد الأوروبي من حيث تخفيضات الرسوم الجمركية. وتقول ألمانيا وإسبانيا ودول الشمال الأوروبي إنها ستعزّز الصادرات المتضررة من الرسوم الأميركية، وتقلل الاعتماد على الصين من خلال ضمان الوصول إلى المعادن.

لكن فرنسا وإيطاليا وبلداناً أخرى قلقة من تدفق السلع الرخيصة التي قد تضر بالمزارعين الأوروبيين. وأدى الغضب في فرنسا بسبب مرض الجلد العقدي في الماشية إلى احتجاجات إضافية، حيث أغلق المزارعون الطرق لعدة أيام، فيما استخدمت الشرطة البلجيكية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق نحو 7000 محتج، معظمهم من المزارعين، في بروكسل.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال إن الاتفاقية غير مقبولة بصيغتها الحالية: «لسنا راضين. نحتاج إلى هذه التطورات لتغيير جوهر النص، حتى نتمكن من الحديث عن اتفاقية مختلفة». وأكد ضرورة المعاملة بالمثل لضمان عدم فتح الأسواق الأوروبية أمام واردات رخيصة تنتج وفق معايير متساهلة.

وتوصل المشرعون والحكومات في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مبدئي حول ضمانات للحد من واردات المنتجات الزراعية الحساسة مثل لحوم الأبقار والسكر، وتعهّدت المفوضية الأوروبية بإرساء معايير إنتاج موحدة، بهدف تهدئة المعارضة الداخلية.