هل ينجح غروندبرغ في تحويل الزخم إلى هدنة دائمة في اليمن؟

(تحليل إخباري)

المبعوث الأممي لليمن لدى لقائه وزير الخارجية الإيراني بطهران في 13 مارس 2023 (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي لليمن لدى لقائه وزير الخارجية الإيراني بطهران في 13 مارس 2023 (إ.ب.أ)
TT

هل ينجح غروندبرغ في تحويل الزخم إلى هدنة دائمة في اليمن؟

المبعوث الأممي لليمن لدى لقائه وزير الخارجية الإيراني بطهران في 13 مارس 2023 (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي لليمن لدى لقائه وزير الخارجية الإيراني بطهران في 13 مارس 2023 (إ.ب.أ)

يحاول المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ الاستفادة من الزخم الحالي الذي أفرزه الاتفاق السعودي - الإيراني برعاية صينية، في إحداث اختراق في الملف اليمني، بدءاً بتثبيت الهدنة، وصولاً إلى تسوية سياسية دائمة.
وكان غروندبرغ قد اختتم، أول من أمس، زيارة للعاصمة السعودية التقى خلالها قيادة الشرعية اليمنية، والسفير السعودي لدى اليمن، إلى جانب سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
وبحث هانس غروندبرغ في الرياض، البناء على الزخم الحالي نحو تسوية سياسية جامعة ومستدامة في اليمن، وتبادل الرؤى حول تقديم دعم إقليمي ودولي منسق لجهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة في اليمن، وفقاً لما أعلنه المبعوث على حسابه بتويتر.
وتأتي زيارة المبعوث الأممي للرياض، بعد زيارة مماثلة لطهران قبل يومين التقى خلالها كبار المسؤولين الإيرانيين؛ وعلى رأسهم وزير الخارجية الإيراني، الذي أكد دعم استمرار وقف إطلاق النار وحلّ الأزمة اليمنية في إطار الحوارات اليمنية ـ اليمنية.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال، يوم أمس، عن مسؤولين أميركيين وسعوديين قولهم إن إيران وافقت على وقف شحنات الأسلحة إلى الحوثيين في اليمن.
وأكد وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك أن الحكومة اليمنية ستتعامل بحذر مع الأقوال المعلَنة من إيران، إلى أن ترى تغيراً واقعياً في سلوك الميليشيات الحوثية يعكسه تعاملها الجادّ مع مبادرات السلام وتخلّيها عن العنف والأفكار العنصرية، وفق ما نقلت عنه «رويترز».
من جانبه، علّق دبلوماسي غربي على جولات التفاوض السابقة مع جماعة الحوثي بأن عناصر الجماعة يريدون أن «يأخذوا ولا يعطوا»، بمعنى أن يستفيدوا من تنفيذ الطرف الثاني التزاماته، في حين لا ينفذون أياً من التزاماتهم في أي اتفاق، على حد تعبيره.
ورغم عدم تفاؤله بالمشاورات السياسية مع جماعة الحوثي؛ نظراً لتغير مواقفهم باستمرار، وفقاً للدبلوماسي الغربي، فإنه اعترف بأن «البدائل صعبة»، محذِّراً، في الوقت نفسه، من أن «البلد يتجه إلى المجهول في حال استمر التعنت الحوثي الحالي». وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي قد حذَّر من تقديم أي حوافز إضافية للحوثيين، دون ضمان انخراطهم في عملية السلام وتخلّيهم عن المشروع الإيراني.
ووفقاً لمصادر سعودية، فإن الملف اليمني سيكون الاختبار الأول للاتفاق السعودي - الإيراني برعاية الصين، ومدى جِدية طهران والتزامها، وعلى ضوئه سيتحدد المضي قدماً في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين من عدمها.
وتجري حالياً في جنيف جولة جديدة من المفاوضات بين الشرعية اليمنية وجماعة الحوثي الانقلابية تتعلق بملف الأسرى والمعتقلين، تحت رعاية الأمم المتحدة.
ويرى مراقبون أن نجاح جولات المشاورات حول الأسرى والمعتقلين في جنيف قد يشكل بداية إيجابية نحو حلحلة الملف اليمني، وتثبيت الهدنة وبدء عملية سياسية شاملة في أطراف الصراع الذي يمتد لثماني سنوات.
إلى ذلك، يرى لطفي نعمان، الكاتب السياسي اليمني، أن الزخم الذي تولّد، عقب البيان الثلاثي، عن اتفاق بكين بين أهم أقطاب «اليمننة» الخارجيين، يشجع فعلاً على إحداث اختراق في الشأن اليمني الشائك والمعقد، وقد جعل المبعوث الأممي يباشر مجدداً جولة مكوكية بين طهران والرياض سعياً لتحقيق أهداف مهمته.
وأضاف نعمان، لـ«الشرق الأوسط»، بقوله: «بالنسبة لفرص نجاحه المحتملة والمرجوّة، فإن التطورات الإقليمية الراهنة تساعده، على غرار نجاحه في إحراز تقدم بإعلان الهدنة، العام الماضي، والتي تُعدّ منطلقاً للتسوية».
ويعتقد لطفي نعمان أن أي «جهد يسهم في خفض التوتر أمر جيد»، لافتاً إلى أهمية «ألا يقف اليمنيون على عتبة التفاؤل أو التشاؤم من هذا الاتفاق أو انتظار ما يتمخض عنه، بل أن يكونوا سبّاقين إلى اقتناص كل فرصة ممكنة للمضي في طريق السلام لليمن عبر التسوية السياسية المشتركة وتجنب حملات التشويه المتبادلة».
ويشير الكاتب السياسي اليمني إلى «المبعوث الأممي والأطراف الإقليمية كافة الذين يقولون باحترام سيادة واستقلال اليمن والحرص على استقراره ووحدته وأمنه، على أن يكون اليمنيون فاعلين في هذا الأمر فيشكلون عامل نجاح رئيسياً لأطراف اتفاق بكين، فلا يشكلون عقَبة في طريق التسوية المطلوبة».


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.