هل ستُشعل عملية التسلل «حرب لبنان» ثالثة؟

في إسرائيل غير مقتنعين بالرواية «المنقوصة» للجيش

هل ستُشعل عملية التسلل «حرب لبنان» ثالثة؟
TT

هل ستُشعل عملية التسلل «حرب لبنان» ثالثة؟

هل ستُشعل عملية التسلل «حرب لبنان» ثالثة؟

أسئلة كثيرة تثيرها الرواية الإسرائيلية الرسمية عن عملية تسلل شاب لبناني وقيامه بتفجير عبوة ناسفة نوعية في مجدو، ليس فقط في لبنان والعالم العربي والعالم أجمع، بل أيضاً في إسرائيل.
وعندما انتقل وزير الدفاع، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، وقادة الجيش الآخرون، إلى الحدود مع لبنان لإسماع تهديدات بالرد على العملية، تساءل الخبراء العسكريون جهارةً: «على مَن ستردّ؟ فحتى الآن لا نعرف، ولن يكون سهلاً أن نعرف، مَن يقف وراء عملية كهذه». وكان هناك من تساءل: «لماذا لم يحرصوا على إبقاء منفّذ العملية حياً؛ فهو وحده كان سيوفر الإجابات؟».
في البداية قالوا في إسرائيل إن الشاب لبناني، عبر الحدود وسار 70 كيلومتراً في عمق الأراضي الإسرائيلية، ووصل إلى مكان مفتوح قرب سجن مجدو وفجر العبوة وعاد أدراجه. وإنهم عثروا عليه وهو على بُعد 20 كيلومتراً من الحدود اللبنانية. لكنّ هذه الرواية تستدعي قراراً بضرب «حزب الله». فمَن اللبناني الذي يستطيع الوصول إلى الحدود من دون معرفته وموافقته؟
ولكن هل إسرائيل معنية بحرب ثالثة على لبنان الآن؟ فإذا كان «حزب الله» هو الذي أرسل الشاب، فإن ذلك يعني أن «حزب الله»، معنيٌّ بالحرب، لأنه يتوقع بالتأكيد رداً إسرائيلياً قاسياً. وإذا كان «حزب الله»، ومن ورائه إيران، معنيٌّ بحرب، فهل يجب على إسرائيل أن تنجرّ لها وفقاً لأجندته؟
ثم هل الجيش الإسرائيلي الآن في وضع يتحمس فيه للحرب؟ في الظروف السياسية المتأزمة ينبغي حساب ألف حساب قبل حرب كهذه. فالجمهور الإسرائيلي يتظاهر في الشوارع ضد خطة حكومية تستهدف إحداث انقلاب في كل منظومة الحكم في إسرائيل، تشمل القضاء وتقليص صلاحيات الجيش في الضفة الغربية، وفرض سياسة ترهيب على الشرطة وضرب وسائل الإعلام ومعاهد الأبحاث والمؤسسة الأكاديمية ومؤسسة المستشار القضائي للحكومة وللوزارات. وواضح أن الدخول في حرب سيكون بمثابة خشبة نجاة لنتنياهو وحكومته.
هناك أسئلة كثيرة بقيت مفتوحة مرتبطة بتفاصيل العملية: لمَ لا يعرف الجيش حتى الآن من أين عبر الشاب الحدود بالضبط؟ وكيف تمكَّن الشاب أن يعبر الحدود بهذه السهولة وهي مليئة بالكاميرات وبأجهزة الاستشعار الإلكترونية، وعلى طولها يوجد صفان من السياج وشارع ترابي يكرس آثار أقدام كل غريب يمر فيه. ثم كيف استقل سيارة؟ هل كان ينتظره أحد؟ ولماذا سافر كل هذه الطريق إلى مجدو على بُعد 70 كيلومتراً، في حين كانت أمامه فرصة لتنفيذ عملية في موقع آخر أقرب وأكبر تأثيراً؟
وإذا كان قد وصل إلى سجن مجدو للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين، فلقد كان هناك في الطريق سجن أقرب إليه، هو سجن سلمون. وعندما اختار هذا المكان، هل كانت صدفة أن تفجير العبوة تم في منطقة مفتوحة وغير مأهولة؟ وهل هي مسألة حظ أن يكون الضحية الذي أُصيب في العملية، شاب عربي، طالب جامعي يعمل ليلاً حتى يموّل تعليمه؟
كل هذه الأسئلة تجعل الرواية الإسرائيلية «منقوصة وربما مشبوهة». وتضع الجيش الإسرائيلي في صورة بعيدة عن الصورة التي يرغب في أن يظهر بها أمام الرأي العام، كتاسع أقوى الجيوش في العالم.
المشكلة هي، كيف سيحاول الآن تحسين صورته؟ باقتحام مخيم اللاجئين في جنين وقتل أربعة شبان فلسطينيين؟ بالتهديد والوعيد بالانتقام في عملية اغتيال داخل لبنان أو في مكان آخر؟ أم أنه ما دامت هذه العملية لم تؤدِّ إلى مقتل أي إسرائيلي والمصاب فيها عربي، يمكن السكوت عنها والعودة للانشغال في حرب الليزر والمجاري؟ ففي الأيام الأخيرة يتحدثون في إسرائيل عن أن عناصر من «حزب الله» يُزعجون المواطنين اليهود في البلدات الحدودية، من خلال توجيه أشعة ليزر قوية باتجاه المنازل ومواقع الجيش وسائقي السيارات والمارة الذين يسيرون في الخارج. وحسب القناة 12 العبرية، فإن المواطنين اشتكوا أيضاً من انفجارات مدوية وإلقاء مياه عادمة بالقرب من الحدود. وأن المجلس المحلي بحث الأمر مع الجيش، والجيش أثاره مع وحدات المراقبة التابعة للأمم المتحدة التي تقوم بدوريات في المنطقة، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء.
وفي النهاية، قرر الجيش التعامل مع هذه القضية من تلقاء نفسه وبدأ بإلقاء قنابل كريهة الرائحة على مشغلّي الليزر. وفي مقطع فيديو بُث على شبكات التواصل، يمكن رؤية شخصين إلى جوار سيارة يبدو أنهما يوجّهان شعاع ليزر من لبنان إلى شمال إسرائيل، وبعد لحظات يسقط جسم من السماء ليهبط بالقرب منهما، ويدخل بعدها الشخصان السيارة على الفور ويبتعدان!


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

المشرق العربي «حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

كشف مصدر نيابي لبناني محسوب على «محور الممانعة»، عن أن «حزب الله»، بلسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بادر إلى تلطيف موقفه حيال السجال الدائر حول انتخاب رئيس للجمهورية، في محاولة للالتفاف على ردود الفعل المترتبة على تهديد نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، المعارضين لانتخاب زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، بوضعهم أمام خيارين: انتخاب فرنجية أو الفراغ.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

شنَّت إسرائيل هجوماً بالصواريخ بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، استهدف مستودعاً للذخيرة لـ«حزب الله» اللبناني، في محيط مطار الضبعة العسكري بريف حمص، ما أدَّى إلى تدميره بشكل كامل وتدمير شاحنات أسلحة. جاء هذا الهجوم في سياق حملة إسرائيلية متصاعدة، جواً وبراً، لاستهداف مواقع سورية توجد فيها ميليشيات تابعة لطهران على رأسها «حزب الله». وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا)، إلى أنَّ إسرائيل استهدفت الأراضي السورية 9 مرات بين 30 مارس (آذار) الماضي و29 (أبريل) نيسان الحالي، 3 منها براً و6 جواً، متسببة في مقتل 9 من الميليشيات وإصابة 15 آخرين بجروح. وذكر أنَّ القتلى 5 ضباط في صفوف «الحرس ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي «حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

«حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

يبدو أن «حزب الله» أعاد النظر بسياسة التصعيد التي انتهجها، الأسبوع الماضي، حين خير القوى السياسية بين مرشحَيْن: رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، أو الفراغ؛ إذ أقر رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب محمد رعد، يوم أمس، بأنه «لا سبيل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي إلا بتفاهم الجميع». وقال: «نحن دعمنا مرشحاً للرئاسة، لكن لم نغلق الأبواب، ودعونا الآخرين وحثثناهم من أجل أن يطرحوا مرشحهم، وقلنا: تعالوا لنتباحث.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن صواريخ إسرائيلية استهدفت بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، مستودعاً للذخيرة يتبع «حزب الله» اللبناني، في منطقة مطار الضبعة العسكري في ريف حمص، ما أدى لتدميره بشكل كامل، وتدمير شاحنات أسلحة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

قال مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي تساحي هنجبي أمس (الجمعة) إن «حزب الله» اللبناني كان وراء هجوم نادر بقنبلة مزروعة على جانب طريق الشهر الماضي، مما أدى إلى إصابة قائد سيارة في شمال إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز». وقال الجيش الإسرائيلي إن قوات الأمن قتلت رجلا كان يحمل حزاما ناسفا بعد أن عبر على ما يبدو من لبنان إلى إسرائيل وفجر قنبلة في 13 مارس (آذار) بالقرب من مفترق مجيدو في شمال إسرائيل. وأوضح مسؤولون في ذلك الوقت أنه يجري التحقيق في احتمال تورط «حزب الله» المدعوم من إيران في الانفجار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إصابة 3 من عناصر الأمن السوري في اشتباكات مع «فلول النظام السابق» في ريف اللاذقية

لافتة إلى محافظة اللاذقية الواقعة على ساحل البحر المتوسط في غرب سوريا (أرشيفية)
لافتة إلى محافظة اللاذقية الواقعة على ساحل البحر المتوسط في غرب سوريا (أرشيفية)
TT

إصابة 3 من عناصر الأمن السوري في اشتباكات مع «فلول النظام السابق» في ريف اللاذقية

لافتة إلى محافظة اللاذقية الواقعة على ساحل البحر المتوسط في غرب سوريا (أرشيفية)
لافتة إلى محافظة اللاذقية الواقعة على ساحل البحر المتوسط في غرب سوريا (أرشيفية)

قالت قناة (الإخبارية) التلفزيونية السورية، مساء اليوم (الأربعاء)، إن ثلاثة من أفراد قوات الأمن أصيبوا في اشتباكات بين قوى الأمن الداخلي ومجموعة من عناصر «فلول النظام البائد» قرب بلدة جبلة في ريف اللاذقية المطلة على الساحل الغربي للبلاد.

وأفادت (الإخبارية) بأن قوات الأمن ألقت القبض على مجموعة من «فلول» النظام السابق مؤلفة من 13 عنصراً في كمين محكم في منطقة الشيخ بدر بريف محافظة طرطوس، الواقعة على ساحل البحر المتوسط في غرب سوريا أيضاً.

وأوضحت أن قوات الأمن الداخلي في طرطوس نفذت عملية أمنية محكمة بعد متابعة وتحريات دقيقة استهدفت «وكراً لمجموعة خارجة عن القانون كانت تتحصّن في المناطق الجبلية».

وذكرت أن العملية أسفرت عن ضبط كميات من الأسلحة والذخائر المتنوعة وإلقاء القبض على أفراد المجموعة حيث تحقق الجهات المختصة معهم حالياً.


تقرير: كوشنر وإسرائيل يعملان على «خطط طوارئ» لغزة في حال فشل خطة ترمب

مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر (رويترز)
مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر (رويترز)
TT

تقرير: كوشنر وإسرائيل يعملان على «خطط طوارئ» لغزة في حال فشل خطة ترمب

مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر (رويترز)
مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر (رويترز)

أفادت صحيفة «إسرائيل هيوم» بأن مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر والجيش الإسرائيلي يعملان معاً على وضع خطط طوارئ لقطاع غزة في حال تعثر خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بخصوص القطاع.

وأفاد التقرير بأن كوشنر أبلغ مصدراً إسرائيلياً، هذا الأسبوع، أنه يعمل على خطة بديلة لغزة، مشيراً إلى تعقيدات تتعلق بنزع سلاح حركة «حماس»، وصعوبة إيجاد دول مستعدة لإرسال قوات إلى القطاع.

ووفق صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فقد صرّح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، في اجتماع مجلس الوزراء الأمني ​​الأسبوع الماضي، بأن الجيش يُعدّ خطة بديلة لخطة ترمب، وأنه «سيعرضها قريباً على وزراء المجلس».

ولا يزال التعثر سائداً بشأن الانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترمب لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في قطاع غزة، ما يعزز المخاوف من استئناف الحرب.

وتتمسك إسرائيل بتسليم «حماس» ما تبقى من جثث المختطفين (4 أشخاص)، واتخاذ خطوات واضحة بشأن حكم القطاع، وتسليم سلاح الفصائل الفلسطينية، وأن تبدأ عملية الإعمار في مناطق خاضعة لسيطرتها، وهي قضايا ترتبط بشكل أساسي باستكمال عملية انسحابها إلى ما خلف الخط الأصفر.

وفي مواجهة تلك المواقف الإسرائيلية، قدّرت مصادر من حركتي «حماس» و«الجهاد» أن استمرار تلك الأوضاع يدفع باتجاه ما تريده إسرائيل من استمرار الحرب، خاصة في ظل سيطرة القوات الإسرائيلية على أكثر من 53 في المائة من مساحة غزة، وهي المناطق الواقعة خلف الخط الأصفر المشار إليه على أنه خط انسحاب أولي، وتغلق معبر رفح، وتقنّن دخول المساعدات الإنسانية.


فوز السوداني بانتخابات العراق يشعل سباق «الكتلة الأكبر»

شاشة تحمل ملصقاً انتخابياً لرئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني (رويترز)
شاشة تحمل ملصقاً انتخابياً لرئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني (رويترز)
TT

فوز السوداني بانتخابات العراق يشعل سباق «الكتلة الأكبر»

شاشة تحمل ملصقاً انتخابياً لرئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني (رويترز)
شاشة تحمل ملصقاً انتخابياً لرئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني (رويترز)

أظهرت نتائج أولية في العراق أن كتلة رئيس الوزراء محمد السوداني حققت انتصاراً ملحوظاً في الانتخابات التي أجريت، أمس الثلاثاء، ورغم أنه انضم إلى نادي الكبار في التحالف الشيعي، فإن طريقه إلى ولاية ثانية في المنصب لا يزال طويلاً، مع فوز قوى شيعية مجتمعة بعدد وازن من المقاعد.

ومن المرجح أن تسهم النتائج في انشطار «الإطار التنسيقي» إلى فريقين بين السوداني وخصمه نوري المالكي زعيم ائتلاف «دولة القانون»، بعد انتخابات لم يؤثر فيها غياب مقتدى الصدر بسبب المشاركة المرتفعة، وفق أرقام السلطات المعنية.

موظفو الانتخابات يفرزون بطاقات الاقتراع في أثناء إغلاق أحد مراكز التصويت خلال الانتخابات في بغداد (أ.ب)

السوداني يعلن فوز تحالفه

وأعلن السوداني، مساء الأربعاء، أن تحالف «الإعمار والتنمية» الذي يقوده تصدّر نتائج الانتخابات التشريعية.
وتجمع المئات من مؤيدي السوداني في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، رافعين الأعلام العراقية ومطلقين الألعاب النارية، وفق ما أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية».
وعقب إعلان النتائج الأولية، قال السوداني في خطاب بثه التلفزيون «نبارك لكم فوز ائتلافكم بالمرتبة الأولى في انتخابات مجلس النواب».
وأكّد السوداني أن «منهج عمل الائتلاف سيراعي في المرحلة القادمة إرادة كل الناخبين ومصلحة كل أبناء شعبنا، من ضمنهم من اختار المقاطعة، فالعراق للجميع أولّاً وأخيراً».

النتائج الأولية

بعد تأخر استمر نحو ساعتين عن الموعد القانوني، أعلنت مفوضية الانتخابات النتائج الأولية، مساء الأربعاء، وقالت إن ائتلاف «الإعمار والتنمية» تفوق في العاصمة بغداد، يليه حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، وائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي.

وقالت مصادر من داخل تحالف «الإعمار والتنمية» الذي يقوده السوداني إن الأخير حصل على 250 ألف صوت في بغداد، كما حصل ائتلافه على عدد كبير من الأصوات من مدن في جنوب البلاد ووسطها قد يتجاوز 50 مقعداً، في حين اكتسح حزب «تقدم» أصوات الناخبين في محافظة الأنبار، وحل ثانياً وثالثاً في مدن وسط وشمال العراق، بعدد مقاعد يفوق 30 مقعداً.

شيعياً، حصلت قوائم «دولة القانون»، و«عصائب أهل الحق»، و«قوى الدولة»، و«خدمات»، و«أبشر يا عراق»، و«حقوق»، و«بدر»، و«تصميم»، و«الأساس»، على عدد قد يصل مجتمعاً إلى أكثر من 100 مقعد.

ومن المتوقع أن تصل مجمل المقاعد الشيعية في البرلمان باحتساب مقاعد السوداني إلى أكثر من 170مقعداً، بانتظار حسم الأرقام مع إعلان النتائج النهائية.

كُردياً، أظهرت النتائج الأولية تفوقاً لصالح الحزب «الديمقراطي الكردستاني» الذي يتزعمه مسعود بارزاني في إقليم كردستان، في حين مُنيت أحزاب مدنية بخسارة قاسية في هذه الدورة الانتخابية.

وبعد إعلان النتائج، قال السوداني في خطاب متلفز، إن ائتلافه «يطمح إلى تشكيل الحكومة الجديدة، وهو منفتح على جميع القوى السياسية بمن فيها التي قاطعت الانتخابات».

أنصار الحزب «الديمقراطي الكردستاني» يحتفلون بالفوز في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق (أ.ف.ب)

نسبة المشاركة

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، الأربعاء، أن نسبة التصويت الإجمالية بلغت 56.11 في المائة بعد فرز 99.98 في المائة من أصوات محطات الاقتراع.

وقالت المفوضية، في بيان، إن «عدد المصوتين الكلي في التصويت العام والخاص بلغ 12009453 ناخباً من أصل 21404291 شخصاً يحق لهم التصويت». وأضاف البيان أن «التصويت العام شهد مشاركة 10904637 ناخباً من أصل 20063773 ناخباً، وبنسبة مشاركة بلغت 54.35 في المائة».

أما فيما يتعلق بالتصويت الخاص، فقد أوضحت المفوضية أن «نسبة التصويت للقوات المسلحة وقوى الأمن بلغت 82.52 في المائة، بمشاركة 1084289 ناخباً من أصل 1313980. كما بلغت نسبة تصويت النازحين 77.35 في المائة، بمشاركة 20527 ناخباً من أصل 26538».

وغالباً تعتمد المفوضية في احتساب نسبة التصويت على عدد الأشخاص الذين قاموا بتحديث سجلاتهم وتسلم البطاقات (البايومترية)، ما يزيد من أرقام نسب المشاركة، لكن تلك النسب ستتراجع لو تم اعتماد نسبة المشاركة من أصل نحو 30 مليون مواطن ضمن السن القانونية، ولم يقوموا بتحديث سجلاتهم، ولم يشاركوا في الانتخابات. وتقول مراكز بحثية إن المشاركة الحالية تبلغ 40.95 في المائة.

زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر (رويترز)

أكبر الخاسرين

بحسب النتائج، فإن مقاطعة التيار الصدري لم تمنع خصومه الشيعة في تحالف «الإطار التنسيقي» من تحقيق نسبة مشاركة مقبولة والظفر بعدد وازن من المقاعد دون أن يؤثر غيابه على المعادلة السياسية، بل كرس ثنائية جديدة بين رئيس الحكومة الحالي والمالكي الذي لا يزال يحافظ على عدد ثابت نسبياً من المقاعد الشيعية.

كما تعد التيارات المدنية أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات، ويبدو أن قائمتي «البديل» و«التحالف المدني الديمقراطي» اللتين ترشح تحت مظلتهما معظم الشخصيات والقوى المدنية، وضمنها «الحزب الشيوعي العراقي»، لم تحصلا على أي مقعد نيابي حتى إعداد هذا التقرير.

وحتى لو تمكنتا من الظفر بمقعد أو مقعدين نيابيين، فإن خسارتهما مثلت صدمة شديدة لمعظم الاتجاهات المعارضة لهيمنة قوى الإسلام السياسي.

وقال رئيس تحالف «البديل» النائب عن محافظة النجف عدنان الزرفي، والذي يظهر أنه لم يحصل على الأصوات اللازمة للفوز بمقعد نيابي جديد، في تدوينة عبر «إكس»: «لقد خضنا معركةً انتخابية غير متكافئة بين المال السياسي واستغلال السلطة في مواجهةِ مشروع مدني رافعته الانتخابية الوحيدة قناعة الناس ببرنامج (البديل) وإيمانهم بالتغيير».

ودعا المفوضية إلى «ممارسة دورها على أعلى وجه، ومحاسبة كُلِّ من سعى لتشويه العملية الانتخابية من خلالِ شراء الأصوات العلني والموثق في محافظة النجف، وتبادل العيارات النارية بين أنصار المرشحين، فهذه تعتبر (دگة سياسية) تمس جوهر العملية الديمقراطية وإرادة الناخب الحر».

مفوضية الانتخابات أعلنت النتائج الأولية بعد فرز أكثر من 99 % من الأصوات (أ.ف.ب)

فوز السوداني

أعاد الفوز الذي حققه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ترسيم قواعد اللعبة داخل قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، وبعد أن تمكن من الوصول إلى منصب رئيس الوزراء في الدورة الماضية وهو يملك مقعدين برلمانيين، يتحدث مقربون منه عن إمكانية حصوله في هذه الدورة على عدد وازن من المقاعد، الأمر الذي يجعله لاعباً أساسياً داخل الفضاء الإطاري، ومنافساً لشغل منصب رئاسة الوزراء لدورة ثانية، وكان قد أعلن بوضوح عن هذه الرغبة.

مع ذلك، لا تبدو الأمور بهذه السهولة في نظر الكثير من المراقبين، ذلك أن منصب رئاسة الوزراء المخصص عرفاً للمكون الشيعي غالباً ما يصمم داخل القوى الشيعية، بطريقة لا تحكمها عدد المقاعد البرلمانية أو الأوزان الانتخابية.

وقد يظهر كل من رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي ورئيس كتلة «صادقون» قيس الخزعلي، اللذين حصلا على أكثر من 60 مقعداً، ممانعة شديدة لتولي السوداني رئاسة الوزراء للمرة الثانية، وهي ممانعة سبق أن عبر عنها المالكي في أكثر من مناسبة قبل الانتخابات، وقد يلتحق بهما فائزون من «الإطار التنسيقي» قد يحصلون مجتمعين على نحو 40 مقعداً.

مقاربات «الكتلة الأكبر»

لا يوجد حزب في العراق قادر على تشكيل حكومة بمفرده في مجلس النواب المؤلف من 329 عضواً، وبالتالي يتعين على الأحزاب بناء تحالفات مع مجموعات أخرى لتشكيل حكومة، وهي عملية محفوفة بالمخاطر تستغرق في كثير من الأحيان شهوراً.

يقول ياسين البكري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين، إن صراع المرحلة المقبلة داخل البيت السياسي الشيعي سيكون على تشكيل الكتلة الأكبر، وستحكمه مناورات صعبة وشاقة، طرفاها السوداني من جهة، والمالكي من جهة أخرى.

ووفقاً لمصادر، يدرس قادة «الإطار التنسيقي» إمكانية إعلان أنفسهم الكتلة الأكبر من دون مشاركة السوداني. يستند ذلك إلى قناعة بأن السوداني لم يعد يمثل الإطار بالكامل بعد الانتخابات، وأن استمرار الاعتماد عليه في المفاوضات قد يُضعف موقع القوى التقليدية مثل ائتلاف «دولة القانون» وتحالف «الفتح».

في هذا السيناريو، ستسعى هذه القوى إلى فتح الباب لانضمام المنسحبين من كتلة السوداني، مقابل ضمانات تتعلق بالمناصب التنفيذية، ما يعيد تشكيل التحالف الشيعي الأكبر من دون السوداني نفسه.

تفترض مقاربة ثانية أن السوداني قد يختار الانضمام مجدداً إلى «الإطار التنسيقي»، لكن بشروط التحالف الخاصة، خصوصاً إذا شعر بأن الكتلة التي يقودها غير قادرة على فرض واقع سياسي منفصل.

وسيمنح انضمام السوداني الإطار أغلبية مريحة، لكنه سيعيد شخصيات داخل تحالف «الإعمار والتنمية»، مثل أحمد الأسدي وفالح الفياض إلى واجهة التفاوض، ما قد يقلل من هامش السوداني داخل الحكومة المقبلة.

وتتمثل المقاربة الأكثر ترجيحاً، بحسب مصادر، في تفكيك كتلة السوداني عبر انضمام أطراف منها إلى تحالفات أخرى داخل الإطار، بحيث يفقد السوداني القدرة على التفاوض بوصفه ممثلاً لكتلة موحدة.

هذا المسار يُعد «الحل الرياضي الطبيعي»، كما وصفته المصادر؛ لأنه يخفف الضغط عن «الإطار التنسيقي»، ويجنب صداماً مباشراً بين قياداته، لكنه يعني أيضاً تراجع نفوذ السوداني في اختيار رئيس الحكومة المقبل.

لكن هناك احتمالاً يروج له مقربون من السوداني بأن يتمكن الأخير من جذب قوى شيعية من «الإطار التنسيقي» إلى مشروع الولاية الثانية، استناداً إلى موقف أميركي وإقليمي قد يعيد رسم قواعد اللعبة في بغداد.

ويقول البكري لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الصعب على السوداني الحفاظ على تماسك تحالفاته من خارج (الإعمار والتنمية)، وتلك مساحة سيلعب عليها نوري المالكي المحترف في تكتيك تشكيل التحالفات».

ويرى البكري أن النفوذ الإيراني سيكون له دور في دعم تحركات أطراف «الإطار التنسيقي» على حساب السوداني؛ لأن «تداعيات الواقع الإقليمي ستلقي بظلالها على تشكيل الكتلة الأكبر».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات التشريعية أمس (أ.ب)

ما بعد الانتخابات

منذ أول انتخابات متعددة شهدها البلد في 2005، يعود تقليدياً منصب رئيس الجمهورية، وهو منصب رمزي بدرجة كبيرة، إلى الكرد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء وهو المنصب الأهمّ، والسنة مجلس النواب، بناء على نظام محاصصة بين القوى السياسية النافذة.

ويتعين أوّلاً على المحكمة العليا في العراق المصادقة على نتائج الانتخابات. ويفترض أن ينتخب البرلمان في جلسته الأولى التي يجب أن تنعقد خلال 15 يوماً من إعلان النتائج النهائية ويترأسها النائب الأكبر سنّاً، رئيساً جديداً له.

وبعد الجلسة الأولى، يفترض أن ينتخب البرلمان رئيساً للجمهورية خلال 30 يوماً بغالبية الثلثَين، التي تتطلب ما لا يقل عن 220 مقعداً، ويجب أن تنتج عن صفقة تحالف بين الشيعة والسنة والكرد.

ويتوجّب على رئيس الجمهورية أن يُكلّف رئيساً للحكومة خلال 15 يوماً من تاريخ انتخابه، يكون مرشح «الكتلة النيابية الأكبر عدداً»، بحسب الدستور، ويكون الممثل الفعلي للسلطة التنفيذية.

في ظل استحالة وجود أغلبية مطلقة، يختار أي ائتلاف قادر على التفاوض مع الحلفاء ليصبح الكتلة الأكبر، رئيس الحكومة المقبل. ولدى تسميته، تكون أمامه مهلة 30 يوماً لتأليف الحكومة.

«فرصة مهمة»

حثت بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق «الأطراف السياسية الفاعلة على دعم تشكيل حكومة تعكس إرادة الشعب العراقي»، مؤكدة «دعمها الثابت لوحدة العراق وسيادته وسلامة أراضيه».

وقالت البعثة، في بيان صحافي، إن «الانتخابات فرصة مهمة للعراق لتعزيز مؤسساته وضمان الشمولية والمساءلة وترسيخ مستقبله السياسي»، مشيرة إلى أن «استقرار العراق يكتسب أهمية متزايدة في ظل التحولات الجيوسياسية الإقليمية الجارية».

من جهتها، أكدت الأمم المتحدة، الأربعاء، التزامها بدعم العراق في مسيرته نحو تعزيز المكاسب الديمقراطية، مشددةً على أهمية تشكيل الحكومة في الوقت المناسب.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في بيان: «يهنئ الأمين العام الشعب العراقي على إجراء الانتخابات البرلمانية، كما يهنئ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على جهودها المبذولة لضمان التحضير الفعّال للانتخابات، وإجرائها».

ورحب الأمين العام «بإجراء الانتخابات بطريقة هادئة ومنتظمة بصفة عامة، ويثق بأن الأطراف السياسية المعنية سوف تحتفظ بروح السلام، واحترام العملية الانتخابية بانتظار إعلان النتائج»، مشدداً على «أهمية عملية تشكيل الحكومة في الوقت المناسب وبصورة سلمية، مما يعكس إرادة الشعب العراقي، وتحقيق تطلعاته في الاستقرار والتنمية».

وأكد الأمين العام، بحسب البيان، «التزام الأمم المتحدة بدعم العراق في مسيرته نحو تعزيز المكاسب الديمقراطية، وتحقيق تطلعات كافة العراقيين لمستقبل يسوده السلم والرخاء».