رهان أميركي على النيجر لصد الجماعات المسلحة في الساحل الأفريقي

بلينكن يزور نيامي للمرة الأولى

جندي نيجيري خلال مشاركته في «تدريب فلينتلوك» الأميركي في ساحل العاج (أ.ف.ب)
جندي نيجيري خلال مشاركته في «تدريب فلينتلوك» الأميركي في ساحل العاج (أ.ف.ب)
TT

رهان أميركي على النيجر لصد الجماعات المسلحة في الساحل الأفريقي

جندي نيجيري خلال مشاركته في «تدريب فلينتلوك» الأميركي في ساحل العاج (أ.ف.ب)
جندي نيجيري خلال مشاركته في «تدريب فلينتلوك» الأميركي في ساحل العاج (أ.ف.ب)

استكمل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس، جولته الأفريقية بزيارة النيجر، بعد محطة أولى في إثيوبيا. وتُعدّ زيارة بلينكن للمستعمرة الفرنسية السابقة في غرب أفريقيا هي الأولى لدبلوماسي أميركي كبير. وتُعدّ نيامي قاعدة عسكرية رئيسية للقوات الغربية في حملتها لمكافحة المتشددين في منطقة الساحل الأفريقي.
وتكافح النيجر؛ أفقر دول العالم، وفقاً لمؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، أعمال تمرُّد إرهابية على حدودها الغربية مع مالي وبوركينا فاسو، وحدودها الجنوبية الشرقية مع نيجيريا. وتأوي العشرات من آلاف النازحين، إضافة إلى لاجئين من نيجيريا ومالي وبوركينا فاسو.
وأعلن بلينكن، الأربعاء، في إثيوبيا، أن زيارته للبلدين جزء من تعهُّد الرئيس جو بايدن بأن يكون «الداعم كلياً لأفريقيا مع أفريقيا». وصرّح، للصحافيين: «هذا يعني أن الولايات المتحدة ملتزمة بشراكات عميقة ومتفاعلة وحقيقية في القارة».
وترغب إدارة بايدن في الانخراط بشكل أكبر في أفريقيا لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد فيها، وكذلك النفوذ الروسي مؤخراً، وفق تقرير نشرته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وأجرت مالي؛ الدولة الحدودية غرب النيجر، تقارباً مع روسيا، ولا سيما مع وجود مرتزقة مجموعة «فاغنر» الروسية العسكرية، وقطعت باماكو، في المقابل، التحالف العسكري مع فرنسا وشركائها.
في حين أصبحت النيجر حليفاً رئيسياً للجهود العسكرية الفرنسية في غرب أفريقيا، مع انتشار ألف جندي فيها.
كما قامت الولايات المتحدة أيضاً ببناء وتشغيل القاعدة الجوية 201 في وسط هذه الدولة الصحراوية، وتستخدم القاعدة لتسيير طائرات دون طيار لمهاجمة المتشددين ومراقبة تحركاتهم. وبعد سلسلة انقلابات، عادت الديمقراطية إلى النيجر منذ عام 2011، وتأمل الإدارة الأميركية في تعزيز هذه المكاسب. وخلال قمة القادة الأفارقة التي نظّمها جو بايدن بالعاصمة الأميركية، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أشادت واشنطن بأداء رئيس النيجر محمد بازوم.
وأخيراً أطلقت النيجر عمليات ضد الإرهابيين في المنطقة، بدعم من 250 جندياً من فرنسا؛ الدولة المستعمرة سابقاً. وقال بلينكن، في تغريدة على تويتر قبل جولته الأفريقية، إنه يسافر إلى إثيوبيا والنيجر «من أجل مناقشة الأولويات العالمية والإقليمية المشتركة». وأعطى بلينكن بُعداً قارياً لزيارته، مشيراً إلى أن بلاده تعتبر أن «دول أفريقيا شُركاء أساسيون في الأمن الغذائي، وأزمة المناخ، والصحة العالمية، وحقوق الإنسان، والسلام»، مضيفاً أن هذه البلدان «تستحق تمثيلاً أكبر في المؤسسات العالمية».
ومن المتوقع أن يُجري وزير الخارجية الأميركي في النيجر لقاءات مع الرئيس محمد بازوم، ومع نظيره حسومي مسعودو، في العاصمة نيامي، وفق بيان وزارة الخارجية. ويشمل برنامج بلينكن أيضاً لقاء مع شباب متضررين من عدد من الصراعات في المنطقة. في غضون ذلك، تعوِّل الولايات المتحدة وحلفاؤها على دولة النيجر في منطقة الساحل لوقف انتشار تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، في ظل تكبد مالي وبوركينا فاسو «خسائر فادحة» بسبب «هجمات المسلّحين والانقلابات العسكرية»، وفقاً لـ«وول ستريت جورنال».
وانتقلت خطوط المواجهة في الحرب بين الغرب والمسلّحين داخل أفريقيا، من الصومال، في الطرف الشرقي من القارة، إلى منطقة الساحل في غرب أفريقيا.
ووفق تقرير سابق لـ«وول ستريت جورنال»، تبدو النيجر بمثابة «حائط صدّ غير محتمل» للجماعات المسلّحة بالمنطقة. وقالت الصحيفة الأميركية إن النيجر أثبتت أنها ميدان اختبار للاستراتيجية التي تنتهجها الولايات المتحدة، والخاصة بنشر أعداد صغيرة نسبياً من الجنود الأميركيين (يوجد 800 جندي الآن في البلاد)؛ لتدريب القوات المحلية.


مقالات ذات صلة

على ماذا حصلت «القاعدة» بعد تحرير رهينتين غربيتين في النيجر؟

العالم على ماذا حصلت «القاعدة» بعد تحرير رهينتين غربيتين في النيجر؟

على ماذا حصلت «القاعدة» بعد تحرير رهينتين غربيتين في النيجر؟

منذ أن أفرج تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب»، عن الصحافي الفرنسي أوليفييه دوبوا وموظف الإغاثة الأميركي جيف وودكي، والأسئلة تُطرح حول الدور الذي لعبته النيجر في تحرير الرهينتين، وحول ما حصلت عليه «القاعدة» لتفرج عن الرهينتين الغربيتين، وسط شكوك حول دفع فدية. وظهر الصحافي الفرنسي وموظف الإغاثة الأميركي يوم الاثنين في مطار نيامي، عاصمة النيجر، قبل أن تتسلمهما سلطات بلديهما، وصباح أمس (الثلاثاء) وصل الصحافي الفرنسي إلى بلاده على متن طائرة تابعة للرئاسة الفرنسية، وكانت عائلته في استقباله إلى جانب الرئيس إيمانويل ماكرون. واختطف دوبوا في مدينة «غاو» بشمال مالي في أبريل (نيسان) 2021، من طرف «جماعة نصرة

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم بلينكن يعلن تقديم 150 مليون دولار لمنطقة الساحل

بلينكن يعلن تقديم 150 مليون دولار لمنطقة الساحل

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تقديم 150 مليون دولار، مساعدات مباشرة لمنطقة الساحل، مؤكداً أثناء زيارته للنيجر أن الولايات المتحدة تسعى إلى تعزيز العلاقات مع الدولة الأفريقية التي تجنبت حتى الآن موجة من الانقلابات العسكرية الأخيرة. وجاءت زيارة كبير الدبلوماسيين الأميركيين في وقت لا تزال فيه مالي وبوركينا فاسو تعانيان أوضاعاً متقلبة بعد انقلابين عسكريين نفذا منذ عام 2020، وأديا إلى طرد القوات الفرنسية منهما، وسط أعمال عنف وهجمات يشنها متطرفون. وأكد بلينكن أيضاً أن بلاده تمثل شريكاً أفضل من روسيا لمساعدة المنطقة على مكافحة الفقر وعنف الإرهابيين.

علي بردى (واشنطن)
أفريقيا بلينكن: واشنطن يمكنها أن تقدم أكثر من موسكو لمنطقة الساحل

بلينكن: واشنطن يمكنها أن تقدم أكثر من موسكو لمنطقة الساحل

أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، أن بلاده تمثل شريكاً أفضل من روسيا لمساعدة منطقة الساحل على مكافحة الفقر وعنف المتطرفين، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. في هذه المقابلة التي أجريت مساء الخميس في نيامي (عاصمة النيجر)، أقر بلينكن بأن المقاربة العسكرية التي اعتمدتها الولايات المتحدة وكذلك فرنسا، القوة المستعمرة سابقاً لهذه المنطقة، لم تكن كافية. وأوضح: «يجب اعتماد مقاربة شاملة يكون فيها الأمن ضرورة مطلقة، لكن هذا ليس كافياً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رهان أميركي على النيجر لصد الجماعات المسلحة في الساحل الأفريقي

رهان أميركي على النيجر لصد الجماعات المسلحة في الساحل الأفريقي

يستكمل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، (الخميس)، جولته الأفريقية بزيارة النيجر، بعد محطة أولى في إثيوبيا. وتُعدّ زيارة بلينكن للمستعمرة الفرنسية السابقة غرب أفريقيا، هي الأولى لدبلوماسي أميركي كبير. وتُعدّ نيامي قاعدة عسكرية رئيسية للقوات الغربية في حملتها لمكافحة المتشددين في منطقة الساحل الأفريقي. وتكافح النيجر، أفقر دول العالم، بحسب مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، أعمال تمرد إرهابية على حدودها الغربية مع مالي وبوركينا فاسو، وحدودها الجنوبية الشرقية مع نيجيريا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم النيجر وبنين... مباحثات رئاسية حول مخاطر «داعش»

النيجر وبنين... مباحثات رئاسية حول مخاطر «داعش»

أجرى رئيس النيجر محمد بازوم، ورئيس بنين باتريس تالون، (الاثنين)، مباحثات لتعزيز العلاقات بين البلدين الجارين والواقعين في غرب القارة الأفريقية، حيث كان الرئيسان منشغلين بملف الإرهاب، خاصة توسع تنظيم «داعش» في منطقة الساحل باتجاه غرب أفريقيا. جرت المباحثات في مستهل زيارة يقوم بها رئيس النيجر إلى دولة بنين، وصفتها رئاسة بنين بأنها «زيارة صداقة وعمل» بدعوة من الرئيس تالون، معلنة في بيان رسمي أن الزيارة ستستمر ليومين، «وستناقش خلالها الملفات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين الجارين، خاصة ما يتعلق بالتعاون الاقتصادي، وانعدام الأمن في المنطقة، مع تصاعد وتيرة التهديد الإرهابي في المحميات الطبيعية على

الشيخ محمد (نواكشوط)

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
TT

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)

بينما يشهد العالم ركوداً في التجارة العالمية وتراجع الاستثمارات عبر الحدود، هناك استثناء صارخ لهذه الفوضى الاقتصادية: العصابات الدولية والجريمة المنظمة التي تشهد ازدهاراً غير مسبوق، مستغلة التكنولوجيا الحديثة وانتشار المخدرات الصناعية لتوسيع نفوذها عالمياً. وفقاً لتقرير لمجلة «إيكونوميست».

الجريمة المنظمة تنمو بمعدلات قياسية

يورغن ستوك، الذي أنهى مؤخراً فترة عمله أمينا عاما لـ«الإنتربول»، أكد أن العالم يشهد نمواً غير مسبوق في احترافية واتساع نطاق الجريمة المنظمة. وبينما أظهرت الإحصائيات انخفاضاً عالمياً في معدلات جرائم القتل بنسبة 25 في المائة منذ بداية القرن، تحذر منظمات دولية من ارتفاع هائل في أنشطة العصابات التي تتجاوز الحدود الوطنية لتتحول إلى شبكات عالمية متعددة الأنشطة.

التكنولوجيا: سلاح جديد في يد العصابات

أسهمت التقنيات الحديثة، مثل التطبيقات المشفرة والعملات الرقمية، في تسهيل عمليات الاتصال ونقل الأموال بين العصابات دون ترك أي أثر. الإنترنت المظلم بات سوقاً مفتوحاً لتجارة البضائع الممنوعة، بينما ظهرت الجرائم الإلكترونية كمجال جديد يدر أرباحاً بمليارات الدولارات.

تقديرات تشير إلى أن عائدات الاحتيال والسرقات الرقمية بلغت 7.6 مليار دولار في عام 2023، في وقت يستغل فيه المجرمون أدوات الذكاء الاصطناعي لابتكار طرق جديدة للاحتيال.

يحمل الناس أمتعتهم أثناء فرارهم من حيهم بعد هجمات العصابات التي أثارت رد فعل مدنياً عنيفاً في بورت أو برنس بهايتي (رويترز)

المخدرات الصناعية تغير قواعد اللعبة

مع التحول إلى المخدرات المصنعة كالميثامفيتامين والفنتانيل، أصبحت العصابات أقل اعتماداً على مناطق زراعة النباتات المخدرة مثل الكوكا أو الأفيون. هذه المخدرات، الأرخص والأقوى تأثيراً، ساهمت في توسيع نشاط العصابات إلى أسواق جديدة، خصوصاً في جنوب شرق آسيا، حيث زادت المصادرات بأربعة أضعاف بين 2013 و2022.

تنويع الأنشطة والانتشار الجغرافي

لم تعد العصابات تقتصر على نشاط واحد؛ فهي الآن تجمع بين تجارة المخدرات، الاتجار بالبشر، القرصنة الرقمية، وحتى تهريب الأحياء البرية. على سبيل المثال، أصبحت عصابات ألبانيا لاعباً رئيسياً في سوق الكوكايين بالإكوادور، بينما تستغل عصابة «ترين دي أراجوا».الفنزويلية أزمة اللاجئين لتعزيز أرباحها من تهريب البشر.

يستجوب السكان شخصاً ليس من الحي بعد محاولة هجوم ليلي شنتها عصابات على ضاحية بيتيون فيل الثرية ما أثار استجابة مدنية عنيفة في بورت أو برنس بهايتي (رويترز)

العصابات والسياسة: تأثير متصاعد

امتدت أيدي العصابات إلى التأثير على السياسة في بعض الدول. ففي الإكوادور، اغتيل مرشح رئاسي على يد أفراد يُعتقد ارتباطهم بعصابات كولومبية، بينما شهدت المكسيك مقتل عشرات المرشحين السياسيين في الانتخابات الأخيرة.

العالم في مواجهة تحدٍّ عالمي

على الرغم من النجاحات الفردية لبعض الدول في مكافحة الجريمة، يبقى التعاون الدولي في مواجهة العصابات محدوداً مقارنة بتوسعها السريع عبر الحدود. خبراء يؤكدون أن النهج التقليدي لإنفاذ القانون يحتاج إلى تحديث جذري لمواكبة التحديات التي تفرضها الجريمة المنظمة في عصر العولمة.